محمود الناكوع: القذافي خلّف الفوضى وليبيا ستبنى من الصفر

محمود الناكوع: القذافي خلّف الفوضى وليبيا ستبنى من الصفر

[caption id="attachment_55228361" align="aligncenter" width="610" caption="السفير الليبي لدى بريطانيا محمود الناكوع"]السفير الليبي لدى بريطانيا محمود الناكوع[/caption]


ساعات بعد مقتل، أو قتل، العقيد معمر القذافي في مدينة سرت على يد الثوار تمكنت "المجلة" من إجراء لقاء مع السفير الليبي في لندن محمود الناكوع على الرغم من انشغاله الشديد بالأحداث في ليبيا في يوم تاريخي شهد نهاية حقبة من تاريخ ليبيا ونهاية مأساوية لرجل حكم بلاده بالحديد والنار لأكثر من 4 عقود. وفي ما يلي نص الحوار:

* .. وأخيرا صرع العقيد! كيف تقرأ هذا الحدث؟
ـ الحمد لله الذي مكننا من معاصرة هذه الأيام، وهذه النهاية، التي كنا ننتظرها منذ زمان ونحلم بها. كان هذا الحلم بعيدا، ولكنه تحقق بمشيئة الله. إنها حركة التاريخ والاجتماع في المنطقة وليبيا جزء منها.

* ولكن ما هي تداعيات هذا الحدث، بالأحرى ما هي الخطوة القادمة؟
ـ الخطوة القادمة، هي الاستعداد لبناء ليبيا الجديدة.. دولة ديقراطية، تحترم حقوق الإنسان وتقوم فيها صحافة حرة وتكون فيها دولة القانون والقضاء المستقل، وينعم الناس فيها بثروتهم التي وظفت في غير محلّها، طيلة تلك الحقبة التالفة، وتستفيد منها الناس في القطاعات كافة من مدارس ومستشفيات، وفي مختلف الخدمات.
لا شك أن التحديات ستكون كبيرة، لأن ليبيا ستبنى من الصفر، فالقذافي لم يترك مؤسسة ولا قانونا ولا نظاما، ولكنه ترك الفوضى سائدة في كل مكان.
وعلى الرغم من هذا فإن الإنسان في هذا البلد مازال يحمل كثيرا من القيم. وهذه القيم قد رأيناها في معركة التحرير الكبرى، ورأينا كيف أن الناس استطاعت أن تحقق الأمن والسلام في مدنها، من دون شرطة ومن دون إدارة.
ونأمل أن تكون المرحلة القادمة مرحلة توافق بين الناس، بما فيها كل الاتجاهات، والتنظيمات الحزبية، حتى نجتاز المرحلة الانتقالية التي ستمر بها البلاد بسلام وهي ربما تستغرق نحو عامين لكي نتمكن من وضع الدستور، وانتخاب مجلس وطني بطريقة شفافة وانتخاب رئيس للبلاد. نأمل فعلا أن تمرّ هذه المرحلة بسلام وفي استقرار.

أوهام الطوارق



* لكن يقال إن هناك مشكلة في الجنوب.. رفع أعلام لا علاقة لها بليبيا، كيف تفسر هذا؟
ـ ربما تكون هذه أمرها معلّق بمصير القذافي.

* هذه حقيقة.. هناك أعلام تشادية وغيرها مرفوعة في الجنوب
ـ ربما، ربما يكون هناك بعض الطوارق الذين كانوا مستفيدين، ويعيشون على أوهام القذافي. وهم أيضا يعيشون في وهم وأن القذافي لم يقتل، وأنه زعيم وحيد في قوته وقدراته. لأنه كان يسخو عليهم بالأموال التي لم يكونوا ليحلموا بها لولاه. فهم يعيشون في وهم. وهذا الوهم انتهى اليوم.


[caption id="attachment_55228364" align="alignleft" width="219" caption="ليبية تحتفل أمام سفارة بلدها في لندن بعد الاعلان عن مقتل القذافي"]ليبية تحتفل أمام سفارة بلدها في لندن بعد الاعلان عن مقتل القذافي[/caption]

ـ ألا تعتقد أن نهاية هذا الرجل اصطحبت معها تداعيات، من شأنها أن تؤجج التوترات القبلية، وتؤدي مستقبلا إلى عدم استقرار البلد. فقضية حمل جثته إلى مصراتة كان ينبغي ألا تكون، لأنه سيولد عداءات مستقبلية وسيؤدي إلى عدم الاستقرار في البلد، وبخاصة عندما يغيب الاطلسي؟
- لا. لا.. هذا كلام لا أساس له من الصحة. وكثير من الناس كانوا يتحدثون عن حرب أهلية وصراعات، ولم يحدث هذا. وتحدثوا أن ليبيا ربما تتحول إلى صومال أخرى، ولكن هذا لم يحدث. والإجابيات كثيرة جدا، ورأيت أنت الناس كيف كانت مسلحة في طرابلس وفي بنغازي وغيرهما، وإلى الآن لم تطلق رصاصة من ثوري ضد آخر. ولكن الرصلص كان يطلق على الطابور الخامس وبعض الجيوب التي ما زالت تحن إلى عصر القذافي ربما جهلا أو غفلا أو طمعا. وكل الأمور إلى حد الآن جيدة، والمدن مستقرة، والأمن متوفر، وهذا يدل على أن هناك وعيا جيدا بين الناس، وأنهم استفادوا من المرحلة الماضية، والناس تنظر، إلى الدماء التي سالت، حوالي 40 ألفا من الشهداء، ولا يمكن أن تنسى هذه الدماء.

* هل ترى أن القبض على القذافي حيا كان أفضل من قتله؟
ـ المهم أن القذافي قد انتهى الآن. لا أستطيع أن أتنبأ وأخمّن. إنها مرحلة وانتهت. وتاريخه الأسود انتهى. المهم أن يضع الشعب الليبي هذه المرحلة وراءه. وينظر إلى المستقبل، ومنذ الليلة أو منذ غد سيعلن عن التحرير الكامل، والبدء في وضع معالم المرحلة الانتقالية، ضمن مرحلة الاستقرار.

* أين البقية من رجالات نظام القذافي؟ أحمد إبراهيم، عبدالله منصور وغيرهما.. سمعنا أن أبا بكر يونس جابر قتل هو الآخر؟
ـ نعم قتل أبوبكر يونس وابنه، وأبو بكر من الأتباع وهو لا يتمتع بأي ذكاء، وكان ظلا للقذافي، وينفذ كلام القذافي، وقد انتهى مع القذافي.

* وماذا عن عبدالله السنوسي؟
ـ إلى الآن ليست هناك معلومات عن عبدالله السنوسي، والمعلومات التي لدي تؤكد مقتل سيف الإسلام والمعتصم.

* وأين المنظر.. منظر الكتاب الأخضر أحمد إبراهيم والبقية؟
ـ أحمد إبراهيم يقال إنه اعتقل. هكذا وردتنا المعلومات الأولية.

* هل نستطيع أن نقول إنه بانتهاء القذافي انتهى هؤلاء، وحتى فلوله سيلقون أسلحتهم؟
ـ بكل تأكيد.. فمؤسس الجماهيرية هو الذي كان يصول ويجول، وكان الصوت الوحيد، والكتاب الوحيد. والقائد الوحيد.

* والأديب الوحيد!
ـ نعم. وهؤلاء كانوا يعيشون في ظله ومستفيدين منه، وغارقين في الفساد وفي البذخ والمال الحرام وكانوا غارقين في الثروة، بسبب التصاقهم بالقذافي. واليوم انتهى القذافي وسوف ينتهون جميعا معه.

الجيش الليبي



* كيف ترسم صورة ليبيا المستقبلية؟ كيف ترى ليبيا في المستقبل القريب؟
ـ سنسعى إلى بناء ليبيا الجديدة، وهناك خارطة طريق، وسيعلن عن تشكيل حكومة انتقالية تكون موسّعة، وفيها عدد من الشباب ومن السيدات، وسنبدأ في الإعداد لوضع دستور، وسيبدأ في الترتيبات لانتخاب مجلس وطني، ثم انتخاب رئيس للبلاد.
هذه المرحلة مهمة جدا لأن فيها ستشكل أسس المستقبل. ولا شك أنه ستكون هناك تحديات كثيرة، ومناقشات وجدل كبير حول الدستور، حول أداء الحكومة والمجلس الوطني. ولا شك أننا نأمل ونحن متفائلون، على الرغم من كل الصعوبات، أن هذا سينتقل بليبيا من مرحلة الفوضى والمحسوبية وغياب القانون إلى مرحلة جديدة، إن شاء الله ـ تكون واعدة بالخير والانتصار.

* ولكن كيف نستطيع أن نضبط الثوار ونقلل من الأسلحة الثقيلة ونفرض الأمن؟
ـ إن نهاية القذافي ومعاونيه ستساعد على إقناع الثوار، بأنه حان الوقت لأن ينسحبوا من المدن وأن تسحب الاسلحة الثقيلة. ولكن هذا ربما يأخذ بعض الوقت حتى يتأكدون من أن الجيب والطابور الخامس لا وجود لهما، لأنه قد يكون هناك بعض الناس الموالين للقذافي وقد يقومون بأي عمل تخريبي، ولكن أعتقد بأن العقول مهيأة، لأن تسلم المدن لرجال الأمن ويبدأ في تأسيس الجيش الليبي، ومن يرغب في العمل العسكري ينظم إلى الجيش الليبي، ومن لا يريد ذلك يرجع إلى مكانه وينخرط في الحياة المدنية، وستكون هناك مرحلة ونشاط لما نسميه المرحلة الوطنية. وكما تعلم أن القذافي قد ترك جروحا اجتماعية ونفسية كثيرة، وهناك بعض الحساسيات، وكل هذه تحتاج إلى ثقافة المصالحة. والحمد لله أن ما في ديننا وثقافتنا ما يشجع على أن ترتقي الناس إلى مستوى المسؤولية والتسامح والعفو وتترفع وتتجاوز عن الكثير من المشاكل النفسية، وما جرى في عهد القذافي.
كل هذه موضوعة في أذهان الناس، وفي نشاطهم اليومي وفي الإعلام، ونأمل أن نتجاوز كل الصعوبات لبناء ليبيا الجديدة دولة دستورية قانونية ديمقراطية.

حوار: عبدالجليل الساعدي
font change