شهدت محافظة درعا، جنوبي سوريا، خلال يومي 10 و11 أبريل/نيسان 2025، تطورات أمنية وعسكرية متسارعة، على خلفية محاولة اغتيال استهدفت القيادي بلال الدروبي، أحد القادة المحليين الموالين للدولة. وقد أسفرت الحادثة عن اشتباكات بين فصائل محلية مسلّحة وقوات حكومية، وسط توتر تمركز بشكل خاص حول "اللواء الثامن" بقيادة أحمد العودة، الذي يتخذ من مدينة "بصرى الشام" في ريف درعا معقلا له.
وجاءت هذه التطورات بعد اعتقال الدروبي يوم الخميس، وإطلاق النار عليه من قبل أربعة عناصر يُعتقد بانتمائهم إلى "اللواء الثامن"، حيث وُجهت له اتهامات بحيازة مواد مخدرة، بينها الكبتاغون.
وفي مسعى لاحتواء الأزمة، دخلت إدارة الأمن العام على خط الوساطة، لتتوصل إلى اتفاق مع قيادة "اللواء الثامن"، نصّ على السماح بإقامة حاجز أمني على مدخل المدينة، وتسليم العناصر الأربعة المتهمين بمحاولة الاغتيال. وبموجب الاتفاق، تم الإعلان من قبل المتحدث باسم اللواء محمد سليمان الحوراني يوم 13 أبريل 2025 عن تسليم سلاح اللواء لوزارة الدفاع وتفكيك الفصيل ودمج عناصره في هياكل وزارة الدفاع السورية، كما قام اللواء بتسليم المعتقلين لديه إلى الدولة السورية.
وتأتي هذه التطورات في وقت حساس كان يشهد فيه "اللواء الثامن" ضغوطا متزايدة من قبل الحكومة السورية للاندماج الكامل ضمن تشكيلات الجيش النظامي، وهي مساعٍ كانت تواجه بتحفظات من قبل أحمد العودة الذي كان يشترط الحصول على ضمانات تتعلق بالرتب العسكرية والنطاق الجغرافي لانتشار قواته.
كيف تأسس "اللواء الثامن"؟ أين ينشر؟ ما حجم قوته وعلاقته مع حكومة دمشق؟ ما تداعيات حل نفسه على الجنوب السوري؟
التأسيس والتحولات
تأسس "لواء شباب السنة" عام 2013، وتلقى دعمه حينها من "غرفة تنسيق الدعم المشتركة" (موك)، التي ضمت أجهزة استخبارات في 11 دولة عربية وأجنبية برئاسة وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه). وفي 21 أغسطس/آب 2016، انضم إلى فصيل "شباب السنة" 16 فصيلا عسكريا من الجيش الحر تحت قيادة أحمد العودة.
منذ منتصف عام 2018، ومع الحملة العسكرية الروسية على الجنوب السوري لإرغامه على الدخول في المصالحة مع النظام السوري بدأ ضباط روس بالدخول إلى مدينة بصرى الشام، حيث عُقدت عشرات الجلسات التفاوضية التي اتّسمت بالسرية التامة. لم تقتصر الاجتماعات حينها على "شباب السنة" فقط، بل شارك فيها عدد كبير من القادة المحليين من مختلف التشكيلات العسكرية العاملة في المنطقة. ومع مرور الوقت، بدأت تفاصيل تلك المفاوضات تتسرب تدريجيا، لتظهر إلى العلن اتفاقية التسوية والمصالحة مع فصيل "شباب السنة" الذي تحول بموجب الاتفاق إلى "اللواء الثامن" التابع للفرقة الخامسة ضمن مرتبات جيش النظام السوري مع رعاية روسية.
في تلك الفترة، وُجّهت اتهامات لقائد "شباب السنة" أحمد العودة بـ"الخيانة" وتسليم محافظة درعا للروس وللنظام السوري، إلا أن بعض عناصره وقادته أكدوا أن ما قام به كان بهدف حماية المنطقة وتجنبها ويلات التصعيد العسكري والقصف الروسي، الذي اتبع حينها سياسة "الأرض المحروقة" في عدد من المناطق السورية.
عدد من القادة المحليين أشاروا إلى أن الدور البارز الذي لعبه أحمد العودة في المفاوضات مع الجانب الروسي. ومع نهاية عام 2018، تحول فصيل "شباب السنة" إلى ما بات يُعرف رسميا بـ"اللواء الثامن"، والذي أُعلن تبعيته للفيلق الخامس المدعوم من روسيا، ليصبح الذراع العسكرية لروسيا في الجنوب السوري. وبدأت عناصره المشاركة في مناورات ومهام عسكرية في الساحل السوري، مؤكدين في حينها أن تلك المهام تندرج ضمن إطار التعاون العسكري مع الجيش السوري، دون الانخراط المباشر في معارك.