عقد الاتحاد الأوروبي في منتصف مارس/آذار مؤتمره الدولي التاسع لدعم سوريا. ولأول مرة، شاركت فيها الحكومة السورية في المؤتمر الذي أتاح لوزير الخارجية، أسعد الشيباني، فرصة للتعبير عن أولويات بلاده أمام مجتمع المانحين.
تتمتع الحكومة السورية في الوقت الحاضر بدعم واسع النطاق من المجتمع الدولي، غير أنها ستحتاج إلى التصرف بحكمة إذا أرادت الاحتفاظ به– ليس فقط من خلال تطوير عملية سياسية شاملة، ولكن أيضا من خلال إدارة العلاقات مع شركائها بعناية. وللحصول على دعم جهات فاعلة مثل الاتحاد الأوروبي وتركيا وروسيا ودول الخليج العربية والحفاظ على هذا الدعم، تحتاج الحكومة السورية إلى اتباع دبلوماسية حاذقة واتخاذ قرارات صعبة، بل وربما احتاجت في بعض الأحيان إلى مواجهة مبادرات يرغب أقرب حلفائها، أي تركيا، في تنفيذها– بما في ذلك توقيع اتفاقية منطقة اقتصادية خالصة.
المنطقة الاقتصادية الخالصة بين تركيا وسوريا
يُعتقد أن المياه الإقليمية السورية تحتوي على احتياطيات كبيرة غير مستغلة من الغاز الطبيعي، تضاهي التكوينات الغنية بالموارد الموجودة قبالة سواحل مصر وإسرائيل وقبرص. وعلى الرغم من عدم وجود تقديرات مؤكدة لحجم هذه الاحتياطيات، فإن تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية لعام 2025 تشير إلى احتمال وجود ما يصل إلى 3.3 مليار برميل من النفط و80.3 تريليون قدم مكعب من الغاز في حزام زاغروس، الذي تقع فيه سوريا.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلن وزير النقل التركي عبد القادر أورال أوغلو عن عزم أنقرة التفاوض مع الحكومة السورية الجديدة بشأن المنطقة الاقتصادية الخالصة، وهو ما يشير إلى نية تركيا الاستفادة من تغيير الحكومة في دمشق وعكس سياسات عهد الأسد التي همشت مطالبات تركيا البحرية ومنحت الشركات الروسية والهندية حقوق التنقيب في البحر.
لا ريب في أن اتفاق المنطقة الاقتصادية الخالصة بين تركيا وسوريا سيعود بالنفع على تركيا ويوسع نفوذها في شرق البحر الأبيض المتوسط، ويغير التوازن الجيوسياسي لصالح تركيا. أما بالنسبة لسوريا، فإن المخاطر الناجمة عن مثل هذا الاتفاق ستفوق الفوائد المرجوة. ففي حين تحتاج البلاد إلى توليد مصادر دخل محلية للمساعدة في تعافيها، فإن القيام بذلك عبر طريق المنطقة الاقتصادية الخالصة قد يضر بالدعم الدولي لإعادة إعمار البلاد. وفي حين أن تركيا ستضع الاتفاقية في إطار تأكيد شرعي لحقوقها، فإن القوى الإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي واليونان وقبرص ومصر ستعتبرها خطوة استفزازية وغير قانونية من جهة تركيا، لأنها لن تأخذ بعين الاعتبار المياه الإقليمية لقبرص، وستزيد من حدة التوتر في بيئة مضطربة بالفعل.