في صباح يوم 17 يونيو/حزيران 1985، وقف الأمير السعودي سلطان بن سلمان بن عبد العزيز على منصة الإطلاق في مركز كينيدي للفضاء بولاية فلوريدا الأمريكية، مستعدا لركوب مكوك الفضاء "ديسكفري" في رحلة ستجعله أول عربي، وأول مسلم، وأول فرد من عائلة ملكية يصل إلى الفضاء.
كان الأمير سلطان، وهو طيار مقاتل في القوات الجوية السعودية، جزءا من مهمة علمية لتحقيق إنجازين، الأول إطلاق القمر الصناعي عربسات-1B لتعزيز الاتصالات في العالم العربي، والثاني إجراء تجارب علمية بالتعاون مع وكالة "ناسا".
عندما انطلق المكوك إلى الفضاء، ارتفعت أصوات التكبير والتهاني في جميع أنحاء العالم العربي. وبعد سبعة أيام في المدار، عاد الأمير سلطان إلى الأرض حاملا معه أحلام الملايين من أبناء أمته، ليصبح رمزا للطموح العربي نحو العلم والفضاء.
بعد 25 عاما من رحلة الأمير سلطان، أثبت العالم العربي مرة أخرى أنه قادر على المساهمة في علوم الفضاء الحديثة. ففي عام 2010، أعلن فريق علمي من برنامج قطر لرصد الكواكب، اكتشاف كوكب خارج المجموعة الشمسية أُطلق عليه اسم "قطر-1ب"، وهو كوكب غازي عملاق يبعد نحو 500 سنة ضوئية عن الأرض.
في السنوات الأخيرة، خطت الدول العربية خطوات متسارعة نحو الفضاء، في مسعى واضح لتعزيز قدراتها التكنولوجية وتحقيق التنمية المستدامة. لم تعد الفضاءات العليا حكرا على القوى الكبرى، بل أصبح للعرب موطئ قدم فيها من خلال إطلاق أقمار صناعية متعددة الأغراض، تشمل الاتصالات، والاستشعار عن بعد، والمراقبة البيئية، والبحث العلمي، وحتى التعاون الدولي.
لم يأت هذا التوجه من فراغ، بل يعكس وعيا استراتيجيا متزايدا لدى صانعي القرار العرب بأهمية امتلاك أدوات الرصد الفضائي، ليس فقط لتعزيز البحث والتنمية، بل أيضا لدعم الأمن القومي والسيادة الرقمية، والاستفادة من اقتصاد الفضاء الذي يشهد نموا متسارعا على مستوى العالم.