منذ بداية مارس/آذار الماضي، اتخذت الحكومة الإسرائيلية قرارا بإغلاق كافة المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية وشاحنات الوقود بشكل كامل. وكان من المفترض بموجب البروتوكول الإنساني الموقّع ضمن اتفاق وقف إطلاق النار منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، أن يتم السماح بدخول 600 شاحنة مساعدات يوميا و50 شاحنة وقود، إلا أن إسرائيل وبعد مماطلات في عقد جلسات تفاوضية مع حركة "حماس" برعاية الوسطاء- مصر وقطر والولايات المتحدة الأميركية- خلال المرحلة الأولى من تنفيذ الاتفاق لتطبيق المرحلة الثانية، وفور انتهاء فترة المرحلة الأولى مباشرة، اتخذت إسرائيل قرارا بإغلاق المعابر كافة، وحتى إشعار آخر.
وعلى مدار أكثر من شهر من منع دخول المساعدات الإغاثية والإنسانية والمواد الغذائية الأساسية والخضراوات واللحوم المجمدة والمحروقات والمستلزمات الطبية، تفاقمت الأزمات وانعكست على كافة مناحي الحياة لأكثر منمليونين و400 ألف مواطن في قطاع غزة، واجهوا مخاطر الجوع والمرض والقتل والاعتقال والنزوح على مدار أكثر من عام ونصف العام دون أي حلول، حتى باتوا على مشارف مواجهة كارثة إنسانية ومجاعة قادمة وانتشار للأمراض بسبب انعكاس أزمة إغلاق المعابر على حياتهم اليومية تحت القصف والتوغلات البرية الإسرائيلية واستمرار عمليات التدمير والقتل بشكل يومي.
وفور إعلان إسرائيل إغلاق المعابر، بدأت أسعار السلع والبضائع بكافة أنواعها في الارتفاع تدريجيا من قبل التجار والباعة، وذلك بالتزامن مع فئة بسيطة مازال لديها بعض من مصادر الدخل والقدرة على شراء كميات أكبر من المعتاد من السلع لتخزينها خوفا من استمرار عملية الإغلاق لفترة طويلة.
مسعود سلمان، من سكان وسط قطاع غزة، يوضح لـ"المجلة"، أنّ أزمة إغلاق المعابر من قبل إسرائيل، لم تكن المرة الأولى خلال حرب الإبادة الجماعية التي انطلقت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث أغلقت أكثر من مرة وفي كل إغلاق كان يستمر لأسابيع، كان يواجه مشاكل فقد السلع الأساسية وارتفاع أسعارها، ما دفعه للتبضع وشراء كميات تكفي لشهرين تقريبا.
ويضيف: "الأسعار ارتفعت مباشرة بعد إغلاق المعابر، واضطريت أشتري، لكن كمان الخضراوات واللحوم المجمدة ما قدرت أشتري منها كميات، لا في عنا كهربا ولا ثلاجات، وين بدي أخزنها"، مشيرا إلى أنه تمكّن من الشراء بسبب استمرار قدرته على العمل وتوفير دخل شهري، وعدم فقده لمنزله وعائلته، حيث فقد أكثر من 70 في المئة من سكان القطاع مصادر الدخل كما فقدوا منازلهم وأصبحوا يتنقلون بين مخيمات النزوح، وذلك قبل استئناف الجيش الإسرائيلي للعمل العسكري في 18 مارس الماضي بحسب إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
ونتيجة للحرب وما خلفته من كوارث وأزمات على مدار عام ونصف العام، أصبح قرابة 80 في المئة من سكان غزة، يعتمدون على المؤسسات والمنظمات الدولية الإغاثية والتي تقدم لهم طُرودا غذائية كلما سمحت إسرائيل لتلك المنظمات بدخول شاحناتها، كما يعتمدون على وجبة طعام يومية يحصلون عليها من تكايا الطعام الخيرية والتي تشرف عليها مؤسسات دولية ومحلية ومُبادرين محليين، إلا أنهم ومع استمرار إغلاق المعبر باتوا يواجهون شحا في الكميات المخزنة ما اضطر الكثير من القائمين على تكايا الطعام تخفيض عدد الوجبات اليومية التي يقدمونها للنازحين، فيما أغلق آخرون وتوقفوا عن تقديم خدماتهم الإنسانية الأساسية.