[caption id="attachment_55227241" align="aligncenter" width="620" caption="العصر الصيني"][/caption]
يسيطر الخوف من الصين على عدد كبير من الاميركيين، فلا يكاد القارئ يطالع جريدة او يستمع الى برنامج اذاعي او يشاهد حلقة تلفزيونية من دون ان يلاحظ القلق الاميركي من امكانية ان تصبح الصين صاحبة اكبر اقتصاد في العالم. اليوم، مازال الاقتصاد الاميركي هو الاكبر عالميا اذ يبلغ حجم الناتج المحلي السنوي حوالي 15 ترليون دولار، فيما تأتي الصين في المرتبة الثانية باقتصاد يبلغ قرابة 10 ترليون.
في تقرير شامل عن الاقتصاد العالمي، هذا الاسبوع، توقعت مجلة الايكونوميست ان يصبح الاقتصاد الصيني اكبر من نظيره الاميركي مع حلول العام 2020، وهو ما يثير القلق لدى الاميركيين، اذ من شأن التفوق الاقتصادي الصيني ان ينعكس تفوقا عسكريا وسياسيا. وجاء قرار واشنطن ادخال تحديثات على سرب طائرات ف – 16 المقاتلة، الاميركية الصنع التي تملكها تايوان، بدلا من الموافقة على شراء تايبيه لسرب احدث، ليلقي بالمزيد من الشك على بدء التراجع الاميركي في وجه الضغوط الصينية.
وكتب الباحث روبرت كابلان في صحيفة واشنطن بوست ان الصين تعمل بهدوء على الالتفاف حول تايوان ومحاصرتها حتى تتمكن تلقائيا من ضمها. واعتبر كابلان ان واشنطن اليوم صارت تدرك ضعفها، "لذا عمدت الى نصب اشرعتها في وجهة ملائمة لوجهة رياح القوة العسكرية الصينية الصاعدة".
[caption id="attachment_55227242" align="alignleft" width="300" caption="لمن تكون الغلبة.. للدولار أم لليوان"][/caption]
بيد ان تفوق الصين على الولايات المتحدة اقتصاديا لم يصبح حتميا بعد، اذ ان ابرز عناصر قوة الصين تعتمد على اليد العاملة الرخصية التي تقوم عليها الصناعات الصينية التي تباع في ارجاء المعمورة كافة. لكن ارقام النمو السكاني الصيني تشير الى انه سيصل اقصاه في العام 2013، وانه سيبدأ بالتراجع بعد ذلك وستعاني الصين من مشكلة تواجهها اوروبا منذ فترة، وهي شيخوخة السكان، او شيخوخة اليد العاملة المنتجة، وتحول اكثرية المجتمع الى مجتمع متقاعدين يعيشون على نفقة صناديق التعاضد الاجتماعية.
عندما تنضب اليد العاملة الرخيصة في الصين، تصبح بكين مجبرة على تحويل صناعاتها من الكمية الى النوعية، اي الاختراعات، وهذه بدورها تحتاج الى جامعات من الطراز العالمي، والاخيرة تحتاج الى حكم القانون ومتانة مؤسسات الدولة واستقلالية الاكاديميين، اذ يندر ان يتواجد باحثون في الدول البوليسية التي تمنع الحريات الفكرية.
في نفس الوقت، من غير المتوقع ان تعاني الولايات المتحدة من شيخوخة مشابهة للصين، صاحبة سياسة الولد الواحد في كل عائلة. كذلك، تتمتع الولايات المتحدة بعدد هائل من الجامعات من الطراز الممتاز، وتمنحهم حرية التفكير العلمي والادبي، وهم يمنحوها اختراعات حديثة تؤدي الى تطوير المنتوجات الاميركية وابقائها اكثر تنافسية من نظيراتها حول العالم.
ولكن، الى ان تتوقف الصين عن الصعود وتعود اميركا الى سابق عهدها، سيبقى شبح الصين يطارد القوة الاميركية، وسيبقى الاميركيون منهمكون في محاولة تفادي تحولهم من قوة عظمة الى دولة اقليمية، وهو خوف سبق ان اختبروه في الثمانينات ابان صعود اليابان الصناعي والاقتصادي، ولكنه خوف اثبت عدم جدواه في ما بعد.
للتسجيل في النشرة البريدية الاسبوعية
احصل على أفضل ما تقدمه "المجلة" مباشرة الى بريدك.