-
قانون التعديل على الضرائب البيئية في فرنسا يعتبر درساً مؤلماً لصانعي السياسات في محادثات الأمم المتحدة لتغير المناخ في بولندا.
-
ما حدث في فرنسا سيجبر الحكومات حول العالم على التروي وإعادة النظر حيال أي خطط تمس التنمية وحياة الناس.
-
يعتبر المؤيدون لضريبة الكربون أنها أفضل طريقة متاحة الآن لوضع تكلفة حقيقية لاستخدام مصادر الوقود الأحفوري.
-
الضرائب والقضايا البيئية كانت من أولويات الرئيس ماكرون منذ بداية رئاسته لفرنسا.
-
أظهرت احتجاجات أصحاب السترات الصفراء موقفاً سلبياً ضد السياسات الصديقة للبيئة والمضرة بطبقة العمال الكادحة.
-
يرى المراقبون أن موقف الولايات المتحدة الأميركية من قضية تغير المناخ سيعزل أميركا عن محيطها العالمي.
الرياض: تسببت حركة «السترات الصفراء» في حدوث اشتباكات عنيفة وعدد من الأعمال التخريبية في قلب العاصمة الباريسية. وفي الحقيقة، بدأت شعلة الاحتجاجات غير المسبوقة في فرنسا، كرد شعبي مؤلم على مقترح الحكومة الفرنسية بزيادة الضرائب البيئية. وبسبب ضراوة الاحتجاجات غير المسبوقة في فرنسا، أجبر الرئيس الفرنسي ماكرون على تأجيل زيادة الضرائب البيئية على الوقود. وتعتبر الطبقة ذات الدخل المحدود والفقراء من الشرائح المجتمعية التي ستتأثر كثيرا بهذا النوع من الضرائب، إذ إن الضريبة المقترحة ثابتة وسوف تؤدي إلى تآكل في المداخيل الاقتصادية لهذه الشرائح. هذا ويوضح العنف في فرنسا كيف تشعر العائلات المنهكة اقتصاديا، عندما يكون عليها هي تحمل عبء السياسة البيئية النخبوية التي يقودها الرئيس الفرنسي ماكرون. والتي تهدد قدرتها في تحمل متطلبات تأمين احتياجاتهم ومكاسبهم الحياتية.
ضريبة الكربون وسياسات الرئيس ماكرون الخضراء
يبدو أن عدداً من البلدان والمدن التي وضعت خططا تتعلق بضرائب الكربون وذلك لتسريع الانتقال إلى ما يعرف بمصادر الوقود الصديقة للبيئة، في عدد من الدول الأوروبية ستتراجع عن ذلك تجنبا للمخاطر السياسية وصعوبة تنفيذها.
وفي فرنسا وضع ماكرون نفسه كقائد لاتفاق باريس المتعلق بقضية تغير المناخ والاحترار العالمي لكوكب الأرض، ووعد بأن يعمل على جعل فرنسا مثالا يحتذى به في كيفية نمو الاقتصادات في عالم مقيد لاستخدام الكربون. واعتمد شعار «لنجعل كوكبنا عظيما مرة أخرى»، وكان الهدف وراء خطة الحكومة الفرنسية بزيادة أسعار البنزين بواقع 12 سنتا يورو لجالون البنزين ابتداء من يناير (كانون الثاني) 2019م. والجدير بالذكر أن هذا التوجه كان للتأكيد على موقف فرنسا بخفض انبعاثات الكربون بنسبة 40 في المائة بحلول 2030م وحظر مبيعات السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي بحلول عام 2040م. هذا وينظر إلى الضريبة على الكربون كأداة سياسية أساسية للإبقاء على مستويات الاحترار العالمي دون مستويات خطيرة عند 1.5 درجة مئوية وذلك وفقا لتقرير الأمم المتحدة الأخير الصادر عن اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والذي (تنبأ بأن الغلاف الجوي للأرض قد يسخن بنسبة تصل إلى 2.7 درجة فهرنهايت فوق مستويات ما قبل الصناعة في أقرب وقت عام 2040. وهو ما قد يؤدي إلى أزمة عالمية في وقت أبكر مما كان متوقعا). وشدد تقرير الأمم المتحدة على ضرورة خفض الانبعاثات الكربونية من مصادر الوقود الأحفوري بمقدار النصف خلال الـ12 عاما القادمة!
هذا والجدير بالذكر أن حكومة الرئيس ماكرون قد رفعت ضريبة الكربون (ضريبة تضاف إلى ضريبة الاستهلاك المحلي لمنتجات الطاقة) في عام 2017م من 35 دولارا للطن إلى 51 دولارا للطن في عام 2018م، وبحسب الخطة من المتوقع أن تصل الزيادة إلى 98.50 دولار للطن في عام 2022م! وفيما يتعلق بوقود الديزل ارتفعت الضرائب لتصل عليه إلى 6.2 في المائة لكل لتر (24 سنتاً للجالون) مقارنة بالبنزين لاعتبارات بيئية تتعلق بتلويث الهواء. ولأن استخدام الديزل هو الوقود الأكثر شيوعا في فرنسا، اعتبرت الطبقة ذات الدخل المحدود أن هذا سيلحق الضرر بها ويرهقها أكثر من أن تكون هذه السياسة حماية للبيئة.
موقف ترامب المناهض للتغير المناخي
هاجم الرئيس الأميركي دونالد ترامب اتفاق باريس لتغير المناخ مستشهدا بمسرح الأحداث الفرنسي كدليل على أنه محق في موقفه من التشكيك في قضية التغير المناخي. وقد غرد ترامب في منصة التواصل الاجتماعي داعيا الرئيس ماكرون للتراجع عن الوفاء بتعهدات اتفاق باريس، مشيرا إلى أنه حان الوقت للتخلي عن هذا الاتفاق المكلف للغاية وإعادة الأموال إلى الناس! ويتزامن توقيت الاحتجاجات في فرنسا مع الدورة الـ24 لمؤتمر الأطراف للاتفاق الإطاري المتعلق بتغير المناخ، في كاتوفيتشي في بولندا. ويالها من مفارقة أن يتم الترويج في هذا المؤتمر للفحم ومصادر الوقود الأحفوري الأخرى في مؤتمر بالأساس يحارب هذه الأشكال من مصادر الطاقة! وأيضا من المفارقات أن تكون أستراليا داعمة للولايات المتحدة الأميركية في الدفع بالفحم الحجري في محادثات المناخ الأخيرة! ويأتي الحدث الذي تنظمه الولايات المتحدة الأميركية تحت عنوان «التقنيات المبتكرة الأميركية لتحفيز ديناميكية الاقتصاد» ويهتم بعرض طرق استخدام الوقود الأحفوري بأكبر قدر ممكن من النظافة والكفاءة، إضافة إلى الترويج لاستخدام الطاقة النووية الخالية من الانبعاثات والغازات المسببة لمشكلة الاحترار العالمي. ويرى ترامب أن الاستثمار في دعم وتطوير التقنيات المبتكرة والجديدة ستوفر احتياج العالم لتأمين الطاقة وفي الوقت ذاته خفض الانبعاثات الكربونية. ولهذا تتجه الإدارة الأميركية إلى مضاعفة استثماراتها في الابتكار بحلول 2020م، مثل دعم تقنيات التقاط واحتجاز الكربون ومن ثم إعادة استخدامه لأغراض التجارة والتصنيع. ويبدو أن موقف الرئيس ترامب لم يتغير منذ انتخابه حيال قضية السبب وراء الاحترار العالمي، إذ إنه يرى أن هذه القضية مجرد بدعة اخترعها الصينيون للإضرار بالصناعة الأميركية!