ماذا بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعليق التعريفات الجمركية لمدة 90 يوما على أكثر من 75 دولة لم ترد برسوم انتقامية، وكذلك خفض الرسوم إلى 10 في المئة خلال تلك الفترة؟ هل التعريفات الجمركية مجرد سلاح تفاوضي أم استراتيجيا اقتصادية؟ عصر الحمائية أم المفاوضات الشاقة؟ الوقت كفيل بكشف ذلك، بحيث يعرف العالم حقيقة نيات الرجل، وربما تأتي الإجابات عاجلا وليس آجلا.
لا شك أن الذعر في الأسواق، ولا سيما بعد الرد الصيني القاسي، والبيع الكثيف للسندات الأميركية، وجنون الاسواق، ومواقف مئات الخبراء في العالم، دفعت الرئيس ترمب الى التروي وقراءة متأنية للمؤشرات ومآلاتها. لا تتحمل الولايات المتحدة بكل عظمتها ما حصل في الساعات الماضية، فبعد رد الصين مجددا برفع رسومها الجمركية على الواردات الأميركية إلى أكثر من 80 في المئة، رد الرئيس الأميركي برفع الرسوم من 104 إلى 125 في المئة. إن ما جرى، ليس مجرد لعبة أفعوانية في أكبر اقتصادين في العالم، بل تقاس نتائجه الاقتصادية المدمرة بالنتائج المدمرة لحروب كبرى.
لم ينس العالم بعد كلمات الرئيس ترمب في منتدى دافوس في يناير/كانون الثاني الماضي عقب تنصيبه في البيت الأبيض، حين ردد مرات عدة أن "التعريفة الجمركية" هي كلمته المفضلة، مستهلا عهده بالتهديد والوعيد ورفع العصا أمام القادة السياسيين ورجال الأعمال الحاضرين والغائبين، مؤكدا أن تصنيع المنتجات في الولايات المتحدة هو السبيل الوحيد لتجنب هذه التعريفات.
طاولة المفاوضات من المكسيك وكندا الى الصين
فور تسلمه مفاتيح البيت الأبيض، وضع الرئيس ترمب سياسته التجارية قيد التنفيذ فورا مع كل من كندا والمكسيك والصين بنسب تفاوتت بين الـ20 والـ25 في المئة. جلس الجميع الى طاولة المفاوضات، واستتبع ذلك بتعليق موقت للتعريفات مع كندا والمكسيك في مقابل وعود جلها أمنية.
بعد أقل من 24 ساعة من دخول الرسوم الجمركية المتبادلة حيز التنفيذ.. #ترمب يفجر مفاجأة ويعلق الرسوم على 75 دولة لمدة 90 يوم، ورد فعل الأسواق جاء دراميا لتقفز مؤشرات الأسهم الأميركية مسجلة أكبر مكاسب منذ مارس 2020@samiasalehh#اقتصاد_الشرق pic.twitter.com/Xcg8IfhPNN
— Asharq Business اقتصاد الشرق (@AsharqBusiness) April 10, 2025
لم يستمر هذا الحال طويلا، فمع انتهاء مهلة التعليق، سارع ترمب إلى إعلان بدء تطبيق هذه التعريفات، وإذاعة لائحة طويلة من الدول التي شملتها سياسة التعريفات الجمركية المتبادلة التي لامست الـ50 في المئة لدى بعض الدول، في ما سماه "يوم التحرير"، والتي شكلت صدمة للحكومات والأسواق في كل أنحاء العالم، وأثارت على الفور خطر التهديد باتخاذ إجراءات مماثلة انتقامية، لا سيما بين الولايات المتحدة والصين، ودعوات للتفاوض لبتها نحو 70 دولة حتى اللحظة، على وقع ارتباك الصناعات المختلفة وتراجع الأسهم العالمية.
لا شك أن العالم دخل حقبة جديدة من السياسات الحمائية، فهل ستستخدم التعريفات كورقة تفاوضية تخضع أمامها الأمم؟