أمن الخليج ودبلوماسية النفط الإيرانية الصينية

أمن الخليج ودبلوماسية النفط الإيرانية الصينية

[escenic_image id="5538497"]

عندما سافرت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، إلى الخليج العربي في فبراير/ شباط، كانت تضع في مقدمة أولوياتها مسألة كسب الدعم من أجل فرض جولة جديدة من العقوبات ضد البرنامج النووي الإيراني، الذي تشك واشنطن وغيرها من الدول في احتمال استغلال إيران له في تطوير أسلحة نووية، وركزت كلينتون جُل اهتمامها على فيلق الحرس الثوري الإيراني، تلك المنظمة شبه العسكرية التي تمتلك من القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية في المنطقة الكثير، وحذرت كلينتون من إمكانية أن تتحول إيران إلى ديكتاتورية عسكرية نتيجة لتنامي نفوذ الحرس الثوري، ودعت إلى توسيع نطاق العقوبات المفروضة على الأفراد والمصارف والشركات التي تربطها بإيران علاقات عمل، وتضمن خطاب كلينتون رسالة موجزة ودقيقة وجهتها إلى الصين التي تقع على بعد 6500 كيلومتر من الخليج العربي.

وخلال أكثر من أربع ساعات من المحادثات السرية في المعسكر الصحراوي للملك عبد اللـه خارج الرياض، أشارت الأنباء إلى أن كلينتون حثت المملكة العربية السعودية على استخدام تأثيرها المتزايد على الصين للإسهام في إقناع بكين بدعم سلسلة جديدة من العقوبات ضد إيران. وانطوت الرسالة بشكل أساسي على ضمانات يمكن أن يتم منحها للصين تقضي بأن المملكة العربية السعودية يمكن أن تزود بكين بإمدادات نفطية تعوضها عن المليون ونصف المليون برميل/ يوميًا، والذي يمكن أن تخسره الصين في حال فرض العقوبات ضد إيران.. وتأتي هذه الجهود الرامية إلى تخلي الصين عن علاقتها بإيران في أعقاب عروض مماثلة تقدمت بها الإمارات العربية المتحدة والكويت.

ولم تُظهر عروض النفط مقابل التعاون مركزية وأهمية الطاقة بالنسبة للسياسة الخارجية الصينية فحسب، ولكنها أظهرت أيضًا مدى بزوغ الصين كلاعب أساسي ومؤثر في المنطقة. وبغض النظر عن مدى مقبولية ضمانات إمدادات النفط، تمثل هذه العروض نقطة تحول في الصعود المستمر لنجم الصين على مدى العقدين الماضيين. فالصين الآن لاعب أساسي في أمن الخليج. والسؤال المطروح: هل ستكون الصين لاعبًا مسئولًا أم أنها ستستمر في تركيزها ضيق الأفق على مصالحها المتعلقة بالطاقة؟ 

علاقة قديمة بأبعاد جديدة

لاشك أن الصين ليست بجديدة على المنطقة.. فالصين ومنطقة الخليج تجمعهما علاقات تجارية طويلة الأمد تمتد جذورها لثلاثة آلاف عام، حيث كان يعبر التجار والرسل والحجاج مسالك طريق الحرير القديم بين الخليج والصين.. وبمرور القرون، تكونت علاقات تجارية وثقافية وتكنولوجية قوية، حيث كان يتم الاتجار في البضائع وكانت تنتشر الأفكار، ومنذ نحو 1500 عام، أقامت أسرة "هان" الحاكمة في شرق الصين علاقات ملاحية مع المنطقة والإمبراطورية الساسانية الفارسية، التي حكمت ما نطلق عليه اليوم الشرق الأوسط وجنوب آسيا، وقام الساسانيون بتصدير السجاد وغيره من البضائع إلى الصين، بل إنهم عيَّنوا بعثة تجارية دائمة لهم هناك.

والعلاقات التجارية بين المنطقتين ليست أقل شأنًا مما كانت عليه في الماضي، ففي عام 2008، سجل حجم التجارة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي وإيران ما يزيد على 100 مليار دولار أمريكي، حيث نما بمعدل استثنائي يبلغ 20% سنويًا على مدار الأعوام القليلة الماضية. وفي حين لا يمكن أن نغفل الصادرات الصينية إلى منطقة الخليجية – بدءًا من المواد الكيميائية والبلاستيك مرورًا بالمنسوجات والإلكترونيات ووصولًا إلى المعدات الملاحية والعسكرية – فإن عماد التجارة بين المنطقتين كان ولا يزال متمثلًا في صادرات الطاقة من منطقة الخليج خصوصًا النفط. ففي مقدمة مصدري النفط بالنسبة للصين ثلاث دول تقع في منطقة الخليج وهي المملكة العربية السعودية وإيران وعمان، وفي عام 2009، كان نصف الواردات النفطية الصينية يأتي من الخليج وكانت المملكة العربية السعودية وإيران وحدهما يمثلان أكثر من ثلث تلك الواردات.

ولم تمر هذه العلاقة المتنامية دون اهتمام. فقد اختار الملك عبد اللـه الصين لتكون أول دولة يقوم بزيارتها بعد توليه العرش، وقام الرئيس الصيني هو جيناتو منذ ذلك الحين بزيارتين إلى المملكة العربية السعودية كان آخرهما في فبراير/ شباط من العام الماضي.

 وفي الواقع، رحلة كلينتون سبقتها زيارة من وزير الخارجية الصيني يانج جيتشي في يناير/ كانون الثاني.. وبالإضافة إلى الزيارات المتكررة التي يقوم بها مسئولون صينيون للمنطقة، أرسلت الإمارات العربية المتحدة والكويت وعمان والبحرين وقطر والعراق وفودًا رفيعة المستوى إلى بكين.

وشهدت التجارة والاستثمار بين إيران والصين بشكل خاص نموًا هائلًا على مدار السنوات الأخيرة القلائل، ففي عام 2009، قُدر حجم الاستثمارات بين البلدين بـ 36.5 مليار دولار أمريكي أي بزيادة تقدر بـ 35% مقارنة بعام 2008.

لكن لا يتسم أي جانب من جوانب هذه العلاقة بنفس درجة الأهمية الإستراتيجية التي يتسم بها قطاع الطاقة، فطبقًا للإدارة الأمريكية لمعلومات الطاقة، قفزت الصادرات الإيرانية من النفط إلى الصين من 425 ألف برميل يوميًا عام 2008، إلى 544 ألف برميل عام 2009، وهي الزيادة التي كانت بنسبة 30%، أما الواردات الصينية من السعودية، ورغم كبر حجمها،  فقد ارتفعت بنسبة 2% فقط خلال نفس الفترة، مما يظهر أن إيران تكتسب أرضية جديدة بسرعة، ولم تتلق أي دولة خليجية أخرى استثمارات صينية  تتعلق بالطاقة بحجم ما تلقته إيران، حيث تفيد التقديرات بأن الشركات الصينية تعهدت بما يقرب من 120 مليار دولار لمشروعات النفط والغاز الإيرانية، وذلك رغم أن الكثير من تلك الصفقات سوف يحتاج إلى سنوات ليدخل حيز التنفيذ.

علاقة متمركزة حول المصلحة الذاتية

إن علاقة بكين، التي تزداد عمقًا مع إيران في مجال الطاقة، يحكمها في الغالب زيادة وصلت إلى عنان السماء في الطلب على مصادر الطاقة في الصين، وذلك نتيجة للتوسع الذي يشهده الاقتصاد الصيني والارتفاع في الاستهلاك المحلي، فطبقًا لمؤسسة "بلاتس"، التي تعد مصدرًا رائدًا لتقييم الأسعار في أسواق الطاقة، زاد الطلب الصيني على النفط بنسبة وصلت إلى 6,6% عام 2009، وذلك مقارنة بعام 2008، وفي الواقع وصلت الواردات الصينية من النفط إلى معدل مرتفع بشكل غير مسبوق في ديسمبر/كانون أول عام 2009، حيث استوردت أكثر من 5 مليارات برميل يوميًا خلال ذلك الشهر، ومع التوقعات بتضاعف حجم الطلب بحلول عام 2030، تواجه الصين حاجة ملحة لإيجاد مصادر مهمة للنفط بما يسمح باستمرار نمو اقتصادها.

وتعتبر الصين هذا الأمر مسألة أمن قومي، فإذا لم تتمكن من الحفاظ على معدل نمو اقتصادي سنوي تتراوح نسبته بين  7% و8%، تخشى الحكومة أن يؤدي ذلك إلى عدم تمكنها من التعامل ـ عدم المساواة في الدخول ـ مع الفقر، وتخشى من أن تُقابل القضايا الاجتماعية التي تنجم عن ذلك بالاضطراب الشعبي.

ولتلبية هذه الزيادة الحادة في الطلب، انخرطت الصين في عملية واسعة لتوفير مصادر الطاقة، مستخدمة احتياطياتها من العملة التي وصلت إلى 2 تريليون دولار لشراء إمدادات النفط والغاز من مختلف أنحاء العالم، حيث تقوم عادة بتقديم القروض أو تنفيذ مشروعات للبنية التحتية مقابل شحنات النفط المضمونة، فعلى سبيل المثال قامت الصين منذ الصيف الماضي بإبرام صفقات لتقديم قرض بقيمة 25 مليار دولار لروسيا، التي تعاني من وضع مالي غير جيد مقابل 300 ألف برميل نفط يوميًا خلال العقدين القادمين، ولتقديم قرض بقيمة 10 مليارات دولار للبرازيل  مقابل 200 ألف برميل نفط يوميًا خلال السنوات العشر المقبلة، كما دخلت في مشروع نفطي ضخم مع فنزويلا، وفي الواقع بلغ عدد مشروعاتها للاستثمار الخارجي في مجال الطاقة 208 مشروعات منذ عام 1992، كان 40 منها في منطقة الشرق الأوسط.

الخليج محط جميع الأنظار

وتعد منطقة الخليج العربي مصدرًا مهمًا للطاقة بالنسبة للصين، ولا يرجع ذلك فقط لكون رحلة الشحن أقصر بين الخليج والصين مقارنة بأمريكا اللاتينية وإفريقيا، بل أيضًا لحقيقة أن معظم الاحتياطيات المتبقية في العالم من النفط والغاز الطبيعي توجد في منطقة الخليج، فما يزيد على نصف الاحتياطي العالمي التقليدي من النفط يوجد في خمس دول في الخليج العربي، وتحتفظ السعودية والعراق وإيران بنسبة 43% من كل الإمدادات النفطية التي لا تزال باقية في العالم، والأمر لا يختلف كثيرًا بالنسبة للغاز الطبيعي، فثلاثة من الدول ذات الاحتياطيات الأعلى من الغاز توجد في منطقة الخليج، وتحتفظ إيران وقطر بثاني وثالث أكبر احتياطي على التوالي.

كما أن الاحتياطيات النفطية في منطقة الشرق الأوسط لا تواجه تحديات تقنية كما هي الحال بالنسبة لمناطق أخرى من العالم، خاصة أن الشركات الوطنية الصينية للنفط لا تمتلك التكنولوجيا المتقدمة المطلوبة لاستخراج الاحتياطيات الموجودة في محيط أركيتيك أو المخزونات البحرية في غرب إفريقيا، أما دولة مثل إيران فتوفر فرصة جيدة للشركات الصينية لاكتساب خبرة إدارية قيمة دون منافسة من الكثير من الشركات الدولية الرائدة، والتي إما قاطعت الاستثمار هناك أو تعرضت لعقوبات بسببه.

لمصلحة من؟

وتنظر إيران هي الأخرى إلى علاقات تزداد اتساعًا مع الصين من منظور إستراتيجي، وتحرص على قيام الصين بالاستثمار في قطاعها النفطي المتدهور، فقد أدت سنوات من العقوبات وأدى المناخ المشوش وغير المستقر لمجال الأعمال في إيران وأدى عدم القدرة على إعادة استثمار الأرباح في صناعة النفط إلى انخفاض معدلات الإنتاج بشكل مضطرد، فبينما تقوم إيران بتصدير المزيد من النفط للصين كل عام، فإنها في الواقع تنتج كمية أقل منه، حيث تقل الكمية التي تنتجها بشكل سنوي بنسبة تتراوح بين 10% و 12 %، كما أن أداء قطاع تصفية النفط لم يكن أحسن حالًا، حيث اضطرت إيران، وبعد عدم قيامها بتوسيع طاقة مصافيها النفطية عندما كانت عوائد الدولة مرتفعة نتيجة ارتفاع الأسعار في الفترة التي سبقت عام 2008، إلى الاعتماد على الواردات لتلبية 40% من الطلب المحلي، وهو ما يعد وضعًا مكلفًا للخزانة الإيرانية، حيث تضطر الدول إلى تحمل الفرق بين سعر السوق الذي تستورد به البنزين وبين السعر المدعم بدرجة كبيرة الذي توفره للمستهلكين.

وحتى هذه الواردات ليست آمنة، وذلك مع تكثيف واشنطن لحملة عقوبات لموردي البنزين، فقد أوقفت شركة شل المكية الهولندية والمجموعة البترولية المستقلة الكويتية وشركة جلينكو السويسرية الشحنات التي كانت توردها لإيران، وذكرت على المستوى الخاص أن تلك الشحنات لا تستحق المخاطرة بمصالحها في مجال الأعمال في الولايات المتحدة، ولا يستمر سوى خمس شركات فقط في البيع لإيران، من بينها شركة بتروناس الماليزية وشركة لوكأويل الروسية.

وتتطلع إيران بشغف إلى الصين، في إطار بحثها عن شريك دولي يرغب في الاستثمار في قطاعها النفطي، ولم يخف المسئولون الإيرانيون هذه الرغبة، حيث أعلن وزير النفط الإيراني السابق، بيجان زانجانيه، في عام 2004، قائلًا: "نود أن تحصل الصين على أكبر حصة من صادراتنا".. كما أيد ممثل إيران السابق لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، علي أكبر صالحي، هذا الرأي، عندما تحدث عن الصين قائلًا: "إننا نكمل بعضنا البعض، فالصين لديها صناعة ونحن لدينا موارد الطاقة".

ولكن طهران تنظر إلى أبعد من ذلك، حيث إن القيمة الإستراتيجية لعلاقتها بالصين، من وجهة نظر طهران، تتجاوز مجرد كون علاقتها مبنية على المنفعة المتبادلة في مجال الطاقة، إلى حد ربما فاق تقدير الصين نفسها لهذه العلاقة، فلو تمكنت إيران من إقناع الصين، التي تتمتع بحق "الفيتو" في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بمدى أهمية إيران كمصدر من مصادر الطاقة، فإن إيران ستكون قد نجحت في تجنيد حليف قوي لها في مواجهتها مع الولايات المتحدة، والعديد من جيرانها في منطقة الخليج، بشأن برنامجها النووي، حيث يعتقد البعض، أنه إذا ما أصبحت الصين تعتمد اعتمادًا كبيرًا على القطاع النفطي في إيران، فإن الصين ستفكر كثيرًا قبل أن تغلق خط إمداداتها من النفط الإيراني، بموافقتها على فرض عقوبات جديدة على إيران، حتى ولو كان ذلك يعنى امتلاك إيران لأسلحة نووية.. وقد أفشى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد رغبة طهران في كسب ود الصين وتوريطها معها في معاركها الجيوسياسية، عندما صرح قائلًا: "إن الأعداء المشتركين لكلا الأمتين يقفون أمام جهود التقدم والتنمية التي تبذلها كل من طهران وبكين".

صديق أم مستغل؟

ولكن البعض الآخر قد بدأ يأخذ العلاقة المتنامية بين بكين وطهران على محمل الجد. فالولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية أصبحت تنظر إلى مشاركة الصين في قطاع الطاقة الإيراني على أنها عقبة في سبيل حل القضية النووية، حيث قدم مسئولون في الولايات المتحدة أدلة دامغة على أن الشركات الصينية تتهرب من الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على بيع التكنولوجيا والمواد العسكرية ذات الاستخدام المزدوج إلى إيران، وبالإضافة إلى ذلك، أبلغت دولة الإمارات العربية المتحدة أنها قد اعترضت شحنتين قادمتين من الصين ومتجهتين إلى إيران، تحتويان على صفائح الألومنيوم والتيتانيوم، التي من الممكن استخدامها في إنتاج الصواريخ.

وتحاول وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، من خلال الربط بين مصالح الصين مع إيران في مجال الطاقة والتقدم الحادث في البرنامج النووي الإيراني، وضع العبء على كاهل بكين لاتخاذ الخطوة التالية في منطقة الخليج، ولكن هل ستدرك الصين، كما تقول كلنتون، "مدى زعزعة الاستقرار الذي سيحدث في منطقة الخليج، نتيجة امتلاك إيران، التي تحصل منها الصين على الجزء الكبر من احتياجاتها من النفط، لأسلحة نووية"، أم أنها ستواصل لهاثها الأعمى وراء ثروة إيران دون النظر للعواقب؟

فلو اختارت الصين أن تنفذ الخيار الأخير، فإن ذلك قد يعرض أمن طاقتها للخطر بدون أن تدرى.. فمن المؤكد أن السلاح النووي الإيراني سيؤدي إلى زيادة التوتر في منطقة الخليج، خاصة عندما تبدأ الدول الأخرى في التحرك لمواجهة النمو الذي سيحدث في التسلح الإيراني. وهذا من شأنه أن يؤثر تأثيرًا مباشرًا على الصين، فنحو ما يقرب من نصف واردات الصين،

و 40 ٪ من شحنات البترول العالمية، تمر يوميًا عبر  مضيق هرمز، حيث يمر عبر هذا الممر البحري المهم، الذي يقع بين إيران وسلطنة عمان، ويبلغ أدنى اتساعه 34 كم فقط، شحنات البترول القادمة من المناطق المنتجة للنفط في المملكة العربية السعودية وإيران ودولة الإمارات العربية المتحدة، جنبًا إلى جنب مع الشحنات القادمة من الكويت والعراق، والتي تعد من كبرى الدول المنتجة للنفط. وكانت إيران قد هددت بالفعل بإغلاق المضيق ردًا على أي هجوم على أراضيها، والذي من المرجح أن يحدث مع تصاعد حدة التوتر حول برنامجها النووي السري.

مع السلطة تأتي المسئولية

وبالرغم من أنه من الواضح أن الصين قد أصبحت لاعبًا مهمًا في الخليج، فإنه لم يتضح كيف تنظر بكين على مسئوليتها تجاه أمن الخليج. فهل ستكتفي الصين بوضع ثقتها في شركائها في مجلس التعاون الخليجي وتطمئن بقدرتهم على سداد احتياجاتها من النفط، أم أنها ستحتضن إيران وتعتبرها شريكًا لها، بالرغم من الطموحات الكبيرة التي تضعها إيران على علاقتها بالصين، والتي تفوق كثيرًا شكل العلاقة التي تتصورها الصين؟

وينبغي أيضًا أن تنتهز دول مجلس التعاون الخليجي هذه الفرصة لتقييم علاقاتها مع الصين، فلو قبلت بكين الضمانات التي قد يعطونها لها بشأن سداد احتياجاتها من النفط، فإن هذا سيعني أن الصين جادة في أن تصبح شريكًا في أمن الخليج، أما إذا اختارت المضي قدمًا في طريق مصالحها الضيقة مع إيران، حتى لو كان ذلك يعني في نهاية المطاف تعريض أمن طاقتها للخطر، فإن دول مجلس التعاون الخليجي، ينبغي أن تنظر إلى الصين على أنها ليست أكثر من مجرد دولة انتهازية لا ترغب سوى في الحصول على النفط الموجود في المنطقة.


مدير البرامج الدولية للقانون والأمن في جامعة نيويورك.

font change