لندن- تحظى المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران بقيادة مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بالاهتمام الواسع والنقاش والتحليل في الصحافة الإيرانية، في مناح لا يخلو من الاستقطاب بين مؤيدي المفاوضات ومعارضيها، ولكنه استقطاب غير ذي أثر في ظل وجود أكثرية شعبية ترغب في نجاح المفاوضات، وقد لمست تحسنا في الأسواق في أعقاب الجولة الأولى في مسقط يوم السبت الماضي، بحسب الصحافة الإيرانية.
بيد أن الصحافة القريبة من "المرشد" علي خامنئي ما فتئت تحذر من الثقة بالأميركيين، مذكرة كيف تنصل الأميركيون من التزاماتهم عندما انسحب الرئيس دونالد ترمب من الاتفاق النووي في العام 2018، حتى أن هناك دعوات متواصلة للتوجه شرقا بدلا من المراهنة على الاتفاق مع الأميركيين.
وكان ويتكوف قد طالب، الثلاثاء 15 أبريل/نيسان، إيران بوقف تخصيب اليورانيوم وإلغاء تطوير الأسلحة النووية كشرط لإبرام أي اتفاق نهائي، والذي لا بد أن يتوافق مع شروط الرئيس ترمب.
من جهتها قالت صحيفة "كيهان" إن "تصريحات ويتكوف تعكس الوجه الحقيقي للطرف الأميركي والتي لا تساعد في حصول تقدم في المفاوضات بل وتؤدي إلى وصول المفاوضات إلى طريق مسدود منذ بداية الأمر". وأضافت: "مما لا شك فيه أن إيران رسمت بشكل واضح خطوطها الحمراء منذ البداية وقالت مرات عدة أنها لن تجري مفاوضات حول برنامجها الصاروخي والقدرات الدفاعية للبلاد".
وتابعت "كيهان": "السؤال المطروح هو: ما دلالات إثارة الولايات المتحدة لمثل هذه القضايا التي تتجاوز إطار المفاوضات؟ أليس ذلك إرسال مؤشرات سلبية في خضم المفاوضات؟ يبدو أن الأميركيين إما عاجزون عن فهم الحقائق الميدانية أم إنهم ما زالوا يتوهمون أنهم في موقف أقوى وبالتالي يريدون التقدم في المفاوضات من خلال ممارسة الضغوط والحركات الاستفزازية".
وقالت "كيهان": "لقد أثبتت التجارب أن الجمهورية الإسلامية لن تتنازل بفعل الضغوط ولن تغير مسارها.. إذا أراد الجانب الأميركي حلحلة القضايا عليه العمل بالتزاماته وعدم تجاوز خطوط إيران الحمراء وعدم تقويض المفاوضات من خلال تصريحات غير مدروسة".
وكتب مهرداد دهنوي مقالا بعنوان "قراءة تصريحات المرشد: الدبلوماسية متعددة الأطراف" في موقع "بصيرة" الإلكتروني التابع للحرس الثوري جاء فيه: "لقد خاطب مرشد الثورة وزارة الخارجية داعيا لها بالتركيز على تعزيز العلاقات مع القوى غير الغربية كالصين وروسيا ودول المنطقة والمؤسسات الأممية، وذلك بدلا من بذل الجهود والوقت على المفاوضات مع الولايات المتحدة".
وكان "المرشد" علي خامنئي دعا في تصريحاته الأخيرة لـ"عدم رهن كل قضايا البلاد بالمفاوضات وذلك في إطار أخذ العبر من الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس ترمب والحفاظ على استقلالية القرار الوطني". وأضاف أنه ليس مفرطا في التفاؤل أو التشاؤم حول المفاوضات.
واعتبر "بصيرة" أنه يجب قراءة موقف "المرشد" بالشكل التالي:
"1- الاقتصاد ليس مرهونا بالمفاوضات. وقد أشار المرشد إلى الخطأ الاستراتيجي الإيراني بعد الاتفاق النووي (الذي تم التوقيع عليه عام 2015) حيث أصبح التطور الاقتصادي والاستثمارات وحتى البرامج الوطنية الإيرانية مرهونة بنتائج المفاوضات آنذاك".
2- كان سقف التوقعات خلال المفاوضات بين إيران والقوى الكبرى (2015) عاليا، وتحولت التوقعات إلى الأزمات بسبب الانسحاب الأميركي الأحادي الجانب من الاتفاق وتشديد العقوبات".
وتابع "بصيرة": "يرى المرشد أن المفاوضات غير المباشرة (على غرار النموذج العماني) إحدى الأدوات التي تمتلكها وزارة الخارجية لإدارة الأزمات وليست حلا حاسما. يمكن تفسير هذا الموقف بأن المرشد يعتبر المفاوضات الجارية أقل أهمية من السابق وهي تهدف فقط إلى خفض التصعيد في الأمد القصير وتبادل الرسائل ولا تعتبر المفاوضات محددا رئيسا للسياسات الكلية للنظام".