* اللبنانيون لا دور لهم ولا رأي في كل ما يجري على أرضهم.
إعلان إسرائيل عن وجود أنفاق حفرها «حزب الله» في أكثر من مكان من داخل الحدود اللبنانية باتجاه الأراضي الإسرائيلية، متخطيا بذلك الخط الأزرق، ومنتهكا قرار الأمم المتحدة رقم 1701 الذي لا يجيز وجود «حزب الله» بين الخط الأزرق ونهر الليطاني، سبقته اتهامات إسرائيلية بوجود مصانع لتركيب أو تصنيع صواريخ عالية الدقة، ثم استعمال مطار رفيق الحريري الدولي من قبل إيران من أجل نقل السلاح النوعي للحزب.
قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في لبنان من جهتها أصدرت بيانا قالت فيه إنه «بناء على تفتيش الموقع، تستطيع اليونيفيل أن تؤكد وجود النفق».
رئيس الحكومة المكلف قال إن لبنان يحترم القرار 1701 وإن الجيش اللبناني وحده معني بتأمين سلامة الحدود وإن التصعيد غير ضروري.
الجميع يعلم أن القرار 1701 منتهك بدليل وجود الأنفاق، التي ليست وليدة الساعة طبعا، وحفرها من دون أدني شك أخذ وقتا طويلا ومعدات متطورة لم يكن ممكنا أن تكون خافية لا على قوات حفظ السلام، ولا على الجيش اللبناني ولا حتى على إسرائيل.
على كل الأحوال التصعيد الإسرائيلي لا يطمئن، خاصة أن إسرائيل، على حد كلام رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق باراك، تعلم بوجود الأنفاق منذ أكثر من سنتين.
الصحافة الموالية لـ«حزب الله» خففت من وقع هذا الإعلان وعزته إلى مأزق بنيامين نتنياهو السياسي في إسرائيل. أما قادة «حزب الله» فقد أكدوا أن الصواريخ التي بحوزتهم تشكل رادعا لأي هجوم إسرائيلي في أي لحظة.
من دون أدني شك، يملك «حزب الله» ترسانة صواريخ بعضها متطور جدا، كصواريخ آلياخونت الروسية الصنع، والتي تأخذها الحكومة الإسرائيلية بعين الاعتبار، ولكن أن يقال إن هذا التصعيد مرده مشاكل نتنياهو الداخلية ففي ذلك شيء من الخفة، لأن قرار الحرب ليس ملك رئيس الوزراء وحده.
ثم إن تبرير مسألة الخوف الإسرائيلي من صواريخ «حزب الله» كرادع لقيامها بحرب ما، غير مقنع بالكامل، لأنه حين يدق نفير الحرب، تعلم إسرائيل جيدا أنه سيكون هناك ثمن يدفع لهذا القرار، وأن هذا الثمن سيكون مقابل منع «حزب الله» من استغلال الأجواء والأراضي اللبنانية من أجل تفعيل وتحديث ترسانته ولو عن طريق تدمير لبنان وبناه التحتية.
من جهة «حزب الله» ومن ورائه الحرس الثوري فإن لديهما اقتناعا باستعمال لبنان كساحة لتهريب السلاح وغيره، بعد أن أصبح العمل في سوريا صعبا جراء الضربات الإسرائيلية التي تنطلق كلما قام الحرس الثوري بنقل السلاح للداخل اللبناني، حيث إن لبنان هو الخيار الآخر وربما الأخير لعمل الحرس الثوري الإيراني الذي قد يشكل درعا أمام الهجوم الإسرائيلي - أو هكذا يظن.
هذا رهان الحرس الثوري الذي قد يكون مصيبا، أي إن إسرائيل لن تجازف في إقامة حرب مع لبنان خوفا من الترسانة الصاروخية لـ«حزب الله»، كما من الممكن أن يكون مخطئا أن تذهب إسرائيل بعيدا في خيار الحرب من أجل القضاء على الخطر الذي يمثله «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني. من هنا فإن الاتهامات الإسرائيلية المتتالية والمتصاعدة لا تبشر بالخير. من الواضح أن الإسرائيليين من خلال الخطاب السياسي يحضرون الرأي العام العالمي لعمل عسكري أو لاحتمال وقوع حرب مع «حزب الله».
المهم أن اللبنانيين لا دور لهم ولا رأي في كل ما يجري على أرضهم.
الاستقرار الأمني على الجبهة الجنوبية ليس بيد الدولة اللبنانية كما يتمنـى رئيس الحكومة المكلف، حيث إن «حزب الله» لم يستشر الحكومة اللبنانية قبل حفر الأنفاق باتجاه الداخل الإسرائيلي على سبيل المثال لا الحصر.
الموضوع هو صراع إيراني إسرائيلي على الشرق الأوسط. من يسيطر؟ هذا لب الصراع. ولبنان ورقة يستعملها الحرس الثوري في تلك المفاوضات. «حزب الله» سيدخل لبنان عاجلا أم آجلا في نفق مظلم سيكون من الصعب في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الراهنة، والمقاطعة الخليجية له، أما الداخل فسيكون في مهب الريح لأن الشحن المذهبي الذي يعيشه اللبنانيون قد يفضي إلى حرب أهلية محتملة يغذيها اللاعبون الإقليميون من دون أي شك.