رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي عاد إلى العراق بعد "استراحة محارب" لأكثر من سنتين. ولأنه معروف بدقة حساباته وخطواته، طرحت عودته كثيرا من الأسئلة والتكهنات. وما زاد منها أن هذه العودة إلى الوطن، جاءت في وقت تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط تحولات كبيرة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 والعالم يشهد مرحلة جديدة منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
الكاظمي الذي عمل بالصحافة في المنفى زمن حكم صدام، ثم ترأس بعد التغيير الكبير في بغداد، جهاز المخابرات والحكومة، ومعروف باتساع مروحة علاقاته في العراق والإقليم والعالم، بين أطراف متحالفة وأخرى متصارعة، بين الشخصيات القليلة القادرة على الربط بين تحولات الداخل والخارج وبين الأزمة والمتغيرات وقراءة معاني الإشارات والتحولات.
حملت إلى الكاظمي الكثير من الأسئلة عن العراق والمتغيرات في الشرق والأوسط والنظام العالمي الجديد. أجرينا قسما من الحوار في لندن ثم استكمل خطيا عبر البريد الإلكتروني في 26 مارس/آذار 2025.
سألته عن معاني عودته إلى بغداد، ونيته الترشح إلى الانتخابات والضمانات التي يريدها، عن انسحاب القوات الأميركية وعلاقة طهران وواشنطن في العراق، عن الشرق الأوسط بعد سقوط نظام الأسد ونكسات "حزب الله"، عن تهديدات ترمب بــ"الضغط الأقصى" ضد إيران، عن العلاقات السعودية-الأميركية، والنظام العالمي الجديد وعلاقة أميركا والصين وروسيا، وعن موقع العرب في العالم.
وهنا نص الحوار:
* دولة الرئيس، عدت إلى العراق بعد غياب لأكثر من سنتين. ما أسباب العودة؟
- شكرا جزيلا لكم على هذه الفرصة الطيبة. بعد إتمام مدة المسؤولية الوطنية قررت أن أغادر العراق، وهذا القرار له أسبابه ودوافعه. على المستوى الشخصي، كنت في أمس الحاجة إلى أخذ قسط من الراحة بعد هذه المدة من العمل. المسؤولية لم تكن محصورة برئاسة الوزراء، بل تمتد منذ عام 2016 عندما كنت رئيسا لجهاز المخابرات الوطني، حتى أكتوبر/تشرين الأول 2022 مع تسليمنا المهمة لرئيس الحكومة الحالية.
بعض الإخوة قالوا إن الكاظمي أخذ "استراحة محارب"، وهذا الوصف فيه بعض من الصحة. فقد عبرت في أكثر من لقاء أنني أقف على التل، وهذا يعني الاستراحة الممزوجة بالمتابعة والمراقبة للوضع من جهة، والعمل على تقييم التجربة وتدوينها وتوثيقها من جهة ثانية؛ إضافة إلى تطوير الرؤى والأفكار والمقاربات، خاصة أن المتغيرات التي تعصف بالمنطقة والعالم تستوجب هدوءا ومرونة في الوقت نفسه، يساعدانا على اجتراح الحلول الملائمة رغم الظروف والتعقيدات الموجودة. فلا ننجر وراء العواطف، ونتمسك بالقيم الأخلاقية والإنسانية والوطنية لتحقيق المصالح العامة للعراق وأهله والمنطقة.