لا تزال ذاكرة اللبنانيين مثقلة بالحرب الأهلية التي اندلعت في 13 أبريل/نيسان 1975، ذاكرة مفعمة بالخوف والحزن والمآسي. استمرت الحرب حتى عام 1990، وأسفرت عن مقتل نحو 130 ألف شخص (بحسب تقرير لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة نشر عام 2006)، وتشريد أكثر من مليون آخرين. ولم تقتصر تداعياتها على الخسائر البشرية، بل شملت اقتصاد البلاد بمختلف مرافقه ومؤسساته، فدمرت البنى التحتية وأثقلت البلاد بديون هائلة، لا تزال تعيق تقدمها حتى اليوم.
قُدِّرت تكاليف إعادة الإعمار بعشرات مليارات الدولارات، وتراكمت على لبنان ديون كبيرة لتمويل الإنفاق خلال الحرب، وتكاليف إعادة الإعمار بعد الحرب والديون. كما هاجر عشرات الآلاف من اللبنانيين، وأخذوا رؤوس أموالهم معهم.
قتل البشر ودمار الحجر
كان للحرب الأهلية (1975-1976) تداعيات إقتصادية عميقة ودائمة على لبنان، البلد الذي عُرف سابقا بـ"سويسرا الشرق" بفضل قطاعه المصرفي المزدهر واقتصاده النابض بالحياة. وقد أدى الصراع الذي غذته التوترات الطائفية وعدم الاستقرار السياسي والتدخلات الأجنبية، والأزمات المصرفية والمالية المستمرة دون أي خطط واضحة لتصحيح الوضع الاقتصادي وتصويب الخطط المالية العامة، إلى تراجع حاد في مكانته الاقتصادية.
أحدثت الحرب دمارا ماديا واسعا، حيث تحولت مدن رئيسة مثل بيروت، المركز التجاري والثقافي السابق، إلى أنقاض. تضررت البنية التحتية الأساسية بما في ذلك الطرق، الجسور، المطار، المرافىء، ومحطات الطاقة، مما أعاق التجارة والخدمات. لا يوجد هناك رقم محدد، لكن قدرت تكاليف إعادة الإعمار بنحو 20 مليار دولار أميركي وفقا لدراسة أجراها صندوق التنمية العربي، وهو عبء تفاقم بالاعتماد على القروض الخارجية، مما أدى إلى تضخم الدين العام.