"لم يعد الإنسان الحديث بحاجة إلى كهنة ليخدروه، لقد أصبح هو نفسه تاجره الشخصي، ومشجعه الذاتي، ومدمن منشطاته الخاصة. صالة الرياضة، معرض الفنون، حتى صندوق الاقتراع – جميعها تحولت إلى صيدليات لتوزيع منشطات وجودية" (بيتر سلوتردايك).
"عندما يتحول الإبداع إلى سباق محموم، يصبح الفنان أو المفكر مثل العداء الذي يتعاطى المنشطات، يخدع نفسه قبل أن يخدع الجمهور." (ميشال أونفري).
ظاهرة تناول المنشطات لتجاوز الإمكانات الخاصة والتفوق على الذات في استفحال متزايد. غير أن الإجراءات التي تتخذ عادة في حق متعاطينها، باستبعادهم وإقصائهم المبكر، لا تدل على إدراك حقيقي لدلالة الظاهرة، إذ يُكتفى بالنظر إليها على أنها زيغ وغش لا يورطان إلا مقترفه. إلا أن هذا التفسير الأخلاقي ربما يحول بيننا وبين إدراك مغزاها الشمولي العميق في مجتمعات الفرجة التي نحياها.
ظاهرة شاملة
ذلك أن هذه الظاهرة لا تقتصر فحسب على بعض المتبارين، ولا على المجال الرياضي وحده. فإذا عرفناها بأنها الاستنجاد بعوامل خارجية كي يتجاوز المرء إمكاناته الذاتية ويتفوق عليها بأقل مجهود، فإننا نلمسها اليوم في جميع المجالات ابتداء من الغش في الامتحانات المدرسية، حتى التزوير في الانتخابات السياسية، مرورا بتجميل الأجساد والسلع، والسرقات الأدبية، والانتهازية الثقافية. "الدوبينغ" Doping الذي يعني حرفيا تناول المنشطات غير القانونية، "عقلية" أكثر منها مجرد ممارسة في مجال بعينه. إنه يعكس هوس المجتمع بالأداء الفائق والتفوق بأي ثمن، والرغبة التي لا تحد في "أن ننتصر": ننتصر على الآخرين وعلى أنفسنا وعلى الأرقام.