من المستبعد أن تُعوِّض مصر الولايات المتحدة عن قصف الميليشيات الحوثية في اليمن، وما قد يترتب على ذلك من استعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر، وبالتالي انتعاش حركة قناة السويس.
وبرزت قضية التعويضات إلى الواجهة بعد أن نشرت مجلة "ذي أتلانتيك" مراسلاتٍ متبادَلة بين مسؤولين في الإدارة الأميركية عبر تطبيق التراسل المشفّر مفتوح المصدر "سيغنال" تناولت خطط الولايات المتحدة الهادفة لضرب الحوثيين في اليمن. بحث المسؤولون فرص الحصول على امتيازات اقتصادية من الجانبين المصري والأوروبي، مقابل ضمان أمن الملاحة البحرية في المنطقة.
كما استأثرت هذه الضربات الجوية باهتمام كبير، خلال المكالمة الهاتفية التي جمعت الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الأول من أبريل/نيسان.
ولم تتضمن التغريدات التي نشرها ترمب على حسابه بمنصة "إكس" أي تفاصيل عن محتوى نقاشه مع الرئيس المصري. كما جاء البيان الصادر عن الرئاسة المصرية حول المكالمة مُجملا خاليا من التفاصيل أيضا.
غير أنه يمكن استشفاف موقف مصر من قضية التعويضات من خلال منهجية تعامل القاهرة مع هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر، منذ بدايتها في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
في الحقيقة، سبقت هجمات الحوثيين على السفن المارة بمضيق باب المندب والساحل اليمني للبحر الأحمر، الضربات الإسرائيلية على غزة بفترة طويلة، والتي جاءت ردا على الهجوم الذي شنته حركة "حماس" وفصائل أخرى من غزة على المستوطنات جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
إلا أن وتيرة هذه الهجمات ازدادت حدّة وعشوائية، تزامنا مع تصاعد القمع الإسرائيلي الوحشي لقطاع غزة، حيث فرضت سلطات الاحتلال حصارا شاملا، ومنعت وصول المواد الأساسية من غذاء وماء ووقود إلى المدنيين الفلسطينيين. وفي الحقيقة، لم يفت هذا التحليل على واضعي السياسة المصريين، الذين رأوا في تصاعد هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر مجرد عرضٍ من أعراض أزمة أعمق: الحرب الإسرائيلية على غزة.
وقد أكدت الأحداث صحة الرؤية المصرية، عندما أوقف الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر عقب دخول الهدنة بين "حماس" وإسرائيل حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني.2024 حيث أعاد تراجع هجمات الحوثيين إحياء آمال انتعاش حركة قناة السويس- الممرّ الأقصر بين آسيا وأوروبا، وأحد أهم مصادر النقد الأجنبي لمصر.