* تركز استراتيجية التنويع في عمان على تحويل اقتصاد الدولة إلى خمسة قطاعات محورية: السياحة، واللوجيستيات، والتصنيع، وصيد الأسماك، والتعدين.
* تهدف رؤية 2040 إلى زيادة نسبة عمالة المواطنين العمانيين في القطاع الخاص إلى 42 % بحلول عام 2040، وزيادة الاستثمارات الأجنبية إلى 10 % من الناتج المحلي الإجمالي.
* سعادة الشيخ عبد الله بن سالم السالمي، رئيس لجنة الاقتصاد والتنمية في رؤية عمان 2040: «هدفنا أن تنضم عمان إلى مصاف الدول المتقدمة في 2040. وهو ليس هدفًا سهلاً ولكننا واثقون من أننا نستطيع تحقيقه. ونحتاج إلى كثير من الإصلاحات».
*سعادة طلال بن سليمان الرحبي، نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط: «وضعت رؤية 2040 بمشاركة شعبية واسعة. وكان هناك تركيز كبير على الشباب، ليس في مشاركتهم في صياغة الرؤية فحسب، بل وكذلك في العمل الجماعي وفريق العمل الذي شكلناه».
احتل التنوع الاقتصادي قمة أولويات جميع دول مجلس التعاون الخليجي في العقود الأخيرة. وحتى قبل انخفاض أسعار النفط في منتصف عام 2014. أدرك قادة هذه الدول أن اقتصادهم يعتمد أكثر مما ينبغي على صناعة النفط والغاز. ومع ذلك، على الرغم من أن حصة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي شهدت زيادة ثابتة في كل من هذه الدول، فإن صادراتها وعائداتها الحكومية ظلت معتمدة على النفط والغاز. وبالتالي نتج عن انخفاض أسعار النفط أزمة اقتصادية أضافت إلى الضرورة الملحة للتغيير.
عقدت عمان، التي يوجد بها أقل ناتج محلي إجمالي للفرد في دول مجلس التعاون الخليجي، مؤتمرها الوطني لرؤية 2040 في 27 و28 يناير (كانون الثاني) ، حيث وضعت خريطة طريق تسعى إلى إعادة التوازن لاقتصاد الدولة بعيدًا عن النفط والغاز الطبيعي اللذين كانا المحرك الأساسي لنموها الاقتصادي.
تحت رعاية صاحب السمو السيد هيثم بن طارق السعيد، وزير التراث والثقافة ورئيس اللجنة الرئيسية لرؤية عمان 2040. عُقد المؤتمر الوطني الذي استمر على مدار يومين في مركز مؤتمرات ومعارض عمان، وجاء تتويجًا لسبعة آلاف حدث و15 ألف دراسة وألفين ومائتي مشارك، استضاف المؤتمر أكثر من ثلاثة آلاف مشارك، من بينهم صناع قرار وخبراء في كل من القطاعين العام والخاص من داخل السلطنة وخارجها وممثلين لمنظمات مجتمعية ورواد أعمال شباب وشخصيات عامة وجمهور من الشعب.
يعد المؤتمر إحدى الفعاليات البارزة في تطوير الرؤية وتقديم منصة لتشجيع المشاركة المجتمعية الواسعة ومناقشة ومراجعة التفاصيل الأولية وأفضل الممارسات المتعلقة بالتنمية المستدامة والتعاون الدولي لإعداد الوثيقة النهائية للرؤية التي تتم صياغتها بناء على أوامر من السلطان قابوس بن سعيد. وعلى هامش المؤتمر، صرح سعادة طلال بن سليمان الرحبي نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط إلى «المجلة» بأن رؤية 2040 سوف تكون «الوثيقة الإرشادية لتطوير جميع خطط التنفيذ الوطنية مثل الخطة الخمسية المقبلة التي سوف تتم فيما بين عامي 2021 و2025».
أعمدة الرؤية
تهدف السلطنة إلى مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد لكي يصل إلى معدل نمو يبلغ 6 في المائة. ومن المتوقع أن تساهم القطاعات غير النفطية بنسبة 93 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، من خلال تركيز استراتيجية التنويع على تحويل اقتصاد الدولة إلى خمسة قطاعات محورية وهي: السياحة، واللوجيستيات، والتصنيع، وصيد الأسماك، والتعدين، كما حددتها خطة التنمية الخمسية التاسعة. وتهدف أيضًا إلى زيادة نسبة عمالة المواطنين العمانيين في القطاع الخاص إلى 42 في المائة بحلول عام 2040، وزيادة الاستثمارات الأجنبية إلى 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وتعد مثل هذه الخطط الشاملة ذات أهمية كبرى ليس من أجل النمو الاقتصادي فحسب، بل لتحقيق طموحات ملايين من الشباب في المنطقة أيضًا.
وفي كلمته في المؤتمر، قال صاحب السمو السيد هيثم بن طارق السعيد: «تم تحديد التوجهات الاستراتيجية وفق أهداف أولية تضمنت التعليم والبحث العلمي وتمكين القدرات الوطنية، وعمادها الرعاية الصحية الرائدة، وإدارة اقتصادية تدعم التنوع الاقتصادي وتطور سوق العمل والتشغيل، وتتيح للقطاع الخاص أخذ زمام المبادرة لقيادة اقتصاد وطني... والمحافظة على استدامة البيئة وتنمية جغرافية شاملة قائمة على مبدأ اللامركزية».
وضعت عمان ثلاثة محاور رئيسية للرؤية وهي: الإنسان والمجتمع، الاقتصاد والتنمية، الحوكمة والأداء المؤسسي.
وتحت هذه الأعمدة الثلاثة، حددت السلطنة قائمة بالأولويات الوطنية وهي:
التعليم والتعلم والبحث العلمي والقدرات الوطنية – تعليم شامل، وتعلم مستدام وبحث علمي يؤدي إلى مجتمع معرفي وقدرات وطنية تنافسية.
الصحة – نظام صحي رائد بمعايير عالمية.
المواطنة والهوية والتراث الوطني والثقافة - مجتمع يفخر بهويته وثقافة تعزز المواطنة.
الرفاه والحماية المجتمعية – حياة كريمة ومستدامة للجميع.
القيادة والإدارة الاقتصادية – قيادة اقتصادية دينامية تمتلك قدرات وتعمل في إطار مؤسسي متكامل.
التنويع الاقتصادي والاستدامة المالية – اقتصاد متنوع ومستدام وتنافسي يعتمد على المعرفة والابتكار ويعمل وفق أطر متكاملة، ويستوعب الثورات الصناعية، ويحقق الاستدامة المالية.
سوق العمل والتشغيل – سوق عمل دينامي جاذب للكفاءات ومواكب للتغيرات الديموغرافية والاقتصادية والمعرفية والتقنية.
القطاع الخاص والاستثمار والتعاون الدولي – قطاع خاص ممكَن، يقود اقتصادا تنافسيا ومندمجا مع الاقتصاد العالمي.
تنمية مستدامة في المحافظات والمدن - تنمية جغرافية مستدامة تتبع نهجًا لامركزيًا، وتطور عددًا من المراكز الحضرية الرئيسية، واستخدام أمثل ومستدام للأراضي.
الموارد الطبيعية والاستدامة البيئية – استخدام متوازن للموارد الطبيعية واستدامتها دعمًا لأمن الطاقة والاقتصاد الوطني.
منظومة التشريع والقضاء والرقابة – منظومة تشريعية تشاركية، ونظام قضائي مستقل ومتخصص وناجز، ورقابة فعَالة ونزيهة.
الشراكة وتكامل الأدوار - شراكة متوازنة ودور تنظيمي فاعل للحكومة.
حوكمة الجهاز الحكومي والموارد والمشروعات – جهاز حكومي مرن ومبتكِر وصانع للمستقبل، قائم على مبادئ الحوكمة الرشيدة.
يعلم القادة أن التحول الاقتصادي ليس عملية بسيطة ويتطلب نهجًا شاملاً يتضمن اتخاذ مجموعة متنوعة من الإجراءات. وعلى هامش المؤتمر الوطني، صرح سعادة الشيخ عبد الله بن سالم السالمي، رئيس لجنة الاقتصاد والتنمية في رؤية عمان 2040 والرئيس التنفيذي لهيئة سوق المال، لـ«المجلة»: «هدفنا أن تنضم عمان إلى مصاف الدول المتقدمة في 2040. وهو ليس هدفًا سهلاً ولكننا واثقون من أننا نستطيع تحقيقه. نحتاج إلى كثير من الإصلاحات في القوانين والاستثمار ونظام التعليم والمعاشات وغيرها، ويجب أن نبدأ في العمل عليها. أمامنا عشرون عامًا ونثق أننا سننجح».
كذلك صرح وزير الإعلام الدكتور عبد المنعم الحسني أنه في إطار رؤية 2040، توجد أيضا مشروعات مشتركة مع وزارة الإعلام حول مستقبل الإعلام. وقال موضحًا: «توجد مشروعات مشتركة بين وزارة الإعلام ولجنة رؤية 2040 حول خطط مستقبل الإعلام. وفي نهاية هذا الأسبوع سوف نعقد ندوة تفصيلية عن الإعلام في المستقبل. ومنذ عدة أيام بدأنا مجلس الحوار الإعلامي لمناقشة كيف سيبدو الإعلام في المستقبل القريب، ليس في عمان فحسب، بل على مستوى دولي أيضًا، وما هو دورنا في عمان، وكيف يمكن أن نظهر في هذا الإطار العالمي».
مشاركة الجمهور
يكمن في صميم رؤية 2040 سياسات تعمل على تحقيق نمو اقتصادي أقوى إلى جانب تحسين المشاركة في فوائد زيادة الرخاء بين فئات المجتمع. وتتجاوز هذه الفوائد الدخل لتتضمن نتائج شاملة ذات أبعاد مختلفة مهمة من أجل رفاه المجتمع، وليس أقلها فرص العمل والرعاية الصحية. ويتطلب تحويل الأهداف متعددة الأبعاد إلى نتائج ملموسة تكاتف الجهود التي تشمل مجالات السياسات وتحتاج إلى قدرة على تنسيق الأعمال عبر الحدود الإدارية والمستويات الحكومية. ومن أجل ضمان استيعاب تفضيلات ومخاوف جميع الأطراف المعنية وانعكاسها على عملية صنع القرار، يتم عقد ورش عمل في جميع المحافظات، إذ يتم تحديد القضايا الرئيسية واستخدامها لتشكيل أهداف الرؤية طويلة الأجل.
وفي كلمته في أثناء المؤتمر، قال صاحب السمو السيد هيثم بن طارق السعيد: «نحرص على ضمان مشاركة جميع قطاعات المجتمع والشركاء في وضع أولوياتهم وتطلعاتهم».
وأضاف: «وبناء عليه شرعت اللجان المختصة وفرق العمل في تحديد أفكار وأعمدة معينة للرؤية بما يقدم إطار عمل للمشروع».
وفي تصريح لـ«المجلة» أكد سعادة السيد طلال سليمان الربحي نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط على ضرورة إشراك جميع قطاعات المجتمع وخاصة الشباب الذي يشكل 46.5 في المائة من عدد السكان، وذلك في مساعٍ لإرشاد ووضع سياسة أقرب إلى احتياجات المجتمع ولتحقيق الأهداف المنصوص عليها في رؤية 2040. وقال: «وضعت رؤية 2040 بمشاركة شعبية واسعة. وكان هناك تركيز كبير على الشباب، ليس في مشاركتهم في صياغة الرؤية فحسب، بل وكذلك في العمل الجماعي وفريق العمل الذي شكلناه، وتأكدنا من وجود تمثيل قوي للشباب».
وفي أثناء النقاش حول دور المجتمع والشباب في تنفيذ الرؤية، أكد بن طارق على ضرورة إشراك الطلاب في الخارج في وضع السياسات وتعزيز قدرة الحكومة على تنفيذها، إذ قال: «أحيي كل شاب وشابة يملكون أفكارًا ويريدون من يستمع إليهم. أدعوهم جميعًا لتقديم تلك الأفكار لأننا عندما نناقش رؤية مستقبلية يتعلق ذلك بمستقبل أبنائهم. ونحن لا نفرق بين شبابنا في الداخل والخارج».
وأضاف: «أدعو الشباب إلى الأخذ بزمام المبادرة والاستفادة من الفرص وقبول القطاع الخاص وعدم انتظار الوظيفة الحكومية».
وعن تطلعه إلى المستقبل بعد 20 عامًا، صرح سعادة السيد طلال سليمان الرحبي لـ«المجلة» بأنه يرى عمان في 2040 تنعم بالرخاء وفي الوقت ذاته «تحتفظ بقيمها الوطنية فخراً للعمانيين».
وأضاف: «نرى مجتمعًا قائمًا على المعرفة. نرى عمانيين يملكون المهارات والمعرفة المناسبة للمنافسة على المستويين المحلي والدولي».