-
لعقود طويلة من الزمن، ساهم النفط في توفير الطاقة الحديثة وتحسين مستويات المعيشة للناس مع تقليل الآثار على البيئة.
-
لا بد من العمل على إيجاد حلول مستدامة تساهم في الحد من مشكلة تغير المناخ.
-
سيستمر النفط والغاز الطبيعي في لعب دور هام في تلبية الطلب على الطاقة.
-
تعتبر مبادرة «أو!جي سي آي»، قوة دافعة للصناعة في تقديم الحلول العملية لمشكلة الاحترار العالمي وتبعاته.
«تغير المناخ» التحدي المزدوج
جدة: إنها حقيقة، ففي هذا العصر، دون مصادر حديثة ومستدامة للطاقة، سيتعذر على الإنسان العيش في بيئة حديثة وصحية. ووفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، فإن مصادر الوقود الأحفوري (النفط والغاز) ستستمر في توفير أكثر من 66 في المائة من احتياجات الطاقة حتى عام 2040م.
وفي إشارة إلى أهمية الطاقة في عصرنا الحديث، ذكر الأمين السابق للأمم المتحدة، السيد بانكي مون، أن: «الطاقة هي الخيط الذهبي الذي يربط بين النمو الاقتصادي، والعدالة الاجتماعية، والاستدامة البيئية».
إن للمنتجات البترولية الحديثة دور حيوي في المجتمع الحديث، حيث تساعد الطاقة الميسورة على تأمين الاحتياجات الأساسية للحياة مثل: المياه النظيفة والصرف الصحي، وإنتاج الأغذية وتخزينها، وإضاءة وتدفئة وتبريد المنازل، والنقل.
وبالإضافة إلى استخداماتهما كوقود، فإن النفط والغاز الطبيعي هما بمثابة المواد الأولية لآلاف المنتجات، مثل الأجهزة الطبية والهواتف الخلوية والملابس ومواد البناء والأدوية.
وبعد دخول اتفاقية باريس حيز النفاذ، تبرز الحاجة إلى اعتماد إجراءات وسياسات مبتكرة واستثمارات جديدة ممكنة لتحقيق الأهداف التي تطمح لتحقيقها الاتفاقية.
اتفاق باريس لتغير المناخ... نحو التعجيل بمستقبل منخفض للانبعاثات
اتفاق باريس لتغير المناخ وافقت عليه ما يقارب من 200 دولة في شهر ديسمبر (كانون الأول) لعام 2015م، ودخل حيز التنفيذ في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) لعام 2016م. ومنذ ذلك التاريخ تسعى الدول الموقعة والمقرة بآليات ومخرجات الاتفاق التي تسعى لوضع قيود على الكربون بشكل تدريجي، وأيضًا الاستمرار في العمل على اتخاذ الإجراءات المناسبة للاستثمارات التي تخدم تحقيق هدف طويل الأجل تنشده الاتفاقية، وهو «مستقبل ذو انبعاثات صفرية الكربون». وبالتالي فإن الاستثمارات المنخفضة الكربون ستحتاج إلى توجه جديد في التمويل المالي وتحول جذري للاستثمار في مصادر ذات إنتاج كربوني منخفض، مثل مصادر الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، لتحقيق هدف «باريس» للحفاظ على ارتفاع درجة حرارة الأرض لأقل من 2 درجة مئوية.
كيف يؤثر «تغير المناخ» على صناعة النفط والغاز؟
قسمت «قضية تغير المناخ» الناس بين مؤيد ومعارض، وعلى الرغم من الاصطفاف العالمي المؤيد، فإن هناك فريقا يرفض العديد من مفاهيم «الاحترار العالمي» وفكرته التي تربط تأثير نوع النشاط البشري على ارتفاع درجة حرارة الطقس. ومن بين المتهمين في القفص «صناعة النفط والغاز» نظرا لطبيعة النشاط الصناعي المرتبط بهذا القطاع.
إن صناعة الطاقة والنفط هي في قلب التغييرات التي تنادي بالتقليل من كثافة الكربون في الاقتصاد العالمي. وخلال القرن الماضي، حققت الدول معدلات نمو للاقتصاد العالمي كانت مدعومة بزيادة استخدام الطاقة. وتتهم الأنشطة المتعلقة بالطاقة بالتسبب بنسبة 70 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، ويمثل النفط والغاز نحو 60 في المائة من الانبعاثات المرتبطة بالطاقة، وذلك من خلال كافة مراحل الإنتاج والتصنيع والاستهلاك. وبالتأكيد فإن صناعة النفط والغاز، ستتأثر بشكل كبير من خلال الإجراءات واللوائح التنظيمية والأدوات الإعلامية للتوجه نحو سياسة ما يسمى الطاقة النظيفة. وحاليا، تواجه صناعة النفط والغاز تحديات حقيقية، خصوصا مع التوجه العالمي للتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون من خلال تحول تدريجي لمصادر طاقة أقل كثافة من الكربون. تؤثر السياسات العالمية لتغير المناخ في أعمال شركات النفط خصوصا التنظيمات المتعلقة بالتكاليف المالية لإدارة الانبعاثات الكربونية، ولذلك، ينبغي على الشركات دراسة كيفية تأثير الأهداف الوطنية والدولية للحد من انبعاثات الكربون على الطلب على منتجات النفط والغاز في المستقبل. ولذلك، فإن المعالجة الفعالة لمجموعة واسعة من القضايا التي تواجهها الشركات عبر أعمالها سوف تكون ذات أهمية متزايدة لتطورها في المستقبل.
ما هي مبادرة الـ«أو جي سي آي» (OGCI)؟
في تحد عالمي جديد كتغير المناخ، فإن المبادرات الريادية مثل «أو جي سي آي»، سيكون لها أثرها في تحسين وتغيير الصورة المغلوطة عن صناعة النفط والغاز، لذلك وجب على أرباب هذه الصناعة الاستفادة من هذه الفرصة بإظهار الريادة في دعم الابتكار والاستثمار في الحلول التي تقلل من انبعاثات الغازات الدفيئة بشكل عام. و«أو جي سي آي» هي مبادرة طوعية يقودها مجموعة من المديرين التنفيذين لكبريات شركات النفط والغاز الدولية. ويمثل إنتاج أعضاء «أو جي سي آي»، من هؤلاء الشركات نحو 30 في المائة من إنتاج النفط والغاز العالمي. وتمثل 13 شركة من أكبر منتجي النفط والغاز في العالم والذين يعملون على تطوير حلول عملية للتخفيف من مخاطر تغير المناخ وبأسعار معقولة. وتلتزم كل من هذه الشركات بمبلغ 100 مليون دولار لصندوق «أو جي سي آي» للاستثمارات المناخية. وقد أعلن عن صندوق الاستثمار المناخي التابع لمبادرة «أو جي سي آي» في أكتوبر (تشرين الأول) 2016م، والتي ستعمل على استثمار مليار دولار خلال العقد المقبل، وذلك لدعم الاستثمار في تقنيات مبتكرة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على نطاق كبير. وسيتم التركيز على تعظيم الفوائد المناخية للغاز الطبيعي، والتقليل من تسرب غاز الميثان، هذا إضافة إلى الاستثمار الجماعي في تحسين كفاءة الطاقة الصناعية.
«أو جي سي آي» والجهد التعاوني للتصدي لتغير المناخ
ينطلق عمل أعضاء مبادرة «أو جي سي آي»، من منظور ضرورة توفير مصادر للطاقة الحديثة التي بدورها تساهم في تحسين مستوى الظروف الحياتية للناس على كوكب الأرض مع ضرورة تقليل الآثار السلبية على البيئة، وهذا ما يعرف بالتحدي المزدوج الذي تتبناه هذه المبادرة. وتهتم هذه المبادرة بتوسيع الاستثمارات المتعلقة بالبحث والتطوير لإيجاد تقنيات وحلول طويلة الأجل للتقليل والحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ومن التقنيات التي ستساهم في إيجاد حلول واعدة لهذا التحدي: تكنولوجيا التقاط الكربون وتخزينه، والجيل الجديد من الوقود الحيوي، والكشف عن الميثان والحد منه، وكفاءة الطاقة في مجال النقل، وسلسلة القيمة للنفط والغاز، والطاقة المتجددة. وتعمل المبادرة كمنصة لتطوير الحلول التكنولوجية بشكل تعاوني ولحفز العمل والتنسيق الجديين بشأن تغير المناخ. وهذه هي المبادرة الوحيدة لتوفير نطاق كامل حول ما يقوم به القطاع حاليًا بشأن تغير المناخ، وما هو مستعد للقيام به بشكل تعاوني.
هل اهتمام صناعة النفط والغاز بالتغير المناخي حقيقي أم مجرد ترويج (greenwash) ؟
الإجابة على هذا التساؤل تجرنا لأسئلة أخرى، مثل: ما مدى اختلاف استراتيجيات المناخ التي تتبناها شركات النفط الكبرى حول قضية تغير المناخ؟ هل تستخدم الشركات مجرد خطابات مختلفة أم أن الاختلافات كبيرة؟ لماذا تختلف استراتيجيات شركات النفط الكبرى وتتغير بمرور الوقت، وما هي الشروط التي تؤدي إلى مثل هذه التغييرات؟ ورغم أن هذه الأسئلة مثيرة للاهتمام في حد ذاتها، فإنها مهمة أيضًا بالنسبة للتوجه لاعتماد سياسة دولية للتعامل مع مشكلة تغير المناخ بحيث تكون قابلة للتطبيق. وتمثل شركات النفط الكبيرة من ضمن المجموعات المستهدفة في طبيعة عملها للحد من تغير المناخ (تؤثر شركات النفط الضخمة على سياسة المناخ المحلية، وتؤثر على مواقف الدول في مفاوضات المناخ الدولية، وتشكل مجموعات مستهدفة بالغة الأهمية عند تنفيذ السياسات).
تعهد أرباب كبريات شركات النفط والغاز العالمية من الحد من كثافة الغازات الدفيئة لعمليات الصناعة للتخفيف من تبعات التغير المناخي، مع توفير الطاقة بطريقة مستدامة ومعقولة التكاليف. ومن أبرز النقاط الرئيسية التي تم الاتفاق عليها الالتزام بزيادة الاستثمارات في الغاز الطبيعي منخفض الكربون. وتسليط الضوء على حلول تغير المناخ التي طال أمدها، بما في ذلك الاستثمار في البحث والتطوير والتقنيات المبتكرة مثل التقاط الكربون وتخزينه للحد من الانبعاثات.
كما تعهدت الشركات بالتزامها بالاستثمار في الطاقة المتجددة، فضلاً عن تمويل الأبحاث في مجال تحسين كفاءة الطاقة.
إن الشركات الأعضاء في هذه المبادرة وضعت أهدافاً طموحة لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة الخاصة بها، واستثمرت في الطاقة المتجدد. ومؤخرا تسوق كبريات شركات النفط والغاز العالمية على أنها شركات للطاقة بدلا من أن يتم حصرها فقط في إنتاج النفط. إن الفرص التجارية وتحديات مشكلة تغير المناخ هما سبب رئيسي في تغيير أغلب شركات النفط العالمية لاستراتيجياتها لمواجهة تحدي تغير المناخ.
ومن الواضح أن مبادرة شركات النفط العالمية هي بالفعل مبادرة عملية وأخذ لعصا السبق في المساهمة في الحلول العملية لتغير المناخ تزامنا مع توفير الطلب العالمي على الطاقة الحديثة والموثوقة. من خلال جهود المبادرة في تسليط الضوء على مواضيع تهم مشهد الطاقة العالمي المتغير مثل: الدور الحاسم للغاز الطبيعي كسيناريو بديل للانتقال بشكل أسرع إلى نظام للطاقة يدعم الاقتصاد منخفض الكربون.
أرامكو السعودية عضو مؤسس في المبادرة العالمية لمواجهة تحدي تغير المناخ
تبرز شركة النفط والغاز الوطنية (أرامكو السعودية) كشركة عالمية رائدة وشريك في المساعي الدولية التي تسعى لإيجاد حلول عملية للتصدي لقضية تغير المناخ. وعلى مستوى أعمال الشركة فإن أرامكو السعودية، لديها خطة محددة لإدارة الكربون في أعمالها التي تشمل التنقيب والإنتاج. ومؤخرا شاركت أرامكو السعودية في الاجتماع السنوي الرابع لمبادرة شركات النفط والغاز بشأن المناخ في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية. الذي تم الإعلان فيه عن مبادرة لخفض متوسط كثافة انبعاثات غاز الميثان الناتجة من طبيعة الأعمال المتعلقة في صناعة النفط والغاز. وقد صرح رئيس أرامكو السعودية أن تغير المناخ هو من أكبر التحديات التي تواجه مستقبل البشرية، ويتوجب التصدي لهذا التحدي بحشد الجهود والتعاون لإيجاد الحلول العملية وتسريع نشر التقنيات الرائدة في خفض الانبعاثات، فشركات النفط والغاز جزء هام من الحل العالمي للتصدي للتحدي المناخي.
والجدير بالذكر أن الهدف من إنشاء صندوق استثمارات المناخ، هو تسريع نشر تقنيات تساهم في الحد من تبعات تغير المناخ (ارتفاع درجة حرارة الأرض) مثل تقنية التقاط وحجز الكربون ومن ثم إعادة الاستفادة منها في الصناعة. إضافة إلى تطوير تقنيات كشف ومنع تسرب غاز الميثان والتي تم تطويرها مع الأعضاء من مبادرة «أو جي سي آي» وشركاء آخرين. والاستثمار في البحث والابتكار والتطوير، واعتماد إجراءات ملموسة لتعزيز كفاءة الطاقة في كافة الأنشطة المتعلقة بالصناعات البترولية.
ووفقا لدراسة حديثة نشرت في إحدى المجلات العلمية المعنية، فإن إنتاج النفط الخام في المملكة العربية السعودية، تنجم عنه انبعاثات كربونية قليلة جدا لبرميل النفط السعودي على مستوى العالم! وكل هذا يعود إلى الجهود المبذولة من قبل شركة أرامكو من ناحية تطبيق أفضل المعايير العالمية في إدارة المكامن، والحد من حرق الغاز، وبرنامج أرامكو لإدارة الكربون، وبرنامج الكشف عن تسريب غاز الميثان، واستثمارات تتعلق بالتكنولوجيات منخفضة الانبعاثات وتحسين كفاءة محركات السيارات، وغيرها.