علي الدباغ: على الجميع أن يفهم أننا «عرب» ننتمي لشعبنا وأمتنا «العربية»

علي الدباغ: على الجميع أن يفهم أننا «عرب» ننتمي لشعبنا وأمتنا «العربية»

[escenic_image id="55168168"]

دبي: شيرين الفايدي

دعا الناطق باسم الحكومة العراقية والقيادي في ائتلاف دولة القانون علي الدباغ، مختلف القوى الوطنية العراقية إلى المشاركة مع «دولة القانون» في تشكيل حكومة وطنية تجمع كل المكونات، من غير استئثار أحد، مؤكدا أن حظوظ رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال نوري المالكي أكثر من حظوظ الآخرين، لأنه مرشح الكتلة النيابية الأكبر عددا، وعلى الآخرين الإقرار بالأمر الواقع.

ونفى الدباغ، في حوار مع «المجلة»، أن تكون جولة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي تهدف إلى حشد التأييد لتوليه رئاسة الحكومة الجديدة، مؤكدا في الوقت ذاته أن الهدف هو طمأنة دول الجوار خصوصا الدول الخليجية والسعودية، بأن الوضع في العراق لن يكون موجها ضد أحد، ولن ندخل في محاور ضد إيران، أو محاور مع إيران ضد دول المنطقة. وكشف عن استعداد المالكي لزيارة أي دولة خليجية إذا وجهت له الدعوة، نافيا وجود نفوذ لسورية في العراق، مطالبا دول المنطقة أن تتعامل مع العراق كدولة ذات سيادة.

 

«المجلة»: هل اقتربتم من تشكيل الحكومة العراقية، أم سنتوقع سبعة أشهر أخرى؟

- هناك حراك سياسي قوي جدا، لكن لا أستطيع أن أعطيك صورة متشائمة تماما، لا نزال نعاني من صعوبات ليست قليلة، وتجاذبات كثيرة في تشكيل الحكومة، وأنا أتصور أن تشكيل الحكومة ليس قريبا كما يحلو للبعض أن يتصور، لكن هناك قناعة عند الجميع بأنه لا يمكن قبول التأخير المتواصل، ومناهج التعطيل التي يمارسها البعض أصبحت عديمة الجدوى، لأنها تعطل مشروعا قائما ولا تنتج أي مشروع ناجح لتشكيل الحكومة، هناك واقع سياسي على الأرض لا بد أن نحتكم إليه ودون الاحتكام لهذا الواقع سنظل ندور في هذه الحلقة التي حقيقة من الصعب جدا التكهن بنهايتها.

 

«المجلة»: هل جولة رئيس الوزراء نوري المالكي المنتهية ولايته الحالية، هي مؤشر على قرب تشكيل الحكومة، أم، كما يقال في الإعلام، هدفها جذب الدعم الإقليمي للحكومة المزمع تشكيلها؟

- نحن لا ننشد أن نأخذ الموافقة من الجهات الإقليمية لتشكيل الحكومة لأننا نعتقد أن هذا شأن عراقي، ولا يجب أن نعطي المجال لأي شأن غير الشأن العراقي أن يستحوذ على تشكيل الحكومة، لكن لا ننكر أننا نحتاج إلى أن نطمئن الدول الإقليمية بأن الوضع الجديد في العراق لن يكون ضد أحد، ولن يكون سببا في عدم الاستقرار، بل سيكون عنصر جذب للاستقرار للجميع، هذه هي الصورة التي نحب أن ننقلها لطمأنة دول المنطقة.

 

«المجلة»: هل بات من المؤكد أن المالكي هو من سيشكل الحكومة الجديدة؟

- حظوظ السيد المالكي، أكثر من حظوظ الآخرين، لأنه مرشح الكتلة النيابية الأكبر عددا، وهذا هو الواقع السياسي الآن الموجود في العراق، ونأمل من الآخرين أن يقرأوا هذا الواقع ويحتكموا إليه.

 

«المجلة»: في حال تشكيلها هل ستكون حكومة وحدة وطنية شاملة، أم أن أطرافا مثل القائمة العراقية ستغيب عنها؟

- ليس ممكنا تشكيل حكومة دون القائمة العراقية، هذا أمر مفروغ منه وحقيقة لا يمكن تجاوزها، والقائمة العراقية فصيل سياسي مهم، لكنها حتى الآن لم تقتنع بالمشاركة مع ائتلاف دولة القانون في تشكيل حكومة شراكة وطنية، وهم لديهم رؤية خاصة بهم، نحن نختلف معهم فيها وأيضا الكتل الأخرى تختلف معهم.

 

«المجلة»: يتردد في الإعلام أن زيارة المالكي إلى إيران هدفها تأكيد الدعم الإيراني للتحالف بينكم (كتلة دولة القانون) والكتلة الصدرية لتشكيل الحكومة الجديدة؟

- تشكيل الحكومة في العراق، شأن عراقي داخلي، ونحن لا نتدخل في تشكيل حكومة أحد، لذلك نطلب منهم ألا يتدخلوا، وهذا الأمر لا يتم إلا بتقوية مؤسسات الدولة وأن يكون الوضع السياسي مستقرا في العراق، مع الأسف الوضع السياسي الآن غير مستقر، بل إنه هش، لذا يغري الآخرين بالتدخل، وهناك نظرية الفراغ عندما يوجد فراغ سياسي في أي بلد تجد التدخلات طريقها بسهولة إليه.

 

«المجلة»: نقل عن إياد علاوي قوله: إن إيران تسعى إلى «زعزعة الاستقرار» في الشرق الأوسط. وقلب الأمور عبر زعزعة استقرار العراق واستقرار لبنان والقضية الفلسطينية»..

- أنا أتصور أن هذه التجاذبات السياسية التي تنعكس في الإعلام بصورة واضحة لا تعطي تطمينا للدول في المنطقة، نحن نريد علاقة طيبة مع إيران، لدينا مصالح مشتركة مع هذه الدولة، ولا نريد أن ندخل في خصومة مع إيران أو أي دولة من دول الإقليم، لذا ننصح جميع السياسيين أن يتفهموا بأننا يجب أن نجلس معا، لنتحاور ونتفق لنقطع الطريق على أي تدخلات إقليمية ضارة بالشأن العراقي، ودون أن يجلس العراقيون فيما بينهم ويتحدثوا ويتفقوا، بالتأكيد ستكون هناك أجندة إقليمية تؤثر في تشكيل الحكومة.

 

«المجلة»:هل ترون طهران طرفا إلى جانبكم لناحية الضغط لحكومة برئاسة المالكي؟

- نحن لا نريد أن نعطي دورا لأي طرف إقليمي، لا للضغط لنا، أو للضغط علينا، نريد أن ننتج حكومة عراقية خالصة، لأن دون ذلك ستكون حكومة خاضعة لتجاذبات إقليمية ليست متناسقة وإنما متنافرة، والأجندات الإقليمية ليست متفقة على الشأن العراقي، وبالتالي فإن إعطاء أي دور لأي دولة من دول المنطقة سيتبعه تدخل وقلق من دول أخرى، ولن تنشأ معادلة مستقرة للحكم في العراق.

 

«المجلة»: برأيكم ما الذي تريده إيران من العراق؟

- أنا لا أعرف ما الذي تريده إيران من العراق، لأنني ناطق باسم الحكومة العراقية، ولكن ما يهمني هو ما نريده نحن من إيران؟ الذي نريده من إيران ومن بقية دول المنطقة، أن تتعامل معنا كدولة ذات سيادة وشعب لديه تاريخ طويل، وأن تمتنع أي دولة عن التدخل في الشأن العراقي

 

«المجلة»: هل هناك صراع إقليمي بين إيران ودول إقليمية أخرى على العراق وأين العراق ودوره مما يجري؟

- العراق دولة مهمة في المنطقة وغنية بمواردها وبموقعها، لذا هي محط أطماع منذ القدم وساحة للصراع، عندما نتفق نحن العراقيين فيما بيننا عندئذ سنقطع سبل ووسائل التدخلات الإقليمية، ولكن مع الأسف هذه الانتخابات شهدت تدخلات إقليمية واضحة وفتحت الأبواب والنوافذ لهذا التدخل، بل إن هناك جهات محلية هنا في العراق، كانت تدعو إلى تدويل تشكيل الحكومة بدعوة جهات دولية بأن تشكل الحكومة، وهذا أمر يعتبر خللا في التفكير السياسي، نأمل أن يجنح الجميع نحو معادلة عراقية، لا يستطيع معها لأي لاعب إقليمي أن يفرض معادلة حكم في العراق، لذا نريد شراكة في الحكم بين جميع المكونات من غير استئثار أحد.

 

«المجلة»: بالنسبة إلى زيارة نوري المالكي إلى سورية، هل هي زيارة تعكس التحسن في العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين أم أنها تهدف إلى الحصول على دعم لشخص المالكي كرئيس للحكومة الجديدة؟

- لو كان الهدف هو الحصول على دعم شخصي للمالكي، لكانت هذه الزيارة تمت قبل الانتخابات، أو بعد الانتخابات، وليس بعد مضي أكثر من سبعة أشهر على الانتخابات. الدعم الوحيد الذي يمكن أن يحصل عليه المالكي هو الدعم الشعبي والداخلي لأن هذا الدعم هو الذي يعطي الشرعية لأي شخص يريد تشكيل الحكومة، والشرعية تأتي من بلده وشعبه ولا تأتي من أي دولة إقليمية. والمالكي قام بهذه الزيارات لوجود تشويه للصورة في بعض دول المنطقة، أراد المالكي أن يصححها لدى الأشقاء في سورية، بإعطاء صورة حقيقية عنا، علما بأننا في ائتلاف دولة القانون أقل كتلة سياسية تقوم بزيارات إلى دول المنطقة.

 

«المجلة»: اتهمتم بأنكم قدمتم تسهيلات اقتصادية لسورية في مقابل تأييد المالكي لولاية جديدة..

- في الحقيقة لدينا مشروع عملاق للتعاون الاستراتيجي في مجال النفط، بيننا وبين الإخوان في سورية والتحضيرات بين الجانبين لهذا الاتفاق بدأت منذ شهور، وبعد نضوج التحضيرات أردنا تفعيل هذا التعاون، فنحن لنا مصلحة في إيجاد منافذ لتصدير النفط الخام، غير ميناء البصرة لأنه لا يكفي وحده للتصدير، خاصة بعد زيادة الطاقة الإنتاجية لتصدير النفط، بصورة لم يشهدها العراق من قبل، وأحب أن أوضح أننا وقعنا مع السوريين على مذكرة تفاهم وليس على اتفاقية، أما من يتهمنا بأننا نعطي لسورية مشاريع اقتصادية من أجل تحسين العلاقة، فإننا لا نحتاج لذلك لأن الإخوة في سورية موقفهم قبل هذه الاتفاقية جيد ونشكرهم عليه.

 

«المجلة»: لكن قبل نحو السنة اتهم المالكي سورية بدعم الإرهاب في العراق، حتى أنه طالب بمحاكمتها، ما الذي جرى الآن، هل تغيرت سورية، برأيكم، أم ماذا؟

- هناك موقف سوري إيجابي من الرئيس بشار الأسد تجاه العراق، وتجاه تشكيل الحكومة، منذ الانتخابات وحتى الآن، لأنه اتخذ موقفا محايدا من جميع الكتل السياسية، وهذا الموقف كان موضع تقدير لنا في العراق، لذا رأينا أن نطبع العلاقات مع الإخوة في سورية وأن نحصن هذه العلاقة بمصالح اقتصادية حتى نخلق استقرارا في العلاقة، لأن العلاقة الاقتصادية تفعل ما لا تفعله السياسة.

 

«المجلة»: ما هو فعليا الدور السوري في العراق، وما حجم النفوذ السوري؟

- لا يوجد نفوذ سوري في العراق، وإنما توجد علاقات في كل دول المنطقة بفصائل سياسية هنا في العراق، وهذه العلاقات والاتصالات يمكن أن تسهم إيجابا أو سلبا في تهدئة الوضع في العراق، لذا نحن حريصون على إقامة أوثق علاقة مع كل دول المنطقة وندعوهم بأن ينصحوا الجميع أن ينضموا إلى حكومة ديمقراطية تنتهج أساليب الديمقراطية وليس العنف.

 

«المجلة»: المالكي أمس كان في مصر، ما الهدف من الزيارة، هل هي أيضا لحشد التأييد لتوليه رئاسة الحكومة؟

- مصر هي الشقيقة الكبرى للدول العربية ودورها مؤثر، ولا ننكر أن الجانب السياسي سيطغى على الزيارة، وسننقل الصورة لفخامة الرئيس مبارك وإلى المسؤولين المصريين عن الوضع في العراق، ورؤية رئيس الوزراء، وائتلاف دولة القانون حول تشكيل الحكومة، وستكون هناك فرصة لبحث العلاقات المشتركة وتنميتها، لأننا لا نعرف إلى متى سيطول أمد تشكيل الحكومة، لذا نحتاج إلى تفعيل كثير من الاتفاقيات المشتركة بيننا وبين مصر والأردن، ودول أخرى.

 

«المجلة»: جولة المالكي شملت إيران، الأردن، مصر، وستشمل أيضا تركيا. ما السبب في غياب أي دولة خليجية عن الجولة؟

- عندما توجه الدعوة إلى المالكي، أتصور أنه سيلبيها بكل طيب خاطر وبكل سرور، ودول الخليج أشقاؤنا، ونحن قبل أسبوعين زرنا قطر والتقينا بأميرها.

 

«المجلة»: لكن غياب أي دولة خليجية عن جولة المالكي ألا يعكس اضطرابا في العلاقات مع الخليجيين؟

- ليس لدينا مشكلة مع الدول الخليجية، لدينا علاقات طيبة جدا مع دولة الإمارات، ومع الأشقاء في الكويت، ومع بقيه الإخوة في الخليج ولا يوجد اضطراب في العلاقة، نحتاج إلى طمأنة دول المنطقة وخصوصا الدول الخليجية والإخوان في السعودية، بأن الوضع في العراق ليس موجها ضد أحد، وليس ظلا لأحد، لا نريد أن ندخل في محاور ضد إيران، أو محاور مع إيران ضد دول المنطقة، نريد أن نبقى عراقا موحدا، جسرا للتفاهم بين الدول العربية وبين تركيا وإيران، نريد أن يتفهم إخواننا أننا عرب ننتمي لشعبنا وأمتنا العربية والإسلامية، ونحن شعب نريد أن نبني بلدنا بعيدا عن أي نزاعات أو تصدير لأي مشكلات أو قلاقل إلى المنطقة، نريد أن يكون العراق نقطة انطلاق لاستقرار المنطقة.

font change