رحيل ماريو بارغاس يوسا... نسّاج الأحلام وصوت الحرية

حصد أرفع الجوائز الأدبية وتأثر به جيل من الروائيين

AFP
AFP
ماريو بارغاس يوسا خلال مؤتمر صحافي في مهرجان الكتاب، إكس أن بروفانس، فرنسا، 2014

رحيل ماريو بارغاس يوسا... نسّاج الأحلام وصوت الحرية

في 13 أبريل/ نيسان 2025، طوى القدر صفحة قامة أدبية وفكرية شامخة، هو البيروفي الحائز نوبل للآداب ماريو بارغاس يوسا. لم يكن الراحل مجرد روائي عابر، بل كان صوتا مدويا أثرى سماء الفكر والثقافة العالميين، وبذكاء حاد وموهبة فذة، أعاد تشكيل ملامح الأدب اللاتيني، محولا إياه إلى جسر متين يربط بين عوالم الإنسان الخاصة وهمومه الكونية. يوسا، عراب الرواية البيروفية الذي استقر في ذاكرة التاريخ، ترك بصمات عميقة لا تُمحى على امتداد القرنين العشرين والحادي والعشرين. لقد كان في محراب الأدب، مهندسا بارعا للسرد، يزاوج بمهارة نادرة بين جرأة التجريب التقني وعمق الواقعية النقدية. ففي رحاب رواياته الخالدة، كـ"حرب نهاية العالم" و"حديث في الكاتدرائية"، تتجلى قدرته الاستثنائية على نسج عوالم روائية آسرة، تستكشف بدقة وتعقيد خبايا المجتمع ودهاليز النفس البشرية. وبأسلوبه المتعدد الأصوات، الذي يتسم بالتداخل الزمني والحوارات الممتدة، كان يوسا يمنح قارئه متعة أدبية رفيعة المستوى، مصحوبة بتحدٍ فكري يوقظ الذهن.

البدايات

في 28 مارس/ آذار 1936، أبصر خورخي ماريو بيدرو بارغاس يوسا النور في مدينة أريكيبا الجنوبية في بيرو، لعائلة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة. وقد طبعت طفولته المبكرة تجربة انفصال والديه، بمزيج من الشوق والتحدي. عاش بعض سنواته الأولى في بوليفيا، حيث انتقلت عائلته، قبل أن يعود إلى بيرو ليتلقى تعليما صارما في أكاديمية ليونسيو برادو العسكرية. هذه التجربة القاسية، التي وصفها لاحقا بأنها شكلت مادة خاما لروايته الأولى "المدينة والكلاب" (1963)، حققت نجاحا مدويا وحصدت العديد من الجوائز المرموقة.

التحق بجامعة سان ماركوس الوطنية في ليما، حيث نهل من علوم القانون والآداب، وبدأ وعيه يتشكل بتأثير الأفكار السياسية اليسارية في شبابه. وقاده شغفه العميق بالقراءة والكتابة إلى باريس في ستينات القرن العشرين، حيث عمل صحافيا وكاتبا ناشئا، منغمسا في الأجواء الأدبية الأوروبية واللاتينية الزاخرة. وفي باريس، ترسخت علاقته بكتاب "الطفرة الأدبية" في أميركا اللاتينية، أمثال غبريال غارسيا ماركيز وخوليو كورتازار، ليصبح جزءا لا يتجزأ من هذه الحركة الأدبية المؤثرة الجريئة التي أعادت صياغة مفهوم الرواية اللاتينية، فمزجت ببراعة آسرة بين صلابة الواقع وخصوبة الخيال، وجرأة التجريب في تقنيات السرد وعمق الغوص في تعقيدات المجتمعات اللاتينية.

في رحاب رواياته الباذخة، كـ"البيت الأخضر" (1966) و"حديث في الكاتدرائية" (1969)، تجلت قدرته الفائقة على نسج حكايات متشابكة الخيوط، تكشف النقاب عن براثن الفساد، وطغيان الظلم، وصراعات السلطة المتأصلة في تربة بيرو وخارجها. ففي "البيت الأخضر"، استكشف التناقضات الحادة بين مختلف الثقافات البيروفية، بينما في "حديث في الكاتدرائية"، رسم بفرشاة فنان متمكن لوحة قاتمة تجسد عبث السياسة ونفاقها المتجذر في ظل حكم الديكتاتورية. أما تحفته الروائية "حرب نهاية العالم" (1981)، فتعد من أمهات أعماله، حيث أعاد صوغ أحداث ثورة كانودوس في البرازيل، أواخر القرن التاسع عشر، بأسلوب يجمع بين دقة المؤرخ وجمالية الأسطورة. تناولت الرواية بجرأة قضايا التعصب والعنف والمقاومة، وكشفت عن طموحه الذي تجاوز حدود بيرو الضيقة ليلامس قضايا إنسانية ذات بعد عالمي. وفي "حفلة التيس" (2000)، قدم تأملات عميقة حول طبيعة الديكتاتورية من خلال شخصية رافائيل تروخيو في جمهورية الدومينيكان، وبرع في تصوير التأثير المدمر للسلطة المطلقة على الفرد والمجتمع برمته.

ترسخت علاقته بكتاب "الطفرة الأدبية" في أميركا اللاتينية، أمثال غبريال غارسيا ماركيز وخوليو كورتازار، ليصبح جزءا لا يتجزأ من هذه الحركة الأدبية المؤثرة

لم تقتصر عبقرية يوسا على موهبته الفذة في سرد القصص الآسرة، بل تجلت أيضا في أسلوبه التجريبي الفريد. فقد وظف تقنيات سردية معقدة بمهارة فائقة، كالقفز برشاقة بين أصوات الرواة المتعددين، والتداخل الزمني الذي يكسر أفق التتابعية الخطية، والحوارات الممتدة التي تستنطق بواطن الشخصيات. هذه التقنيات جعلت من قراءة أعماله تحديا فكريا ممتعا يوقظ مدارك القارئ. كما أن اهتمامه العميق بالجسد والإيروس، كما يتجلى في روايته "مديح الخالة" (1988)، أضاف بعدا إنسانيا بالغ العمق لكتاباته، حيث تناول موضوعي الحب والرغبة بفلسفة رفيعة المستوى.

AP
ماريو بارغاس يوسا يقود تظاهرة ضد انفصال كتالونيا عن إسبانيا، برشلونة، 2017

من اليسار إلى مشارف الليبيرالية

لم يكن دور يوسا محصورا في محراب الكتابة الأدبية وحدها، بل كان أيضا شخصية سياسية بارزة تركت بصمتها في المشهد العام. ففي بواكير شبابه، تأثر بالأفكار الاشتراكية المتحمسة وأبدى دعمه للثورة الكوبية في بداياتها المشرقة. لكن مع تعاقب الأيام وتقلب الأحداث، أعاد تقييم مواقفه الفكرية بعين ناقدة. وفي ثمانينات القرن الماضي، تبنى مبادئ الليبيرالية الاقتصادية والسياسية، مؤمنا بحرية الفرد وسلطة السوق كأدوات فاعلة للتقدم والازدهار.

في 1990، خاض غمار المعترك السياسي وترشح لمنصب رئيس بيرو ممثلا لحزب الجبهة الديمقراطية (فريديمو)، لكن القدر لم يحالفه وخسر الانتخابات أمام ألبرتو فوجيموري. وبعد خسارته، انتقل إلى إسبانيا وحصل على جنسيتها عام 1993، لكنه ظل مرتبطا ببيرو برباط فكري وعاطفي وثيق. وقد عكست مقالاته الثرية التي نشرت في صحيفة "إل باييس" الإسبانية آراءه الجريئة في قضايا الحرية والديمقراطية ونقده اللاذع للقومية المتطرفة.

AFP
ماريو بارغاس يوسا يزور معرضا عن أعماله في باريس، 2010

جائزة نوبل

في عام 2010، استحق يوسا عن جدارة جائزة نوبل للآداب، تقديرا لـ"تصويره هياكل السلطة ورؤيته النافذة لمقاومة الفرد وثورته وهزيمته"، على ما ورد في بيان الأكاديمية السويدية. هذا التكريم الرفيع جاء بمثابة تتويج لمسيرة إبداعية امتدت لأكثر من خمسة عقود زاخرة، أنتج خلالها أكثر من ثلاثين عملا أدبيا متنوعا بين روايات ومسرحيات ومقالات ودراسات نقدية عميقة. وقد عززت جوائز أخرى مرموقة، مثل جائزة "ثيربانتس" (1994) وجائزة "رومولو غاليغوس" (1967)، مكانته كأحد أعظم كتّاب اللغة الإسبانية على مر العصور.

لقد ألهم أسلوبه التجريبي الفريد، بتعدد الأصوات وتداخل الأزمنة، جيلا من الكتّاب اللاتينيين لاستكشاف آفاق جديدة في تقنيات السرد المعقدة، كما تجلى بوضوح في روايته "حرب نهاية العالم" (1981)، التي وسعت آفاق الرواية التاريخية. وامتد تأثيره العميق ليشمل تناول مواضيع السلطة والمقاومة، حيث شجع الكتّاب على توجيه سهام النقد إلى الأنظمة الديكتاتورية، كما فعل في روايته "حفلة التيس" (2000). ولم يحصر نطاق كتاباته في حدود بيرو فحسب، بل تناول قضايا إقليمية شملت البرازيل وجمهورية الدومينيكان، مما جعل أدبه صوتا جامعا ومعبرا عن آمال وآلام أميركا اللاتينية بأسرها. وقد ساهمت ترجمة أعماله إلى عشرات اللغات في فتح نافذة للقارئ العالمي لرؤية هذه المنطقة بعيون جديدة، بعيدا من الصور النمطية السائدة.

وظف تقنيات سردية معقدة كالقفز برشاقة بين أصوات الرواة المتعددين، والتداخل الزمني الذي يكسر أفق التتابعية الخطية، والحوارات الممتدة

امتد أثره عميقا ليشمل الأجيال اللاحقة من الكتّاب، مثل إيزابيل أليندي وروبرتو بولانيو، tشجعهم على دمج الخاص بالعام والذاتي بالسياسي في أعمالهم. كما عززت مقالاته ومشاركاته الفاعلة في النقاشات الثقافية من دور المثقف اللاتيني كفاعل مؤثر على الساحة العالمية. وعلى الرغم من الانتقادات التي وُجهت لبعض مواقفه السياسية، فإنه لا يمكن إنكار حقيقة أنه أعاد تعريف الهوية الأدبية لأميركا اللاتينية، وجعل منها مركزا للإبداع الأدبي المتجدد.

لم يتوقف تأثيره عند حدود أميركا اللاتينية، فقد ترجمت أعماله إلى أكثر من عشرين لغة حية، وتحولت روايات خالدة مثل "بانتاليون والزائرات" و"العمة جوليا وكاتب النصوص" إلى أفلام سينمائية لاقت رواجا عالميا. كما ألهم أجيالا من الكتّاب بأسلوبه الفريد الذي يجمع ببراعة بين عمق الواقعية الاجتماعية وجمالية التجريب الأدبي.

AFP
صورة لماريو بارغاس يوسا قبل تنصيبه في الأكاديمية الفرنسية، باريس، 2023

في رحاب بغداد المنكوبة

في عام 2003، بعد أن هدأت عاصفة الغزو الأميركي للعراق، شدّ الرحال نحو أرض الرافدين المثخنة بالجراح. رحلة استغرقت عشرة أيام، نقشت تفاصيلها في سجل يومياته التي تجسدت لاحقا في سفرٍ بعنوان "يوميات العراق".  لم تكن هذه الزيارة مجرد فضول عابر، بل كانت امتدادا لولعه باستكشاف بؤر الصراع والتحولات السياسية والثقافية التي تمزق أوصال العالم، كما فعل في بقاع أخرى من المعمورة. خلال إقامته، استنفر يوسا حواسه المرهفة وعقله الوقاد لفهم كنه الواقع العراقي المضطرب في أعقاب سقوط عرش صدام حسين، متجاوزا أحكامه المسبقة، ساعيا بصدق لتقديم صورة حية نابضة بالنبض الإنساني للبلاد من خلال تجربته المباشرة.

AP
رئيس الإكوادور يكرّم ماريو بارغاس يوسا بوسام الاستحقاق تقديرا لمساهماته الأدبية، كيتو، 2021

خطت قدماه أرض شارع المتنبي الأسطوري، ذلك الشريان النابض بالروح الثقافية والتاريخية، وملتقى عشاق الكتب ومرتع المثقفين. وصفه يوسا بـ "غابة من الكتب"، فضاء يلتئم فيه عبق الماضي مع إشراقة الحاضر. لم يقتصر شغفه على استكشاف المشاهد الثقافية فحسب، بل امتد ليشمل محاولة فهم التحديات الاجتماعية والسياسية العميقة التي كانت تعصف بالبلاد. ففي صفحات يومياته، تحدث بأسى عن الفوضى التي أعقبت الغزو، والتناقضات الصارخة بين الأمل المتوهج في بناء صرح الديمقراطية والعنف المستشري الذي اجتاح البلاد كالنار في الهشيم.

ألهم أسلوبه التجريبي الفريد، بتعدد الأصوات وتداخل الأزمنة، جيلا من الكتّاب اللاتينيين لاستكشاف آفاق جديدة في تقنيات السرد المعقدة، كما تجلى بوضوح في روايته "حرب نهاية العالم"

وعندما سطّر يوسا مقالاته عن العراق في صحيفة "إل باييس" الإسبانية المرموقة، تجنّب الوقوع في براثن التبسيط أو الانزلاق في مستنقع الأيديولوجيا الضيقة. وبدلا من ذلك، قدّم وصفا دقيقا يعكس تعقيدات المشهد العراقي بكل تفاصيله الدقيقة، مستلهما في ذلك تجربته الثرية كصحفي وروائي متمرس. فكتب عن أناس عاديين يكابدون الحياة، وعن صخب الأسواق، ودفء المقاهي، والحوارات العميقة التي أجراها، مما جعل من يومياته مزيجا فريدا من التقرير الصحفي الحي والتأمل الأدبي العميق.

زياراته لمناطق أخرى

 كان شغوفا بالسفر واستكشاف مناطق مختلفة حول العالم، لإثراء تجربته الأدبية والفكرية. فقد تجوّل  في العديد من المناطق، سواء في أميركا اللاتينية، أو أوروبا وأفريقيا، أو آسيا، تاركا انطباعاته في مقالات ويوميات، وأحيانا أعمال روائية. ولأنه بيروفي، كانت أميركا اللاتينية المسرح الأساسي لتجربته الأدبية والشخصية. زياراته داخل القارة كانت غالبا مرتبطة بجذوره وبحثه عن مادة لرواياته: عاد مرات عديدة إلى مدن مثل ليما وأريكيبا، حيث وُلد . كما زار غابات الأمازون البيروفية، التي شكّلت خلفية لرواياته عن التفاعل بين الثقافات المحلية والخارجية.

AP
ماريو بارغاس يوسا مع إيزابيل بريسلر على السجادة الحمراء لحفل جوائز غويا، مدريد، 2016

في إطار بحثه لكتابة "حفلة التيس" زار جمهورية الدومينيكان لدراسة تأثير دكتاتورية رافاييل تروخيو. التقى مؤرخين وشهود عيان، وقضى وقتا في سانتو دومينغو لفهم السياق الاجتماعي والثقافي، مما ساعده على رسم صورة دقيقة للنظام الاستبدادي.

زار مناطق في البرازيل، خاصة للبحث عن روافد لروايته "حرب نهاية العالم" (1981)، التي استندت إلى ثورة كانودوس في القرن التاسع عشر. تجوّل في ولاية باهيا، حيث وقعت الأحداث، لفهم الجغرافيا والثقافة المحلية، مما أضفى على الرواية عمقا تاريخيا وإنسانيا.

في أوروبا وأفريقيا

في الخمسينات والستينات، قضى يوسا سنوات في باريس، حيث عمل صحافيا وكاتبا ناشئا. كانت باريس مركزا لكتاب "الطفرة الأدبية"، وهناك توطدت علاقته بغابرييل غارسيا ماركيز وخوليو كورتازار. زار المقاهي الأدبية مثل كافيه فلور، وشارك في نقاشات فكرية غذّت أعماله المبكرة.

بعد حصوله على الجنسية الإسبانية عام 1993 ، أصبح زائرا منتظما لمدريد وبرشلونة. كتب مقالاته في صحيفة "إل باييس"، وشارك في معارض الكتاب والمهرجانات الأدبية. كما زار مدن الأندلس مثل إشبيلية وغرناطة، مستلهما بعض مقالاته عن التاريخ الإسباني وتأثيره على أميركا اللاتينية.

AP
طلاب يتعلمون عن ماريو بارغاس يوسا في مكتبة عامة بليما، بيرو، 2010

كما زار عدة دول أفريقية كجزء من اهتمامه بالقضايا العالمية، خاصة تلك المتعلقة بالاستعمار والهوية: ففي إطار بحثه لروايته "حلم السلتي" (2010)، التي تناولت حياة روجر كيسمنت، زار الكونغو لفهم السياق التاريخي للاستعمار البلجيكي. تجوّل في مناطق تأثرت بالاستغلال الاستعماري، والتقى مؤرخين محليين لتوثيق التفاصيل التي أثرت روايته.

زياراته لمناطق العالم المختلفة جعلت منه ليس فقط روائيا عظيما، بل شاهدا على تعقيدات القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين

زار جنوب أفريقيا في التسعينات، بعد انتهاء الفصل العنصري. كتب مقالات عن عملية المصالحة بقيادة نيلسون مانديلا، معبرا عن إعجابه بالتحول الديمقراطي رغم التحديات. هذه الزيارة عززت آراءه حول الحرية الفردية والعدالة الاجتماعية.

عين الأديب وقلب المستكشف

امتد فضوله إلى آسيا والشرق الأوسط، حيث سعى لفهم ثقافات مغايرة: زار إسرائيل والضفة الغربية عام 2005، بدعوة من منظمات ثقافية. كتب كتابا بعنوان "إسرائيل/فلسطين: السلام أو الحرب المقدسة"، حيث وثّق لقاءاته مع سياسيين وكتاب ومواطنين من الجانبين. حاول تقديم رؤية متوازنة للصراع، مع التركيز على تعقيدات الهوية والسلام.

زار اليابان في الثمانينات، حيث شارك في مؤتمرات أدبية والتقى كتابا مثل يوكيو ميشيما. كتب عن انبهاره بالتناقض بين التقاليد اليابانية والحداثة، مما أثر على مقالاته عن العولمة.

زياراته لمناطق العالم المختلفة جعلت منه ليس فقط روائيا عظيما، بل شاهدا على تعقيدات القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين. من غابات الأمازون إلى شوارع بغداد، ومن مقاهي باريس إلى قرى الكونغو، كان يحمل معه قلما يسجّل نبض الإنسانية.

AFP
الأديب البيروفي الحائز نوبل ماريو بارغاس يوسا يبتسم خلال لقاء جماهيري في معرض بوينس آيرس للكتاب، 2011

لم يكن يوسا كاتبا فحسب، بل مفكرا عاش من أجل الحرية، سواء في الأدب أو السياسة. قوله الشهير: "الأدب هو أفضل ما اختُرع للوقاية من التعاسة" يعكس إيمانه بقدرة الكلمة على تحرير الإنسان. رواياته، التي استكشفت السلطة والمقاومة والحب، ستبقى دليلا على عبقريته في التقاط تعقيدات الروح البشرية. إن إرثه الأدبي الثري، الممتد من "المدينة والكلاب" التي أطلقت شرارة إبداعه، وصولا إلى "مديح الخالة"، سيبقى منارة تضيء دروب الأدب والفكر، يلهم الأجيال المقبلة بقوة الكلمة وسحر البيان. برحيله، يفقد العالم صوتا نادرا، لكن إرثه سيظل حيا في صفحات كتبه، في نقاشاته الفكرية، وفي قلوب قرائه.

font change

مقالات ذات صلة