-
التكامل الاقتصادي يمكن أن يجعل للقارة دوراً مؤثراً في العالم
-
تأسيس سوق قارية موحدة تزيد التجارة البينية إلى 60 %
-
إنشاء سوق تضم 1.2 مليار نسمة... و2.5 تريليون دولار إجمالي الناتج المحلي
-
40 %ارتفاعًا في إجمالي الناتج الأفريقي خلال السنوات العشر الأخيرة
-
إنفاق المستهلكين وقطاع الأعمال يزيد على 4 تريليونات دولار
-
1.8تريليون دولار إجمالي الاستثمارات الصينية في أفريقيا
القاهرة: تكاد مكانة القارة الأفريقية تقترب من أدنى درجات سلم المنافسة على مستوى الاقتصاد العالمي، يكبلها تجزؤ أسواقها الذي يضعف كفاءتها ويحد من نموها الاقتصادي، بحسب هيبوليت فوفاك، كبير الاقتصاديين في البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد، لكن شهدت الفترة الأخيرة حدثا مهما من الممكن أن يلعب دورا في صعود القارة السمراء اقتصاديا، والتي أصبحت محط أنظار الاقتصاديات العالمية، وهو ما يمكن أن يغير الأوضاع الاقتصادية للقارة، ويتغلب على التجزؤ المهيمن على أفريقيا ويعزز الإنتاجية في اقتصاداتها.
في مارس (آذار) الماضى، وقع رؤساء أربع وأربعين دولة أفريقية على إطار لتأسيس سوق قارية موحدة للسلع والخدمات، تتيح حرية حركة رأس المال والمسافرين بغرض العمل. ثم انضمت إليها خمسة بلدان أخرى، منها جنوب أفريقيا، في شهر يوليو (تموز). ولا تزال المنطقة الحرة بانتظار تصديق مجالس النواب في اثنين وعشرين بلدا على الأقل، وصادقت عليها سبعة بلدان حتى الآن. لكي تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ خلال عام 2019. وحاليا يصل حجم التجارة البينية الأفريقية إلى 17 في المائة من إجمالى التجارة، وبنفاذ الاتفاقية سيصل حجم التجارة البينية إلى 60 في المائة. ومنطقة التجارة الحرة الأفريقية يمكن الاستفادة منها في تقليل الاعتماد على العملة الأجنبية من خلال التبادل التجاري بالعملات المحلية للدول وتخفيف الضغط على العملات الأجنبية.
وبالإضافة إلى رفع مستوى كفاءة السوق وتخفيض تكاليف ممارسة الأعمال، بإتاحة الفرص لتحقيق وفورات الحجم، في إمكان المنطقة الحرة أن تسهل تدفقات التجارة والاستثمار وتبدل تكوين الاستثمار الأجنبي المباشر وتُوجهه نحو أفريقيا.
مؤشر التنافسية
يكشف مؤشر التنافسية العالمية عن أن هناك تفاوتا كبيرا في مراتب القدرة التنافسية على المستوى الوطني، وهو ما يرجع إلى مرحلة التنمية الاقتصادية، وفجوة البنية التحتية المادية والتكنولوجية بين الاقتصادات المتقدمة وكثير من الاقتصادات النامية، وعدم قدرة عدد من الاقتصادات النامية على إجراء إصلاحات حاسمة في اقتصاداتها ومؤسساتها لرفع مستوى كفاءة أسواقها.
وبرز عدد قليل من البلدان الأفريقية كأسرع الاقتصادات نموا خلال العشر سنوات الماضية وظلت كذلك على مسار الصعود في سلم التنافسية العالمية. وتعتمد هذه البلدان بصورة متزايدة على تحسُّن القدرة التنافسية والبيئة الاقتصادية الكلية لديها كي تنوع مصادرها للنمو والتجارة، مع ما يصاحب ذلك من زيادة حصتها في كعكة الأسواق العالمية ومع هذا، ربما كانت معظم البلدان الأفريقية قد وصلت متأخرة إلى سباق رفع القدرة التنافسية وسادت البيئة الاقتصادية العالمية مؤخرا موجات قومية متزايدة تدعو إلى إفقار الجار فضلا عن زحف الحمائية. والآن تعمل الاقتصادات الرائدة على التخلي عن النظام القائم على قواعد الذي ظل يحكم ترتيبات التجارة العالمية لعشرات السنين والتوجه نحو انتهاج نظام مركانتيلي جديد يقيس الأداء الاقتصادي لبلد ما بالفائض التجاري الذي يحققه.
الاندماج التجاري
يقول هيبوليت فوفاك كبير الاقتصاديين بالبنك الأفريقي للاستيراد والتصدير: «في ظل هذه الحقيقة الجديدة، ربما كان دور القدرة التنافسية أهم في الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية. وفي أفريقيا، نجد أن الدفع نحو تعميق الاندماج التجاري وتعزيز التجارة داخل أفريقيا في ظل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية من المرجح أن يخفف الآثار السلبية للصدمات العالمية المعاكسة. فاتساع السوق المحلية الفعالة هو بمثابة تأمين من اضطرابات التجارة العالمية التي تقترن بالتقلبات التي يشهدها العالم أو بانكماش الطلب العالمي.
دعاة العولمة بالسلب والإيجاب
في ظل المشهد التجاري ذي المحصلة الصفرية، نرى عددا متزايدا من البلدان التي تتنافس على نفس السوق. وأكثر البلدان تنافسية، التي لديها أساسيات اقتصادية وأطر سياسات قوية ومصادر متنوعة لتحقيق النمو، هي وحدها التي يُرجح أن تتوسع وتحافظ على نمو حصتها في التجارة. وهؤلاء في أفضل وضع يؤهلهم لتخفيف المخاطر المصاحبة للاندماج الاقتصادي والمالي العالمي وبالتالي جني الثمار الكاملة لمنافع العولمة.
أما أقل الاقتصادات تنافسية فكانت من ضحايا عاجزين أمام العولمة، وظلت تقوم بدور التلقيم، فتورد المواد الخام والموارد الطبيعية اللازمة لزيادة ناتج الصناعة التحويلية في البلدان التي تسعى قيد الإصدار إلى العولمة بنشاط أكبر.
وليس ثمة ما يدعو إلى الدهشة في أن دعاة العولمة السلبيين كانوا أكثر عرضة لمخاطر العولمة، كانتقال الصدمات السلبية بوتيرة أسرع في أنحاء العالم، وتقلبات أسعار السلع الأولية، وتدهور معدلات التبادل التجاري للسلع الأولية لفترات طويلة، وانخفاض الطلب العالمي إما بدافع من زحف الحمائية وإما بسبب فترات الهبوط المتزامنة. وأدت هذه المخاطر إلى خنق تطلعات البلدان المتأخرة عن الركب، حيث وجد معظمها نفسه حبيس حلقات مفرغة من التقلب المفرط في النمو والأزمات الهيكلية في موازين المدفوعات.
القدرة التنافسية والتجارة
أوضحت هذه التطورات ما للقدرة التنافسية من انعكاسات اقتصادية كلية واسعة النطاق. فالقدرة التنافسية تسير يدا بيد مع أداء التجارة، وبالتالي مع النمو الاقتصادي. والابتكار هو أكبر العوامل على الإطلاق التي يتوقف عليها نمو إجمالي الناتج المحلي في الاقتصادات المتقدمة والنامية. وأسرع اقتصادات أفريقيا نموا، هي أيضا التي تتخذ أكبر الخطوات نحو تنويع صادراتها. وربما كانت درجة الابتكار والكفاءة في عمليات الإنتاج هي التي تشكل الصدع بين الاقتصادات المتقدمة والنامية، وكذلك بين دعاة العولمة الإيجابيين والسلبيين.
عقبات أفريقية
تواجه أفريقيا مجموعة من العقبات أمام القدرة التنافسية والتجارة. فالخطوات التي اتخذتها لتحسين البنية التحتية الاقتصادية والإصلاحات التي أجرتها لدفع الابتكار أخمدتها مقاومة المؤسسات والتكاليف الباهظة المصاحبة لتطوير البنية التحتية واللحاق بركب التكنولوجيا. وكان التقدم بطيئا بنفس الدرجة كذلك في عوامل التنافسية وإن كانت آخذة في الارتفاع، ولا تشكل سوى 15 في المائة تقريبا من مجموع تجارة أفريقيا، مقابل 68 في المائة في أوروبا و58 في المائة في آسيا. وإضافة إلى الحواجز غير الجمركية، هناك عوامل أخرى تسهم في هذه الندرة، مثل وضع الحوكمة، وهيكل الإنتاج، ووجهة التجارة الموروثة من النموذج الاستعماري لاستخراج الموارد، والقيود على جانب العرض. وتشمل هذه القيود على جانب العرض صِغر حجم قاعدة الصناعة التحويلية، والتكلفة الباهظة لتمويل التجارة، ومحدودية إمكانات الحصول على معلومات، وعدم وجود البنية التحتية اللازمة التي تمكن من التبادل التجاري أو ارتفاع تكلفتها.
ومن ثم، فإن التغلب على التجزؤ في أفريقيا وجمعها معا تحت المنطقة الحرة هي أولى الخطوات نحو زيادة القدرة التنافسية وإدماج الاقتصادات الأفريقية في الاقتصاد العالمي كدعاة إيجابيين للعولمة. وسوف ينتج عن منطقة التجارة الحرة القارية إنشاء سوق تضم 1.2 مليار نسمة يبلغ إجمالي الناتج المحلي لها مجتمعة 2.5 تريليون دولار، بينما يزيد إنفاق المستهلكين وقطاع الأعمال معا على 4 تريليونات دولار.
مصنع أفريقيا
إن عمليات المحاكاة الأساسية التي تفترض توسع أسواق السلع والعمل وارتفاع مستوى كفاءتها في ظل المنطقة الحرة تشير إلى علو مرتبة أفريقيا ككل بشكل كبير في مؤشر التنافسية العالمية على المدى القصير والمتوسط. وقد يزداد متوسط مرتبة أفريقيا علوا على المدى الطويل. وربما تحقق ذلك إذا أدت منطقة التجارة الحرة القارية إلى زيادة ديناميكية بيئة التجارة والاقتصاد مما يوسع بالتالي قواعد الصناعات التحويلية، ويدعم نمو صناعات تجهيز المواد الزراعية على النحو الملائم للاندماج في سلسلة القيمة، ويعجل وتيرة تنمية الأسواق المالية وتكاملها.ومن شأن هذا التقدم المالي أن يتيح، على سبيل المثال، إدراج الشركات بشكل متبادل في أسواق الأسهم المختلفة ويشجع على تنمية التمويل غير المصرفي، وإنشاء مكاتب المعلومات الائتمانية المرجعية للحد من عدم اتساق المعلومات ومخاطر الائتمان.
وفي نهاية المطاف، من شأن هذه الإجراءات أن تسهل الحصول على ائتمان في منطقة أدت ضحالة أنشطة الوساطة المالية فيها وتجزؤ أسواقها المالية إلى القضاء تماما على القدرة التنافسية ونمو القطاع الخاص.
ومن خلال إنشاء واحدة من أكبر مناطق التجارة الحرة في العالم يمكن تعزيز القدرة التنافسية من خلال قنوات أخرى، مثل نقل التكنولوجيا، والتنمية الصناعية، وتنويع مصادر النمو، وتوسيع التجارة الأفريقية البينية.
وأُجريت مؤخرا مراجعة لمشهد القدرة التنافسية الأفريقية ألقت باللوم على التقدم المحدود في هذه المجالات الذي أفضى إلى توقف نمو الإنتاجية والقدرة التنافسية وتشير تحديدا إلى الانخفاض النسبي في حجم التجارة والتكامل على المستوى الإقليمي باعتباره نقطة ضعف رئيسية، كذلك التداخل بين المجتمعات الاقتصادية الإقليمية كأحد القيود الرئيسية على توفير نوع البيئة الداعمة للأعمال التي يحتاجها رواد الأعمال للاستفادة من فرص النمو المتاحة.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن المنافع المتوقعة من منطقة التجارة الحرة، كتحسين أداء التجارة ودعم التكامل الإقليمي، ستكون إيجابية وكبيرة. ووفق تقديرات اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، فإن التجارة البينية الأفريقية، التي تهيمن عليها المنتجات الصناعية والسلع المصنعة بشكل كبير، يمكن أن تزداد بأكثر من 50 في المائة وأن تتضاعف بعد نحو عشر سنوات من دخول منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية إلى حيز التنفيذ، إذا طبقت الإصلاحات المتوخاة بشكل تام تكملها إجراءات قوية لتسهيل التجارة.
ومن شأن تطبيق شرط إلزام البلدان المشاركة بإلغاء التعريفة الجمركية على 90 في المائة على الأقل من السلع أن يكون دافعا لتحقيق هذه الزيادة. أما وفورات الحجم الناتجة عن اتساع السوق القارية فيمكن أن تخفض تكاليف الإنتاج ككل، التي لا تزال عالية، وتحفز التجارة والاستثمارات عبر الحدود داخل أفريقيا، وتجذب مزيدا من الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المنطقة بينما تحول وجهته في نفس الوقت نحو إنتاج سلع صناعية ومُصَنَّعة. وسوف يؤدي ذلك إلى زيادة تجارة السلع الوسيطة والرأسمالية داخل المنطقة. وتصاحب ذلك منافع تشمل نقل التكنولوجيا، وتنمية سلاسل القيمة الإقليمية التي تضفي عليها الشركات الأفريقية قيمة مُضافة بتحويل المواد الخام إلى سلع نهائية.
اندماج اقتصادي
من شأن سلاسل القيمة الإقليمية أن تساعد على اندماج الاقتصادات الأفريقية في الاقتصاد العالمي، بينما عولمة سلاسل العرض والقيمة هي التي تدفع عمليات الصناعة التحويلية بشكل متزايد. ورغم نقل مزيد من مرافق الإنتاج إلى مواقع خارجية في كثير من البلدان، لا يزال هناك قسم كبير من القيمة المضافة الموزعة في سلاسل القيمة العالمية داخل الكتل الإقليمية.
وتزايد سلاسل القيمة داخل الكتل الإقليمية واستمرار دورها في مواجهة العولمة الراسخة يعكسان المنافع الكثيرة التي تنطوي عليها، وأبرزها انخفاض تكاليف العبور وسلاسل العرض الأقصر المقترنة بقُرب مصادرها أو مرافق التصنيع من أسواق التصدير المستهدفة.
ومنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية ستؤدي في النهاية وفي الوقت المناسب، إلى ظهور المصانع الموجودة في أفريقيا وسلاسل الإنتاج بسلاسل القيمة العالمية والربط بين شبكات الإنتاج من جميع القارات.
وعلى مدى عشرات السنوات، عُرِفَت أفريقيا بأنها قارة الإمكانات الكاملة، ولكن مع مرور سنة تلو الأخرى، كان تحقيق الاستفادة من هذه الإمكانات أحد التحديات الرئيسية التي واجهتها. وإذا نجحت منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية في حفز هذه الإصلاحات، فإن منطقة التجارة الحرة الجديدة يمكن أن تطلق عنان القوى للديناميكية الأفريقية وتجعل القارة منافسا عالميا.
نقاط مضيئة
ورغم التحديات الصعبة التي تواجه القارة السمراء، فإن وجود نقاط مضيئة يجذب إليها مزيدا من الاهتمام العالمى، الأمر الذي يعبر عنه ارتفاع حجم استثمارات الصين، ثانى أكبر اقتصاد في العالم، فيما تظل قضية اللاجئين عاملا تحفيزيا لاهتمام أوروبا أكثر بأفريقيا.
ووفقا لإحصاءات رسمية ارتفع إجمالى الناتج الأفريقي بنسبة 40 في المائة على مدار السنوات العشر الماضية. وتعد نيجيريا من أكبر الاقتصادات، فتحتل المركز 33 في حين تحتل جنوب أفريقيا المركز السابع.
ورغم ارتفاع مؤشر الحوكمة الأفريقي العام إلى أعلى مستوى له في عشر سنوات العام الماضي، مع تسجيل 34 دولة من بين 54 دولة أفريقية تحسنا منذ عام 2008، فإن الفرص الاقتصادية المستدامة لم تتغير كثيرا. وفي حين احتلت موريشيوس المركز الأول من حيث تطبيق ممارسات الحوكمة، حلت كل من الصومال وجنوب السودان في المركز الأخير.
توسع صيني
مع صعود الصين عالميا توسع دورها في أفريقيا خلال العقدين الماضيين، وبحسب إحصاءات «معهد أميركان إنتربرايز» قدر إجمالي حجم الاستثمارات الصينية في أفريقيا بنحو 1.870 تريليون دولار بين عامي 2005 و2018، وكان نصيب أفريقيا جنوب الصحراء منها 298 مليار دولار، لتحل في المركز الثالث بعد آسيا وأوروبا كأكبر الوجهات المتلقية للاستثمارات الصينية.
وأصبحت الصين أكبر ممول لمشروعات البنية التحتية في أفريقيا متجاوزة مجموع ما يضخه بنك التنمية الأفريقي والاتحاد الأوروبي ومؤسسة التمويل الدولية والبنك الدولي و«مجموعة الثماني».
وتصدرت نيجيريا المركز الثاني بحجم استثمارات صينية بقيمة 49.2 مليار دولار، تليها أنغولا بنحو 24.5 مليار دولار ثم إثيوبيا 23.6 مليار دولار.
وعلى الصعيد التجاري، أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لأفريقيا بدلا من أميركا منذ عام 2009. وارتفعت المعاملات التجارية بين الصين وأفريقيا بأكثر من 170 مليار دولار عام 2017. مقارنة بنحو 6.4 مليار دولار في عام 2000. وبالمقابل خلال الفترة نفسها، ارتفع حجم التجارة بين الولايات المتحدة وأفريقيا بنحو 10 مليارات دولار فقط إلى 42.8 مليار دولار. من ناحية أخرى ارتفاع حجم القروض الصينية بشكل يثير مخاوف أفريقية حيث تمتلك الصين 20 في المائة من الدين الأفريقي.
تحديات
على صعيد آخر، ما زال معدل نمو نصيب الفرد من الدخل القومي في الدول الأفريقية ضعيفا، وفي المقابل فإن معدل نمو السكان سريع بما يشير إلى أنه بحلول 2035 سيكون عدد السكان في سن العمل من 15 إلى 64 في الدول الأفريقية منخفضة الدخل أكبر من مجموع تلك الشريحة في باقى العالم أجمع.
وبحسب دراسات حديثة، تراجعت جودة التعليم في أكثر من نصف الدول الأفريقية خلال السنوات الخمس الماضية. ورغم تحسن مستويات الشفافية وسيادة القانون في بعض الدول الأفريقية فإن دولا أخرى تعاني من تراجع معايير السلامة بسبب الحروب والنزاعات الأهلية وعدم تنفيذ القانون.
ثروات هائلة
وأجمع خبراء الاقتصاد على أن التجارة والاستثمار يمثلان المحور الرئيسي لمواجهة تحديات الصعود الأفريقي مثل البطالة وللحد من الهجرة غير الشرعية. وتشير الإحصاءات إلى ارتفاع عدد سكان أفريقيا من 1.2 مليار نسمة حاليا إلى ملياري نسمة بحلول 2050 ما يعزز مكانتها كواحدة من أكبر أسواق العالم. وتمتلك القارة السمراء مقومات مهمة للنجاح، منها أنها ثاني أكبر قارة في العالم، ونسبة 12.5 في المائة من عدد سكانها في سن العمل، وتمتلك 60 في المائة من الأراضي الخصبة غير المزروعة و50 في المائة من الإنتاج العالمى للبلاتينيوم، والكوبالت، والماس، وعنصر «التنتالوم» الكيميائي، و11 في المائة من الإنتاج العالمي للنفط و6 في المائة من الإنتاج العالمي للغاز الطبيعي و4 في المائة من الإنتاج العالمي للفحم.
حانت لحظة الصعود
وبحسب تقرير لبنك التنمية الأفريقي نمت اقتصادات أفريقيا البالغ عددها 54 اقتصادا بنسبة 3.6 في المائة عام 2017، ويتوقع البنك أن متوسط النمو سوف يتسارع إلى 4.1 في المائة في 2018. في حين أن البنك الدولي يتوقع نمو غانا بنسبة 8.3 في المائة وإثيوبيا بنسبة 8.2 في المائة، والسنغال بنسبة 6.9 في المائة، ما يضع هذه الدول بين الاقتصادات الأسرع نموًا في العالم.
وأشار تقرير البنك إلى تحدٍ آخر يتعلق بتوظيف الموارد الطبيعية، وتحتاج الدول أموالا للاستثمار في البنية التحتية، ورأس المال البشري، وإنشاء الروابط التجارية والرقمية داخل وخارج أفريقيا، ويقدر تقرير بنك التنمية الأفريقي، أن القارة تحتاج نحو 170 مليار دولار سنويًا للاستثمار في البنية التحتية وحدها، وهو ما يزيد على المبلغ المتاح الحالي بـ100 مليار دولار، وتتلقى أفريقيا استثمارات أجنبية مباشرة بنحو 60 مليار دولار سنويًا. ولغلق الفجوة، تحتاج الحكومات الأفريقية جذب المزيد من الأموال، وهذا يتطلب وضع هياكل تنظيمية فعالة تسهل عمليات الاقتراض والسداد طويل الأجل، مع ضمان أن المقرضين لا يستغلون المقترضين مثلما حدث بدءًا من المناطق الريفية في الهند إلى سوق الرهون العقارية الأميركي.