أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب في أبوظبي الكاتب الياباني هاروكي موراكامي شخصية العام الثقافية لعام 2025، وذلك تقديرا لتجربته الثرية في عالم الرواية. هنا مقال يتناول عوالم موراكامي من خلال كتابه "مهنتي هي الرواية" الصادرة ترجمته حديثا عن "دار الآداب".
يضم الكتاب الذي ترجمه أحمد حسن المعيني، 11 مقالا يوجز معنى أن يكون روائيا، هي محض مقالات مكتوبة وفق نزوع ذاتي لا علاقة له بطلب من لدن الآخر، ناشرا كان أو مؤسسة ثقافية، وقد نشر الفصول الستة الأولى منها في مجلة "منكي بزنس"، التي يديرها موتويوكي شيباتا، وأطلق عليها عنوان المقالات السيرية، بالنظر إلى أن المنطلق في كل كتابة عن الرواية كيفما كان موضوعيا هو في الآن نفسه خطاب عن الذات.
أكثر من 35 سنة في كتابة الرواية شيء استثنائي، يتوزع أسرارها الحميمة الحظ أولا، الإرادة والاستمرار ثانيا، والأهم الحفاظ على حس الدهشة الذي يراه موراكامي الهاجس المركزي وراء إنشائه هذا الكتاب في المجمل، وقد أخضع خلقه لأكثر من صوغ، مرة تلو الأخرى، ابتغاء تحقيق منظور متعدد وشمولي، متحاشيا ما أمكن سلوك مسلك خطاب التراسل، وإن بدا كل عمله توثيقا شخصيا يروم به أثرا لا كدليل وإنما كمطبخ تجربة قد يعين القارئ بقدر قليل من المنفعة وفق تعبيره دوما.
أنوية الكتاب الفادحة
عن أنوية الكتاب الفادحة ومزاجيتهم الحادة في ما يتعلق بحس الصداقة المتوتر، يستهل موراكامي حادثة حفل العشاء الذي جمع بين مارسيل بروست وجيمس جويس في باريس عام 1922، إذ تعمد المنظمون إجلاسهما الواحد حذو الآخر، بحماسة من ينتظر حوارا تاريخيا مثيرا لم يحدث قط بينهما، إذ لم يخاطب الواحد منهما الثاني والعكس، والسبب الراجح اعتداد كل منهما بنفسه.