سفير المالكي للمهمات السرية: كل الأطراف الإقليمية جزء من مشكلة العراق وليست جزءا من الحل

سفير المالكي للمهمات السرية: كل الأطراف الإقليمية جزء من مشكلة العراق وليست جزءا من الحل

[escenic_image id="55177601"]

بغداد: «المجلة»

 

اعتبر القيادي في ائتلاف دولة القانون عزة الشابندر أنه على الرغم من كل ما يحاك الآن ضد رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي من محاولات لإبعاده عن الترشح لرئاسة الوزراء فإنه الأوفر حظا من بين خصومه. وقال في حوار مع «المجلة» إن الأزمة الحكومية في العراق وعلى الرغم من استغراقها وقتا طويلا فقد شارفت على الانتهاء وربما تشهد الأيام المقبلة نهاية لهذا المارثون الطويل.. وفيما يلي نص الحوار:

 

«المجلة»: في كل حوار مع مسؤول عراقي فإن السؤال المطروح: متى يمكن أن يكون ثمة انفراج في أزمة تشكيل الحكومة المقبلة في العراق ولماذا استغرقت العملية كل هذا الوقت الطويل؟

- نبدأ من حيث انتهى السؤال، استغرقت العملية كل هذا الوقت لأن الانتخابات كانت مباشرة وبقائمة مفتوحة وليست كسابقاتها التي جاءت بقائمة مغلقة. وهذا كله في إطار الديمقراطية الجديدة والوليدة في العراق وهو أمر لا يمكن أن يحصل في البلدان التي تكون فيها الديمقراطية عميقة وجزءا من الحياة السياسية والثقافية. بالنسبة لنا في العراق المشكلة ليست في التأخير بحد ذاته. المشكلة تكمن في أن الثقافة الديمقراطية لا تتحمل هذا الشكل أو القدر من التأخير. وبالتالي فإننا نرى أنه لا ضير من التأخير إذا كانت نتائج هذه التجربة الجديدة تولد وهي مصقولة صقلا جيدا. لقد كتبنا الدستور على عجل.. انتخبنا حكومة في مجلس الحكم على عجل.. دخلنا الانتخابات في 2005 بقائمة مغلقة على عجل. ما هو المانع أن نتريث الآن ونبلغ كل ما في وسعنا من أجل أن تولد حكومة رصينة بعيدة عن كل نقاط الضعف سواء كانت طائفية أو إثنية أو تتعلق بالكفاءة والنزاهة.

 

 «المجلة»: هل بوسعنا القول إن الموعد النهائي لتشكيل هذه الحكومة لم يعد بعيدا؟

- نعم.. أتوقع أن الحكومة ستولد قريبا والفرقاء استنفدوا كل جهدهم في الحوار والنقاش. كل فريق وكل طرف بلغ سقفه النهائي في المطالب والتحدي وأدرك أنه لا الزمن ولا الناس ترحمه. أدركوا جميعا هذا الموضوع وبدا أن الوقت هو الضاغط عليهم للخروج بنتيجة، اليوم أعتقد حسمت مشكلة رئاسة الوزراء بترشيح المالكي من قبل «التحالف الوطني».

 

«المجلة»: ما هي أبرز الأسباب التي ظلت تحول دون التوصل إلى نتيجة حتى الآن؟

- الأسباب كثيرة، منها ما يتعلق بحداثة التجربة الديمقراطية وثقافتها كما أسلفنا، ومنها ما يتعلق بنتائج الانتخابات التي لم يقتنع بها حتى الفائز، وهذا استوجب أن الأطراف السياسية العراقية حينما تحاور المنافس لا تحاوره بحجمها أو بحجم رصيدها الشعبي العراقي، لأنها غير مقتنعة بهذه النتائج. والسبب في ذلك يعود إلى العوامل الكثيرة الخارجة عن الإرادة الشعبية التي أعطت للانتخابات نتائج من هذا النوع ومنها المال السياسي الذي دخل بشكل كبير جدا واشتريت أصوات الناخبين. ولذلك أقول الفائز نفسه غير مقتنع بحجمه، فعندما يحاور فإنه يحاور على ضعف الأمر الذي دفعه ودفع غيره إلى أن يستقوي بالخارج على الداخل. لقد فتحنا الأبواب العراقية الداخلية مشرعة أمام تدخل إقليمي ودولي في هذا الموضوع الحساس الداخلي والوطني العراقي، وحينما دخل عامل الخارج عقّد المشكلة أكثر ولم تكن هناك دولة واحدة يمكن اعتبارها جزءا من الحل بل كل أنواع التدخل الإقليمية أو الدولية كانت جزءا من المشكلة.

 

 «المجلة»: لكن هناك من يرى أنكم في الائتلافين الشيعيين قد بخستم حق القائمة العراقية في تشكيل الحكومة بعد فتوى المحكمة الاتحادية؟

- مع أن هذا الموضوع من السهل مناقشته فإنه جرى تعقيد المشكلة بلا سبب حقيقي باستثناء عملية التنافس والصراع على السلطة. أليس المطلوب منا جميعا تطبيق الدستور؟ صحيح كتب الدستور على عجل كما قلنا وهذه العجلة تركت كثيرا من المطبات في مواده. بل إن كثيرا من مواده لم تشرع بقانون وبقيت حبرا على ورق. ومن هذه الأمور مثلا أن ننشئ محكمة دستورية؛ حيث لم تطبق هذه النقطة حتى الآن. ولذلك حينما يُشكل على مادة دستورية في تفسيرها نلتجئ إلى المحكمة الاتحادية التي تحل محل المحكمة الدستورية. ودرج مجلس النواب بالفعل على اللجوء إليها كلما تحصل مشكلة ويقبل تفسيرها. والواقع أن واحدة من المواد الملغومة في هذه المشكلة تمثلت في تعريف الكتلة الفائزة. فالدستور يقول إن الكتلة الفائزة هي التي تشكلت أو تتشكل تحت قبة البرلمان. اختلفنا في تفسيرها وذهبنا إلى المحكمة الاتحادية، فأفتت بأنها الأغلبية البرلمانية وليس الأغلبية الانتخابية، ودعمت تفسيرها هذا حينما قالت: «هي التي تشكلت أو تتشكل تحت قبة البرلمان»، ومعنى هذا أن الانتخابات ليست الخطوة النهائية بل تشكل كتلة أكبر في البرلمان، أما إذا لم يتشكل جديد تحت قبة البرلمان يتم اعتماد الكتلة البرلمانية التي فازت في الانتخابات، يعني لو أن «التحالف الوطني» لم يحصل تكون «العراقية» هي الفائزة انتخابيا وبرلمانيا.

 

«المجلة»: هل ما زلت عند رأيك السابق بأن «العراقية» لا تستحق الـ91 مقعدا؟

- في حقيقة الموضوع لا الـ 91 مقعدا ولا الـ 89 مستحق.. آلة التزييف وآلة شراء الذمم وأصوات الناخبين شلت كل القوائم، ولكن هناك قائمة قد يصدق عليها هذا الموضوع أكثر من غيرها وهي «العراقية»، هنالك إرادات خارجية متعددة ساهمت في تشكيلها، وحينما تسهم إرادة خارجية في تشكيل شيء داخلي سيكون للمال السياسي دور كبير في هذا الشأن، وكلنا يعلم أن «العراقية» تتشكل من ستة قادة وفيهم من هو خارج العملية السياسية وربما هو غير مؤمن بها ومعها ويعارضها ولذلك كان هنالك شأن إقليمي وتركي تحديدا اتخذ قرارا قبيل الانتخابات لدعم قائمة تخدم مصالحه، ووجد في القائمة العراقية خير من يستجيب معهم، وضخت مبالغ كبيرة وهائلة من المال، وأنتج هذا الضخ 91 مقعدا، كما أني لا أعفي بقية القوائم.

 

«المجلة»: إذن أحد الأسباب الرئيسية في تأخر تشكيل الحكومة هو الدور الإقليمي كما تعتقد؟

- نعم ودور كبير، التدخل الخارجي ليس جزءا من الحل ولكن حينما دخل المشكلة ساهم في تعقيدها، وهذا أمر معروف، حتى أن بعض دول الجوار بدأت تتراجع عن مواقفها بعد أن أدركت أن هذا التدخل زاد من المشكلة وأصبح عاملا معقدا يزيد منها ولذلك تركوا الأمر للعراقيين، باختصار دول الجوار شرقية كانت أم غربية تعبت من العراقيين وهذه حقيقة.

 

«المجلة»: من سيشكل الحكومة القادمة إذن؟

- في تقديري المالكي هو الأوفر حظا حتى الآن، ليس لأنه هو الرجل الذي يتمتع بكل إمكانيات ومكونات الصلاح لهذا الموقع، ولكن حينما يقارن مع الموجود المتنافس على موقع رئيس الوزراء أضع يدي بيده لأنه أفضل الموجودين بتقديري، وهو الأوفر حظا من غيره، فعندما نقارنه مع الآخرين تراه يتفوق بحجم كبير، وهو وحده فاز بـ30 مقعد يليه علاوي بـ 24، أما بقية المرشحين فقد حصلوا على أصوات بسيطة.

 

«المجلة»: هناك أخبار وتسريبات بإمكانية انفراط التحالف الوطني الشيعي.. كيف تعلق على ذلك؟

- هذا كلام غير صحيح والتحالف لا ولن ينفرط لأنه مثل البيت يضم إخوة مختلفين مع بعضهم البعض، هم مختلفون ولكنهم لا يهدمون البيت على رؤوسهم، التحالف هو الذي يعطيهم صفة الأغلبية فعندما يهدمونه يصبحون صغارا أمام منافسيهم، هم ربما يختلفون على شيء ولكنهم متفقون على إبقاء التحالف.

 

«المجلة»: هناك من يتهمك بمحاولة تفكيك «العراقية» خلال لقاءات وإغراءات قدمتها من قبل المالكي لبعض قادتها.. وهناك من يرى أنك سفير المالكي للمهمات الخاصة بما في ذلك لقاءاتك مع بعثيين.. ما صحة مثل هذه الاتهامات؟

- التهم كثيرة ولكن لماذا وجهت لي. السبب في ذلك أنني لا أحب أن ألعب دور المفاوض المباشر في جهود عامة، يعني لا أحب أن أكون عضو لجنة تفاوض. ولكن حينما تعجز لجان التفاوض مثلا أنا أتصدى لمساعدتها لما يربطني من علاقات وثيقة بكثير من الشخصيات الموجودة في أطراف مختلفة. وعليه فإن الاتصال الجانبي حينما ينجح يقال إنه حاول التفكيك، فجهودي رافدة لجانب التفاوض، لكنها لم تحقق تغييرا حقيقيا عجزت عن تحقيقه لجان التفاوض، يقال إنه اختراق ويعد محاولات للتفكيك ولكني أتمنى أن تقترب «العراقية» منها وهي متماسكة لأنها عندما تأتينا غير متماسكة لن تستفيد منا ولن نستفيد منها.

 

* محاوره من بغداد: حمزة مصطفى.

font change