* الوثيقة التي تم توقيعها بحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، احتلت العناوين الرئيسية لأهم وسائل الإعلام العالمية والعربية.
* أبرز وأهم بنود الاتفاقية، هو الذي يتعهد فيه الفاتيكان والأزهر بالعمل جنبًا إلى جنب لمحاربة التطرف.
القاهرة: شهد العالم في الرابع من فبراير (شباط) الجاري، يوما غير عادي لن ينساه التاريخ وسيحفظه العالم في ذاكرته، حيث اللقاء التاريخي بين فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية في العاصمة الإماراتية أبوظبي.
الوثيقة التي تم توقيعها بحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، احتلت العناوين الرئيسية لأهم وسائل الإعلام العالمية والعربية، والتي أثنت على جهود دولة الإمارات العربية المتحدة لتحقيق التقارب بين الشعوب وتعزيز السلام العالمي وترسيخ ثقافة التسامح.
توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية جاء مهما على المستوى الدولي لـ«لم الشمل» بين الإنسانية لمواجهة الإرهاب ونشر ثقافة السلام واحترام الغير بدلا من العنف، ودعوة قادة العالم لوضع نهاية فورية للحروب والصراعات ووقف استخدام الأديان والمذاهب في تأجيج الكراهية والعنف والكف عن استخدام اسم الله لتبرير أعمال القتل والتشريد والتأكيد على أن الأديان الإلهية بريئة من الحركات والجماعات المسلحة المتهمة بالإرهاب، وحماية أرواح الناس وعقائدهم ودور عبادتهم من جرائم الإرهابيين، وحث المفكرين والفنانين والإعلاميين على إعادة اكتشاف قيم الإسلام، والتحذير من بوادر حرب عالمية ثالثة بسبب التطرف الديني، والمطالبة بوضع حد للظلم وافتقاد عدالة توزيع الثورات.
ردود الفعل الدولية نقلتها صحف عالمية كثيرة، حيث أبرزت وسائل الإعلام الدولية بنود الاتفاقية ووصفتها بالوثيقة الأكثر شجاعة التي يتطلبها الانفتاح والحوار، حينما يكون حول قضايا تخرج من الحيّز الخاص إلى ما يهم الأسرة البشرية.
ولعل أبرز وأهم بنود الاتفاقية، هو الذي يتعهد فيه الفاتيكان والأزهر بالعمل جنبًا إلى جنب لمحاربة التطرف، لأن من يتابع مجريات الحوار الإسلامي المسيحي، في أماكنه وموضوعاته، طيلة العقود الماضية، يدرك أن هذه المسألة كانت تحتاج إلى مقاربة أخرى، تتميز بالجرأة في تخطي الحواجز والتخلي عن أحكام مسبقة ناتجة عن تعالقات المصالح وضيق الأفق.
«الأخوة الإنسانية» جاءت بعد نجاح الإمام الطيب والبابا فرنسيس في نسج علاقة أخوية عميقة بينهما، قائمة على التلاقي الفكري والإيمان العميق بالقيم الإنسانية المستمدة من تعاليم الأديان، والسعي بدأب من أجل تشييد جسور الحوار والتعايش بين البشر على اختلاف أديانهم وثقافاتهم، إضافة إلى تمتع كليهما بمسحة شخصية تميل للزهد والبساطة والتعاطف العميق مع الفقراء والمحرومين.
يقول الدكتور محمد عبد العاطي، رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، إن لقاء شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان له دلالة عميقة ويكتسي أهمية كبيرة ورسالة احترام لعقائد الآخرين، مشيرا إلى أن القمة التاريخية تأكيد على سماحة الدين الإسلامي.
وأكد عبد العاطي أن هذا اللقاء جاء تأكيدا على التواصل والحوار، موضحا أنه ليس هناك عداء أو تعنت بين الإسلام والأديان الأخرى.
ويؤكد الدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية وأستاذ الشريعة بجامعة الازهر الشريف، أن القمة التاريخية المنعقدة بدولة الإمارات تحمل دلالة قوية على الترابط بين الأديان، مضيفا أنها أيضا ذات معنى شديد حول تقبل الأزهر للآخر دون تنافر، فالجميع معا في سبيل خدمة الإنسانية.
وقال الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الدولة الإماراتي ورئيس المجلس الوطني للإعلام، إن الزيارة التاريخية المشتركة لكل من البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، لدولة الإمارات تحمل آفاقًا جديدة للمنطقة والعالم، وتشكل محطة تاريخية جديدة لنشر مبادئ الأخوة الإنسانية من أرض التسامح والاعتدال، التي تقدم نموذجًا في العيش المشترك بين الحضارات والديانات المختلفة والتي يعيش على أرضها 200 جنسية من مختلف الأعراق البشرية بكل محبة وسلام.
وأضاف الجابر، خلال بيان له، أنه بالإضافة إلى كونها الزيارة الأولى إلى الجزيرة العربية، فإنها تحتضن طيفًا واسعًا من شعوب العالم من شتى أرجاء المعمورة، نظرًا لوجود جنسيات وأعراق مختلفة تعيش وتعمل في الإمارات التي تؤمن بثقافة الاحتواء، ليؤكد هذا الحدث الرسالة الإنسانية التي تحملها الدولة وتسعى لنشرها وتعزيزها في منطقتنا والعالم أجمع.
وأشار إلى أن لقاء الأخوّة الإنسانية الذي انعقد، ليس لقاء طارئًا، ولا مناسبة منفصلة عن الواقع اليومي لحياتنا، بل هو تأكيد وتكريس لما هو حاصل فعلاً، إذ بقيت الإمارات منذ تأسيسها أمينة للإرث الحضاري لمنطقتنا، الإرث الذي يؤمن بأن قيم التعدد والشراكة والتعاون هي القيم التي تبني المجتمعات وتعزز نموها، وتضمن لها مستقبلاً مشرقًا، فلطالما كانت قيادة الإمارات حريصة على وسطية الطرح واعتدال النهج، لتجسد معاني الإسلام تجسيدًا حقيقيًا، يعكس سماحة الدين الحنيف، الذي كرس مفاهيم العدل والمساواة دون تفريق ولا تمييز، فالإسلام دين المعاملة الحسنة مع الناس كافة.
وتابع خلال بيانه: «اللقاء الذي جمع بين قطبين من الديانتين الإسلامية والمسيحية على أرض الإمارات، إنما يأتي تتويجًا لحالة متميزة من الانسجام الاجتماعي والتعايش السلمي وحوار الثقافات والحضارات التي تشهدها الإمارات في كل يوم من أيامها، وتؤكد عليها قيادتها الساعية إلى نشر الأمل والتسامح والخير بين شعوب الأرض، دون تمييز على أساس عرقي أو ديني أو مذهبي».
من جهته، قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي، خلال تغريدة له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «احتضنت دولة الإمارات، اليوم، رمزين عالميين لأكبر ديانتين سماويتين، البابا فرنسيس، والإمام الأكبر أحمد الطيب، لقاء تاريخي تفخر بلادنا باستضافته، وأطلقنا جائزة الأخوة الإنسانية بمناسبة هذه الزيارة لترسيخ حوار حقيقي بين الأديان، وتشرفت الجائزة بتكريم الرمزين في أول دورة لها».