الحزب الشيوعي العراقي يشكو "البؤس الديمقراطي"

الحزب الشيوعي العراقي يشكو "البؤس الديمقراطي"

[escenic_image id="55221902"]

وفيما يلي نص الحوار:

 

«المجلة»: كيف تنظر إلى خارطة تشكيل الحكومة المقبلة في العراق وهل تمت مفاتحتكم للمشاركة فيها على رغم خسارتكم الانتخابات؟

- كل ما يجري هو مجرد تسريبات.. نسمع عبر أجهزة الإعلام أن هناك نية لمشاركتنا في الحكومة، لكننا من الناحية العملية لم نتفق مع أحد، ولم يفاتحنا أحد حتى هذه اللحظة. هم يتكلمون بلغة التفاؤل وقناعتي أنه يوجد قرار جاهز لدى المالكي بتشكيل حكومة غالبية سياسية لكنها (مطورة) إذا صح التعبير بحيث تبدو مستوعبة للمكون السني في حال عدم مشاركة القائمة العراقية لأي سبب من الأسباب. وإن كانت المؤشرات تدفع باتجاه مشاركة «العراقية» كلا أو جزءًا.

 

«المجلة»: كيف تنظر إلى ما يجري؟

- الحقيقة هناك فهم متباين لكل طرف عن الطرف الآخر، وفي المحصلة النهائية فإننا نعيش سباقا بين الكتل الكبيرة من أجل الفوز بأكبر حصة من كعكة السلطة بأقل تكلفة وفي أسرع وقت، وهو ما يؤذي مبدأ التوافق والحوار والتنازلات المتبادلة.

 

«المجلة»: أنتم أقدم حزب عراقي وتمثلون الآن التيار الليبرالي أو العلماني في العراق.. هل هذا التيار هزم مثلما حصل في الانتخابات الأخيرة أم أنه في حال مراجعة؟

- أنا أطلق عليه التيار الديمقراطي الذي يجمع الليبراليين والعلمانيين وغيرهم من القوى المؤمنة بالمجتمع المدني. ونحن الآن في حال مراجعة وتقييم للسنوات السبع الماضية. نحن شركاء في العملية السياسية وشركاء في المعارضة، وتعاونا مع الجميع من أجل إنقاذ البلاد، ومن ثم إنهاء الاحتلال. لكن للأسف الشديد أستطيع القول إننا لم ننجز ما يمكن الافتخار به مما وعدنا به الناس. لقد أسقطنا النظام السابق ووعدناهم ببديل ديمقراطي. لكن لما وصلنا إلى الخواتيم تباحثنا مع الإخوان في القوى والأحزاب والكتل الأخرى.. هل أنتم مقتنعون بما يجري أم أننا بحاجة إلى المراجعة؟

 

«المجلة»: ما هو المقصود بفكرة المراجعة؟

- لقد حصل كثير مما يستوجب المراجعة الجادة.. المحاصصة الطائفية والإثنية، الميليشيات، التخلف الاقتصادي، الفساد المالي والبؤس الإداري. كل هذه الملفات تحتاج إلى وقفة ونمط تفكير جديد.. المشكلة أنه من الناحية النظرية الجميع يؤمن بذلك ولكن عند التطبيق الأمور تختلف.

 

«المجلة»: يعني لم تكن هناك استجابة بما يكفي؟

- على سبيل المثال اقترحنا تشكيل تحالف وطني واسع من كل القوى المساهمة في العملية السياسية، بحيث يكون عابرا للطوائف والقوميات في قائمة واحدة للمشاركة في الانتخابات. ولكنهم لم يقبلوا بذلك ومن ثم بدأ التلاعب بقانون الانتخابات، وكان في الواقع أبرز مظاهر التراجع عن الديمقراطية. هناك من يعتقد للأسف أن الديمقراطية هي حكم الغالبية العددية بسبب قانون الانتخابات. بينما نحن حزب وطني عراقي وبالتالي لا يمكننا جمع ما يكفي من أصوات طبقا لهذا القانون. ولو كنا دخلنا في قوائمهم لحصلنا على أكثر من 7 مقاعد، لكننا كنا سنخسر المفهوم الذي نؤمن به للديمقراطية. لقد حصل نوع من السلب والنهب (الفرهود) في الانتخابات والتعديل جاء مخالفا للأعراف الديمقراطية. وقد رفض خبراء الأمم المتحدة ذلك، لكن ممثلي الأمم المتحدة في بغداد، وبتواطؤ مع قوى سياسية، وافقوا على ما رفضه خبراؤهم.

 

«المجلة»: الآن تخوضون صراعا بدأ يتصاعد مع الاتجاهات الإسلامية في العراق.. كيف تنظر إلى هذا الصراع وهل أنتم مستعدون له؟

- أنت تعرف أن المعسكر الإسلامي ليس معسكرا كونكريتيا موحدا.. هناك إسلام وسطي ومعتدل وإسلام متطرف. نحن تعاملنا مع القوى التي ناضلت ضد الدكتاتورية من أجل عراق ديمقراطي. نظريتنا وفكرنا لا تستثني أية قوى وطنية من التحالف. ومن هذا المنطلق تعاونا مع الجميع وتحالفنا مع الجميع. لكن بعض القوى تنكرت أو خضعت لابتزاز المتطرفين والمتشددين. ومن هنا أؤكد أننا لسنا من يعتقد أن تحالفنا مع الإسلاميين كان خاطئا، بل كان ولا يزال ضروريا من أجل حياة آمنة ومستقرة للشعب العراقي. هذه الأهداف لا تزال قائمة. أما الخلافات الآيديولوجية فهي باقية لكن ما نحتاجه هو أجواء هادئة للحوار والتفاهم.

 

«المجلة»: ما نلاحظه الآن أن ملف الحريات في العراق بات في خطر وما نشاهده من لافتات وشعارات ضدكم في الشوارع من قبل الإسلاميين مؤشر على هذا التراجع.. هل أنتم مستعدون للمواجهة؟

- كثير من الإجراءات والممارسات التي تجري الآن في الشارع، مخالفة للدستور العراقي، كما أنها ضد تقاليد الشعب العراقي الأصيلة. إن ما يجري الآن ليس وليد ما حصل بشأن غلق نادي اتحاد الأدباء والكتاب، بل بدأ منذ فترة وبالتحديد منذ إلغاء سيرك البصرة وإلغاء مهرجان بابل، بدعوى وجود فقرات للغناء والموسيقى، ومن ثم الآن اتحاد الأدباء والكتاب. الموقف بالتأكيد لا يرضي الشيوعيين. ولكنني أؤكد لك أن الشيوعيين ليسوا الجهة الوحيدة الرافضة لهذه الممارسات. بل هناك إسلاميون معتدلون ضد مثل هذه الممارسات. المشكلة أن هناك من يلجأ للإرهاب الفكري والتشويه والتشهير والعودة إلى قرارات الأنظمة السابقة. ثم هناك من يحاول اختزال هذه القضية بالخمر وعلب الليل وبيع الخمور وكأنما نحن من أنصار الفوضى.. هذا أمر معيب، هذا ليس نقاشا.

 

«المجلة»: إذن كيف تنظرون إلى مستقبل العراق في ظل تطور هذه الهجمة وفي ظل قدرة الإسلاميين على تحريك الشارع ضدكم؟

- أتصور أن هذا الذي يجري الآن إنما يخفي مسعى للالتفاف على مشكلات المجتمع الحقيقية. العراقيون الآن يعانون من الفقر والعوز والفساد والمخدرات والجريمة المنظمة وقلة الخدمات من ماء وكهرباء وبلديات وتعليم وصحة وغيرها. وبدلا من أن تسخر الجهود لمحاربة مثل هذه الأمور وإيجاد حلول عاجلة لمثل هذه المشكلات فإن هؤلاء وبسبب فشلهم يعملون على تصدير أزماتهم للديمقراطيين والليبراليين والعلمانيين.

 

* أجرى الحوار من بغداد: حمزة مصطفى .

font change