* بين من شاركوا في المسابقة أطفال ومراهقون مصريون تتراوح أعمارهم ما بين 8 إلى 16 عامًا.
* الفريق المصري هو فريق محلي يضم 10 أعضاء، معظمهم في مرحلة التعليم الإعدادي، وبعضهم ما زال بالمرحلة الابتدائية.
القاهرة: يتسابق جيل جديد من شباب العالم للتخلص من الألغام الأرضية بواسطة «الروبوتات». وتحدد شروط مسابقة أقيمت أخيرا في أسبانيا أن يتمكن الروبوت المشارك من مسح 400 متر مربع على الأقل، وأن يقوم بالكشف عن 12 لغماً كحد أدنى.
وكان من بين من شاركوا في المسابقة أطفال ومراهقون مصريون تتراوح أعمارهم ما بين 8 إلى 16 عاما، في العاصمة الإسبانية مدريد في الفترة من 1 إلى 5 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري. وتأهل فريق الصغار المصري للمسابقة الدولية التي تحمل اسم "عالم بلا ألغام" عقب فوزهم بالمركز الأول في النسخة الإقليمية العام الماضي
وتتزامن المسابقة في العاصمة الإسبانية مع تصاعد المخاوف الدولية من مخاطر الألغام، وتحذيرات الخبراء من خطورة لجوء الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة إلى تكتيكات زراعة الألغام التي أصبحت تحصد أرواح مئات المدنيين يوميا في مناطق النزاع المختلفة.
الفريق المصري هو فريق علمي محلي يطلق على نفسه اسم "شادو هنترز"، ويضم 10 أعضاء، معظمهم في مرحلة التعليم الإعدادي، وبعضهم ما زال بالمرحلة الابتدائية، وجميعهم من محافظة الإسماعيلية (شرق مصر)، إذ مثل الفريق محافظته في المسابقة الإقليمية لـ«الروبوتات» الكاسحة للألغام، التي نظمت العام الماضي على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا، وفازوا فيها بالمركز الأول عقب منافسة شرسة مع 17 فريقا علميا محليًا وإقليميا.
تقول شهد ياسر، طالبة بالمرحلة الإعدادية (15 سنة)، عضو الفريق المصري، لـ«المجلة»: لقد صنعنا الروبوت الذي شاركنا به في المسابقة، ويزن نحو 12 كيلوغراما، وهو مصنع من الألومنيوم كي يكون خفيف الوزن. وسبق أن شاركنا في مسابقات علمية عديدة، بينها مسابقة للغواصات الآلية التي تصمم للبحث عن حطام الطائرات والسفن الغارقة.
وتعد مسابقة «عالم بلا ألغام» أكبر مسابقة علمية دولية في مجال «الروبوتات» كاسحة الألغام، وتهدف إلى تشجيع المبتكرين والمبرمجين على إيجاد نماذج جديدة من أجهزة الروبوت تضع حلولا أكثر جدوى وفاعلية للكشف عن الألغام.
وبحسب معايير المسابقة يجب أن يتمكن «الروبوت» المشارك من مسح مساحة نحو 400 متر مربع، يقوم خلالها بالكشف عن 12 لغما، تكون 6 منها غير ظاهرة ومدفونة في عمق الأرض، و6 أخرى تكون قريبة من سطح الأرض ويجب الكشف عنها من دون لمسها.
يقول زياد إيهاب (16 عامًا)، عضو الفريق المصري، لـ«المجلة»: «أجرينا اختبارات وتدريبات عديدة للروبوت على معايير المسابقة... أجرينا تعديلات وتحديثات عديدة على النموذج الذي شاركنا به في المسابقة الإقليمية، فالروبوت القديم كان هيكله مصنوعا من الخشب، وإطارات الكاوتشوك صغيرة الحجم، حيث كانت أرض المسابقة رملية، لكن في المسابقة الجديدة كانت الأرض من العشب وهو ما دفعنا إلى تركيب إطارات أكبر حجما، وأيضا صنعنا الهيكل من الألومنيوم كي يكون خفيف الوزن ويسهل التحكم به أوتوماتيكيا».
المشاركة في مسابقة دولية لـ«الروبوتات» كاسحات الألغام، دفعت أعضاء الفريق المصري رغم صغر أعمارهم إلى الاتجاه للاهتمام بقضية الألغام في العالم، وإجراء البحوث لمعرفة أبعادها والجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لوضع حد لهذا السلاح الذي يتسبب في مقتل الأبرياء.
ويسعى المجتمع الدولي منذ دخول معاهدة «أوتاوا» لحظر استخدام الألغام التي تستهدف الأشخاص، حيز التنفيذ في مارس (آذار) عام 1999، إلى تكثيف جهوده للكشف عن الألغام التي خلفتها الحروب خلال العقود الماضية وإزالتها، خاصة في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وذكر تقرير للأمم المتحدة يتعلق بمكافحة الألغام المضادة للأفراد، أنه ما زال يوجد نحو 37 مليون لغم في 19 دولة أفريقية تحتاج إلى جهود كبيرة لإزالتها.
وتقول المهندسة سما فواز، إحدى المشرفات على تدريب الفريق المصري، لـ«المجلة»: «أعد كل عضو في الفريق بحثا عن مشكلة الألغام في مصر والعالم، وبعد انتهائهم من الأبحاث لاحظنا أن معظمهم أبدى اهتماما كبيرا بالقضية، وبعضهم توسع في أبحاثه حول الجهود الدولية لمكافحة الألغام، وتاريخ استخدام الروبوتات في الكشف عنها، وأتوقع أن تحظى قضية تكنولوجيا إزالة الألغام باهتمام كبير من الفريق مستقبلا».
وعلى الرغم من الجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة عبر وكالاتها وبرامجها وإداراتها وصناديقها المختلفة، وجهود المنظمات الدولية غير الحكومية والمنظمات الإقليمية والمحلية فيما يخص نزع الألغام محصلة الحروب التاريخية، إلا أن هذه الجهود تواجه مأزقا جديدا في مناطق المواجهات العسكرية بمنطقة الشرق الأوسط، إذ أضافت هذه المواجهات ملايين الألغام الجديدة التي تحتاج إلى سنوات لإزالتها.
وحذرت دراسة حديثة من مخاطر لجوء التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة إلى تكتيكات زراعة الألغام في المناطق التي ينسحبون منها.
تقول الدراسة التي أعدها مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بدولة الإمارات العربية المتحدة، تحت عنوان «حقول الموت: تحديات مكافحة الألغام في الشرق الأوسط»: «لقد تزايدت إشكاليات الألغام ومخلفات الأسلحة والذخائر التي تعاني منها دول منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة، بحيث باتت تمثل تهديدا رئيسيا للسكان المدنيين ولعمليات إعادة الإعمار بعد انتهاء الموجة الحالية من الصراعات المسلحة، إذ تعد مكافحة الألغام في دول المنطقة استمرارا للحرب بوسائل أخرى، حيث شبهت الألغام في تقارير اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بمقاتلين لا يحملون أسلحة ظاهرة، ولا يخطئون هدفهم قط، ويصيبون ضحاياهم دون تمييز، فلا يمكن الوصول إلى سلام مستقر وإعمار مستدام في الإقليم دون مواجهة الإلغام».
وتتابع الدراسة: «تتجه التنظيمات الإرهابية إلى التوسع في تكتيكات الألغام الأرضية في مواجهة الجيوش النظامية خلال الحروب الميدانية خاصة في بؤر الصراعات المسلحة، حيث تقوم الجماعات الإرهابية والتيارات المتطرفة بزراعة الألغام في المناطق التي انسحبت منها وبشكل مكثف، وربما يتم ذلك في بعض المناطق السكنية».
واعتبرت الدراسة أن أخطر ما يواجه مشكلة إزالة الألغام في مناطق الصراع بالشرق الأوسط هو: «عدم وجود خرائط مفصلة ومحددة للألغام الأرضية من حيث عددها وأماكن وجودها، وهو ما يمثل إحدى المشكلات الرئيسية لمواجهتها خاصة في مناطق القتال بفعل تغير التضاريس واتساع رقعة حقول الألغام، وهي المشكلة التي سيتعين على العالم مواجهتها فور توقف المدافع في بؤر الصراع العربية».
وتضيف الدراسة: «سوف يفرض وجود الألغام في دول الشرق الأوسط تأثيرات سلبية، منها عدم استغلال مساحات واسعة من الأراضي وعرقلة تنمية الموارد الطبيعية، سواء كانت ثروات نفطية أو معدنية، وإعاقة عودة السكان النازحين إلى أماكن إقامتهم، وزيادة الصعوبات التي تواجه عمليات الإعمار بعد انتهاء الحرب، ويمكن لجهود إعادة الإعمار أن تطول لسنوات طويلة بسبب مشكلة الألغام».