• يمثل المؤتمر منصة عالمية تجمع بين المستثمرين والمفكرين الاقتصاديين من جميع أنحاء العالم.
• في رؤية السعودية 2030، تهدف الحكومة إلى خلق بيئة مناسبة لنمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
• الإدراك التام لرؤية المملكة العربية السعودية 2030 يعتمد بشكل كبير على التطور التكنولوجي.
• بسبب التسارع في التطور التكنولوجي الحديث سيكون للمواهب دور كبير في قيادة الاختراقات التكنولوجية الثورية.
الرياض: تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أتت النسخة الثانية لمؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض لعام 2018م، أو ما يعرف بـ«دافوس الصحراء» وتهدف لتعزيز مكانة المملكة العربية السعودية ووزنها الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط والعالم. وشهدت الدورة الثانية من مؤتمر مستقبل الاستثمار، استكشافا للاتجاهات والفرص والتحديات التي تواجه مناخ الاستثمار العالمي. وركز المؤتمر على مناقشة ثلاثة محاور رئيسية.
المحور الأول: «الاستثمار في التحول»، والذي يركز على كيفية قيام كبار المستثمرين في العالم بإنشاء المدن الحديثة والمساهمة في تحويل الاقتصادات. والمحور الثاني لمناقشة موضوع «التكنولوجيا كفرصة» وتناول مواضيع تتعلق بكيفية تمكين التكنولوجيا الحديثة والرقمية، للفرص الاقتصادية الجديدة.
والمحور الثالث تناول «تطوير إمكانيات الإنسان» في عالم سيعمل فيه البشر والآلات معا لخلق حياة أكثر أمانا وإنتاجية.
وملخص القول، إنه لم يعد بوسع المجتمعات والأقاليم والدول أن تتعامل مع التنمية الاقتصادية بنفس الطريقة التي مرت بها من خلال إدراك أهمية الموهبة والتكنولوجيا الحديثة والأتمتة والبرامج لدعم الأعمال. وذلك لتمكين توفير فرص العمل والفرص الاقتصادية المتميزة.
التكنولوجيا
في عالم حيث تتمكن التكنولوجيا من كل شيء تقريباً، يواجه صانعو السياسة الاقتصادية تحديات عديدة عند تخطيط وتنفيذ استراتيجيات النمو الاقتصادي. ويجب أن تكون المجتمعات والأقاليم والدول قادرة على تكييف البرامج والمبادرات للتعامل مع الاضطراب الاقتصادي الذي تسببه التكنولوجيا.على وجه الخصوص، الاستثمارات في التكنولوجيا والمواهب ضرورية لضمان النمو الاقتصادي وخلق الثروة للمقيمين والشركات في جميع أنحاء العالم. وبنظرة سريعة للتاريخ، مرت البشرية بعصور مختلفة، منها: عصر الصيد وعصر الزراعة. وفي عصور متأخرة وصلت البشرية إلى الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري مثل الفحم الحجري الذي ساهم في بداية عصر الثورة الصناعية وصولا إلى النفط والغاز الطبيعي.
ونعيش اليوم في عصر يعتمد بشكل كبير على اقتصاد المعلومات ويؤثر بشكل كبير في التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها العالم. وفي عالم التكنولوجيا الحديثة، تعد الموهبة والمعرفة التقنية أهم سلعة في عالمنا اليوم. وفي الواقع، لن تكون الموهبة فقط عامل القرار الأكثر أهمية بالنسبة إلى الأعمال التكنولوجية، وتمثل أيضًا عاملا مهما لبناء اقتصاد قائم على المعارف والعلوم. ونتيجة لذلك، من المهم الاهتمام وتحديث التعليم لمواكبة التطور السريع في التكنلوجيا الرقمية، لبناء رأسمال بشري يعتمد عليه في تطلعات السعودية الحديثة.
اقتصاد يعتمد على التكنولوجيا
لقد ساهمت التكنولوجيا بشكل كبير في الاقتصاد العالمي وارتبطت بشكل كبير بتحسين مستويات المعيشة وازدهار التجارة العالمية. وقد أدت التطورات التكنولوجية إلى تحسن كبير في العمليات وخفض تكلفة ممارسة الأعمال. وكمثال على ذلك، يمكن لعدد قليل من الفنيين الذين يسيطرون على الأنظمة الآلية، على سبيل المثال، تشغيل مصنع للتصنيع الكامل، وأنظمة المخزون المبتكرة قادرة على توفير الأجزاء اللازمة في غضون فترة زمنية قصيرة للتجميع. وقد أدى التقدم في صناعة الكمبيوتر، إلى جانب التقدم في مجال الاتصالات، إلى زيادة فرص العمل وتعزيز النمو الاقتصادي. وفي الحقيقة فإن التكنولوجيا تعد عامل تمكين مهما لنمو الأعمال التجارية وبالتالي دفع عجلة النمو الاقتصادي.
للتكنولوجيا دور رئيسي في رؤية السعودية 2030م
تقدم رؤية السعودية 2030م، خطة استراتيجية لتنويع اقتصاد المملكة العربية السعودية والتقليل من الاعتماد على المدخولات النفطية في تغذية الاقتصاد، ومن المؤكد أن التكنولوجيا الرقمية والحديثة ستلعب دورا هاما في تمكين رؤية 2030م. ومن مجالات الاستفادة من الرقمنة وتكنولوجيا المعلومات: أتمتة التصنيع وسلسلة التوريد وتحسين الاتصال والخدمات الرقمية. هذا وسيوفر الاستثمار في البنية التحتية للاتصالات الرقمية الحديثة وربط المعلومات السريع مع المستفيدين، والأمن السيبراني، سيجذب رؤس الأموال الأجنبية للاستثمار وبالتالي يساهم في تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد السعودي.
وسوف تلعب التكنولوجيا دوراً هاماً في تنفيذ رؤية 2030م، حيث سيكون لتطبيق تكنولوجيا المعلومات الحديثة والرقمية، من خلال الاستفادة من تطبيقاتها في عدة جوانب مهمة في تحقيقها. هذا ومن المهم الإشارة إلى أن تنفيذ رؤية 2030 هو في صميم عمل الحكومة، وعلى هذا النحو، ينبغي ربط جميع المشاركين والأنشطة الاقتصادية بشبكة الإنترنت والرقميات المتقدمة. حيث ستكون تكنولوجيا المعلومات وسيلة مناسبة لضمان تحقيق هذه الأهداف بسهولة. كما ستكون تكنولوجيا المعلومات ضرورية لضمان سرعة تنفيذ الأنشطة الاقتصادية في رؤية 2030م. ولذلك، فإن استخدام تكنولوجيا المعلومات تضمن إنجاز الرؤية في الوقت المناسب كما هو مخطط من قبل الحكومة. وعلاوة على ذلك، يتوقع أن تزيد تكنولوجيا المعلومات من تفاعلات الأعمال من خلال استراتيجيات تبادل المعلومات المختلفة، التي تعد خطوة هامة في تحقيق النمو في الاستثمارات والتجارة. هذا وبينما تسعى السعودية إلى تنويع مصادر إيراداتها، سيكون دعم العديد من الأفكار التجارية أمراً بالغ الأهمية. وعلى هذا النحو، فإن استخدام تكنولوجيا المعلومات سيساعد في المشاركة والتواصل مع الشركات الخارجية مع المقيمين في المملكة العربية السعودية، مما يؤدي إلى نقل المعرفة الضرورية من أجل دفع نمو الأعمال. علاوة على ذلك، يمكن أن يساهم استخدام تكنولوجيا المعلومات في نمو الأنشطة الأخرى المدرة للدخل، خاصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
ويشهد مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تطوراً متسارعا مقارنة بالمجالات على مستوى العالم. وقد عجلت الحقيقة التالية من خلال قدرته على التوفيق في أي مجال، وتوفير طرق أبسط لإجراء أنشطتهم اليومية. وفي الواقع، فإن ظهور تقنيات اتصال وإعلان أكثر بساطة، وأنظمة تحويل الأموال، وتسجيل الأعمال التجارية، وتوفير الرعاية الصحية من بين أمور أخرى، هي مجرد أمثلة تشير إلى المجالات التي يمكن أن تصبح فيها تكنولوجيا المعلومات قابلة للتطبيق.
وتضع السعودية نفسها في طليعة الثورة الصناعية الرابعة من خلال استثماراتها في تطبيقات التكنولوجيات المتقدمة وفي الذكاء الاصطناعي. ذلك لأن من أهداف رؤية 2030م، هو الاستثمار في تطوير القطاعات غير النفطية من خلال الاستثمار في تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي حيث يعزز موقع المملكة العربية السعودية الاستراتيجي لسنوات قادمة. وفي تقرير لشركة (بي دبليو سي) الاستشارية أشارت إلى أن الإنفاق على الذكاء الاصطناعي وأنظمة الذكاء المعرفي في الشرق الأوسط وأفريقيا سوف ينمو من 37.5 مليون دولار في عام 2017 إلى أكثر من 100 مليون دولار بحلول عام 2021م.
والجدير بالذكر أنه ومنذ انطلاق رؤية 2030م، لتنويع اقتصاد السعودية وتقليل اعتمادها على المدخولات النفطية لتغذية الاقتصاد السعودي، ولتحقيق جملة الأهداف التي تضمنت رؤية 2030م، لا يمكن التقليل من أهمية التكنولوجيات الرقمية والمعلوماتية. وستساهم تقنية المعلومات بشكل كبير في خلق بيئة أعمال ممتازة. وتؤمن رؤية 2030م إلى أن تمكين التكنولوجيا ضرورية في تحقيق رؤية السعودية 2030م. ومنذ انطلاق الرؤية حددت الرؤية أولوياتها ومنها أن تصبح السعودية قوة استثمارية على النطاق العالمي، وجذب رؤوس الأموال من جميع انحاء العالم. عن نجاح أي عملية لتنفيذ أهداف الرؤية يعتمد على التكنولوجيا. ولأهمية التكنولوجيا فإنها تتطلب استثمارات ضخمة، حيث إنها تربط بين التجارة والاتصال والتعليم والصحة والأمن والطاقة... إلى آخره..
«نيوم» مدينة التكنولوجيا الذكية
وفقا لما تضمنته رؤية السعودية 2030م في التقليل من الاعتماد على مدخولات النفط كأساس للاقتصاد الوطني، فأحد سيناريوهات التغيير سيكون مدعوماً بالبيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعي. وجوهرة هذا التوجه مشروع إنشاء مدينة «نيوم» وترمز إلى المستقبل الجديد. وذكرت حكومة المملكة العربية السعودية إلى أنها ستمول هذا المشروع الضخم بحوالي 500 مليار دولار، كما سيشارك صندوق الاستثمارات العامة وعدد من المستثمرين المحليين والعالميين في عملية دعم المشروع. وستعتمد المدينة على دمج المعلومات سواء لسكان المدينة أو للمرافق بها مثل المباني ووسائل النقل مع أنظمة إنترنت الأشياء. والجدير بالذكر أن مشروع مدينة «نيوم» يدخل في إطار التطلعات الطموحة لرؤية 2030م، بتحويل المملكة العربية السعودية إلى نموذج عالمي رائد، في مختلف نواحي الحياة، وذلك من خلال التركيز على جذب وتوطين سلاسل القيمة في الصناعات والتقنية داخل مشروع المدينة الجديدة ومن المقرر أن تركز مدينة «نيوم» على تسعة قطاعات استثمارية متخصصة تستهدف مستقبل الحضارة الإنسانية، وهي: مستقبل الطاقة والمياه، ومستقبل التنقل، ومستقبل التقنيات الحيوية، ومستقبل الغذاء، ومستقبل العلوم التقنية والرقمية، ومستقبل التصنيع المتطور، ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي، ومستقبل الترفيه، ومستقبل تطوير جودة الحياة، والذي بدوره يمثل هدفا حيويا للمشروع. وستكون مدينة «نيوم» أول مدينة في العالم تضم عددا من روبوتات الإنسان الآلي يفوق عددها عدد البشر، كما سيتم الاعتماد على الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية لتغذية الطلب على الطاقة في مدينة «نيوم».