* معدل الاختراعات التي حصلت على براءة اختراع في إيران 1 % أو أقل من ذلك.
* كثير من المخترعين الشباب الإيرانيين يعانون من الإهمال وعدم توفير بيئة ملائمة فيبيعون اختراعاتهم لمستثمرين أجانب لتسويقها على المستوى الدولي.
نيويورك: تقدم السلطات الإيرانية إحصائيات متناقضة حول تسجيل براءات الاختراعات. وفي الوقت الذي أعلن فيه نائب رئيس المؤسسة الوطنية للنخبة في 2017 عن تسجيل 3000 اختراع سنويا في البلاد، أعلن صندوق دعم الباحثين في إيران في 2018 عن تسجيل ما يتراوح بين 15 و16 ألف اختراع سنويا. ولكن عددا قليلا من هذه الاختراعات يدخل مرحلة التسويق في إيران.
وقال رئيس دائرة تسجيل الاختراعات في إيران في 2011 إن معدل الاختراعات التي حصلت على براءة الاختراع 1 في المائة أو أقل من ذلك، غير أن رئيس صندوق دعم الباحثين في إيران أعلن في 2017 أن نحو 22 في المائة من الاختراعات دخلت في مرحلة التسويق.
وتظهر هذه الإحصائيات المتناقضة بشأن تسجيل الاختراعات وتسويقها في إيران حجم الإبهام وعدم الشفافية في هذا القطاع.
وتلقى الاختراعات الجديدة في الدول المتقدمة الكثير من الترحيب والدعم والتشجيع من قبل المؤسسات الحكومية والخاصة لأن دعم الاختراعات يتمتع بنفس أهمية دعم الاستثمار والمستثمرين.
فيما يشكل قطاع الأبحاث أقل من 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي غير أن تسويق الاختراعات والأبحاث الجديدة لا يتمتع بأهمية تذكر في إيران ولم يحرص القطاع الخاص والحكومي على الاستثمار في هذا القطاع. وحسب التصريحات الرسمية فإن قطاع الأبحاث في إيران يعاني من ضعف شديد حيث إن الاختراعات لم تبلغ مرحلة الإنتاج.
وأفاد موقع «تابناك» الإيراني بأن إيران نالت المرتبة 106 من حيث عدد براءات الاختراع، وبالتالي فهي سجلت أداء ضعيفا للغاية بالمقارنة مع موقعها وظروفها الاقتصادية (الناتج المحلي الإجمالي). هذا ولم تنضم إيران إلى «بي سي تي» (اتفاقية التعاون بشأن براءات الا»ختراع) ولذلك لا تتمكن من تسويق اختراعاتها المحلية على الصعيد العالمي. ولذلك فإن هناك حالة من عدم الوعي العام في إيران بشأن آليات الالتزام بالقوانين وكيفية تسجيل الاختراعات على المستوى الدولي.
وبالتالي فإن الكثير من المخترعين الشباب الذين يعانون من الإهمال وعدم الاكتراث وعدم توفير البيئة الملائمة لتسويق اختراعاتهم في إيران يبيعون اختراعاتهم إلى المستثمرين الأجانب لتسويقها على المستوى الدولي.
علي إبراهيمي، هو مخترع إيراني شاب قام بتسجيل العشرات من اختراعاته في القطاع الطبي، غير أنه لم يتمتع بدعم المؤسسات الحكومية والخاصة، بل اضطر إلى العمالة منذ فترة طويلة بسبب مشاكل مالية.
علي إبراهيمي من مواليد 1990 في قرية تابعة لمدينة هوراند في إقليم أذربيجان الشرقية. وسجل علي إبراهيمي خلال فترة دراسته في مرحلة الإجازة والماجستير في فرع الهندسة الميكانيكية اختراعات كثيرة غير أن أيا منها لن تدخل مرحلة التسويق وسوق الإنتاج المحلي وذلك بسبب غياب دعم القطاع الحكومي والخاص.
يقول إبراهيمي لـ«المجلة»، وهو يشكو عدم اكتراث المسؤولين بشأن تسجيل براءة الاختراعات في إيران: «أنا حاليا عامل بناء. أعمل لأتمكن من الادخار وتوفير نفقات السفر والإقامة في بلد آخر. وصلت إلى النهاية ولا أملك حلا إلا الرحيل من البلاد».
وأضاف أن عددا من اختراعاته لا مثيل لها... «لقد ذهبت إلى الكثير من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية وكلهم ردوا علي قائلين إنك لن تتمكن من الحصول على نتيجة إيجابية في إيران ولكن إذا أردت تسويق اختراعاتك يجب أن تسجل 50 في المائة منها باسم الشركة أو المؤسسة لنتمكن بعد ذلك من تقديم الدعم لك ولكننا لا نعدك بأي شيء. وتم تسجيل 50 في المائة من حقوق اختراع جهازين أنا صنعتهما باسم شخص آخر لا صلة له بهما. عندما أتصل به لا يرد. لا يعلم هذا الشخص والمؤسسة التي تدعمه أي شيء بشأن تفاصيل هذه الجهازين».
وقام هذا المخترع الشاب الإيراني بإنجاز الكثير من الاختراعات في القطاعات الطبية والعلمية، منها طفاية حريق المستودعات وآبار النفط وجهاز تنقية الهواء في المدن الكبيرة وتوليد الكهرباء من الجاذبية (الطاقة النظيفة) وعلاج التهاب المهبل خلال 10 دقائق من دون الحاجة لتناول الأدوية، والغطاء المشفر للمواد السامة، وجهاز متعدد الوظائف لتنقية هواء المنزل ولتعقيم وسائل البيت والمواد الغذائية ودواء نباتي ومشط شعر آلي و...
وقال مدير صندوق دعم الباحثين في إيران إن الصندوق يتولى تأمين كل النفقات التابعة لتسجيل الاختراعات وذلك بدعم كامل من الحكومة.
وعلق إبراهيمي بشأن الدعم الحكومي للمخترعين قائلا: «كل هذا الكلام عن الدعم الرسمي للاختراعات عار من صحة. لقد كلفني تسجيل كل اختراع 600 ألف تومان وأنا دفعت كل الرسوم ولم أتسلم ريالا واحدا من المؤسسات الحكومية».
وأضاف: «إذا كنت عالما بمستوى آينشتاين في إيران، فذلك لن ينفعك بشيء ما لم تملك رأس المال وواسطة في جهاز حكومي. لقد وصلت إلى نتيجة أن الوضع في طهران يختلف عن المحافظات. عندما نتكلم مع أي شخص يتولى منصب مدير حول التكنولوجيا وعدم التبعية للإيرادات النفطية يكتفي بهز رأسه. عندما نتكلم معهم عن قدرة الشباب الإيرانيين لا يصدقون أن لدينا القوة والطاقة للإنجاز والإبداع ويكتفون بالقول إذا كنت تملك طاقة وموهبة لا تبق في إيران».
وأكمل إبراهيمي دراسته في المرحلة الابتدائية والإعدادية في قرية مجيد آباد، وانتقل إلى مدينة أهار لإكمال دراساته في الثانوية بعيدا عن عائلته. وحاز إبراهيمي على شهادة البكالوريوس من جامعة أصفهان في فرع الهندسة وحصل على شهادة الماجستير من جامعة تبريز.
ويقول إبراهيمي إن أحد اختراعاته لقيت استقبالا كبيرا في إحدى الجامعات التركية «أجريت مفاوضات مع مسؤولي جامعة أسطنبول التقنية حول تسويق جهاز توليد الكهرباء من الجاذبية منذ فترة. ولقيت فكرة هذا الجهاز ترحيبا واسعا بين مسؤولي الجامعة خلال شهر واحد ووعدوني بدعمي. ويجري مسؤولو الجامعة الفحوصات اللازمة حول استخدام الجهاز ليقدموها كبحث جامعي وبالتالي سيتم توفير الميزانية اللازمة لتسويقها».
مهدي سعيدي مخترع إيراني آخر قام باختراع أجهزة كثيرة على غرار مقود سيارة مضاد للسرقة وجنوط عجلات مقاومة للثلوج على الطرق وكرسي متعدد الاستعمالات غير أنه يشكو من إهمال المؤسسات الرسمية، ويقول لموقع «طهران نيوز»: «عندما زرت شركتي سايبا وإيران خودرو لصناعة السيارات بهدف تقديم هذه الأجهزة لم ألق استقبالا منهم، بل هددوني وقالوا لي إنني أنا وأمثالي السبب في إلغاء اللوبيات وكن واثقا أن شركات صناعة السيارات سيواجهونك بأقسى الطرق».
وأضاف مهدي سعيدي الذي حصل على دعوة لزيارة ألمانيا وسويسرا: «لقد طرحوا علي عروضا ممتازة ووضعوا شرطا واحدا بأن أسجل اختراعاتي باسم بلدانهم».
ونشرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) في 2016 تقريرا حول المخترع الشاب الإيراني فرشيد مومني الذي قام بـ23 اختراعا أحدها إنتاج الأنسجة العصبية من خيوط الحرير. ويمكن من خلال هذا الاختراع استخدام الخيوط الحريرية في أجزاء من الجسم على غرار الأعصاب والعضلات وخاصة الأنسجة التالفة بسبب الحروق أو بعض الأمراض.
ونقلت وكالة «إرنا» للأنباء عن هذا المخترع الإيراني قوله: «قمت بملء الاستمارة للحصول على قرض من مؤسسات على غرار البنوك وصندوق الابتكار بهدف إنتاج الأنسجة العصبية من الخيوط الحريرية. وعندما راجعت هذه المؤسسات ردوا علي بالقول بأن هذا الاختراع لم تتم مراجعته بعد. هذا والشركات الاستثمارية الأجنبية تحاول شراءه بسرعة».
وتابع فرشيد مومني أنه سيبرم صفقة لبيع اختراعه لشركة ألمانية.
