مسعود برزاني: رئيس كردستان العراق وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني

مسعود برزاني:
رئيس كردستان العراق وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني

[escenic_image id="5519560"]

تزامن ميلاد مسعود برزاني، رئيس كردستان العراق، مع اليوم الذي تأسس فيه الحزب الديمقراطي الكردستاني، ونقل عنه قوله "لقد ولدت في ظلال علم كردستان في مهاباد (بإيران) وأنا مستعد لخدمة هذا العلم والموت في سبيله"، وفي عام 1979، خلف والده، مصطفى برزاني كزعيم للحزب الديمقراطي الكردستاني وكان دوره محوريًا في النضال الكردستاني خلال الحرب الإيرانية - العراقية.

وقد كان الراحل مصطفى برزاني، والد مسعود، قائد جيش جمهورية مهاباد الكردية سابقًا، وتزعم العديد من صور النضال المسلح باسم شعبه، وقد تعلم مسعود الشجاعة والتصميم في سن مبكرة من والده، وعندما بلغ السادسة عشرة قرر التضحية بتعليمه من أجل الانضمام لقوات البشمرجة.

وفي عام 1970، أصبح مسعود عضوًا في الوفد الكردي الذي أجرى مباحثات مع الحكومة البعثية في بغداد، وفي 11 مارس/آذار من ذلك العام تم التوقيع على اتفاقية وافقت فيها الحكومة الفيدرالية على منح الحكم الذاتي للجزء العراقي من كردستان، إلا أنه عندما اتضح أن الحكومة العراقية لن تفي بهذا الوعد، تم استئناف النضال المسلح في المنطقة، وقاتل مسعود ومصطفى برزاني جنبًا إلى جنب مرة أخرى.

وقد أتاحت هزيمة صدام حسين في حرب الخليج الأولى الفرصة للأكراد لاستعادة جزء كبير من أراضيهم التي كانوا قد فقدوها في السابق. واعتبرت الحكومة الأمريكية المنطقة آمنة وفرضت عليها حظرًا للطيران. وبعد ذلك بوقت قصير، تم منح منطقة كردستان العراقية وضع "منطقة آمنة مستقلة ذاتيا"ً وسحبت الحكومة العراقية المركزية إدارتها من المنطقة. وتم وضعها ضمن الاختصاص القضائي لحزبين سياسيين هما الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة برزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني. وتم تقسيم المنطقة إلى منطقتين إحداهما تحت سيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني وهي المنطقة الشمالية الغربية والأخرى تحت سيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني وهي المنطقة الجنوبية الشرقية.  

  وفي السنوات التالية، نشأت عداوات بين الحزبين. وفي أغسطس / آب من عام 1998، احتضنت الولايات المتحدة من خلال وزيرة خارجيتها مادلين أولبرايت المفاوضات بين الحزبين. وفي المحادثات، اتفق كلا الزعيمين على توقيع معاهدة سلام. وتم تعزيز الاتفاقية في 4 أكتوبر/ تشرين الأول 2002، عندما قدم كل من برزاني والطالباني اعتذارًا رسميًا لأسر الضحايا الذين عانوا من آثار الصراع الداخلي.

وبعد غزو العراق في عام 2003، أصبح برزاني عضوًا في مجلس الحكم العراقي، وتم انتخابه بعد ذلك رئيسًا للمجلس في أبريل/نيسان 2004. وفي يونيه/حزيران 2005، انتخب بارزاني رئيسًا لإقليم كردستان العراقي. ومع أول انتخابات مباشرة للرئاسة الإقليمية، التي عقدت في يوليو/تموز 2009، تمت إعادة انتخاب برزاني مرة أخرى، حيث حصل على أكثر من 68 في المائة من الأصوات. كما أنه نشط جدًا في مجال الدبلوماسية الدولية. فقد قام على مدى السنوات الخمس الماضية، بزيارة العديد من الشخصيات المهمة بما في ذلك الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، والملك عبد اللـه عاهل المملكة العربية السعودية. وفى الآونة الأخيرة، وتحديدًا في 25 يناير كانون الثاني عام 2010، اجتمع برزاني مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في البيت الأبيض.

وفى 27 من يناير/كانون الثاني من عام 2010 ناقش بارزاني بالتفصيل، في مقابلة أجراها في مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط  التابع لمعهد بروكنجز، مجموعة من القضايا التي يعدها برزاني من أهم القضايا التي تواجه المنطقة والأمة العراقية. كما ألقى  برزاني الضوء على أهمية إجراء انتخابات حرة و نزيهة وشفافة في مارس/آذار، بحيث تشهد إقبالًا كبيرًا من الناخبين وغيابًا لأي عمل من أعمال العنف (التي تعنى الإرهاب والتدخل من جانب  جيران العراق). وعلاوة على ذلك، فقد أعرب برزاني عن تأييده الكامل لمشاركة أعضاء حزب البعث السابقين، الذين لا توجد عليهم شبهة، في الانتخابات. كما أعرب برزاني أيضًا عن دعمه لإمكانية عقد اتفاقات اقتسام للسلطة كأسلوب لحكم البلاد عقب الانتخابات.

وعلى الصعيد الوطني، يعتقد برزاني أنه في ظل وجود عراق ديمقراطي متحد فإن المنطقة الكردية يمكن أن تكون بمثابة جسر يربط ما بين "العراق و أوروبا"، ومدخل للاستثمار الأجنبي الدائم والمستقر. وإلى جانب ذلك فقد أعرب عن رغبته في حل العديد من القضايا الرئيسية العالقة، وخاصة قضية كركوك، من أجل تحسين العلاقات القائمة مع الحكومة المركزية العراقية. وعلى الرغم من أن الأمم المتحدة قد اقترحت عدة خطط لمحاولة حل هذه المشكلة، فإن برزاني يعتقد أن الحل الحقيقي يكمن في المادة 140 من الدستور العراقي.

وقال برزاني أيضًا إنه ينبغي إعطاء الأولوية لتقاسم العائدات من قانون النفط. وعلى الرغم من أن الحكومة الكردية في العراق قد وافقت على حصولها على حصة تبلغ نسبتها 17 ٪ فقط، فإنه يعتقد أن هذه الإيرادات الضريبية يجب أن يتم توزيعها، في ظل نظام يخضع للإشراف والمراقبة، بشكل مباشر إلى منطقته، حتى لا يتحول هذا الأمر إلى ورقة سياسية تستغلها الحكومة المركزية للضغط على شعب كردستان.

كما شدد برزاني أيضًا على مسألتين عسكريتين مهمتين، فقوات البشمرجة تعتبر، بموجب الدستور العراقي، حرسًا إقليميًا بالإضافة إلى كونها جزءًا من نظام الدفاع الوطني، ولذلك فهو يرى أنه ينبغي أن يكون تمويلها على مستوى الاتحاد. والقضية الأخرى الأهم هي أن 8 ٪ فقط من الجيش العراقي يتكون من الأكراد مقارنة بـ 48 ٪ من الشيعة و 44 ٪ من السنة، وبالتالي فإن برزاني يرى أنه لا توجد أي عدالة في ذلك، وهذا الوضع بحاجة إلى تعديل بحيث يكون هناك تمثيل حقيقي للمجتمع العراقي .

وقد شهد بارزاني في خلال الـ 30 عامًا التي قضاها في خدمة الشعب الكردستاني في العراق العديد من جرائم الإبادة الجماعية والحرب الكيميائية، بل وتدمير 90 ٪ من قرى المنطقة. وكان النظام البعثي السابق قد قتل ثلاثة من أشقائه و 32 من أفراد عائلته. كما دُمرت قرية برزان، مسقط رأس برزاني، أكثر من 16 مرة من قبل الأنظمة العراقية المختلفة. وقد أظهر بارزاني مرونة وتصميمًا ومثابرة كبيرة. وبالرغم من كل التحديات التي تواجه المنطقة، فإن برزاني يمثل الأمل في أن يصبح العراق في نهاية المطاف رمزًا للنجاح والاستقرار. وعلاوة على ذلك، فإن معرفته باللغات الكردية والعربية والفارسية والإنجليزية تجعل منه دبلوماسيًا بارعًا قادرًا على مساعدة العراق في إقامة علاقات دبلوماسية أفضل على المستويين الوطني والإقليمي، وسوف يلعب هذا الأمر دورًا رئيسيًا في منع العراق من السقوط مجددًا في بوتقة العنف العرقي والطائفي بعد انسحاب القوات الأمريكية من البلاد.

font change