طهران... لايمكن لأحد التنبؤ بتداعيات فشل أو نجاح المفاوضات مع ترمب

حذر وانعدام ثقة واضحان في الخطاب الرسمي

أ.ف.ب.
أ.ف.ب.
لوحة إعلانية لصواريخ بالستية إيرانية مع نص مكتوب في الأسفل باللغة العربية" الوعد الصادق" وبالفارسية" إسرائيل أوهن من من شبكة العنكبوت"، في ساحة ولي العصر بوسط طهران، 15 أبريل 2024

طهران... لايمكن لأحد التنبؤ بتداعيات فشل أو نجاح المفاوضات مع ترمب

تناولت الصحافة الإيرانية التقارير عن المحادثات المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران في سلطنة عمان، بنبرة غلب عليها التحدي والتشكك في نوايا إدارة ترمب الحقيقية.

وقد تعاملت وسائل الإعلام الحكومية في إيران، مع هذه التطورات بحذر وانعدام ثقة واضحين، مما يؤكد التوترات التاريخية التي تخيم على العلاقة بين البلدين.

ويتضح من الخطاب الرسمي، أن إيران تنظر إلى الولايات المتحدة كخصم قديم، وليس كشريك في الحوار. وتؤكد الافتتاحيات والتعليقات على التردد في الانخراط الكامل مع المبادرات الأميركية، وتصور الولايات المتحدة على أنها غير موثوقة، وتميل إلى اتخاذ إجراءات أحادية الجانب، قد تقوض أية اتفاقات محتملة.

ونشر موقع "بصيرة" الإلكتروني التابع لـ"الحرس الثوري" تقريرا بعنوان: "وضع الشروط للقاء مسقط" بقلم قاسم غفوري، جاء فيه: "يظهر السلوك الأميركي قبيل المفاوضات في مسقط بأن الأميركيين يعتمدون حرب الروايات، واستخدام الإعلام لجعل طاولة المفاوضات ساحة للتطاول، ودفع إيران إلى الاستسلام، من أجل تسجيل نقطة انتصار مبكرة وكبيرة في سجل ترمب. تصر الإدارة الأميركية على استخدام العبارة الخاطئة، وهي المفاوضات المباشرة. هذه لعبة أميركية من خلال التأكيد على المفاوضات المباشرة، في الوقت الذي تؤكد فيه إيران على المفاوضات غير المباشرة، وأيضا التأكيد على أن ما يحصل في عمان، هو لقاء وليست مفاوضات".

ويعتقد الكاتب أن إدارة ترمب استبدلت خلال حربها الإعلامية على إيران كلمة المفاوضات باللقاء، وذلك في الوقت الذي نجحت فيه إيران، بفرض شروطها بأن تقوم سلطنة عمان، وليس الإمارات بدور الوساطة، وأن تكون المفاوضات غير مباشرة حول النووي، وإلغاء العقوبات فقط.

وأضاف: "يحاول الأميركيون التقليل من الإنجازات الإيرانية، في الحرص على تأمين المصالح الوطنية، وهذا يدل على خشية أميركية من قدرات إيران ومكانتها في العالم".

وكتبت صحيفة "هم ميهن" في مقالها الافتتاحي في التاسع من أبريل/نيسان بعنوان: "نثق وندعم فريق التفاوض" جاء فيه: "إذا نجحت إيران وأميركا في إيجاد صيغة مشتركة للمفاوضات، فإن التقدم في المفاوضات، والحصول على الاتفاق، ليس أمرا بالغ الصعوبة، لأن إيران أعلنت مرارا أنها لا تريد صنع قنبلة نووية، وقدم المرشد توضيحات حول الأسباب السياسية والدينية، التي تمنع إيران من حيازة قنبلة نووية.. يبدو من خلال الرسائل المتبادلة بين إيران وأميركا، أن الخلاف بين الطرفين، كان حول موضوع القنبلة النووية".

يعتبر نتانياهو أهم المعارضين للاتفاق بين إيران وأميركا. ويبدو أن معظم دول المنطقة يدعمون هذا الاتفاق في حال حصوله لأنه يبعد شبح الحرب عن المنطقة

وأضافت "هم ميهن": "يعتبر نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي أهم المعارضين للاتفاق بين إيران وأميركا. ويبدو أن معظم دول المنطقة يدعمون هذا الاتفاق في حال حصوله، لأنه يبعد شبح الحرب عن المنطقة..". لكن الأمر أكثر تعقيدا بالنسبة للقوى الإيرانية، لقد أصيبت الجماعات المنادية بالإطاحة بالنظام الإيراني باليأس، وبالتالي تحاول هذه المجموعات شن حملة دعائية مناهضة للمفاوضات.

ويرى أحمد زيد آبادي في مقال له بصحيفة "هم ميهن" بعنوان: "المفاوضات الإيرانية الأميركية في عمان.. مسار هش ومعقد" أن "المفاوضات لديها سقف زمني محدد، وأنه لا يمكن لأحد التنبؤ بتداعيات فشلها أو نجاحها، ولذلك تعتبر هذه المفاوضات في غاية الحساسية والخطورة والتعقيد والهشاشة، ولا تشبه المفاوضات السابقة بين الجمهورية الإسلامية، والولايات المتحدة الأميركية. وقد كانت المفاوضات السابقة كلها تتمحور حول قضايا فنية أو تكتيكية، أو بهدف إهدار الوقت لتجاوز أزمة كبيرة بشكل مؤقت، أو اختبار الطرف المقابل، غير أن أهداف المفاوضات بين عراقجي وزير الخارجية الإيراني، وويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي في الشرق الأوسط في مسقط تختلف عن سابقاتها. ويبدو أن إدارة ترمب لديها هدف رئيس من المفاوضات مع الجمهورية الإسلامية على مستويين: المستوى الأول إزالة حالة العداء، التي طالت خمسين عاما بين طهران وواشنطن، والمستوى الثاني التعاون المتبادل".

وأضاف: "إذا كان مسؤولو الجمهورية الإسلامية، يرغبون في تحقيق هذه الأهداف، فإن المشكلة يتم حلها. ولكن إذا أصرت الجمهورية الإسلامية على معارضة تطبيع العلاقات وتحسينها، فإن الإدارة الأميركية ستتجه خلال المفاوضات، إلى تحقيق هدف تفكيك كل الأدوات والتجهيزات التكنولوجية والأسلحة الإيرانية، والتي يزعم ترمب أنها تهدد مصالح أميركا وحلفائها".

وتابعت "هم ميهن": "من المستبعد عدم دراية الطرف الإيراني بمطالب ترمب، وإلا لماذا قبلت إيران بأن تجري المفاوضات؟ هل الهدف دفع المفاوضات في إطار المفاوضات السابقة؟ إذا كانت الإجابة نعم فإن الطرف الأميركي لن يستمر فيها. هل تسعى إيران إلى الدخول إلى المفاوضات صوريا، ومن ثم مغادرة طاولة المفاوضات؟ هذا يعد إهدارا للوقت. أم إن الهدف هو بدء فصل جديد من العلاقات مع الولايات المتحدة، وإنهاء كل الأزمات الناتجة عن حالة العداء بين البلدين؟ إذا كانت الإجابة على هذا السؤال نعم، فإن مسار المفاوضات سيكون أقل توترا، وأوفر حظا للتقدم. ويبدو واضحا إذا قررت إيران المضي في المفاوضات، وبدء فصل جديد من العلاقات مع أميركا، فيجب أن نستعد لتركيبة سياسية جديدة في البلاد، قد تؤدي إلى تحول جوهري في القاعدة الاجتماعية الموالية للنظام".

يبدو أن إدارة ترامب لديها هدف رئيسي من المفاوضات مع الجمهورية الإسلامية على مستويين: المستوى الأول إزالة حالة العداء التي طالت خمسين عاما بين طهران وواشنطن والمستوى الثاني التعاون المتبادل

ويعتقد زيد آبادي: "إذا دخلت إيران في المفاوضات بهدف إبعاد شبح الحرب، والخيار العسكري، فإن أميركا ستسير نحو تفكيك كل الأدوات والتجهيزات التكنولوجية والأسلحة الإيرانية، وستضطر إيران في هذه الحالة إلى تقديم امتيازات إلى الطرف الآخر، دون أن تكسب شيئا يساعد الاستثمار والتنمية الاقتصادية في البلاد. إن المسار معقد وصعب للغاية، والاستقطاب بين القوى الاجتماعية يزيد الوضع تعقيدا. والجزء الأكبر من داعمي النظام يعارض المفاوضات وخاصة الاتفاق. لا يسكت معارضو المفاوضات بل يحاولون القيام بالاحتجاج، وبالتالي فمن غير المستبعد أن تقوم فئة من معارضي المفاوضات، بالتمرد أو أفعال خطيرة... من جهة أخرى نلاحظ أن أطيافا من الإصلاحيين والمعتدلين الداعمين للمفاوضات المثمرة، لا تسهل الأمور على الحكومة، بل وجدوا الفرصة المناسبة للقيام بتسوية الحسابات مع خصومهم السياسيين، وبالتالي كل ذلك يخلق بيئة معقدة لمراكز القرار، بهدف المضي في سياسات تخدم مصالح البلاد".

أ ف ب
الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد إعلانه الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، البيت الأبيض في 8 مايو 2018

وكتب الصحافي محمد وليان بور مقالا بعنوان: "لماذا ليبيا؟" في صحيفة "قدس" قال فيه: "لقد تم الكشف رسميا عن هدف المفاوضات بين الولايات المتحدة، وإيران بعد لقاء الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي، وهو الوصول إلى اتفاق، على غرار اتفاق نزع السلاح في ليبيا".

وتساءل الكاتب: "لما‍‍ذا ليبيا؟ لأن اتفاق ليبيا أدى إلى تفكيك الأجهزة والبرنامج النووي، والبرامج الصاروخية في البلاد إزاء العلاقات مع الغرب، وإلغاء العقوبات، والحفاظ على الأمن في البلاد، غير أن الولايات المتحدة لم تنفذ وعودها، ومن ضمنها إلغاء العقوبات، وانتهى المطاف بهجوم عسكري، والإطاحة بالنظام السياسي في ليبيا، بل وتوريط ليبيا في حرب أهلية، وغياب الدولة، وانتشار الإرهاب في البلاد. لقد اقترحت الولايات المتحدة وإسرائيل- اللتان تهددان إيران منذ فترة طويلة بالهجوم العسكري- مبادرات على طاولة المفاوضات، لتكسب رضا طهران، غير أن هذه المفاوضات ستكون نتائجها كارثية للبلاد. لا يزال ترمب يهدد إيران، وفي الوقت ذاته يطلق وعودا بالحوار. يريد ترمب بث الرعب لدى الطرف الإيراني لكسر إرادته، وإجباره على قبول ما يمليه عليه".

وتابع: "لن يتوقف ترمب عند عدم حصول إيران على أسلحة نووية، بل تتجاوز مطالبه إلى تفكيك البرنامج الصاروخي، وانحسار النفوذ الإيراني في المنطقة، وهذا يمهد لجعل إيران مثل ليبيا... نثق بيقظة فريق المفاوضات الإيراني في قيادة المفاوضات. إن تحقيق آمال ترمب ونتنياهو من هذه المفاوضات أمر مستحيل".

font change