جلين دافيس السفير الأمريكي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية

جلين دافيس
السفير الأمريكي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية

[escenic_image id="5526392"]

تشهد المواجهة بين إيران والولايات المتحدة مرحلة حاسمة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني. ويعد جلين دافيس من أبرز المشاركين في المساعي الدبلوماسية التي تُجرى على قدم وساق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقد قام دافيس بزيارة إلى تركيا هذا الأسبوع لإقناع الحكومة التركية بالعدول عن امتناعها عن التصويت لإدانة إيران كما فعلت في نوفمبر/تشرين ثانٍ الماضي. جدير بالذكر أن هناك علاقات تجارية وعسكرية وثيقة تجمع بين أنقرة وطهران.  

وُلد جلين دافيس لأبوين أمريكيين كانا يعملان في المجال الدبلوماسي وذلك في أفغانستان. وقد عمل دافيس نائبًا لمساعد وزير الخارجية الأمريكي لشئون شرق آسيا والمحيط الهادي وتم تعيينه في لندن وباريس، كما عمل في مجلس الأمن الوطني وحلف شمال الأطلسي ومجال نزع السلاح النووي.

ومنذ تعيينه في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، شارك دافيس مشاركة كبيرة في عرض أكتوبر/تشرين أول الذي قدمته إدارة أوباما لإيران، والذي يقضي بمقايضة إيران 70% من مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب مقابل قضبان الوقود النووية المستخدمة في الأغراض الطبية.. وبالرغم من أنه شغل منصب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية في وقت من الأوقات، فإنه لم يتورع عن وصف إيران بلغة لاذعة واصفًا أفعال الحكومة الإيرانية بأنها "متعنتة" و"فاترة" و"مزعجة".

وأشارت الصحف التركية إلى أن ثمة خلافًا في الرأي من المتوقع أن ينشأ بين أنقرة وواشنطن بشأن الكيفية التي يتم التعامل بها مع إيران. ويتبنى الأتراك الموقف الصيني الذي يرى أنه ينبغي منح الدبلوماسية مزيدًا من الوقت، في حين نجد الأمريكيين لديهم الاستعداد لفرض عقوبات "قاسية" على طهران. وبينما يستمر وزير الخارجية التركي في مساومة طهران، هناك من يرون أن تجديد تركيا لعلاقاتها مع إيران وسوريا وانتقاداتها الشديدة والعلنية لإسرائيل واتخاذها إجراءات صارمة ضد جنرالات الجيش العلمانيين كل هذه بمثابة دلائل على أن أنقرة تخلت عن تأييدها للغرب لصالح تضامنها مع المسلمين. 

وقد رفضت إيران ـ بشكل رسمي ـ العرض الأمريكي في نفس اليوم الذي أُجري فيه هذا الحوار. وفي خطاب إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أوضحت إيران أنها إما أن تقوم بشراء الوقود الذي تحتاج إليه أو قبول مبادلة اليورانيوم على أرضها. واعتبرت واشنطن ذلك الرد بمثابة صرف للأنظار عن جوهر القضية.  

المجلة: بدأتم العمل في الوكالة الدولية للطاقة الذرية بفيينا منذ شهر أغسطس/آب الماضي فقط وتقولون إنكم تشعرون كما لو كنتم بدأتم العمل بها منذ وقت طويل، هل العمل في الملف النووي الإيراني منهك لهذه الدرجة؟

ـ بالفعل العمل صعب خاصة في الملف الإيراني فقد شاركنا في الجهود الرامية للتوصل إلى تسوية بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطهران، يتم بحيث تزويد مفاعل الأبحاث الإيراني بوقود إضافي (وهو مفاعل ماء خفيف تبلغ طاقته 5 ميجا وات زودت به الولايات المتحدة حليفها الشاه الإيراني في ظل مشروع "الذرة مقابل السلام" في فترة الستينيات) باستخدام نسبة من اليورانيوم قام الإيرانيون فعليًا بتخصيبها.. لكن رغم الجهد الذي بذلناه واعتقادنا أنه تم التوصل لاتفاق مجدٍ بالنسبة لهم ولنا أيضًا فوجئنا بالرفض الإيراني لهذه الصفقة التي نعتقد أنها كانت في صالحها وهذا أصابنا بإحباط شديد. 

المجلة: عندما قدمت إدارة أوباما عرضًا لهذه الصفقة، فإنها بذلك تكون قد تخلت عمليًا عن موقف إدارة بوش التي كانت ترفض تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية؟ فما المنطق وراء ذلك؟

ـ كنا نظن أن إيران ستقبل هذه الصفقة لأنها محدودة في نطاقها. فهي لم تتعلق سوى بتزويد مفاعل الأبحاث الإيراني بوقود إضافي دون التطرق إلى قضايا ترتبط بخطط التخصيب المستمرة، أو أنشطة التخصيب في أصفهان أو قُم أو في أي مكان آخر.

فالصفقة كانت تتعلق بأخذ الوقود الإيراني وتخصيبه في روسيا وصنع قضبان وقود منه في فرنسا وشحنه إلى إيران. وبالنسبة لنا، كان الجزء الأهم من الصفقة هو إخراج هذه النسبة الكبيرة من اليورانيوم منخفض التخصيب من إيران كإجراء لبناء الثقة وكدليل عملي من الإيرانيين أن برنامجهم النووي مدني في طبيعته وأنه سيتم استخدامه في الأغراض السلمية فقط.  ويبدو أن هذا الجزء هو الذي رفضته إيران. ومنذ ذلك الحين، توصل الإيرانيون إلى تنويعات مختلفة أخرى للصفقة لكن لا شيء يشبه الصفقة الأصلية التي تفاوض بشأنها محمد البرادعي في أكتوبر/ تشرين الأول. 

ولعب الأتراك دورًا مهمًا جدًا في الأيام الأولى، عندما عرضوا استضافة أو تأمين هذه المواد بمجرد أن يتم شحنها خارج إيران.. وكان من الممكن أن تتم الصفقة على الأراضي التركية باعتماد الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقلنا إن هذا الأمر جيد بالنسبة لنا.. لكن الإيرانيين رفضوا ولم يستجيبوا أبدًا بإيجابية لهذا الأمر. والشيء الوحيد الذي قالوه إنهم سيقبلون فقط بإتمام الصفقة على الأراضي الإيرانية وأنهم لن يسمحوا بإخراج هذه المواد من بلادهم، ولعل هذا أعطى الجهود الدبلوماسية حيزًا لمحاولة إيجاد حل لهذه المشكلة.

المجلة: إلى أي مدى تغير الموقف العربي من إيران؟ وهل هناك مزيد من الجدية لدى الجانب العربي حيال حصول إيران على السلاح النووي؟

ـ خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي انعقد في نوفمبر/ تشرين الثاني، حققنا إنجازًا بتمرير قرار ينتقد إيران على عدم تعاونها. ثلاث دول فقط هي التي صوتت ضد القرار؛ وهي كوبا وفنزويلا وماليزيا. وامتنعت ثماني دول عن التصويت وبقية أعضاء المجلس البالغ عددهم 45 صوتوا لصالح القرار. وأوشكت مصر أن تصوت لصالح القرار لولا أنها أرادت صيغة أخرى للقرار لم يكن لدينا وقت للتوصل إليها بشأن منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. وهذه كانت المرة الأولى التي وافق فيها المجلس على القرار الذي دعمته مجموعة (5 +1)، ومن ثم كان ذلك بمثابة تطور هائل وكان هناك قدر كبير من ردود الأفعال الواثقة من قبل الدول العربية على هذا القرار، حتى بالرغم من أن الكثير من تلك الدول امتنعت في نهاية الأمر عن التصويت. لكنهم على الأقل لم يصوتوا ضده.  

المجلة: بصورة واقعية، في أي الجوانب يمكن أن يقدم الأتراك المساعدة بشأن الملف الإيراني؟

ـ سوف ينعقد في الأول من مارس/آذار اجتماع مهم جدًا لمجلس المحافظين. وترجع أهمية هذا الاجتماع لأنه سيكون أول اجتماع بعد الاجتماع الأخير الذي تمخض عن تقرير شديد اللهجة تم إعداده في ظل الإدارة الجديدة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وتركيا بلد مهم جدًا نتيجة لدوره الحيوي في المنطقة، إنه عضو في مجلس الأمن الدولي ومن ثم فإنني اخترت زيارة هذا البلد عشية اجتماع مجلس المحافظين للاستماع إلى الأتراك وفهم وجهة نظرهم في هذا الشأن.

الأمر الثاني إنني أردت أن أطلعهم وبشكل مباشر جدًا على الطريقة التي نرى بها الأمور وأسباب شعورنا بالقلق الشديد حيال إيران والاتجاه الذي تسير فيه وموقع قم للتخصيب الذي تم الكشف عنه أخيرًا وعدم تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية فيما يتصل بقرارها تخصيب اليورانيوم بنسبة تقترب من 20%.

وفي الوقت الذي نحاول فيه بناء الثقة ومحاولة التقارب مع الإيرانيين يبدو أنهم معرضون عن وضع أيديهم في أيدينا ومستمرون في تحركهم في الاتجاه الخاطئ. ولقد أردت أن أوضح لتركيا أن هذه هي الطريقة التي ننظر بها.. لذلك الأمر ونشرح لهم تضاؤل احتمالات التوصل إلى صفقة..ولا تزال صفقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية مطروحة إذا أرادوا الاستجابة لنا.

المجلة: لماذا تصر الولايات المتحدة على عرض الصفقة في الوقت الذي لم تعد فيه على ما يبدو مقتنعة بأن إيران ستكون أمينة في تفاوضها؟

ـ من المهم أن نحاول البحث عن طريقة لاستمرار عمل هذا المفاعل النووي لأنه ينتج نظائر طبية لعدد 850 ألف مريض بالسرطان في إيران.. ويمكن أن تمنح الصفقة إيران الفرصة لإظهار أن برنامجها النووي سلمي، كما يمكن أن تكون بمثابة بداية لعمليات أخرى، وربما تؤدي إلى اتجاهات أخرى.

والسبب وراء اعتقادنا أن الصفقة كانت جيدة للغاية في البداية هو أننا أعطينا الكثير جدًا للإيرانيين ليس من خلال عدم التحدث عن ناتنز أو قم فحسب، ولكن من خلال الكيفية التي كان من الممكن أن تتعاون بها دول نووية أخرى مع إيران لمساعدتها في تزويد مفاعلها بوقود إضافي. ولهذا السبب لا تزال الصفقة مطروحة.  

وبعض الناس لديهم تصور خاطئ عن سياسة المسار المزدوج، حيث يظنون أن حديث أمريكا الآن عن العقوبات معناه أن الجانب الخاص بالتفاوض قد انتهى أوانه. لكن هذا لم ولن يحدث.

وسوف نحاول التوصل إلى حلول لهذه المشكلات لكن هذه الحلول ينبغي أن تقوم على أساس شروط مقبولة بالنسبة لكلا الطرفين. فمنذ توصل البرادعي لهذه الصفقة وما ظهر في البداية بأنه قبول من جانب الإيرانيين بمن فيهم الرئيس الإيراني نفسه، فإن الحوار قد تراجع من جانب إيران ويبدو لنا الآن أن الإيرانيين غير قادرين على توفير الشروط التي وضعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد أوضحت هذا للأتراك، فالأتراك يحاولون جاهدين التوصل إلى حل دبلوماسي، وأرى أن دوافعهم صادقة في كل هذا، ولا يمكن إنكار مساعيهم المخلصة.

المجلة: لكن في نهاية الأمر، إيران شريك تجاري جار مهم بالنسبة لتركيا؟

ـ ينبغي على تركيا أن تقرر بنفسها، وسوف ينعقد اجتماع لمجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أول مارس/ آذار. وتركيا من بين المجتمعين، ومن ثم سوف يكون هناك نقاش وتحاور، ونعتقد أنه سوف يكون هناك تحرك من جانب مجلس الأمن. لذا قمت بزيارة تركيا لأطرح على الأتراك رؤيتنا للموقف والأسباب وراء أهمية أن نمارس بعض الضغط على إيران في هذه المرحلة كي تغير من نهجها و طريقة تفكيرها ونساعدهم على فهم حقيقة أنه من صالحهم السير في هذا الاتجاه الأكثر إيجابية بدلًا من الاستمرار في موقفهم الاستفزازي.

المجلة: لماذا لم تظهر الولايات المتحدة ارتياحًا تجاه إمكانية أن تكون تركيا موقعًا لتبادل الوقود النووي؟

ـ لا أعتقد أن الولايات المتحدة كان لديها منذ شهور مضت مشكلة تجاه فكرة أن تكون تركيا موقعًا لتبادل الوقود، لكن المشكلة أن هذه المبادلة يشترط أن تكون قي إطار كمية 1200 كيلوجرام كحدٍ أدنى في كل شحنة ومن بداية الصفقة.

وجانب كثير من فهمنا للموقف الإيراني ــ وهو الموقف الذي يتغير بتغير اليوم الذي يتم فيه إجراء محادثات معهم أو يتم فيه الاستماع إليهم ــ هو أنهم لم يحدث أن ارتقوا إلى مستوى تلك المواقف الأولية التي تم الاتفاق عليها في الأساس مع محمد البرادعي، وبالتالي سعوا إلى تجنب هذا الشرط أو ذلك، أو في الغالب إلى تجنب كل الشروط، ومن ثم يعد مبادلة كمية دنيا بمجرد إنتاج الوقود في وقت معين في المستقبل المتوسط غير مقبول لنا، لأنه يفتقر إلى عامل بناء الثقة، والذي يتمثل في ضرورة وجود مؤشر على أن إيران جادة فيما يتعلق بالطبيعة السلمية لبرنامجها النووي، كما أن هذا يسمح لإيران بالاستمرار في زيادة مخزون اليورانيوم منخفض التخصيب، فقد أنتجت ما يزيد على 600 كيلو جرام منذ أكتوبر/تشرين أول، وبالتالي المخزون الذي كان بحوزتها حينذاك وكان يتراوح بين 1600-1700 كيلو جرام زاد بشكل مضطرد، وتعد الكمية التي تم الاتفاق عيها وهي 1200 كيلو جرام  ضئيلة جدًا في ضوء هذا التغير المضطرد في المخزون.

المجلة: كيف يمكن أن يؤثر فرض العقوبات على الموقف؟

ـ من المهم ممارسة بعض الضغط على إيران كي تفهم أن سعيها المستمر للحصول على هذه التكنولوجيات يناقض اتفاقياتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويتعارض مع معاهدة حظر الانتشار النووي. هذه العقوبات ستكون بمثابة خطوات تدل على أن هناك عقوبة لمن يخالف قواعد النظام الدولي والاتفاقيات الدولية التي تم التوقيع عليها.

المجلة: لماذا يبدو أن إدارة أوباما لم تعد تؤمن بالتقييم الاستخباراتي لعام 2008، الذي أفاد بأن إيران تخلت عن الجانب العسكري لبرنامجها النووي منذ عام 2003؟

ـ ليس هناك أي تغيير رسمي في موقف الحكومة الأمريكية فيما يتعلق بتلك النتيجة الأصلية التي توصلت إليها الاستخبارات، لكننا نتمسك بما انتهت إليه تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بشأن المؤشرات العامة على أبعاد عسكرية محتملة لبرنامج تخصيب اليورانيوم،(http://www.iaea.org/Publications/Documents/Board/2009/gov2009-74.pdf) حيث يمثل ذلك في حد ذاته عامل قلق لنا، ويعد واحدًا من العوامل الرئيسية التي تزيد من القلق في واشنطن فيما يتعلق بالحاجة إلى مخرج من هذا الوضع.

المجلة: في ضوء التيارات الحالية ما الإطار الزمني الذي تتوقع الولايات المتحدة أن تصبح إيران قادرة فيه على تصنيع قنبلة نووية؟

ـ إضافة إلى تناولها للجوانب المثيرة للقلق في هذا البرنامج النووي ــ مثل الأمور التي تتعلق بالماء الثقيل والأبعاد العسكرية المحتملة وعدم الشفافية فيما يتعلق بمفاعل قم ـــ من المثير للاهتمام أن تعطي الوكالة تفاصيل لبعض التحديات التكنولوجية التي يبدو أن إيران تواجهها في برنامجها للتخصيب، وبالتالي يعد هذا أيضًا جزءًا من الصورة الكلية، فكمية اليورانيوم منخفض التخصيب بنسبة 19.75% التي ينتجونها تعد صغيرة نسبيًا في الوقت الحالي، لكن كما نعلم عند التعامل مع إيران، المهم ليس هو المعدل اليومي لما ينتجونه بل حجم ما ينتجونه مع مرور الوقت.

المجلة: لقد كان التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية حادًا بشكل ملحوظ تجاه إيران، فهل كان من الممكن صدور مثل هذا التقرير في عهد محمد البرادعي؟

ـ لا شك أن محمد البرادعي ويوكويا أمانو رجلان مختلفان ينتميان لمناطق مختلفة من العالم ولديهما توجهات مختلفة، فالمدير الحالي للوكالة أمانو يأخذ طريقة منهجية ويتجنب الأوصاف الفضفاضة ويركز بشكل مباشر على الحالات التي يتناولها ويسمي الأمور بمسمياتها.

المجلة: هل يعني هذا أنه لم يعد هناك مجال للتضامن الإسلامي؟

ـ أنا في الواقع لا أتطرق إلى مثل هذه الأمور، فأنا معجب بالبرادعي كثيرًا، وأنا حقيقة أعتقد أنه كان سابقًا لعصره، وقد تولى منصب مدير عام الوكالة لمدة 12 عامًا، وخلال التقارير التي كنت أعمل معه في إعدادها مع نهاية فترة ولايته، كان لديه هدف معين من إعداد التقارير بالطريقة التي أعدها بها، والمهم أننا إذا نظرنا إلى بعض التقارير التي أعدها البرادعي خلال ولايته، نجد أنها كانت تقارير قوية بدرجة كبيرة، فهل تتذكر ما قاله في نهاية فترة ولايته بأن إيران غير ملتزمة بالقانون؟

المجلة: لكنه قال أيضًا إنكم لا تستطيعون تفجير المعرفة النووية

ـ لاشك أن البرادعي كانت له أقوال جيدة، أما الآن فيوجد مدير عام جديد للوكالة ولديه منهج مختلف، وقد يكون لذلك بعض التأثير على لهجة التقارير، لكن المضمون لم يختلف كثيرًا.

المجلة: لقد قلتم العام الماضي إن إيران لديها قدرة على "التملص"، فهل هذا يعني أنه فات أوان منع تقدم إيران نوويًا؟

ـ لا أعتقد أن الأوان قد فات بعد لتقوم أي دولة، بما في ذلك إيران، بتغيير تقديراتها الإستراتيجية وتقوم باتخاذ قرار أخلاقي بالتحرك في اتجاه الالتزام بمعاهدة حظر الانتشار النووي وتحاول التوافق مع جيرانها ومع العالم.

إن لدينا رئيسًا كرَّس نفسه من أجل التحرك باتجاه عالم خالٍ من الأسلحة النووية، ولكن الرجل مخلص في توجهه، وقد تكون هذه عملية طويلة الأمد، حيث نتفاوض الآن من أجل خفض الأسلحة الإستراتيجية، لننتقل إلى المواد القابلة للانشطار خلال السنوات الأربع المقبلة، لكن لا يوجد سوى القليل من اللاعبين الذين يسيرون في الاتجاه المعاكس، وهنا يثار تساؤل حول نوعية العالم الذي نريده:  وهل هو عالم يتسم بانتشار التكنولوجيا النووية الجديدة ويخترق فيه الناس النظم ويسعون دائمًا من أجل خرق معاهدة حظر الانتشار النووي، أم أنه عالم يتم فيه العمل من أجل تقوية الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتقوية معاهدة حظر الانتشار النووي وهو ما حققناه؟ وهل هو عالم يتم فيه ضمان استخدام تلك التكنولوجيا في الأغراض السلمية والطبية والزراعية أم يتم نشرها واستخدامها في الأغراض الخطيرة؟ إن هذا هو الخيار الاستراتيجي الحاسم الذي نواجهه، وهذا هو سبب قلقنا تجاه الموقف الحالي لإيران.

المجلة: ما موقع حركة المعارضة الخضراء في إيران ومشكلات إيران الداخلية في التقديرات الأمريكية؟

ـ هناك قدر كبير من الاضطراب داخل إيران، حيث زادت حدة القمع في الشهور الأخيرة، لكنني أعي أيضًا أن قضية الحق في السعي السلمي من أجل الحصول على الطاقة النووية ربما تعد جزءًا رئيسيًا من المشاعر السائدة في إيران.

ولا أحد يشكك في حق إيران في امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية، لكن السؤال هو ما إذا كانت إيران سوف تصل إلى ذلك في إطار النظام الدولي لتثبت أنه حقًا برنامج نووي سلمي؟ أم تستمر في تحدي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفي خرق التزاماتها بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي والبرتوكول الإضافي لها وتظل التساؤلات قائمة حول ما إذا كان البرنامج سلميًا أم أنه موجه في اتجاه تحقيق القدرة على تطوير الأسلحة النووية؟ ورؤيتي الشخصية أن كل المؤشرات تظهر أن إيران تقوم بتعزيز تلك القدرة على التملص من أجل أن يصبح لديها خيار التكنولوجيا النووية، وربما السعي في النهاية من أجل امتلاك الأسلحة النووية، وهو ما سوف يؤدي إلى زعزعة شديدة لاستقرار هذه المنطقة، وسوف يكون بمثابة تهديد لجيران إيران ويؤدي إلى انتكاسة في التقدم الذي ننشده جميعًا.

font change