• مايك بومبيو يطالب رئيس الوزراء العراقي بتجميد ميليشيا الحشد الشعبي وسحب أسلحتهم مقابل منح العراق استثناء من تطبيق العقوبات ضد إيران.
• «منذ إعلان ترمب سحب قواته من سوريا إلى هذا اليوم لا توجد أي قوات منسحبة من الشرق السوري باتجاه العمق العراقي سواء في أربيل أو عين الأسد أو في مناطق أبعد من ذلك باتجاه كركوك والسليمانية.
• القيادة المشتركة تمنع أي احتكاك بين فصائل الحشد الولائية وبين المعسكرات الأميركية في المناطق الغربية والشمالية الغربية من العراق.
• 6 قواعد عسكرية أميركية مشتركة في العراق وعدد القوات 9982 بينهم 5000 مسلح... والحشد منتشر في المناطق الغربية والشمالية الغربية بمعيّة القوات المسلحة العراقية.
• مختص: أشكال الضغط الأميركي في العراق لن تتضح قبل «مؤتمر وارسو» المقرر عقده في منتصف فبراير المقبل.
كركوك:«كركوك تحكم عسكريا، ما عادت الأمور مثل الأمس... لا يهم إن تم اختيار محافظ، أم لا، أو خاضت كركوك انتخابات مجالس المحافظات أم لا، نحن محكومون عسكريا»،.متسائلا: «بماذا نصف ما نعيشه في وقت ليس مسموحًا لنا فيه أن نرفع راية تمثلنا كمكون في المحافظة على غرار المكونات الأخرى»، والكلام لكاك صالح أحد مواطني مدينة كركوك من المكون الكردي والذي اشترط عدم الكشف عن اسمه كاملا.
ويتابع صالح قائلا لـ«المجلة»: «لقد أثيرت مؤخرا زوبعة حول رفع العلم الكردي من قبل الحزب الشيوعي الكردستاني على مقره في المدينة بمناسبة يوم العلم الكردي الذي كنا نحتفل به في الأعوام السابقة إلا أن قوة قوات مكافحة الإرهاب العرقية انزلت العلم عنوة، وأيضا قامت الدنيا ولم تقعد عندما رفع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني قبل أيام العلم الكردي بجانب راية الحزب وبجانب أيضا العلم العراقي على مقره الرئيسي في المدينة»، مشيرا إلى أنه «في الـ17 من شهر يناير (كانون الأول) من كل عام يحيي الكرد في العراق رسميًا ذكرى يوم علم إقليم كردستان في الدوائر والمؤسسات الحكومية والمدارس والمعاهد والجامعات، ونحن في كركوك أيضا كنا نحيي هذا اليوم وأطفالنا في المدارس الكردية كانوا يرتدون الزي الكردي ويرسمون على وجوههم ألوان العلم الكردي ولكن بعد 16 أكتوبر (تشرين الأول) 2017 وسيطرة القوات العراقية مدعومة بالحشد الشعبي على المدينة أصبح العلم الكردي تهمة، لتتشح المدينة بالسواد في الأربعينات».
وكان قرر مجلس محافظة كركوك وفي مارس (آذار) 2017 رفع علم كردستان إلى جانب العلم العراقي رسميًا غير أن بغداد رفضت القرار وصوت مجلس النواب العراقي على رفع العلم العراقي فقط في المحافظة، وإلغاء قرار مجلس محافظة كركوك برفع علم كردستان بجانب العلم العراقي على المباني الحكومية.
وبعد أحداث 16 أكتوبر 2017، وعودة القوات الاتحادية إلى كركوك وباقي المناطق المتنازع عليها، أنزل علم إقليم كردستان من على كافة المباني في كركوك وحظروا رفعه فيما بعد.
ففي عملية عسكرية شنتها القوات العراقية مدعومة بميليشيات الحشد الشعبي ليل 15 أكتوبر 2017 لاستعادة محافظة كركوك ومناطق متنازع عليها مع سلطات إقليم كردستان، تمكنت خلالها من السيطرة على تلك المناطق بعد انسحاب قوات البشمركة منها.
وجاءت العملية عقب استفتاء الاستقلال الذي أجرته سلطات أربيل في 25 سبتمبر (أيلول) 2017، ورفضته بغداد وأطراف إقليمية ودولية.
واليوم فإن كلا من محافظها ورئيس المجلس المحلي مقالان من قبل بغداد ويعيشان خارج المدينة بعد صدور أحكام بإلقاء القبض عليهما، رئيس الوزراء كلف نائب محافظة كركوك السابق، راكان سعيد الجبوري، لتولي منصب المحافظ بالوكالة حتى انتخاب محافظ جديد.
يدرك صالح كما غيره من «الكركوكيين» أن قضية كركوك، ما عادت رهن اتفاق أربيل وبغداد بل إن كركوك باتت تختزل المعضلة السياسية العراقية، وأن الأيادي الخارجية لن تدع الكركوكيين بل ولا العراقيين ينعمون يوما بالاستقرار، كما يقول صالح «كلنا يدرك أنه لا تركيا ولا إيران يمكن أن تقبل بحل أي قضية أو مشكلة في العراق من دون أن تأخذ نسبتها... الحشد يتحكم بالنقاط الجمركية التي وضعت بين كركوك ومدن الإقليم من طرفي السليمانية وأربيل. وتركيا تريد أن تنشئ المطار وتفتح قنصلية لها في المدينة ويأتي السفير التركي ويجتمع مع من يريد ويقرر ويخرج بمواقف تخص شؤون البلاد من دون أن يمنعه أحد، فالعراق أصبح سوق أسهم للدول الإقليمية».
خرائط الطرق
في 2003 تضمن قانون إدارة الدولة العراقية الذي كتب في عهد الحاكم المدني للعراق الأميركي بول بريمر المادة 58 الخاصة بتطبيع الأوضاع في محافظة كركوك ولكن لم يتم التوصل إلى حلول تقبل بها جميع أطراف النزاع في كركوك: الأكراد والعرب والتركمان.
وحدد دستور 2005 المادة 140 كحل لمشكلة كركوك
وتم تشكيل لجنة تشرف على تنفيذ المادة 140 وترأسها عدة شخصيات سياسية على طول الحكومات المتعاقبة.
وفيما الكرد يؤكدون على أن المادة 140 هي خريطة الطريق الوحيدة لحل مشكلة كركوك والمناطق المتنازع عليها، فإن العرب والتركمان يعترضون على المادة 140 ويرون أن سقفها الزمني انتهى في ديسمبر (كانون الأول) 2007، وبالتالي فهي بحاجة إلى تعديل دستوري.
وبعيدا عن الخلافات حول المادة 140، فإنه عقب سقوط النظام السابق في شهر أبريل (نيسان) من عام 2003 تم تشكيل مجلس محافظة كركوك من ممثلي القوميات الرئيسية الأربع في كركوك، مع مراعاة حالة التوافق بغرض تنظيم أمور المحافظة وملء الفراغ الإداري والتشريعي فيها.
المجلس أكمل دورته الأولى مع إنجاز العملية الانتخابية التي جرت في الثلاثين من يناير (كانون الثاني) 2005 والتي تضمنت التصويت لانتخاب الجمعية الوطنية المؤقتة بالإضافة إلى التصويت لانتخاب مجالس المحافظات في عموم البلاد وانبثق عن تلك العملية ميلاد أول مجلس منتخب للمحافظة عن طريق الاقتراع السري والمباشر.
وجاءت النتائج المعلنة والمصادقة عليها من قبل المفوضية المستقلة العليا للانتخابات بممثلين للقوائم الفائزة لشغل 41 مقعدا في مجلس محافظة كركوك وبالنسب التالية:
قائمة كركوك المتآخية غالبية كردية: 26 مقعدا.
قائمة جبهة تركمان العراق: 8 مقاعد.
قائمة التجمع الجمهوري العراقي: 5 مقاعد.
قائمة الائتلاف الإسلامي والتركماني: مقعد واحد.
قائمة التجمع الوطني العراقي: مقعد واحد.
وبدأ المجلس الجديد دورته، وهي الثانية، بتاريخ 6 - 3 - 2005 وتم تشكيل اللجان الخاصة بأعمال ومهام المجلس، ومن ضمنها لجنة المادة (58) بغرض متابعة إجراءات تطبيع الأوضاع في المحافظة كما هو منصوص عليها في الدستور العراقي الجديد.
ولم تشهد بعدها كركوك إجراء انتخابات مجالس المحافظات بسبب الخلافات بين مكوناتها حيث كانت أطراف ترى أن انتخابات مجلس محافظة كركوك بحاجة إلى تشريع قانون خاص لغرض إجرائها، كون المحافظة تتمتع بـ«وضع خاص».
وتنص المادة 23 من قانون انتخابات مجالس المحافظات على أن تجرى انتخابات محافظة كركوك والأقضية والنواحي التابعة لها بعد تنفيذ عملية تقاسم السلطة الإدارية والأمنية والوظائف العامة، بما فيها منصب رئيس مجلس المحافظة والمحافظ ونائب المحافظ بين مكونات محافظة كركوك بنسب متساوية بين المكونات الرئيسية، ويخير المكون ذو الأغلبية في مجلس المحافظة باختيار أحد أعلى ثلاثة مناصب، وهي المحافظ أو نائب المحافظ أو رئيس مجلس المحافظة.
لكن المحكمة الاتحادية، أعلنت في (26 أغسطس/ آب) 2013)، عن إلغاء المادة 23 من قانون الانتخابات بعد تقديم الطعن به وإصدار قرار المحكمة الاتحادية المتضمن عدم دستورية المادة 23 من قانون انتخابات مجالس المحافظات الخاص بمحافظة كركوك.
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، قد حددت موعد إجراء انتخابات مجالس المحافظات، مبينة أنه تم تحديد يوم 16 - 11 - 2019، موعدا لإجراء انتخابات مجالس المحافظات، مشيرة إلى أنه على الحكومة تهيئة الإجراءات اللازمة لهذا الموعد.
ويصر العرب والتركمان على إعطاء المحافظة وضعا خاصا بسبب مكوناتها الاثنية والدينية المختلفة وتمت إضافة فقرة بهذا الخصوص في قانون انتخابات مجالس المحافظات لعام 2008. الأمر الذي يرفضه الكرد الذين يرون أن محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين وبغداد لا تختلف عن كركوك من حيث التنوع الاثني والقومي وأن محاولات التركمان والعرب استثناء المحافظة من إجراء انتخابات مجالس المحافظات والمطالبة بأن يتشكل المجلس بشكل متساو من المكونات للمحافظة، مصادرة لرأي الناخبين.
وفي مارس (آذار) 2018 صوت البرلمان العراقي على قانون انتخابات مجالس المحافظات، بما فيها محافظة كركوك. وأعلن نواب كركوك في البرلمان العراقي التوافق على الفقرة المتعلقة بكركوك في قانون انتخابات مجالس المحافظات بموجب تشريع القانون الجديد.
وفي أبريل 2018 أصدرت المحكمة الاتحادية العليا العراقية قرارًا بشأن المادة 140 الدستورية، مشيرة إلى أنها إحدى مواد الدستور المهمة ولا تموت بأي شكل من الأشكال.
الحشد يقر: «داعش» انتهى في الشمال
تواصلت «المجلة» مع المتحدث باسم محور الشمال في الحشد الشعبي، علي الحسيني، والذي أكد أن «داعش» ما عاد يشكل ذلك الخطر الذي يستدعي الاستنفار الأمني ولكن الحسيني اختلف مع الرأي الذي يذهب في اتجاه زوال مبررات وجودهم في تلك المناطق.
ويقول الحسيني لـ«المجلة»: «بالنسبة لتواجد داعش في المناطق شمالي كركوك أي من الشمال الغربي وجنوب كركوك امتدادا إلى قضاء دومز إلى أمرلي ثم إلى ديالى هذه المناطق الآن لم يعد فيها إلا أعداد قليلة جدا لا يستطعون القيام بأي عمل إرهابي سوى التنقل من هنا وهناك والتعرض لبعض النقاط، وأعتقد اليوم نستطيع أن نقول إن داعش انتهى في هذه المناطق عسكريا لم يعد لديه وجود عسكري قوي، لا يستطيعون الهجوم أو التعرض لدورياتنا، لا يستطعون كما كانوا يفعلون سابقا وضع سيطرات وهمية.. ما تبقى من هؤلاء يختبؤون في المناطق الجبلية ويستفيدون من وعورة المنطقة، خصوصا في جبال حمرين».
ويضيف: «أما، الرايات البيضاء فقد كانت هناك مجموعة سمت نفسها بهذا الاسم ولكن لم تظهر على الأرض ثم تبين لنا بعد ذلك أن هناك مجموعة من الدواعش الذين هربوا إلى جبال ديالى وتم طردهم من المنطقة وسموا أنفسهم بهذا الاسم حتى يضيعوا على القوات الأمنية تواجد داعش في هذه المنطقة، أما أي مجموعات أخرى فإن غالبيتهم كانوا دواعش، الذين يتجمعون في بعض المناطق ولكن ليس في مناطقنا ولكن نسمع أنهم في المناطق الحدوية».
وعن مبرر وجودهم في هذه المناطق رد قلائلا: «من يحمي هذه المناطق؟ هناك مئات الكيلومترات... لولا الحشد لا تستطيع أي قوة أن تحمي هذه المناطق الصعبة جغرافيا حيث الجبال والماء والثلوج، الآن الحشد أصبح هو الجزء المهم من الأجهزة الأمنية الاتحادية التابعة للحكومة وتقاد مباشرة من القائد العام للقوات المسلحة العراقية كيف لا يكون هناك حشد شعبي؟ لولاه لما تحررت هذه المناطق».
وحول الوجود الأميركي يقول: «بالنسبة للقوات الأميركية نحن نسمع ولكن نحن في قواطع الحشد الشعبي بأطراف كركوك لم نسمع ولم نلاحظ قوات أميركية تتجول أو تتنقل ضمن هذه القواطع ولكن نسمع من الأخبار ومن بعضهم أن لهم تواجدا، ولكن يقال: إنهم موجودون في كيوان لا ندري، فنحن الآن متواجدون في أطراف كركوك كحشد شعبي ومعنا الشرطة الاتحادية ولكن سمعنا أنهم متواجدون في معسكر كيوان... المعسكر بعيد عنا في تخوم كركوك ونحن في أطراف كركوك».
وعن مطالبة الأميركان بغداد بنزع أسلحة فصائل من الحشد الشعبي، قلل من أهمية الموضوع قائلا: «لم نسمع بها ولا نبالي بهذه المطالب بل نحن من طالبنا بإخراجهم (القوات الأميركية) من العراق، لأن وجودهم ليس له أي مبرر، ولا أي قوات أجنبية، الآن القوات العراقية قادرة وهي الآن تمسك الحدود وتحافظ على أمن المدن، لا نريد أي قوات أجنبية وخصوصا القوات الأميركية وجودها غير مبرر لا نريد أن نرى قوات أجنبية وقواتنا تحمي العراق وليس هناك أي تنسيق مع قوات التحالف».
في دائرة الصراع
بعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من اتفاقيتها النووية مع إيران، وخاصة بعد الإعلان عن الاستراتيجية الأميركية لوضع حد للتمدد الإيراني في المنطقة وإعادة إيران إلى داخل حدودها الجغرافية، توقع كثير من المراقبين أنه في حال دخول الاستراتيجية الأميركية حيز التنفيذ، ستكون لبنان وسوريا المحطة الأولى للمواجهة والصراع في هذه المرحلة الجديدة، لكن بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب المفاجئ والذي يقضي بسحب قوات بلاده من سوريا، لتعود العراق إلى الواجهة فقد كانت وما زالت نقطة الجذب القوية للطرفين ليلقيا بثقلهما ويركزا انتباههما على العراق كمحطة أولى في المرحلة الجديدة من صراعاتهما، وسيسعى كل منهما لحسم أمر العراق بما يعزز موقعه فيه ويضعف ورقة الطرف الآخر، كان العراقيون يعتقدون ولوقت قريب أن إيران وكذلك أميركا لا تريدان توريط بلديهما في صراع، لكن دوام الحال من المحال، وهذا سيزيد تأزيم الأزمات في العراق المتخم بالمشاكل.
فمع قرار الانسحاب ما لبثت الأخبار تتسارع حول توجه المنسحبين الأميركان من سوريا وبآلياتهم الثقيلة نحو العمق العراقي ومعسكر كيوان تصدر العناوين.
بالمقابل تصدرت أخبار تتعلق بطلب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي تجميد وسحب سلاح 67 من ميليشيا الحشد الشعبي مقابل منح العراق استثناء من تطبيق العقوبات ضد إيران، لكن إيران حركت من تحت قبة مجلس النواب العراقي ملف القوات الأجنبية وتحرك نواب لتشريع قانون بهذا الخصوص من جانبه حذر بومبيو من خطورة أي تشريع برلماني يمس القوات الأميركية، رغم أن القانون لو شرع فهو غير ملزم لتلك القوات.
خبير الجماعات المتطرفة ومكافحة الإرهاب والتطرف هشام الهاشمي وفي حوار مع «المجلة»، يؤكد على أنه «منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018 إلى هذا اليوم لا توجد أي قوات منسحبة من الشرق السوري باتجاه العمق العراقي سواء في أربيل أو عين الأسد أو حتى في مناطق أبعد من ذلك باتجاه كركوك والسليمانية، وأن ما نشر من صور وفيديوهات هو عبارة عن تنقلات قوة متواجدة أصلا في تلك المناطق في معسكر (كيوان) توجهت إلى (كي تو) شمال صلاح الدين يعني من كركوك باتجاه منطقة الفتح بصلاح الدين ثم عادت هذه التحركات أو التنقلات روتينية وهي تحدث كثيرا، لكن صادف رصدها بكثافة في هذه الفترة بسبب إعلان ترامب سحب قوات بلاده من سوريا».
ويشدد قائلا: «إلى هذه الساعة لا توجد أي قوة إضافية جاءت إلى العراق سواء من الشرق السوري أو من الكويت أو من أي مكان آخر بالعكس القوات الأميركية البرية هم أقل عددا مما كانوا عليه، وكان عددهم مع بعض الموظفين والمستشارين والبعثات 9982، نقصت منهم قوات مدفعية اتجهوا إلى أفغانستان بالإضافة إلى انسحاب قوة للعمليات الخاصة بحجم 200 بالتالي عددهم اليوم أقل من 9400 عنصر بمختلف الواجبات المدنية والعسكرية».
ويشير إلى أن «الحشد الشعبي الآن يتعامل بالمثل مع القوات الأميركة في القواعد المشتركة والمعسكرات المشتركة تمنع تقرب الحشد الشعبي لمسافات من 20 إلى 50 كم بحسب خطورة تلك القوات بحسب اعتقاد القوات الأميركة عليها، وبالتالي أظن هذا التعامل بالمثل حصل في القيارة وحصل في العظيم وحصل في الرطبة، حيث منعت قوات من الحشد الشعبي القوات المشتركة العراقية بمعية القوات الأميركية أن تستطلع أو تدخل أو تفتش تلك المعسكرات التابعة للحشد الشعبي... المضايقات إلى الآن هي مجرد استفزازات إعلامية، لكن من المؤكد أن أميركا أبلغت العراق أن إسرائيل قامت بجرد ومسح لمعسكرات بعض فصائل الحشد الشعبي في المناطق الغربية والشمالية الغربية من العراق، وقد تقوم إسرائيل باستهداف تلك المعسكرات لأسباب مختلفة لكن الولايات المتحدة الأميركية مبدئيا غير موافقة».
ويرى أنه من المبكر جدا «أن يكون هناك توقع لحدوث صدام مباشر بين فصائل الحشد الشعبي التي تتعامل بحذر وغير متفائلة أيضا من إجراءات أميركية توقف ضربات جوية إسرائيلية على مصانعها ومعسكراتها ومخازنها وبعض قياداتها، لكن لا أظن أن مواجهات الحشد الشعبي الولائية سوف تتحرك بقوة نارية مميتة باتجاه أهداف أو مصالح أميركية في العراق ولم تكن هناك فتوى مركزية تعلن المقاومة أو الجهاد ضد الوجود الأميركي، وهذا في الوقت الحاضر لا تسعى إليه لا إيران في قم ولا النجف في العراق، لأسباب واضحة، وبالتالي سوف تحاول القيادة المشتركة أن تمنع أي احتكاك بين فصائل الحشد الولائية وبين المعسكرات الأميركية في المناطق الغربية والشمالية الغربية من العراق».
ويكشف أن «عدد القواعد العسكرية الأميركية في العراق وعدد القوات 6 قواعد مشتركة و4 معسكرات مشتركة وعددهم 9982 منهم 5000 مسلح... ولا توجد قواعد أو معسكرات أحادية، كلها مشتركة، أما الحشد فهو منتشر في المناطق الغربية والشمالية الغربية بمعيّة القوات المسلحة العراقية»، مشيرا إلى أن «الوضع في مركز كركوك مستقر نسبيا ولا يزال جنوبها قلقا وغير مسيطر على مخاطره مساءً».
ويعتقد الهاشمي أنه «إذا كانت المعركة عسكريا على داعش انتهت بنصر القوات المسلحة العراقية وحلفائها، فإن الحرب على الإرهاب لم تنته، بل لا تزال مستمرة لاجتثاث أسباب وجذور الإرهاب وملاحقة مخلفاته وشتاته وفلوله وخلاياه النائمة بوسائل أخرى، فيومًا بعد يوم، تتزايد تعقيدات المشهد الاقتصادي والأمني في المناطق المحررة، في محصلة لتزايد المشاكل وضعف الحلول، وتدخلات اللوبيات المحلية والمناطقية والحزبية، وظهور قوى مجتمعية تتمتّع بعلاقاتها مع منظمات المجتمع المدني الإغاثية والمنظمات الدولية التي تعمل على برامج إعادة التأهيل والعمران، فضلاً عن بروز القوى العشائرية والإثنية والطائفية والقومية في محيط الموصل وتحالفها مع بغداد. ليبقى المواطن أمام كل تلك العشوائيات الإدارية، قابعًا في دوامة الفقر وانعدام الخدمات والتهديدات الإرهابية»، مضيفا: «إن تعدد القوات المسلحة على أراضي المدن المحررة والمستقرة نسبيًا، وتعدد اللجان الحكومية المتدخلة بموضوع الإعمار ومقاولات وتنافس الأحزاب على حصصهم من مقاولات الإعمار، فهناك قرابة 6.2 مليون نازح داخلي، وعودة النازحين وتأمين الخدمات الضرورية، أحدث تعقيدات كبيرة في المشهد الاقتصادي والأمني، سببها تعدد مصالح تلك القوى وتناقضاتها، فالحكومات المحلية ضعيفة وهي بحاجة إلى تحركات الحكومة الاتحادية».
كركوك مادة للنزاع الإقليمي والدولي
الصحافي والباحث السياسي اللبناني، توفيق شومان، يرى أنه «ليس من قبيل الصدفة عودة مدينة كركوك ومحافظتها إلى واجهة الأحداث العراقية، فهذه المحافظة وعاصمتها تشكل أحد أهم التعقيدات المرتبطة بالعملية السياسية العراقية منذ إسقاط النظام السابق في العام 2003. كما أنها إحدى مساحات الصراع المستمرة بين بغداد كمركز للحكومة الاتحادية وأربيل كمركز لحكومة الإقليم».
ويقول شومان لـ«المجلة»: «وإذا كانت عودة كركوك إلى واجهة التحديات والتعقيدات مجددا، من خلال مظهرين للأزمة، واحد مرتبط برفع علم الكرد مجددا في كركوك وكذلك النزاع حول هوية محافظ كركوك، فإن الأمر أيضا يتعلق بعدم توصل الأطراف العراقية مجتمعة إلى تطبيق المادة 140 من الدستور الخاصة بمناطق النزاع بين العرب والكرد»، منوها: «إلا أن المسألة تكمن أيضا بتحول كركوك إلى مادة للنزاعات الإقليمية والدولية، أولها يتصل بالصراع الإيراني ـ الأميركي، والثاني بالطموحات التركية في هذه المنطقة، حيث يعتبر الأتراك كركوك تركمانية الأرض والتاريخ والجذور، مع أهمية الإشارة هنا، إلى تصريح لافت للرئيس التركي رجب طيب إردوغان في العام 2017. حين طالب بإعادة النظر في «اتفاقية لوزان» الموقعة في العام 1923، والتي قسمت أراضي السلطنة العثمانية وقلصت مساحة تركيا بحسب قوله».
ويضيف: «من هنا يمكن القول بوجود ثلاثة أبعاد لأزمة كركوك التي تطغى حاليا على المشهد العراقي، وهذه الأبعاد هي:
ـ عراقية-عراقية مرتبطة بالمناطق المتنازع عليها.
ـ إيرانية-أميركية متعلقة بحجم كل من نفوذ طهران وواشنطن في العراق.
ـ تركية-كردية متصلة بعوامل الخلاف حول مستقبل العراق بين أنقرة وطهران من جهة، وأنقرة وواشنطن من جهة ثانية».
ويتابع: «إلا أن ما يمكن ملاحظته أيضا، أن الدور الأميركي في كركوك، وثيق العلاقة بالضغط على إيران من خلال الضغط على الحشد الشعبي، وهو جزء من الضغوط الأميركية العامة على الحضور الإيراني في الشرق الأوسط، ومن ضمنه سوريا والعراق، ولذلك فإن أشكال الضغط الأميركي في العراق تحديدا، على الأرجح لن يتبين أفقها الواضح، قبل مؤتمر وارسو، المقرر عقده في منتصف فبراير المقبل، وهو المؤتمر الذي سيحدد كيفية أشكال الضغط على إيران مثلما قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في خطابه بالقاهرة في العاشر من هذا الشهر».
ويعتقد شومان أنه «بانتظار ما يمكن أن ينتج عن مؤتمر وارسو، فمن المرجح أن تستمر وتيرة التسخين في كركوك وجوارها، خصوصا أن الأميركيين، لم يرسموا خريطة طريق واضحة لمرحلة ما بعد قرار الانسحاب الأميركي من مناطق شرقي الفرات في سوريا، فيما الملمح الوحيد الظاهر حتى اللحظة، أن الأميركيين يسعون لإنتاج روابط أمنية تجمع بين شمالي العراق وشرقي سوريا».
وكان تعقيب رئيس مجلس محافظة كركوك المقال ريبوار طالباني معبرا عن استغرابه من منع رفع علم كردستان في كركوك، في وقت تنتشر فيه صور للإمام الخميني والأعلام الإيرانية والتركية في شوارع المدينة المتنازع عليها، وأن أكثرية الأعلام الموجودة في شوارع المدينة لا تمثل العراق والعراقيين ولكن العلم الكردي المعترف به من قبل الحكومة الاتحادية والذي صادق عليه الدستور العراقي، يتم منعه.
النائبة عن محاظة كركوك تساءلت في حوار مع «المجلة»: كيف تقصي بغداد مواطنيها من ممارسة حقهم الطبيعي في اختيار مجلسهم المحلي؟
ألماس فاضل: كركوك ضحية الخلافات بين بغداد وأربيل ولعبة المساومات الإقليمية
-
أزمة تحديد مصير كركوك عالجتها المادة 140 من الدستور العراقي
تقول النائب عن محاظة كركوك ألماس فاضل في حوار مع «المجلة» إن «مشكلة كركوك الأساسية تتلخص في موضوع تحديد مصير كركوك سياسيا، فإن المشكلة تفاقمت بين الكتل السياسية الموجودة في المحافظة وقد عالجها الدستور العراقي بموضوع المادة 140، إذ حدد دستور 2005 المادة 140 كحل لمشكلة كركوك والمحافظات الأخرى مثل نينوى وديالى وصلاح الدين، ومحافظات أخرى تشملها أيضا المادة 140 حتى كربلاء»، مضيفة أن «المناطق المتنازع عليها في العراق حسب الدستور هي المناطق التي تعرضت للتغيير الديموغرافي ولسياسة التعريب على يد نظام صدام حسين، وذلك خلال فترة حكمه من عام 1968 حتى إسقاطه خلال الغزو الأميركي في أبريل 2003، إذ إن المادة نصت على آلية تضم ثلاث مراحل: أولاها التطبيع، ويعني علاج التغييرات التي طرأت على التركيبة السكانية في كركوك والمناطق المتنازع عليها في عهد نظام صدام وبعدها. المرحلة الثانية هي الإحصاء السكاني في تلك المناطق. أما المرحلة الثالثة والأخيرة فهي الاستفتاء لتحديد ما يريده سكانها، وذلك قبل 31 ديسمبر (كانون الأول) 2007. وتم تشكيل لجنة تشرف على تنفيذ المادة 140 وترأسها عدة شخصيات سياسية على طول الحكومات المتعاقبة»، مستدركة: «ولكن تنصل الحكومات المتعاقبة على تنفيذ هذه المادة أدى إلى تعقيد الأزمة».
وتتساءل فاضل: «كيف تعترف بغداد بشمول المحافظة بانتخابات برلمان العراق ولا تشمله بانتخابات مجالس المحافظات، وتقصي مواطنيها من ممارسة حقهم الطبيعي في اختيار مجلسهم المحلي، فمن قانون بريمر تحولنا إلى قانون 21 وعدم شمولنا بها، إلى مشكلات نزاع الملكية والتي أطفأت الكثير من الأراضي الزراعية بقرار من مجلس قيادة الثورة للنظام السابق والتي كانت قرارات جائرة بحق مواطني محافظة كركوك، وبقي عالقا موضوع نزاع الملكية لحد اليوم وحيث تم استقدام آلاف العوائل العربية إلى مركز المدينة من قبل النظام السابق، وهو ما شكل عنصر نزاع لا یزال قائما، وخاصة بالنسبة لنزاعات الملكية، حيث تعرض مركز المحافظة إلى تغيرات جوهرية».
وتنوه قائلة: «إذن مشكلة كركوك لم تكن في المواد الدستورية بقدر ما كانت مشكلتها في التنصل من تطبيق المواد الدستورية والذي أدى بالنهاية إلى العجز في إيجاد حل لهذه المناطق».
وتشير إلى أن «الخلافات السياسية جعلت البرلمان العراقي يقصي المحافظة من انتخابات مجالس المحافظات أي إن كركوك لم تشهد انتخابا لمجلس محافظتها منذ 2005، الأمر الذي أضر بالمحافظة، فقد تم حرمان المواطنين في كركوك من ممارسة حقهم في اختيار ممثليهم وهذا حق قانوني كفله الدستور العراقي وحرم منها مواطني كركوك جراء اتخاذ البرلمان قرارات سياسية جائرة استثنيت منها المحافظة من انتخابات مجلس المحافظات التي جرت خلال السنوات السابقة في العراق ولم تشهدها كركوك».
وتلفت فاضل إلى أنه «بسبب عدم توافق الآراء بين الكتل السياسية كان يتم استثناء كركوك من انتخابات مجالس المحافظات، إلى أن تم الاتفاق العام الماضي على إجراء الانتخابات لمجلس محافظة كركوك بعد توافق الكتل السياسية الممثلة عن كركوك من الكرد والعرب والتركمان».
وتتابع: «نحن حاليا بصدد الاتفاق على تحديد موعد جديد لانتخابات مجالس المحافظات خارج الإقليم لخمس عشرة محافظة في أقرب وقت ممكن ولكن لا تزال الأمور اللوجستية والفنية والكثير من المواضيع المطروحة لم تحسم الأمر في طرح هذا المقترح الذي قدم أمس من قبل مكتب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وذلك بتحديد يوم 16 - 11 من العام الماضي موعدًا لإجراء الانتخابات، وذلك بعد أن يتم تعديل قانون رقم 12 لسنة 2018 في موعد أقصاه الأول من فبراير (شباط)، ولكن تعديل أي قانون يحتاج إلى قراءتين لمجلس النواب ومن ثم التصويت عليه»، متسائلة في الوقت نفسه عن «إمكانية تعديل قانون الانتخابات خلال 17 يوما لذا نرى أنه دائما هناك معوقات تسبب إشكالات في انتخابات مجلس المحافظات»، مستدركة: «لكن انتخابات مجلس محافظة كركوك ستجرى في الموعد الذي تم تحديده من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وأن المفوضية اشترطت إلغاء شمول الأقضية والنواحي في تلك الانتخابات».
وترى ألماس فاضل أن «بعد 16 أكتوبر حيث تم تطبيق حكم عسكري على محافظة كركوك بحجة إعادة انتشار القوات العراقية في هذه المناطق والتي نرى أنه ليس هناك جدوى من العمل بها بناء على أن كل محافظات العراق يجب أن تدار من قبل إدارة مدنية وليس عسكرية والذي ستكون له تبعات سلبية على الأوضاع الأمنية في المدينة»، مضيفة: «عانينا من داعش، وتم دحر التنظيم بفضل القوات العراقية والبيشمركة التي حررت المدينة وحافظت على أمن أهالي كركوك بمختلف مكوناتها والكثير من قادة البيشمركة استشهدوا في معارك التحرير».
وختمت حديثها مع «المجلة» متمنية «إنهاء الحكم العسكري في كركوك وإعادة مجلسها المحلي المشلول للقيام بدوره وواجباته، كركوك ضحية الخلافات بين بغداد وأربيل ولعبة المساومات الإقليمية، فإن الوضع في كركوك غير طبيعي، بخلاف جميع محافظات العراق، إذ إن هناك وجودا عسكريًا للجيش و(الحشد الشعبي) بشكل مكثف، كما أن العقلية العسكرتارية هي التي تسيطر على زمام الأمور فيها، وهي عقلية تعادي مكونا بعينه»، مؤكدة: «كركوك تستطيع أن تحتضن كل مواطنيها من مختلف المكونات والتغيرات الديموغرافية التي حاولت أن تغير من وضع كركوك وفشلت ولكن مواطنيها يعانون من مشاكل جمة سياسية واقتصادية حتى نفط كركوك ليس للكركوكيين».
ومنذ إعلان القضاء على تنظيم داعش، يسجل الملف الأمني العراقي استقرارا متزايدا، بحسب مراقبين، وهو ما يطرح أسئلة بشأن مصير عشرات الآلاف من المتطوعين في فصائل الحشد الشعبي، وما إذا كانوا سيستمرون في الخدمة هناك.