* تعيش عائلتا سفيان ونذير حيرة كبيرة وأملا في أن يكون المختطفان على قيد الحياة وأن يعودا ذات يوم إلى تونس.
* خبير في الشأن الليبي: لن تتضح الرؤية حول ملابسات هذا الملف إلا عندما يستقر الوضع في ليبيا وتكون هناك حكومة موحدة ومنتخبة.
تونس: رغم مرور 4 سنوات و3 أشهر على وقوعها، لا تزال عملية اختطاف الصحافيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري في ليبيا يلفها الغموض، ولا يزال مصيرهما مجهولا ولم تعرف ملابسات هذه العملية وبقيت الحقيقة غائبة. وقد زاد في غموض العملية وما يحف بالوضع الأمني الصعب في ليبيا وتواصل التناحر السياسي وكذلك تضارب المعلومات حول هذه القضية دون أن يكون هناك ما يؤكد أو ينفي أي واحدة من هذه المعلومات.
في الأثناء تعيش عائلتا سفيان ونذير حيرة كبيرة وأملا في أن يكون المختطفان على قيد الحياة وأن يعودا ذات يوم إلى تونس.
«المجلة» اتصلت بمعاوية الشورابي، والد سفيان الشورابي، ليحكي القصة وما لديه من معلومات حول رحلة البحث عن الصحافيين المختطفين (سفيان ونذير)...
يقول معاوية الشورابي إنّ ابنه سفيان قد تحول رفقة زميله المصور التلفزيوني نذير القطاري إلى ليبيا يوم 3 سبتمبر (أيلول) 2014 عبر البر، واتجها إلى مدينة برقة الواقعة في الشرق الليبي وبها ميناء مخصص لتصدير البترول وكان الصحافيان ينويان تصوير الميناء والحديث إلى المسؤولين هناك عن تصدير البترول ولكن جرى إيقاف سفيان صحبة زميله المصور نذير القطاري من قبل حرس المنشآت البترولية الليبية بتهمة الدخول إلى منشأة حيوية والتصوير دون إذن، وبعد التثبت من الهويات وطريقة الدخول إلى التراب الليبي جرى الاتصال بنقابة الصحافيين الليبيين التي كان أحد أعضائها وهو صديق لسفيان، على علم بالزيارة وأطلق سراح الصحافيين.
ويضيف معاوية الشورابي قوله: «اتصل بنا سفيان هاتفيا فطلبنا منه العودة إلى تونس بأسرع وقت خشية حصول مكروه له ولزميله نذير... فوعدنا بأنه سيحاول إنهاء عمله بسرعة، وقال إنه سيتوجه إلى مدينة أجدابيا في الغرب الليبي ثم إلى مدينة البريقة التي بها المطار الوحيد الذي تنطلق منه رحلات جوية باتجاه تونس، وكان ذلك آخر اتصال به وقد حصل يوم 9 سبتمبر (أيلول) 2014. ثم انقطعت الأخبار. وبعد ذلك بدأت تصلنا معلومات كثيرة ومتضاربة ولكن كانت كلها تحتاج إلى تأكيد أو نفي وإثبات، فقد سمعنا أنه جرت تصفيتهما من قبل الجماعات الإرهابية في مدينة درنة التي تبعد 500 كلم عن آخر مكان جرى منه الاتصال بنا ولكن وصلت أخبار أخرى تنفي هذه الفرضية وحاولنا قدر الجهد الوصول إلى الحقيقة ولكن دون جدوى وقد لاحظنا تقصيرا من جانب السلطات التونسية في السعي إلى كشف الحقيقة بتعلة عدم وجود حكومة ليبية يمكن التفاوض معها والحال أنّ الموضوع أمني وليس سياسيا وبالتالي يمكن التفاوض مع أطراف ليبية فعالة وشخصيات ليبية مؤثرة لها علاقات جيدة بالسلطات التونسية وتتردد باستمرار على تونس ولكن لم نلاحظ مساعي جادة لمعرفة ملابسات عملية الاختطاف ومصير الصحافيين وحتى في الفترة الأخيرة ومع الحديث الذي جرى عن تحرير مدينة درنة سمعنا كلاما كثيرا عن العثور على مقابر جماعية وكلما تم العثور على جثث مجهولة يقال إنها لصحافيين ونحن في انتظار نتائج التحاليل الجارية على هذه الجثث».
وأضاف معاوية الشورابي أن عائلتي الصحافيين (سفيان ونذير) تعيشان حالة حيرة وليست هناك معلومات دقيقة حول مصير ابنيهما، خصوصا أمام التقصير الإعلامي بشأن هذا الملف وغياب الضغط على الحكومة من أجل بذل جهد لمعرفة حقيقة اختفاء نذير وسفيان، فالحكومة برأي والد سفيان الشورابي بإمكانها الضغط على الطرف الليبي الممثل بثلاث حكومات (بنغازي، ومصراتة، وطرابلس) وكل مسؤولي هذه الحكومات يترددون على تونس باستمرار وبالإمكان بحث هذا الملف معهم.
وقال معاوية الشورابي: «طلبت مقابلة رئيس الحكومة (التونسية) يوسف الشاهد منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، ولكن لم يصلني أي ردّ، وقد كنت أود تكوين لجنة خاصة بهذا الملف تضم موظفين مختصين وقضاة قادرين على الوصول إلى الحقيقة، فحتى قاضي التحقيق المكلف بمتابعة هذا الملف ليس بإمكانه دخول ليبيا بسبب التعقيدات الإدارية والوضع الأمني الصعب ولو كانت هناك جهة تسهل عمله فإنه بإمكانه الوصول إلى نتائج، أما نقابة الصحافيين التونسيين فإنها تلتزم الصمت إزاء هذا الملف بعد جهود مكثفة بذلتها في البداية ثم توقفت مساعيها، وأنا الآن أتحرك وحدي وبجهد خاص».
ويقول معاوية الشورابي إنه اتصل أيضا بعدد من السفراء الأجانب في تونس خاصة منهم سفراء البلدان المؤثرة في المشهد السياسي الليبي (أميركا، وفرنسا، وتركيا، ومصر، وغيرها) وكلهم أبدوا استعدادا للتدخل في الملف والمساعدة على الوصول إلى الحقيقة ولكن ذلك يستوجب التعاون مع السلطات التونسية والتنسيق معها.
وحول مصير الصحافيين المختطفين قال معاوية الشورابي إن له أملا كبيرا في أن يكونا على قيد الحياة وتم اقتيادهما إلى جهة غير معلومة وسيعودان يوما ما واستبعد فرضية التصفية طالما ليس هناك ما يؤكد الأخبار المتضاربة التي وصلته.
وارتباطا بموضوع اختطاف الصحافيين سفيان الشورابي ونذير القطاري، وردا على اتهام معاوية الشورابي لنقابة الصحافيين التونسيين بالتقصير في متابعة ملف اختطاف هذين الصحافيين قال زياد الدبار، عضو المكتب التنفيذي للنقابة: «بقدر ما نتفهم حرقة عائلتي الصحافيين المختفيين، فإننا نرى أنه لا بد أن يكون موقف العائلتين موقفا عقلانيا، فلولا نقابة الصحافيين التونسيين وضغطها لقُبر ملف سفيان الشورابي ونذير القطاري تماما ولما أرسلت الحكومة التونسية قاضي تحقيق وعددا من القضاة إلى ليبيا للتحقيق في موضوع الاختطاف، ولكن الإشكال أن النقابة لا يمكن أن تعوض دور الدولة وليس بإمكانها القيام بدور الدولة في المفاوضات والمشاورات والتنسيق والبحث ونحن كنا وما زلنا نمارس ضغطا على الحكومة من أجل كشف حقيقة هذا الاختطاف وهذا واجبنا ونرى أنه من واجب الحكومة تحمل مسؤوليتها فليس بإمكان أي كان أن يغامر ويذهب إلى بنغازي، ورغم ذلك ذهبنا وبحثنا ولكن لم نتوصل إلى حلول لأننا لا يمكن أن نعوض الدولة، وفي خضم المعلومات الوافدة من ليبيا إلى حدود الأيام الأخيرة فإننا نتحرى عن هذه المعلومات ونقدم الصحيح منها لعائلتي الصحافيين (سفيان ونذير) ونرفع اللبس والخطأ في الأخبار الكاذبة».
وحول مدى قدرة الحكومة التونسية على كشف الحقيقة، قال زياد الدبار إن الحكومة لها آليات تساعدها على كشف ملابسات الملف، فلها مؤسسات ولها قوانين ومعاهدات دولية تساعدها على ذلك والقائمون على الحكومة يعرفون الحلول المناسبة.
وختم بالقول إن كل السيناريوهات محتملة بخصوص مصير الصحافيين، ولكن المطلوب هو الحصول على أدلة، سواء على أنهم أحياء أو تمت تصفيتهم، ودون أدلة لا يمكن تصديق أي رواية.
وحول قضية الاختطاف والمصير المجهول للصحافيين يقول المهدي ثابت الخبير في الشأن الليبي لـ«المجلة» إن الحقيقة لن تظهر ولن تتضح الرؤية حول ملابسات هذا الملف إلا عندما يستقر الوضع في ليبيا وتكون هناك حكومة موحدة ومنتخبة قادرة على فتح الملفات والنظر والبحث فيها، فعملية الاختطاف حصلت وليبيا في حالة انفلات أمني وفوضى (خريف 2014) وذلك في طريق صحراوي بين مدينتي أجدابيا وطبرق وتحديدا في استراحة تبعد 200 كلم عن أجدابيا وهي منطقة في شرق ليبيا الواقعة تحت سيطرة القائد العسكري خليفة حفتر وبالتالي فإنّ المفاوضات والاتصالات لا بد أن تكون مع حكومة بنغازي (أي حكومة الشرق الليبي) لأنها الجهة الأقدر على معرفة الحقيقة.