* لقي معظم الغجر خلال الحرب العالمية الثانية مصيراً على غرار اليهود.
* معظمهم الغجر يتمركزون في الوسط والشمال، غير أنه لا توجد تقارير رسمية بشأن ظروفهم المعيشية وأعدادهم في إيران.
نيويورك:هاجر الغجر في نهاية القرن الـ13 من أراضيهم في شمال الهند إلى غرب آسيا وأوروبا المركزية والشرقية والجنوبية حيث وصلوا إلى أسيا الصغرى وجنوب روسيا ودول البلقان عن طريق إيران وتمكنوا في القرن الخامس عشر من الوصول إلى أوروبا الغربية ووصلوا إلى بريطانيا في القرن السادس عشر. وأصبح الغجر شعبا جوالا في القرن الـ15 بعد سنوات من العبودية والممارسات التمييزية ضدهم.
لقي معظم الغجر خلال الحرب العالمية الثانية مصيرا على غرار اليهود. وتم ترحيل الآلاف من الغجر السينت والروما المقيمين في الرايخ الثالث في فترة الحرب إلى معسكرات الموت.
لا يتمتع الغجر في الوقت الحاضر بظروف اجتماعية جيدة. وقد أجرت وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية العام الماضي تحقيقا حول أسلوب حياة 34 ألف غجري في بلغاريا وجمهورية التشيك واليونان وأسبانيا وهنغاريا والبرتغال ورومانيا وسلوفاكيا وأعلنت أن ثلث الأطفال الغجر المقيمين في أوروبا ينامون على الأقل لليلة واحدة في كل شهر وهم جوعى. ويشير التحقيق إلى أن 50 في المائة ممن تتراوح أعمارهم بين 6 و24 عاما في عائلات الغجر لا يذهبون للمدارس وأن الغجر يتبنون نظرة مختلفة عن غيرهم للحياة ويحاولون الاستمتاع بحياتهم في اللحظة الراهنة ويتمتعون بعلاقات محدودة مع غير الغجر.
كان الغجر على مر الزمان شعبا جوالا ورحالا ويعملون كباعة متجولين غير أن الموسيقى تعتبر جزءا من حياتهم اليومية. موسيقى الغجر مأخوذة من الموسيقى والرقص في فترة الهند القديمة.
هناك تنوع في المقطوعات الموسيقية الغجرية وذلك بسبب ترحالهم الدائم من منطقة إلى أخرى وإدغام الوحدات الإيقاعية المأخوذة من بقية الشعوب والقوميات على غرار اليونانيين والعرب والإيرانيين والأتراك والرومانيين والألمان والفرنسيين والهولنديين والصقالبة الإسبان وحتى اليهود.
تعتبر موسيقى الغجر في الوقت الراهن ذات صيت عالمي ولا تنحصر في منطقة ما ويتم عزفها في المقاهي والمطاعم والحفلات وأحيانا في المسرحيات والحفلات الغنائية بأغلب المدن الأوروبية.
نشير هنا إلى أشهر الموسيقيين والفنانين من الأصول الغجرية.
جانغو راينهارت (Django Reinhardt) (1910-1953): هو عازف جيتار غجري ولد في بلجيكا ومن أهم الموسيقيين المشهورين في الثلاثينات في فرنسا حيث يعتبر مؤسس موسيقى الجاز الغجرية.
ليدا غولسكو: المغنية الروسية من أصول غجرية من مواليد 1917 في بيتروغراد وهي ابنة عازف الكمان الشهير جان غولسكو. وبدأت ليدا مشوارها الغنائي في سن 17 سنة في إحدى المقاهي الباريسية وتجاوز صيتها حدود باريس ليصل إلى نيويورك ولندن وروما.
ماتيلو فيريت (Matelo Ferret) (1918-1989) المغني وعازف الغيتار الفرنسي ومن رواد موسيقى الجاز الغجرية وأحد أتباع جانغو راينهارت. وكان أبناء هذا الموسيقي الفرنسي في باريس من عازفي الجاز التي اعتمدت على الغيتار.
تعرف الفنانة أسماء رجبوفا، بكونها أول امرأة تغني باللغة الغجرية في يوغوسلافيا السابقة، وبدفاعها عن حقوق شعبها الغجري.
ويعرف الغجر في رومانيا باسم «تسيغان». وكان روميكا بوتشينو (1926-1996) المغني الغجري الروماني يستخدم في عروضه الموسيقية موسيقى غجرية تقليدية في جنوب رومانيا تدعى Lăutari (موسيقى الغجر في رومانيا في القرن 19).
ولد روبي لاكاتوس عازف الكمان الغجري الشهير من مواليد 1965 في رومانيا واشتهر فيما بعد بدمجه الموسيقى مع الألحان الغجرية.
لقد زار إحسان قريشي– العازف والملحن الشاب الإيراني- وهو من مواليد أغسطس (آب) 1980 في مدينة مشهد الواقعة شمال شرقي إيران، زار قرية كليجان الرومانية منذ أربعة أعوام ونصف العام وبدأ تعاونه الموسيقي مع السكان الغجر في القرية.
وقال قريشي في حوار لـ«المجلة»: «إن الغجر شعب مرحب ومضياف وهذه الميزة جعلتني أشعر بالأمان معهم».
وأضاف قريشي: «يمر الغجر في رومانيا بظروف معيشية صعبة ويتعرضون لشتى الممارسات التمييزية في اليونان وهنغاريا أكثر من المناطق الأخرى. لم يعد الغجر يجتمعون مثل السابق في جلسات السمر والرقص على أنغامهم. كونك غجريا فهذا يعني بأنك ستتعرض لأبشع أشكال التمييز».
وأضاف إحسان قريشي أن «الموسيقى تجري في دم الغجر. يعزف أطفال الغجر جنبا إلى جنب الكبار لمدة تتراوح بين 4 و8 ساعات في أعياد الميلاد ومجالس العزاء والأعراس ويعملون كالعمال ولكنهم يتمتعون بالاحترام والغرور ولديهم الأمل بأن هناك مستقبلا أفضل بانتظارهم غير أنهم يواجهون موانع وتحديات كثيرة لتحقيق آمالهم لكونهم ينتمون لعائلات غجرية».
وتابع إحسان الذي بدأ ترجمة الأغاني الغجرية إلى الفارسية: «إن الترجمة تختلف عن النص الرئيسي لهذه الأغاني».
وأضاف: «إن الغجر سواء كانوا مسلمين أم رومان كاثوليك هم شعب متدين. لا تستطيع أية ديانة أو حقيقة أو الخرافات الدينية أن تبعدهم عن الموسيقى».
وأوضح إحسان التقاليد الغجرية حول طقوس الدفن بأن الغجر يقومون بدفن موتاهم على وقع الأنغام الغجرية.
وتوجه إحسان إلى منطقة «شوتكا» التي تقع على حافة سكوبيه عاصمة مقدونيا وهي أكبر مستوطنة للغجر في العالم. ويتعرض الغجر في «شوتكا» إلى إساءات وممارسات تمييزية أكبر من رومانيا غير أن ظروفهم الاجتماعية تبقى أفضل من الغجر في إيران حيث لا توجد معلومات عن ظروفهم.
وأفادت الدراسات حول الغجر في إيران بأن معظمهم يتمركزون في محافظتي كرمان (الوسط) ومازنداران (الشمال) غير أنه لا توجد تقارير رسمية بشأن ظروفهم المعيشية وأعدادهم في إيران.
ونشرت صحيفة «شهروند» الصادرة في طهران دراسة قام بها طالب الدكتوراه في جامعة الزهراء الباحث ثمره صفي خاني، الذي أجرى هذه الدراسة منذ 2011 حول الغجر في شمال إيران، يقول: «اعتمدت الحكومات الإيرانية سياسات لتكوين الدولة الأمة لتوحيد المجتمع الإيراني مما أدى إلى سلخهم عن هويتهم وهيكلهم المعيشي والأسري ووضعهم في الهامش ومن ضمن الطبقات الاجتماعية المهمشة وبالتالي فإننا نجد مثلا أن الغجر لا يتمتعون بحقوق قانونية ولا يتمتعون بحق التعليم العام».
وتعيش مجموعة من الغجر في مناطق في آسيا الوسطى وأفغانستان وإيران وتركيا ويتراوح عدد سكان الغجر في إسبانيا بين 650 إلى 750 ألف شخص في الوقت الذي يتراوح عدد الغجر في رومانيا بين 620 ألفًا إلى مليوني شخص ويصل هذا الرقم في فرنسا بين 350 إلى 500 ألف نسمة. واستوطن الغجر المدن الأوروبية منذ فترة طويلة حيث يقطنون في أحياء خاصة بهم. وتوجه عدد من غجر أوروبا بسبب تعرضهم لشتى الممارسات التمييزية والإساءة والحرمان الاجتماعي إلى كندا وبعض دول أميركا الجنوبية منها البرازيل منذ القرن الـ19 حيث يعيشون حياة طبيعية.