[caption id="attachment_705" align="aligncenter" width="620" caption="شهد الاقتصاد الصيني نموا يقدر بـ10.3 في 2010 هو الأكبر منذ سنوات.. وفي الصورة أحد أسواق بكين حيث البيع والشراء في اقتصاد ينمو لكن يتهدده التضخم."][/caption]قدم مصرف الاحتياطي الفيدرالي حزمته الثانية من سياسات التيسير الكمي بضخ مبلغ آخر قيمته 600 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي الذي ما زال متعثرا. ولكنه بذلك يخوض مخاطرة بالتأثير سلبيا على اقتصاد العالم، وعلى الصين بوجه خاص. ومن الممكن أن يُضعف عدم استيعاب الآثار السلبية للسياسات الأميركية النقدية سلطة الولايات المتحدة بصفتها من تصدر عملة الاحتياطي العالمي.
تساعد الحزمة الثانية من سياسات التيسير الكمي الاقتصاد الأميركي بطرق عدة. أولا، ستخفض من تكاليف الاقتراض والإقراض، حيث يحفز انخفاض سعر الفائدة الاستثمارات. وتضخم أيضا من أسعار الأصول، حيث تشجع السندات الأقل سعرا المستثمرين على التحول من السندات إلى الأسهم، مما يرفع أسعار الأسهم.
ولكن، من المحتمل أن تضر سياسات التيسير الكمي الثانية الاقتصاد الصيني من جوانب عدة قد تكون خطيرة. أولا، يعني تخفيض قيمة الدولار مقارنة بالرنمينبي خسارة مليارات من الاحتياطي الأجنبي الذي يشكل الدولار غالبيته. والأهم من ذلك هو ارتفاع معدل التضخم في الصين، مما يفاقم من فقاعات الأصول، حيث إن بعضا من "رؤوس الأموال غير المستقرة" هذه ستسعى إلى فرص استثمار متغيرة. وبسبب خطته في سعر الصرف الثابت، سيكون على المصرف المركزي الصيني أن يطبع مزيدا من الرنمينبي أمام أي دولار إضافي يتم استثماره في الصين.
ومن أجل الحد من معدل التضخم المحلي المتزايد، ربما تجد الصين ذاتها مجبرة على إعادة تقييم الرنمينبي بصورة كبيرة. وإذا دُفع المستثمرون إلى الاعتقاد بأن إعادة تقييم الرنمينبي أمر حتمي، سيتبع ذلك ارتفاع حلزوني سريع في قيمته.
ويعد الارتفاع السريع في قيمة الرنمينبي آخر سيناريو ترغب الحكومة الصينية في حدوثه. لن يكتف ارتفاع قيمة الرنمينبي بزيادة أسعار الصادرات الصينية (مما ينتج عنه على الأرجح نسبة بطالة هائلة)، بل سيزيد أيضا الشكوك الاقتصادية المحتملة المحيطة بتسعير العملة المتقلبة. وأشهر مثال على هذه الظاهرة هو اليابان. بعد أن انفجرت فقاعة العقارات في البلاد في أواخر الثمانينيات، دخلت اليابان "عقودا ضائعة" من النمو الاقتصادي البطيء.
في الحقيقة، تحتاج الصين أن تنتقل من نموها الذي يعتمد على التصدير وأن تقوم بمسؤوليتها في تقليل عدم التوازن العالمي الذي ساهم في وقوع الأزمة الاقتصادية العالمية. ولكن في ظل الطريقة التي تضع فيها الولايات المتحدة الأولوية لاقتصادها المحلي قبل الاقتصاد العالمي، تحتاج الصين أيضا إلى التعامل مع تحول اقتصادها بأسلوب ملائم. وفي الوقت ذاته، يجب عليها أن تحد من الخسائر الاجتماعية المرتبطة بذلك، مثل انخفاض معدلات النمو وارتفاع نسبة البطالة. سيكون من الصعب إدارة مثل هذه المرحلة الانتقالية على وجه خاص إذا كانت السياسة النقدية لبكين تعتمد كثيرا على واشنطن. وفي ضوء ذلك يكون الانتقاد الصيني لسياسات التيسير الكمي الثانية مبررا.
في الأعوام الأخيرة، أصبحت الولايات المتحدة أقرب إلى كونها الأولى بين القوى المتساوية، بدلا من كونها القوة العظمى الوحيدة في العالم، وذلك بسبب الوزن الاقتصادي المتنامي للأسواق الناشئة. وقد أبرز اجتماع مجموعة الدول العشرين الذي عقد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هذا التطور. هناك، وجد الرئيس أوباما نفسه في موقف منعزل ومزعج عندما رفض عدد كبير من الدول السياسة النقدية التوسعية الأميركية.
في السبعينيات، كانت ألمانيا الغربية واليابان على استعداد لدفع ثمن اقتصادي مقابل الحماية العسكرية الأميركية. ولكن اليوم، لا توجد مخاوف أمنية سائدة لامتصاص التوترات حول السياسة النقدية
بين الولايات المتحدة والصين. في عالم متعدد الأقطاب، يجب أن يعي صناع السياسات الاقتصادية في الولايات المتحدة الاحتمالات المتزايدة لاتخاذ إجراءات حمائية اقتصادية انتقامية، لا سيما من أقرب شركائها التجاريين. لذلك شكك الرئيس الصيني هو جين تاو في دور الدولار الأميركي في النظام النقدي العالمي قبيل زيارته إلى واشنطن، قائلا: "نظام العملة الدولية الحالي نتاج الماضي".
في المقابل، عززت الأزمة الاقتصادية العالمية من المصالح المتباينة بين دول الفائض والعجز. من الممكن أن يكون الحل النقدي المرحب به في الدول التي تواجه عجزا له تأثيرات مغايرة على تلك الدول التي لديها فائض. ومن المهم لواشنطن أن تدرك أنه في ظل الاقتصاد السياسي العالمي الحالي ما يكون في صالح الولايات المتحدة ليس دائما في مصلحة العالم. لذلك يجب أن تكون الأولوية الأكبر للتبادلية.
*زينبو هو - باحث بمعهد التنمية في ما وراء البحار، ويعمل خبيرا اقتصاديا في الأهداف الإنمائية للألفية في الرئاسة النيجيرية. وهو متخصص في الاقتصاد السياسي الدولي.
للتسجيل في النشرة البريدية الاسبوعية
احصل على أفضل ما تقدمه "المجلة" مباشرة الى بريدك.