الكويت تبحث عن ذاتها وتواجه تحديات داخلية وإقليمية

الكويت تبحث عن ذاتها وتواجه تحديات داخلية وإقليمية

[caption id="attachment_1345" align="aligncenter" width="620" caption="جيل كويتي جديد يحتفل بالاستقلال والتحرير ويتطلع لمستقبل أفضل"]جيل كويتي جديد يحتفل بالاستقلال والتحرير ويتطلع لمستقبل أفضل[/caption]


منذ استقلالها عن بريطانيا في 1961، تميز تطور الكويت كدولة غنية بالنفط - في واحدة من أكثر المناطق التي تشهد نزاعا في العالم - بسرعة التنمية التي لم يعترضها سوى سلوك جيرانها مثل الغزو العراقي في أغسطس (آب) 1990 والاحتلال الذي استمر لسبعة أشهر بعد ذلك.

ففي العقود التي سبقت الغزو، كانت الكويت تشهد ازدهارا في عائدات النفط، وهو ما انعكس ايجابا على ازدهار ونمو البنية التحتية. وهو ما جذب أيضا العمالة الماهرة ورجال الأعمال من أنحاء المنطقة كافة بما في ذلك المهندس الفلسطيني الشاب محمد ياسر القدوة والمعروف باسم ياسر عرفات. وبعدما صنع لنفسه ولمنظمته الصغيرة (فتح) اسما بزغ نجم عرفات كزعيم غير متنازع عليه لمنظمة التحرير الفلسطينية بداية من أواخر الستينيات وحتى وفاته في 2004.

وباستخدام صلاتهم في الكويت، جمع عرفات وزملاؤه - حيث كان يعيش العديد منهم في مدينة الكويت - التبرعات لمنظمة التحرير الفلسطينية. ومقارنة بدول الخليج الأخرى، كانت الكويت وأهلها كرماء على نحو خاص في تقديم الدعم المالي لعرفات. كما كانت الكويت مؤيدة سياسيا لعرفات ولقضية منظمة التحرير الفلسطينية. وعلى الرغم من صغر حجمها، كانت الكويت قادرة على استخدام ثقلها المالي لتعزيز موقعها السياسي، حيث انحازت الحكومة للزعيم الفلسطيني حتى حرب الخليج الثانية عندما وقف عرفات إلى جانب صدام حسين أثناء استعراضه للوحدات العسكرية التي غزت الكويت في أغسطس (آب) 1990. وبالطبع شعر أهل الكويت بخيانة عرفات لهم وبعدما تم تحرير بلادهم، طردت الحكومة الكويتية على الفور معظم المواطنين الفلسطينيين وعبرت عن شعورها بالمرارة إزاء الوحدة العربية التي كانت تحتفي بها حتى غزتها دولة عربية أخرى.

ونظرا لموقعها بين ثلاث من أكبر الدول في الشرق الأوسط، إيران، والعراق، والمملكة العربية السعودية، لم تبتعد المخاوف بشأن صراعات القوة الإقليمية عن ذهن مدينة الكويت. ولكن مع اقترابنا من الذكرى العشرين للغزو العراقي، فإن أكثر ما يشغل النخبة الكويتية والسكان اليوم يبدو كامنا في النزاعات الداخلية.

سياسة داخلية

مما لا شك فيه أن الصدع السياسي الذي غالبا ما يضع البرلمان المنتخب في مقابل الحكومة، بالإضافة إلى الصدع الاجتماعي، يمثل تحديا حقيقيا تعاني منه الكويت دائما. ومع ذلك، يجب عدم المبالغة في النظر إليه. ففي الوقت نفسه، ونظرا لارتفاع أسعار النفط طوال العقد الماضي، لم يفتقر الاقتصاد الكويتي أبدا إلى النقد على رغم المأزق القاسي - والضار في بعض الأحيان - الذي وجدت الأسرة الحاكمة والبرلمان والحكومة أنفسهم فيه. ويعتقد عدد من المراقبين أن مأزق الكويت السياسي ما زال يعرقل العديد من الإصلاحات الأساسية وتنمية قطاع النفط.

في عام 1963، وبعد عامين من الاستقلال، أجرت الكويت انتخاباتها الوطنية الأولى. ومقارنة ببعض جيرانها العرب، كان ذلك تطورا رائدا على رغم أن الانتخابات لم تكن مفتوحة إلا أمام ذوي الأصل الكويتي الخالص. وحتى يومنا الحالي، وعلى رغم أن كل جيرانها من دول مجلس التعاون الخليجي يشهد إصلاحات سياسية متعددة، ما زالت الكويت في طليعة من مهدوا الطريق.. فعلى سبيل المثال، وفي قمة التوتر الذي مرت به الدول ذات الغالبية السنية بشأن صعود القوة السياسية للشيعة، شهدت انتخابات مايو (أيار) 2009 في الكويت مضاعفة الأقلية الشيعية في البلاد تمثيلها في البرلمان إلى تسعة مقاعد. وفي 2009، ولأول مرة في تاريخ الكويت، تم انتخاب أربع سيدات.
ومن الأمثلة الأخرى، درجة الضغط الذي يسمح أمير الكويت للبرلمان بممارسته على الحكومة والذي يتكون عماده من كبار الأمراء. ففي ديسمبر (كانون الأول) 2009، ولأول مرة في تاريخ الكويت، تعرض رئيس الوزراء، الشيخ ناصر الأحمد الصباح، لمساءلة أعضاء البرلمان على رغم أنه نجا ديمقراطيا من تصويت عدم الثقة.

وعلى الرغم من أن الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي وصل إلى السلطة باعتباره الأمير الخامس عشر في 2006، له سلطة التغلب على رغبات البرلمان لصالح ابن أخيه رئيس الوزراء - وهو ما لم يقم به حتى الآن - فإن الحقيقة هي أن عددا قليلا من الدول في المنطقة لديها هيئات تشريعية قادرة على فرض ذلك القدر من الرقابة.

فقد تم إجراء الاقتراع الأخير على سحب الثقة من الشيخ ناصر في 5 يناير (كانون الثاني) 2011. ومرة أخرى، نجا رئيس الوزراء من اقتراع سحب الثقة. وقد وجه البرلمانيون الانتقادات بعدما قامت قوات الشرطة بالتعدي على عدد من البرلمانيين المعارضين في تجمع عام في 8 ديسمبر. كما قال البرلمانيون المعارضون أيضا إن الشيخ ناصر استخدم قوات الشرطة والأمن لإرهاب خصومه.

وقد أسفرت النزاعات المتكررة بين الأمراء والمشرعين عن حل الأمير للبرلمان خمس مرات منذ تشكيله في 1992. ففي 1999، 2003، 2006، 2008 و2009 دعا الأمير لانتخابات مبكرة بحجة أن البرلمانيين يهددون الأمن القومي للبلاد.. وبينما تحكم أسرة الصباح هيمنتها على الحكومة، تأتي المعارضة التي تواجهها في البرلمان من نواب محافظين إسلاميين ومستقلين ليبراليين. ومع ذلك، فما زال من الملائم أن نصف المشهد السياسي الكويتي باعتباره مشهدا تهيمن عليه الشخصيات، بدلا من القضايا السياسية، حيث إن الروابط بالعشائر والعائلات والدين أثبتت أنها أكثر محورية في الأنشطة البرلمانية أكثر من المنافسة على المخططات السياسية. وفي الوقت نفسه، فإنه في الوقت الذي يتصارع فيه مجلس النواب للموازنة بين المصالح المتناقضة للإسلاميين والقبائل والليبراليين، أصبح الصراع بين الحكومة والهيئة التشريعية غير محتمل.

فمنذ أصبح الشيخ الصباح أميرا في 2006، استقالت خمس حكومات. ومع ذلك، لم يجلب حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة المزيد من التناغم بين الحكومة والبرلمان خلال الخمس سنوات الماضية. وفي ظل استمرار «السياسة المعتادة» التي تهيمن عليها حكومة كان عليها دائما مواجهة محاولات البرلمانيين المستمرة للحصول على المزيد من النفوذ السياسي فيما يعمل البرلمانيون أنفسهم من منطلق المصالح قصيرة المدى، لم يتعرض الاستقرار الداخلي للخطر أو المساومة. ومع ذلك فإن المقاربة قصيرة المدى لصناعة السياسة، والتي كانت دائما ماثلة في الكويت، جاءت على حساب التخطيط والتنمية طويلة المدى.

وفي الوقت الراهن، يهدد المأزق التنفيذي - التشريعي الإصلاحات الاقتصادية التي ينظر إليها باعتبارها ضرورية لمستقبل الكويت على المدى البعيد. فمن جهة، تسعى الحكومة لتنفيذ إجراءات السوق الموجه التي يمكنها أن تجذب الاستثمارات الأجنبية وتؤدي إلى التنوع الاقتصادي والاعتماد الأقل على صادرات البترول فيما تخلق أيضا المزيد من فرص العمل.

ومن جهة أخرى، يبدو أن البرلمانيين المنتخبين، متشككون بشأن الإصلاحات واسعة النطاق ومن الواضح أنهم يرغبون فقط في الحفاظ بقدر الإمكان على الثروات الوفيرة للدولة التي شهدتها الكويت خلال الجيلين الماضيين. وبينما ما زال العديد من البرلمانيين ملتزمين بعرقلة الإصلاح خوفا من غضب دوائرهم الانتخابية في حالة الحاجة إلى تضييق الإنفاق، يقف صندوق النقد الدولي إلى جانب الحكومة.

إنه الاقتصاد

وفقا لصندوق النقد الدولي، تحتاج الكويت لتقليل اعتمادها على عائدات تصدير النفط وتنويع اقتصادها وتقليل القدر المخصص من الميزانية للدعم ورفع ضريبة الدخل. وبعيدا عن المنطق الاقتصادي، ليس هناك شك في أن مواقع البرلمانيين المنتخبين هي التي سوف تتأثر إذا ما تم إجراء إصلاحات كبرى تؤثر على المواطن الكويتي العادي.

وكنتيجة لذلك التناقض السياسي الاقتصادي، فإن الأمر احتاج الى عشر سنوات من الجدال قبل البدء في مبادرات اقتصادية كبرى في فبراير (شباط) 2010. ووفقا لـ«آريبيان بيزينس» سوف توجه الخطة التي تمتد لأربع سنوات نحو 104 مليارات دولار إلى تنمية البنية التحتية التي تخدم في معظمها صناعات النفط والغاز الطبيعي. ويقال إنه يجب البدء بنحو 1100 مشروع كجزء من تلك الخطة مما يجعل خطة 2010 أول خطة كبرى في البلاد منذ 1986.

وقد كتب إدموند أو سوليفان ناشر «ميدل إيست إيكونوميك دايجيست» في ديسمبر 2010 أن «إجمالي استثمارات الكويت في السنوات الخمس المقبلة يمكن أن يقترب من 200 مليار دولار، أكثر من توقعات الكويت للناتج المحلي الإجمالي في 2010». ولكن سوليفان يقر أيضا بأن البرلمان المتغطرس يمكنه أن يضع المزيد من العقبات قبل تنفيذ المشاريع بخاصة في ما يتعلق ببرامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص المثيرة للجدل.

فحقيقة أن المبادرات الكبرى، مثل «مشروع الكويت»، الذي يهدف إلى فتح قطاع الطاقة أمام الشركات الأجنبية، ما زالت لم تفعل، قد أثارت أيضا التساؤلات حول التزام الكويت بصفة عامة تجاه الاستثمارات الأجنبية. ففي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأسرها، تأتي الكويت في المرتبة الثانية قبل الأخيرة - يليها فقط السلطة الفلسطينية - في تأمين رأس المال الأجنبي. ولكي تعزز وضعها على الطاولة، قللت وزارة المالية الكويتية في صيف 2010 من المعدلات الضريبية على الشركات الدولية مما قيمته 55 في المائة إلى نحو 15 في المائة.

وترتبط بعض القضايا الاقتصادية المهمة الأخرى التي تتعرض لجدال مستمر في الكويت بالقطاع العام المتضخم وغير الفعال، وتوفير فرص عمل ومواجهة الفساد. ولا تعد قضية الفساد فقط محرجة ولكنها أحد أسباب الشقاق بين الحكومة والبرلمان. ووفقا لـ«منظمة الشفافية الدولية» انخفض ترتيب الكويت في ما يتعلق بالفساد من الترتيب 35 في 2003 إلى 54 في 2010 على رغم أن أقل ترتيب لها كان في عام 2009، عندما جاءت في الترتيب 66 على القائمة التي تقيم نطاق الفساد في 180 دولة.

وتعد تهمة الفساد محبطة دائما على المستوى السياسي. فقد كان التصويت بسحب الثقة من رئيس الوزراء في ديسمبر 2009 على خلفية تهم بسوء الإدارة المالية في وزارة الداخلية وهو الاقتراع الذي فاز به الشيخ ناصر بـ35 صوتا في مقابل 13 صوتا. وما زال لحملات مناهضة الفساد التي يشنها البرلمانيون شعبية واسعة.

ومن المرجح أن تثير أيضا مشاريع البنية التحتية العملاقة، وهي النوع الذي أقرته الكويت في خطة فبراير (شباط) 2010 والذي يفترض أن يكون المخرج من الركود الاقتصادي في 2008 - 2009، حملات مناهضة الفساد من قبل البرلمانيين. وسوف يثبت الوقت وحده إذا ما كانت خطط التنمية الاقتصادية سوف تتباطأ أو تترنح في معركة مناهضة الفساد.

وبعيدا عن مشكلة الجمود على مستوى صناعة السياسة، وبينما يبلغ إنتاج الدولة، رابع أكبر مصدر للنفط في الأوبك، 2.5 مليون برميل في اليوم، فإن الكويت لا ينقصها النقد. بل تمتعت الدولة بفوائض هائلة في الحساب الجاري منذ 1993. ومع ذلك فهناك ضرورة للتعامل مع مشكلة تذبذب سعر البترول الذي تمت موازنته على نحو ما بالدخل الناجم عن الاستثمارات الدولية الهائلة التي تقوم بها الحكومات الكويتية المتعاقبة منذ السبعينيات. ووفقا للبيانات الصادرة عن المنظمات المالية الدولية، تصل العائدات التي تأتي بها حكومة الكويت من الاستثمارات الأجنبية إلى نحو 20 في المائة من دخل صادرات النفط.

ومع ذلك فإن التغلب على التذبذب في أسعار النفط ضئيل مقارنة بالتحديات الخارجية المهمة التي تواجهها الكويت بخاصة في شكل اثنين من جيرانها المباشرين: وهما إيران والعراق. ففي حالة إيران، ما زالت النخبة الكويتية قلقة للغاية حول السياسات وطموحات الجمهورية الإسلامية. وعلى الرغم من مساعي إقامة روابط قوية، فإن التوتر الكامن في العلاقات الثنائية لا يمكن إنكاره. ومن أحدث الأمثلة على ذلك، مخاوف الكويت بشأن الذراع الإقليمية لطهران التي أسفرت عن حملة اعتقالات مايو (أيار) 2010 للخلية الإيرانية المكونة من سبعة أفراد من بينهم جندي كويتي والتي يقال إنها كانت تقدم معلومات استخباراتية إلى الحرس الثوري الإيراني.

تقف أينما تجلس

كما أن البرنامج النووي الإيراني وإنشاء مفاعل بوشهر في 2010 ما زالا من العوامل التي تثير قلق الكويت بخاصة في ظل احتمالية نشوب نزاع عسكري بين الولايات المتحدة وإيران. وفي حالة مفاعل بوشهر، تعد مخاوف الكويت أكثر وضوحا. فقد كان عنوان صحيفة «الوطن» الكويتية في 6 أكتوبر (تشرين الأول): «الكويت تواجه وضعا كارثيا إذا ما ضرب زلزال مفاعل بوشهر» في إشارة إلى أن الإشعاع المنبعث من المفاعل الذي بناه الروس يمكن أن يدمر الحياة في الكويت.

وفي ما يتعلق بالعلاقات مع العراق، تجلى التوتر مرة أخرى في 10 يناير 2011 عندما قتل ضابط بالبحرية الكويتية في مواجهة مع مجموعة من الصيادين العراقيين في المياه على الحدود الساحلية بين البلدين. وقد تجلت أيضا مشكلة ترسيم الحدود في يوليو (تموز) 2010 عندما قام مندوب العراق الدائم لدى الجامعة العربية، قيس العزاوي، بالإشارة إلى أن بغداد لا تعترف بترسيم الحدود المشتركة على رغم أن كلتا العاصمتين قللتا من أهمية ذلك النزاع لاحقا.

على أي حال، فإن الانقسام العراقي - الكويتي الحالي يتجاوز المشكلات المتعلقة بوضع الحدود ويمكن أن تصبح له عواقب وخيمة تؤثر على استقرار الكويت. فعلى الرغم من ابتهاج الكويت بسقوط نظام صدام حسين في مارس (آذار) 2003، يصعب عليها تقبل حقيقة وصول النخبة الشيعية التي تدعمها إيران للسلطة في بغداد، بخاصة أن حكومة نوري المالكي ينظر إليها دائما باعتبارها ممثلة للمصالح الإيرانية. وبالنسبة للمخاوف المتعلقة بإيران، هناك أيضا بعض المخاوف المتعلقة بالتطورات في العراق ولا يوجد منها ما هو أكثر تأثيرا على الكويت من مفهوم انتقال الطائفية من العراق.

فالأقلية الشيعية في الكويت ليست أقلية مقموعة فهي تشارك في كل مناحي الحياة من السياسة إلى الهيئات الاقتصادية الكبرى في البلاد. ومع ذلك فليس هناك شك في أن صعود السلطة السياسية في العراق بالإضافة إلى وجود بعض التوترات السنية الشيعة أثر على وضع الشيعة في الكويت.

فعندما حذر محمد باقر المهري وكيل المرجعيات الشيعية في الكويت في يونيو (حزيران) 2005 من حرمان الشيعة بعدما لم يتم انتخاب أي من المرشحين الشيعة في الانتخابات التي أجريت بذلك الشهر، سرعان ما عينت الحكومة شيعيا في المجلس. وبعدما حذر المهري وقبلت أسرة الصباح المالكي، أثار ذلك قضية تتعلق بالوحدة الوطنية في الوقت الذي يشهد فيه المجتمع الشيعي السني انقسامات في العراق، وفي كل مكان آخر في المنطقة مثل لبنان.

ومع ذلك، لا تتعلق كبرى الانقسامات الكويتية بالانقسامات الشيعية السنية ولكنها تتعلق بالاختلافات في الرؤية العالمية بين الإسلاميين والعلمانيين. فكما حدث في سبتمبر (أيلول) 2009، وعد البرلمانيون الإسلاميون بانتقاد رئيس الوزراء ما لم يتحرك ضد تزايد عدد المؤسسات الترفيهية والملاهي الليلية.

ومن الأمثلة الأخرى على ذلك الصدع الثقافي ما أثير من جدل بشأن الخطط المستقبلية للدولة الخاصة بالمناهج التعليمية. وعندما سعت الحكومة لإصلاح المناهج المختلفة بهدف الحد من المواد التي قد تدفع للتعصب بين الشباب، ثار البرلمانيون الإسلاميون وحذروا من انهيار القيم التقليدية الكويتية. وأخذا في الاعتبار تلك المشكلات، يصبح لقضية تعزيز التناغم الداخلي، في ظل ضرورة الإصلاح في المجالين السياسي والاقتصادي، أهمية قصوى في الكويت.

النظر للأمام

على رغم التباطؤ في 2008 - 2009، ما زال وضع الاقتصاد الكلي في الكويت يقف على أرض صلبة. فعندما دعت الحاجة، كانت الحكومة قادرة على ضخ النقد ببساطة إلى الاقتصاد للحد من الأزمة. وعندما وصلت الأزمة المالية العالمية في سبتمبر إلى الكويت، أعلنت الحكومة عن خطة حفز قيمتها 5.2 مليار دولار في أبريل (نيسان) 2009. وكان ذلك عندما اتفقت كل من الحكومة الكويتية والبرلمان على الحاجة الملحة لتمرير التشريع.

واليوم، يرى معظم المراقبين للاقتصاد الكويتي أن العديد من التحديات التي تواجهها الدولة تكمن في الافتقار إلى رؤية متماسكة ومتفق عليها بين الأحزاب المختلفة حول المستقبل. ومقارنة بحجمها، لا تفتقر الدولة للقوة المالية ويرجع الفضل في ذلك إلى تدفق دخل النفط الذي من المتوقع أن يدوم على الأقل لقرن آخر.

وعلى الرغم من أنه لا يجب تجاهل المخاوف الكويتية بشأن التطورات في إيران أو العراق، فإن الحقيقة هي أن الأمن في البلاد ما زالت تضمنه بعض القوى الإقليمية والدولية. وأن قيمة الكويت كشريك استراتيجي للولايات المتحدة. ويعد قرار الولايات المتحدة بإعطاء الكويت وضع الحليف الكبير من الدول خارج حلف شمال الأطلسي في 2004 انعكاسا لالتزام أميركا نحو الكويت وللفوائد المشتركة من التفاهم الاستراتيجي.

وسوف يظهر الوقت وحده إذا ما كان الكويتيون سوف يكونون قادرين على الاستفادة من تلك المظلة الأمنية المهمة أثناء اختيارهم لمسار البلاد في المستقبل.

أليكس فاتانكا - أحد كبار الباحثين في معهد الشرق الأوسط بواشنطن العاصمة
font change