تقرير الحالة: تحديات أوباما في أفغانستان وباكستان فاندا فيلباب براون معهد بروكينجز يناير 2010

تقرير الحالة: تحديات أوباما في أفغانستان وباكستان
فاندا فيلباب براون
معهد بروكينجز
يناير 2010

[escenic_image id="5514914"]

انتخاب الرئيس أوباما استُقبل بحفاوة في العالم كله باعتباره يبشر بتغيرات إيجابية يتوقع الجميع حدوثها. فقد جاءت حملته بوعود بالتغيير مما جعلها تلاقي ترحيبًا من المجتمع الدولي، والأهم من ذلك كله، أنها لاقت ترحيبًا من أولئك الذين يبحثون عن نهاية ناجحة للتحدي القائم في أفغانستان وباكستان. وبعد مرور سنة واحدة فقط على تولي أوباما منصبه، فإنه لا شك أن تقييم سياساته شيء مهم الآن، وخاصة سياساته المتعلقة بأفغانستان وباكستان حيث يوجد هناك الكثير مما يتعين القيام به.

تعتبر، فاندا فيلباب براون، زميلة معهد بروكينجز، في موقع جيد يسمح لها بقياس مدى التقدم والقصور في إدارة أوباما في هذه المنطقة (باكستان وأفغانستان). وبالرغم من أن هناك إصدارات مختلفة قامت أيضًا  بمناقشة  سياسة أوباما بعد مرور عامه الأول في البيت الأبيض، فإن تقرير فاندا كان فريدًا من نوعه، لأنه يستند على توصيات محددة قدمتها للإدارة عندما تم تنصيب أوباما رئيسًا. وتقرير الحالة يتناول الآن كيف اختلفت سياسة أوباما عن مقترحاتهم؟ وكيف أن هذه التغييرات حسنت أو أضعفت أهداف الولايات المتحدة في أفغانستان وباكستان؟ وعلى الرغم من صرامة هذا التقييم، فإن مؤسسة بروكنجز أعطت رؤية منصفة ومدهشة وإيجابية لقرارات الرئيس في المنطقة حتى الآن.

تقرير بروكينجز يبدأ بالاعتراف بأن قضية أفغانستان كانت جزءًا من جدل مهم داخل الولايات المتحدة. وبعبارة أخرى، كانت هناك عقبات سياسية داخلية كبيرة تقف حائلًا  في طريق اتخاذ إجراءات حاسمة من جانب الإدارة. ووفقًا لفاندا، فإنه على الرغم من هذا التحدي، فإن إدارة أوباما أعلنت في ديسمبر/كانون أول 2009، الإستراتيجية الصحيحة لإنجاز الأهداف التي سبق تحديدها بالنسبة لأفغانستان وباكستان. كما التزم أوباما بتخصيص الكثير من الموارد اللازمة لتحقيق تلك الأهداف.

ووفقًا لتقدير فاندا، فإن الحكم العام لسياسة أوباما ليس إيجابيًا بأكمله، فبينما يضع أوباما إستراتيجية سليمة، ترى فاندا أن عام 2009، ثبُت أنه عام للفرص الضائعة في أفغانستان. والسبب في ذلك هو أن زخم تحسين الإستراتيجيات تأثر سلبًا بانتشار الفساد في أفغانستان واللامبالاة من جانب الإدارة الأفغانية. ونتيجة لذلك، تقول فاندا إن فرصة دحر التمرد متعثرة جزئيًا، وباعتبار الولايات المتحدة طرفًا مسئولًا داخل أفغانستان، فإنها يجب أن تُحاسب على أوجه القصور في قدرتها على مواجهة القضايا المحلية في أفغانستان. وبذلك، فإن التقرير يرى أن أداء إدارة أوباما في أفغانستان وباكستان كان معقولًا وإن لم يكن على المستوى المطلوب .

والسبب وراء تقييم براون للأداء الكلي للولايات المتحدة كان ذا شقين. فقد سجلت الولايات المتحدة أشواطًا كبيرة في مارس/آذار 2009، بعد شهرين من مراجعة الموقف. وعملية المراجعة هذه تألفت من جهد واسع النطاق لمكافحة التمرد الذي كان يهدف إلى تغيير الوضع الأمني المتدهور في أفغانستان. كما توقع معهد بروكينجز أن هذه التدابير هيأت البيئة اللازمة  لجهود واسعة النطاق في مجال التنمية الاقتصادية، بما في ذلك برنامج زراعي قوي من شأنه أن يقلل أيضًا زراعة الخشخاش.

ولكن للأسف الشديد، فإن طبيعة المنهج ككل قد أضعفته، وهو ما أطلقت عليه براون التركيز المحدود على مكافحة الإرهاب الذي أكد الحاجة لمنع وجود ملاذ للقاعدة في أفغانستان. "وبالرغم من أن القضاء على ملاذ  القاعدة في أفغانستان يمثل هدفًا مهمًا بالنسبة للمصالح الأمريكية، فيما يتعلق بالأهداف الرئيسية لمكافحة الإرهاب، ترى براون أن مثل هذه الإستراتيجية قاصرة في رؤيتها. والأهم من ذلك أن التركيز أساسًا على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة أدى إلى الفشل في التقارب مع الأفغان. فعند محاولة كسب قلوب وعقول السكان المحليين، يصبح هذا الإغفال ذا تأثير سلبي. وعلاوة على ذلك، فإن هذه المراجعة لا تتضمن إجراء تحقيق شامل في الموارد اللازمة لوضع إستراتيجية ناجحة لمكافحة التمرد في أفغانستان، وهي القضية التي أثيرت في وقت لاحق من قبل القائد العسكري الأمريكي الجديد في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال.

ومن ناحية أخرى، كانت براون إيجابية في استعراضها لأداء الإدارة الأمريكية في باكستان، بحجة أنه على الرغم من أنها ورثت علاقة أمنية متدهورة من أفغانستان، إلا أن الولايات المتحدة كانت قادرة علي مساعدة القيادة العسكرية والمدنية في تكريس الإرادة والإمكانيات في سبيل مواجهة المجاهدين الباكستانيين .

وبشكل عام، فإن تقييم معهد بروكينجز كان إيجابيًا وشاملًا. ولم يقتصر تقييمه لإنجازات الولايات المتحدة في المنطقة على مجرد قياس مدى التقدم الذي حققته المصالح الأمريكية. وإنما قدم التقرير أيضًا تقييمًا لكيفية تأثير القرارات التي اتخذتها الولايات المتحدة علي القضايا المحلية، والتي قد يكون لها أهمية أقل بالنسبة للمصالح الأمريكية، ولكن  لها انعكاسات أكبر بكثير على المنطقة ككل.

وبالإضافة إلى مراعاة مصالح جميع الأطراف، فإن تقرير براون يعتبر أيضًا متوازنًا لأنه يأخذ في الاعتبار الطريقة التي تحد أو تدعم بها  السياسة الأمريكية الإستراتيجيات الناجحة في السياسة الخارجية للبلاد. ومع ذلك فإن سؤالها عن السرعة التي تم اتخاذ القرارات بها يجعل الولايات المتحدة مسئولة عن إستراتيجيتها في المنطقة التي يمكن زعزعة استقرارها بسهولة.

وبالتالي، فإن التقرير متوازن في تقييمه. فبينما ينتقد التقرير جوانب القصور وعدم بعد الرؤية، فإنه يعترف بأنه تم إحراز تقدم. وسرعان مع اعترفت براون بأن  الجهود التي تبذلها الإدارة  قد نجحت في تحسين الوضع الأمني في بعض مناطق البلاد.

إذن فمن الإنصاف أن نتفق مع براون على احتمال تورط أمريكا في المنطقة. فبينما لا يزال الجيش الأمريكي في غابات أفغانستان وباكستان، فإن الأسس اللازمة قد وضعت من أجل إكمال إستراتيجية مكافحة التمرد بنجاح.

font change