شذرات من مراسلات عبد الكبير الخطيبي: الفن هبة للا أحد

"رسائل في التحاب" عن الحب والكتابة والفن والحياة

عبد الكبير الخطيبي

شذرات من مراسلات عبد الكبير الخطيبي: الفن هبة للا أحد

"يحدث لي أن أكتب ما نسميه شذرات، على شاكلة الكتاب الأخلاقيين والشعراء، هذه الشذرات هي بشكل خطير أقرب إلى الصمت والنوتة الحادة والتوقف أمام الفراغ. لكن الفراغ يرسم صورة، مشهدا، هيئة، طيف كائن، ظهورا واختفاء، أخذ نفس، عاصفة وريحا هوجاء، محور الرقص والرغبة"- عبد الكبير الخطيبي

لعل أقرب صورة إلى ذات الكاتب، تكمن في كتابة اليوميات والرسائل، وعن هذه الأخيرة، نكتشف ظلالا بمثابة حواش صامتة يسكنها أو يتمرأى فيها الكاتب والمفكر المغربي عبد الكبير الخطيبي (1938-2009) في رسائله إلى الكاتبة والمحللة النفسية غيثة الخياط، "رسائل في التحاب" الصادرة حديثا في طبعتها العربية عن دار "خطوط وظلال"، ترجمة محمد معطسيم، وفق ما تلتمع به شذرات حادة تجنح عموديا، في نسيج المتن الرسلي الخطي المنساب أفقيا، وهو ما يفتح كوة في إطباقة العزلة كي تعبر الرياح السحرية، مكتنزة في زوبعتها الرملية حبة ذهب تعادل الأثر الجارح للفكر وفن العيش واختراق الآفاق وتذوق الموسيقى واستكناه الموت.

مجمل رسائل الخطيبي موثقة في كتابتها بمدن تستأثر فيها الرباط بالحيز الأكبر، ولا يضاهي مركزية الرباط إلا زخم باريس المتعدد، ثم على نحو استثنائي، ستراسبورغ ونيويورك.

في انتخاب الشذرات من روزنامة الرسائل، يتكرر صدى لازمتين أشبه بحجرين كريمين يلمعان في مدار العلامات والرموز ضمن تواتر الخطاب أو قطائعه في آن، هما: فن العيش، وفضيلة التحاب بين شخصين مختلفين، قائمة على المسعى الفكري والجمالي للعثور على هامش للإتلاف في ما هو إنساني منفلت ومعقد.

في معرفة الذات وأسرار باريس

لا فن مثلا تستقيم بدونه معرفة الذات، إن لم نحول كراهية عدونا لنا إلى مصدر طاقة هائلة تجعل من التدمير طريقا أو هبة تمنحنا سرا، سيان كان هذا العدو آخر، خارجيا، أو يسكن في غسق داخلنا:

"تتحدثين في رسائلك عن صحار مأهولة بالكراهية، أجل، لا أعرف ما إذا كان القول المأثور للحكيم الذي يريد الإفادة من مشاعر أعدائه، يضعنا على الطريق. تحويل التدمير، هو آلية جيدة لمعرفة الذات. عدونا هو أيضا بداخلنا، مثل شبح، جزء متجذر في نزوعاتنا ونزواتنا. سنفيق يوما مغتاظين من سذاجتنا وأوهامنا. الفن هنا، عنيد لا ينقاد، يمنحنا سرا: يشكل تشابكنا مع الحياة، وانفعالاتنا وأهواءنا. أؤمن بالفن، بوصفه غاية في ذاته، غاية لامتناهية".

الفن هنا، عنيد لا ينقاد، يمنحنا سرا: يشكل تشابكنا مع الحياة، وانفعالاتنا وأهواءنا. أؤمن بالفن، بوصفه غاية في ذاته، غاية لامتناهية

من ناحية ثانية، كيفما كتبنا لأنفسنا أو لأسباب غامضة، يظل شبح القارئ راسخا على الضفة الأخرى، وجسارة الكاتب أن يومئ برسم طريق للمتلقي، أو دليل فن عيش بالأحرى:

"إبداع القارئ هو الأمنية الشغوفة لكل الذين يكتبون، القارئ: مضاعف وآخر، حي وقادم من الأجيال المقبلة. ما ينقله إليه الكاتب هو إيقاع، ونبرة صوت، ورسم طريق، وهو شيء ثمين جدا. أن أعترض دائما على الأحكام الاجتماعية المسبقة، إزاء هؤلاء الناقلين المرسلين للحياة المادية واللامادية. الكاتب ليس صنما ولا منبوذا، لكنه موجه إلى فن العيش. مفارقته أنه يضحي بحياته الشخصية لإنجاز مهمته على أحسن وجه".

غلاف "رسائل في التحاب"

كما في كتابه "الذاكرة الموشومة"، تستأثر باريس في رسائل عبد الكبير الخطيبي، بغواية خاصة، بعلاقة مدهشة ملؤها الافتتان، المتعة، التيه على سبيل التسكع، متأرجحة كحاضرة مؤسطرة، بهوس جمالي في مرمى الموسيقى، الفن التشكيلي، وشعرية الحياة ككل:

"مشيا وتسكعا في هذه المدينة، فهذا من شأنه أن يقودك إلى اكتشافها أحسن، وتودعك أسرار وخبايا. تلك كانت تقنية بودلير، وهو يمارس فن العيش بباريس، يوما عن يوم، مبتكرا أفكارا جميلة عن الحداثة. أعمال بودلير مثل باريس، لم تشخ، بل نضجت مع هذا القرن، مساوية دائما للذات عينها، ولموسيقاها المتعددة الأصوات".

غلاف "الذاكرة الموشومة"

الفن العربي المعاصر

لا ينفك الاهتمام بالفن العربي المعاصر يهاجس ذهن الخطيبي، ويلازم تفكيره ومخيلته، ولا يني يفصح عن تخصيص أو توسيم الحضارة العربية الإسلامية بحضارة العلامة في المطلق:

"حاليا أشتغل على الفن العربي المعاصر، عكفت على هذا الموضوع لفترة طويلة، أحاول تجلية بعض براديغمات الفكر بين الصورة والعلامة، علما أن الحضارة الإسلامية هي حضارة العلامة، هيكلها هو الكتاب. الكشف عن النظرة، إعادة اكتشاف الصورة، قصد إثراء كتاباتي، وسعيا إلى الإمتاع والفكر".

أعمال بودلير مثل باريس، لم تشخ، بل نضجت مع هذا القرن، مساوية دائما للذات عينها، ولموسيقاها المتعددة الأصوات

وإذ يفصل الخطيبي مدار الفن العربي المعاصر عن الفلك الأوروبي، راسما خطوط المغايرة والاختلاف، فإنما ينتصر لاستقلالية الفن ككل الذي لا ينتمي الى اللا أحد:

"سأعود إلى مسألة المرئي في الفن العربي المعاصر، سلكت طريقة جديدة: أحلل هذا الفن انطلاقا من براديغماته الحضارية، وهي براديغمات الفن: صفاء الخطوط، إضفاء الطابع الهندسي المطلق، ودقة الفن التزييني، واستقلالية اللون...".

وفي تعالق مصاحب، أكثر لغزية واستعارية، يتماهى الرسم مع الموسيقى:

"عملية الرسم هي لعبة بين الحركة واللون، أو ببساطة، هي ارتجال حركي، مثلما هو الأمر تقريبا، في موسيقى الجاز الحرة".

ويغدو الفن في المحصلة للتأكيد:

"لا ينتمي الفن إلى أحد، من حيث كونه ملكية، فهو للا أحد. هبة للا أحد".

وممن يطفو اسمهم على سطح بحيرة التراسل المتماوجة هذه، الفنان المغربي أحمد الشرقاوي الأثير لدى الخطيبي، في طليعة الحداثة المغربية للأثر التشكيلي:

"منجز الشرقاوي يتيح لك إعادة النظر، ليس فقط في تراث العلامة عندنا، بل أيضا في توليف متفرد ذاتي وشخصي، كثيف في بعض الأحياز من متخيلنا".

وأكثر عن قوة علامته اللا تشيخ:

"لكن لنترك الحنين إلى الماضي ولنعد بعض الوقت إلى الشرقاوي، في أول معرض استعادي له منذ وفاته، وقد مرت على ذلك ثلاثون سنة، هذا المنجز لم تلحقه الشيخوخة، بقي محافظا على عنفوانه وقوته، جمال جاذبيته وسحره، لمس النظر Toucher du regard إلى هذه الألوان، وهذه التوليفات البسيطة من جهة، والمنغلقة على ذاتها، من جهة ثانية، تعطي الانطباع بالاقتراب من سر خفي في طلسم".

صورة نادرة للخطيبي رفقة درويش وآخرين

فضلا عن حظوة مصاحبته للخطاطين، ذات الأثر البليغ على تحولات ذائقته بشكل دامغ:

"استفدت كثيرا من صحبة الخطاطين، وخاصة صديقي عبد السلام بلكندوز، وكنت طلبت منه أعمالا مختلفة: رسما، غلافا، شجرات جينالوجية، دراسات لأسماء الأعلام، حروفا أحادية لهذا أو تلك، إهداء وعربون صداقة ومودة، فبعض الكتابات التخطيطية وحدها تشكل لوحة".

فن العيش

يعود الخطيبي باستمرار إلى فن العيش استنادا إلى الأصل في طبيعة مفهوم الفن نفسه، وارتهانه إلى الصناعة والحرفية، بل التقنية، ثم غايته في آن، مستعينا ببول فاليري في هذا المنحى الحاد:

"صحيح أن كلمة فن تستعمل خطأ، وفي غير موضعها، فمن الأفضل توصيف الفن الذي نتحدث عنه، بصفته يشتمل على حرفة وتقنية، تكلم العرب القدامى عن الصناعة، والمهارة، والدراية والحذق والبراعة. أقصد بالفن في معناه العام، إضفاء شكل تقني منبث في الانفعال والحساسية وارتجاجات الجسد، قال فاليري في مكان ما، إن الغاية من الفنون كل الفنون هي تعليمنا فن العيش".

عملية الرسم هي لعبة بين الحركة واللون، أو ببساطة، هي ارتجال حركي، مثلما هو الأمر تقريبا، في موسيقى الجاز الحرة

وفي الخلفية، يرسب الصمت كحصاة نادرة في قعر البحيرة التي يعلو سطحها زعيق الكلام، واحتدام معدن اللغات:

"تحضرني عبارة لبيكيت: الصمت هو لغتنا الأم، عبارة عبثية، بقدر ما هي مكتنزة الأصداء".

المرض كموضوع للتفكير

 ولأن أحوال الذات تكشف عن تماوجها في المراسلات، فالمرض في برزخيته يشكل موضوعا للتفكير، وهذا أحد وجوهه المفارقة:

"فإلى حد ما، هذه الأمراض الصغرى التي تطفو فيها على الزمن، حيث تنحسر الحياة لبضعة أيام، هي مفيدة للاقتدار على التأمل، التأمل في المعاصر والراهن، فالقلق نفسه هو أشبه بفقاعة عاطفية وانفعالية، نتحرك داخل البيت ومع الجماعة دون تدافع، أو مضايقة، فهذا السلوك إذن، هو ممارسة فلسفة بأقل مجهود، حيث يتعرف الجسد على جاهزيته، سواء في ما يخص الصحة أو المرض.

قال لي جان جينيه يوما، إن رامبو حسم في أمر مرضه منذ أن كان مراهقا، لكن ما القول في هذا التدمير الذاتي المعقد، الذي جعل من أشعاره آفات بديعة من الكلمات. آفات سحرية من خلال الوميض والنار والسعير والتجربة المحدودة لحياته، يمكن أن نتخيل مع جينيه رامبو كان يعلم أنه سوف يمرض ويعاني ويموت موتا فظيعا وبطريقة عنيفة، ما دام يريد ذلك، ويرغب فيه".

الوحدة، الموسيقى، السينما

 كذلك جنوح الذات إلى مرتع وحدتها في تناغم مطلق مع الإبداع:

"إبداع الوحدة حسب نيتشه هو بالأحرى شيء جديد، يرافق نهاية كل اعتقاد، متوحد، متوحد، ماذا تعني هذه الكلمة الأشد إلغازا، سيما حينما تكون معزولة، وكأنها تريد أن تكتفي بذاتها بصورة قطعية".

عبد الكبير الخطيبي

ويلي درج الوحدة المنعكس على صفحة مياه الإبداع، درج الموسيقى، إذ تترنم الرسائل في كثير من حواشيها بموسيقى الجاز، بشكل مفرد:

"لماذا لا يرتبط الجاز سوى بالليل، ما تثيره هذه الموسيقى من بهجة دفاقة، يوجد أيضا ولا يقتصر على ذلك في غناء السكات: Le scat ، تعرفين أن غناء السكات هو عندما يحاكي الصوت آلية موسيقية، هذا مبهج، وعذب، وتهكمي".

ويلي درج الموسيقى الاهتمام بالتخييل البصري الذي يتمثله شغف السينما أيضا:

"بصدد التفكيك المرتبط بدريدا وفكره، شاهدت الفيلم الأخير لوودي ألن 'هاري وجميع حالاته'، هذا الفيلم لا يأتيك بجديد حول المتخيل وحياة حب الكاتب، لكن أحببت المحيط الاجتماعي الأميركي، مجتمع ذري وبالقدر نفسه، كاتب مختزل في الوحدة المطلقة، مزاج مأساوي يضع في مشهد نضج رجل يدعى وودي آلن، فهو كشاهد، شاهد مدهش على نهاية القرن".

إنني دائما في حاجة إلى تصالح في جانب من فكري مع هلاكي، خطوات على الصحراء، استعارة تستحضر جيدا علامة الحياة

ومثلما يقف السينمائي بجسارة على حافة القرن كشاهد على النهايات الكبرى، كذلك يذكر الخطيبي بمنجز استغواره طبقات الفاجعة في كتابه الحافل عن العزاء الموسوم بـ "كتاب الدم" مع التلميح إلى كتاب الفاجعة لموريس بلانشو:

"كتبت كتابا بكامله عن العزاء: "كتاب الدم"، إنه مأساة أخرى، لكن ما إن نكتب حتى نكون على حدوث شيء ما. القول والكف عنه، والشهادة على الفاجعة. هذا يذكرني بالنص الغريب لموريس بلانشو "كتاب الفاجعة " L'écriture du désastre، نجم astre فاجعة désastre، هنا الحد الفاصل".

أخيرا لا ينسى الخطيبي فضيلة اللعب حينما يعاود استمراء الفن واستيهاماته، فيما تنتصب الصحراء مجازيا كحد أقصى أو كمآل لتخومية خطوط انفلاته كيفما احتكمنا إلى القانونين الصارمين، الجسد والموت:

"قال ابن عربي الحياة حلم للتأويل، ويجب إضافة واللعب مع الموت وضده، أقول أيضا، إنني دائما في حاجة إلى تصالح في جانب من فكري مع هلاكي، خطوات على الصحراء، استعارة تستحضر جيدا علامة الحياة، في الرمال والأرض التي تنفتح على هوة سحيقة، لكن الفن أعمق، فهو يحرر وهو مقيد بقانون الجسد".

غلاف "كتاب الدم"

صداقات

في الموازاة، يثري الخطيبي مناخ المراسلات بصداقاته للكتاب، ويتكرم بإبداء انطباعات موجزة لأثرهم الإنساني والجمالي في آن، لوكليزيو مثلا:

"أثناء عودتي زارني لوكليزيو رفقة زوجته، وهو كاتب مطلع على الأساس الأسطوري في العالم، ومهتم به، أو العوالم. جميع كتبه تحيل إلى الحنين إلى عالم، حيث لا أحد ربما تعرف عليه. لكنه الفردوس المفقود للأصول والجذور. لوكليزيو هو شاعر يحلم بيقظة بهذا المولد للحياة، إنه لأمر غريب أنه يشبه كتاباته، كأن يظل هو هو، وسط الكآبة التي أحس بها سيالة على نظرته ووجوده".

وبلا مواربة يفصح الخطيبي عما لا يعنيه من الكتاب كمارلو مثلا، في حين يفاضل بينه وبين إرنست يونغر:

"حسنا تحدثينني عن مارلو، إن أعماله بالنسبة لي، ليست كتبا نقرأها قبل النوم، خصاص شعري، نقص في الفكر المتين، تضخم في المشهد أو إفراط في الفعل البطولي المتحجر، ومع ذلك، لعلني أضطر يوما إلى اكتشافه من جديد، لسبب أو لآخر، فعالمه الداخلي لا يعنيني، حسنا، هل قرأت إرنست يونغر مثلا، منحدراته المرمرية؟".

نكتب لننسى، لكن الأثر يتذكر فهذا العبور من النسيان إلى الأثر هو ما يعطي حياة الكاتب سعة وفسحة

وعن غموض الخطيبي ككاتب أو سوء الفهم الملازم لقراءته في الغالب، يشير إلى مصدر المشكلة الكامن في فرضية التكثيف اللغوي:

"هل أنا عصي على القراءة بوصفي كاتبا؟ هذا ما يقال وهو سوء فهم، أعتقد أنه بحد أدنى من الكلمات بإمكاننا قول حد أقصى من الأشياء والدلالات، يخالني القارئ غامضا مقنعا، نظرا لهذا الاقتصاد المكثف في اللغة".

في المقابل، شقاء العزلة القدري، هو نفسه شقاء العمل في الكتابة:

"في عمق اليأس ثمة دائما دعوة آتية من البيداء البعيدة تهزها الرياح، ولتكن العزلة العنيدة قسمتنا".

كيف لا والذات الشقية لا تعرف للعطلة عنوانا أو معنى:

"تجنب افتقاد الإيقاع الحميم هو اختبار ومعركة يوميان، اشتغال على الذات المطلوب تعزيزها ودعمها، لا أعرف ما يسمى بالعطلة: الوقت الميت.. نسيان الذات الطائشة".

غلاف "الاسم العربي الجريح"

النسيان والأثر

وصولا إلى المنطقة الأكثر تعقيدا، على أرضيتها الزلقة والسديمية معا، حينما يتعلق الأمر بالذاكرة والنسيان، بإرث الماضي والأثر:

"وأنت تتحدثين عن ذاتك، تحيلين إلى شخصيات أسطورية، بيثيا دلفي وكاساندر وميديا، لكن لعل في هذه الكوكبة المدرجة في الماضي، صوت الجوقة الموسيقية وهو ما نبحث عنه جميعا فيما نكتبه، فيما يدل عليه أثر صوت غير مسموع، لا أدري، غير أن علينا أن نحس، حينما تتسع الكلمة للحياة والموت، وتستوعبهما، علينا الارتجاج داخل اللغة التي تعوض ظل الماضي، لتمسكنا من اليد وتقودنا نحو ما هو عصي على الإتلاف في الإنساني، لست طفلا في جوقة، ولا كائنا راقدا في أحضان الذاكرة، لكن الكتابة هي أيضا نسيان، هذا هو القانون العنيد للسان".

وعلى نحو استكشافي، أشبه ما يكون بمهمة الحفار:

"في كل مرة أتحدث فيها عن نفسي في الماضي، ينتابني إحساس بأن لدي عصا مستكشف أتكئ عليها".

وأما نخب أنساغ التجربة فأن يكون العبور من معترك النسيان إلى فن الأثر هو الحجر اللاذع الذي يفلق عليه حطب المعنى:

"أنا مقتنع بناء على التجربة أننا نكتب لننسى، لكن الأثر يتذكر فهذا العبور من النسيان إلى الأثر هو ما يعطي لحياة الكاتب سعة وفسحة".

font change

مقالات ذات صلة