* من الناحية الميدانية هناك عقبات كبرى أمام النظام السوري قبل الإعلان عن «الانتصار» في «الحرب التي خاضها الكون» ضده، على حسب تعبير قادة «الممانعة».
تطالعنا صحف الممانعة اللبنانية يومياً عن مقالات تتغنى بانتصار محورها في سوريا. أخبار عن وفود غربية تنتظر مقابلة المملوك، من أجل تقديم أوراق اعتمادها لديه، ودخول ما تصفه الصحف بجنة إعادة الإعمار المنتظرة. ليس هناك سوى عروض مغرية على مكتب الرئيس الأسد. كل الدم، كل الجرائم، كل الدمار، كل الحرب في كتابات الممانعين كأنها ذكريات من ماضٍ غابر. لا يحدثونك سوى عن المستقبل.
أما خطب قادتها، فهي أشبه بإلياذة هوميروس، أقل شاعرية طبعاً.
ولكن كل ما يصدر عن إعلام الممانعة فيه شيء من التضليل. أشبه بأمنيات قد لا تتحقق في القريب العاجل؛ فالتعقيدات الميدانية والسياسية وحتى فقدان - حتى الساعة - التفاهمات الإقليمية والدولية، لا تسمح بإعلان «النصر»، فلماذا كل هذا الاستعجال؟
هناك شعور بأن هذه الجبهة الممانعة أنهكت ميدانياً ومادياً، وهي متعجلة تثبيت الاستقرار في سوريا من أجل خفض تكاليف الحرب الباهظة والتي لم يعد بمقدور أي من الدول المشاركة في الحرب المساندة لنظام الرئيس الأسد، لا سيما روسيا وإيران، تحمل تكاليفها، خاصة مع إعادة فرض عقوبات أميركية على كلا البلدين.
من الناحية الميدانية هناك عقبات كبرى أمام النظام السوري قبل الإعلان عن «الانتصار» في «الحرب التي خاضها الكون» ضده، على حسب تعبير قادة الممانعة. هناك طبعاً عقبة إدلب التي ما زالت خارج سيطرة النظام والذي منع من استعمال السلاح الكيماوي في هذه المواجهة التي قد تطول أكثر من المنتظر خاصة مع تداول أخبار عن فشل النظام في حشد الأعداد المطلوبة لتلك المعركة.
فالمعلومات الآتية من سوريا تقول: «إن روسيا طلبت من الفصائل التي وقَّعت اتفاقًا معها في درعا تجهيز 500 مقاتل من أجل إرسالهم إلى محافظة إدلب، ولم تحصل استجابة». كما يحكى أن الجيش السوري وضع قائمة بأسماء 172 ألف مجند مطلوبين للخدمة. هذا كله يشي بأن ثمة نقصاً في الأعداد تحاول قوات النظام تعويضها بكل الطرق الممكنة. وهي لا يمكنها أن تعول كثيرا على الميليشيات الإيرانية، فهي في نهاية المطاف تتوزع على أكثر من جبهة في الداخل السوري.
هذا كله، ناهيك بالضائقة المالية التي تحد من قدرات جبهة الممانعة على تغطية مصاريف الحرب الباهظة. المضحك أن تلك الجبهة باتت تنتظر الانتخابات النصفية الأميركية وتتوقع فقدان الحزب الجمهوري سيطرته على الكونغرس، وبالتالي البدء بإجراءات عزل الرئيس ترمب وتغيير السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
ماذا إن ربح الحزب الجمهوري؟ طبعاً لا يملك الممانعون أي جواب.
الحرب السورية مكلفة جداً على جبهة الممانعة. وهي أمعنت بطبيعتها القتالية في تحويل «المقاومة» إلى شيء يشبه جيشاً نظامياً، وشتان بين التشكيلتين، إن كان من الناحية اللوجستية أو حتى التنظيمية. وهي بحاجة إلى موارد دولة من أجل الاستمرار. فما الحل لدى إيران في ظل إعادة العقوبات التي ستزداد مع الوقت من أجل دعم ميليشياتها في المنطقة؟
قد يكون قرار دخول الحرب السورية من قبل إيران و«حزب الله» قد حقق جزئياً هدفه، أي إبقاء نظام الأسد قائماً وطريق طهران بيروت مفتوحاً، ولكن قد يكون ثمن ذلك أكبر بكثير مما يتصور البعض من الممانعين.
الأجدر على تلك الجبهة أن تقتل الدب قبل أن تبيع جلده.