«ويكيليكس» تكشف المستور

«ويكيليكس» تكشف المستور

[escenic_image id="55206546"]

في شهري يوليو (تموز) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، نشرت كل من «التايمز» و«الغارديان» و«دير شبيغل» مقالات تعتمد على وثائق سرية عن أفغانستان والعراق.

الأحد الماضي، تم نشر مجموعة ثالثة من الوثائق، ولكنها في هذه المرة ذات صبغة دبلوماسية، أكثر من كونها عسكرية. ويزعم حصول موقع «ويكيليكس»، الذي يقوم بالتبليغ عن المخالفات الحكومية وكشف كل الانتهاكات التي تمسّ حقوق الإنسان ونشرها، على الوثائق من ديفيد ماننغ، وهو محلل استخباراتي ذو رتبة صغيرة في الجيش الأميركي.

وتأتي الوثائق البالغ عددها 250.000 وثيقة من أرشيف إلكتروني، يحمل اسم شبكة جهاز توجيه بروتوكول الإنترنت السرية، التي أنشأتها الحكومة الأميركية. وكان الغرض من هذا الأرشيف هو إطلاع جميع الهيئات الحكومية على البيانات بصورة أوتوماتيكية. وبذلك، ترجع معظم المعلومات إلى الأعوام الثلاثة أو الخمسة الماضية، مما يقدم للعالم فرصة للحصول على معلومات ذات حساسية تؤثر على الإدارة الأميركية الحالية.

ويفسر ذلك سبب إعلان الحكومة الأميركية إدانتها بشدة، وقد ذكر وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أن هذا الكشف يعرّض للخطر «دبلوماسيين واستخباراتيين وأفرادا حول العالم، يأتون إلى الولايات المتحدة لتعزيز الديمقراطية وانفتاح الحكومات». ولكن من المثير للاهتمام أن إدارة أوباما تلقت بالفعل تحذيرات من هذا الكشف منذ شهور، وفقا لـ«نيويورك تايمز»، ودعيت لإيقاف نشر تلك الوثائق التي تشكل ضررا بالمصالح القومية.

وبذلك، يبدو أن تصريح غيتس حيلة دعائية أكثر من كونه رد فعل سببه الصدمة والغضب. وتصنف كثير من الوثائق على أنها غير محظور الاطلاع عليها، ولا تصنف أي منها بأنها «سرية للغاية»، بينما وضع على بعضها تصنيف «سري» و/أو «يحظر إطلاع حكومات أجنبية عليها». ولا يوجد شك في الإحراج الذي يسببه نشر هذه المعلومات لمسؤولين حول العالم.

تقدم المراسلات الدبلوماسية الأميركية الخاصة نافذة غير مسبوقة على الصفقات السرية والآراء غير الإيجابية عن زعماء أجانب، وتقييمات قوية للتهديدات النووية والإرهابية. وتتنوع الوثائق من قضايا ذات حساسية مثل المزاعم بدعوة السعودية لشن هجوم أميركي على إيران، الأمر الذي نفته الرياض جملة وتفصيلا مؤكدة أن سياستها ومواقفها واضحة ومعروفة، إلى حديث دبلوماسي يتعلق بعلاقات وثيقة خاصة بين بوتين رئيس الوزراء الروسي وبرلسكوني رئيس وزراء إيطاليا.

ولكن نظرا لأن فرصة الاطلاع على جميع هذه المعلومات كانت متاحة لثلاثة ملايين شخص في مختلف الهيئات الحكومية الأميركية، لا يبدو أن المشكلة الحقيقية هنا هي الأمن القومي. لقد أصبح المزيد من المعلومات الخاصة بتزويد سورية لحزب الله بالصواريخ أو فساد الحكومة الأفغانية متاحا للعامة. ولكن الأمر الجدير بالملاحظة في الكشف عنه، على سبيل المثال، كذب مسؤولين يمنيين على الإدارة الأمريكية، أو تجسس دبلوماسيين أميركيين على قيادة الأمم المتحدة، إنها السهولة التي يقول فيها المسؤولون شيئا ما بينما يفعلون شيئا آخر. في الواقع، يثير الإفراج عن الوثائق أسئلة صعبة تتعلق بدور الحكومة ومسؤوليتها أمام مواطنيها. وتوجد حقيقة بديهية قديمة تشير إلى أن المعرفة قوة. وما تعلمنا إياه هذه الواقعة هو أنه مع تلاشي الحدود بسبب شبكة الإنترنت، تتزايد صعوبة احتكار الحكومات للقوة.

 

* فيما يلي مقتطفات مختارة من الوثائق المسربة على موقع «ويكيليكس» يوم الأحد الماضي:  2 يونيو (حزيران) 2009، السفارة الأميركية في تل أبيب:

وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، ووفد الكونغرس الأميركي الزائر..  «تساءل باراك عن كيف يمكن أن تفسر القيادة الإيرانية عدم وجود رد فعل صارم على كوريا الشمالية، متكهنا بأن حكومة الولايات المتحدة قد تعتبر «نمرا من ورق». 8 - (ج) في الاجتماعين، قال باراك «لا يجب سحب أي من الخيارات المتاحة» في مواجهة إيران وكوريا الشمالية، وقال إن التفاوض سيتم فقط بالتوازي مع وجود خيار عسكري موثوق به».

 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2009، السفارة الأميركية في كابل: مقابلة مع أحمد والي كرزاي، رئيس المجلس المحلي في قندهار، وشقيق حميد كرزاي..  «في إجابة على سؤال من ممثل كندا في قندهار وكبير الممثلين المدنيين، عن مصداقية الانتخابات، قال أحمد والي كرزاي (الأخ غير الشقيق لحميد كرزاي) إن الديمقراطية شأن جديد بالنسبة لأفغانستان، ولا يستوعب الناس في المنطقة فكرة وجود انتخابات واحدة، ناهيك عن اثنتين. وقال: (لا يحب الناس التغيير. يعتقدون أنه طالما كان الرئيس حيا، فكل شيء على ما يرام. لماذا نحتاج إلى الانتخابات إذن؟) (...) وتؤكد مقابلة أحمد والي كرزاي على أحد أهم التحديات التي تواجهنا في أفغانستان: كيفية محاربة الفساد وتواصل الشعب مع الحكومة، عندما يكون مسؤولو الحكومة الرئيسيون أنفسهم فاسدين».

 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 2009، السفارة الأميركية في المنامة: الجنرال ديفيد بترايوس وملك البحرين   «أشار الملك حمد (ملك البحرين) إلى إيران كمصدر لكثير من المشكلات في كل من العراق وأفغانستان. وحثّ بشدة على اتخاذ إجراء من أجل وقف برنامجها النووي، أيا كانت الوسيلة اللازمة. وقال: (يجب وقف ذلك البرنامج، إن خطر السماح باستمراره أكبر من خطر إيقافه)».

font change