"أسرار سيغنال"... خطط الهجوم كما نشرتها "ذي أتلانتيك"

المجلة الأميركية تنشر خطط الهجوم التي شاركها مستشارو ترمب على تطبيق الدردشة

رويترز
رويترز
ترمب في مؤتمر صحفي بالبيب الأبيض، 26 مارس

"أسرار سيغنال"... خطط الهجوم كما نشرتها "ذي أتلانتيك"

نشرت مجلة "ذي أتلانتيك" ما قالت إنه جدول زمني لخطط الحرب التي شاركها وزير الدفاع الأميركي في دردشة جماعية على تطبيق "سيغنال" شملت رئيس تحريرها عن طريق الخطأ

وننشر مقال "ذي أتلانتيك" التي اتخذت قرارا تحريريا بالكشف عن رسائل المجموعة المصغرة بعد أن سعى البيت الأبيض إلى التقليل من أهمية الأمر حول خطط لضرب الحوثيين في اليمن، وبعد أن زعم متحدثون رسميون أميركيون أن المسؤولين لم يتداولوا أي معلومات سرية.

بقلم: جيفري غولدبرغ، وشين هاريس

26 مارس/آذار 2025، الساعة 8:19 صباحا بالتوقيت الشرقي

حسنا، لنتحدث عن تلك المحادثة عبر تطبيق "سيغنال".

يوم الاثنين، وبعد وقت قصير من نشرنا تقريرا عن خرق أمني كبير في إدارة ترمب، سأل أحد الصحافيين وزير الدفاع، بيت هيغسيث، عن سبب مشاركته خطط هجوم مرتقب على اليمن عبر تطبيق المراسلة "سيغنال". فأجاب: "لم يكن أحد يرسل خطط حرب. وهذا كل ما لديّ لأقوله بهذا الشأن".

وفي جلسة استماع عقدها مجلس الشيوخ أمس، طُرحت أسئلة بشأن محادثة "سيغنال" ذاتها لكل من مديرة الاستخبارات الوطنية، تولسي غابارد، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية، جون راتكليف، وذلك بعدما جرت دعوة جيفري غولدبرغ، رئيس تحرير "ذي أتلانتيك،" عن طريق الخطأ إلى المحادثة من قبل مستشار الأمن القومي، مايكل والتز. وقالت غابارد لأعضاء لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ: "لم يجر تبادل أي مواد سرية ضمن تلك المجموعة على (سيغنال)".

أما راتكليف فقال أمرا مشابها: "أود أن أوضح أن اتصالاتي ضمن مجموعة (سيغنال) كانت قانونية ومسموح بها تماما، ولم تتضمن أي معلومات سرية".

أما الرئيس دونالد ترمب، فسُئل بعد ظهر أمس عن المسألة ذاتها، فقال: "لم تكن هناك معلومات سرية".

وقد وضعتنا هذه التصريحات أمام معضلة. ففي التقرير الأولي الذي نشرته "ذي أتلانتيك" عن محادثة "سيغنال"، والتي أُطلق عليها اسم "مجموعة حوثي المصغرة" وفقا لما سماها والتز، امتنعنا عن نشر معلومات محددة تتعلق بالأسلحة وتوقيت الهجمات كما وردت في بعض الرسائل. وكقاعدة ثابتة، نحن لا ننشر معلومات عن العمليات العسكرية إذا كان من المحتمل أن تعرّض حياة أفراد القوات الأميركية للخطر. ولهذا السبب، اخترنا وصف طبيعة المعلومات المتداولة، دون التطرق إلى التفاصيل الدقيقة للهجمات.

إن التصريحات التي أدلى بها كل من هيغسيث، وغابارد، وراتكليف، وترمب، إلى جانب ادعاءات عدد من مسؤولي الإدارة بأننا نكذب بشأن محتوى رسائل "سيغنال"، دفعتنا للاعتقاد بأن من حق الناس الاطلاع على هذه الرسائل بأنفسهم لتكوين آرائهم الخاصة. فهناك مصلحة عامة واضحة في الكشف عن نوعية المعلومات التي تبادلها مستشارو ترمب عبر قنوات اتصال غير مؤمّنة، لا سيما في ظل محاولات مسؤولي الإدارة التقليل من أهمية هذه الرسائل.

وقد أشار الخبراء مرارا إلى أن استخدام محادثة على تطبيق "سيغنال" لمناقشة مسائل حساسة من هذا النوع يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي. فعلى سبيل المثال، تلقى غولدبرغ معلومات عن الهجمات قبل ساعتين من بدء القصف المقرر على مواقع الحوثيين. ولو وصلت هذه المعلومات- ولا سيما مواعيد إقلاع الطائرات الأميركية نحو اليمن- إلى جهات معادية خلال هاتين الساعتين الحرجتين، لكان من الممكن أن يتعرض الطيارون الأميركيون وغيرهم من العسكريين لخطر أكبر من المعتاد. وتجادل إدارة ترمب بأن المعلومات العسكرية الواردة في هذه الرسائل لم تكن مصنفة سرية، على خلاف ما هو معتاد، إلا أن الرئيس لم يوضح الأساس الذي استند إليه في هذا الاستنتاج.

وفي أمس، تواصلنا مع عدد من المسؤولين في إدارة ترمب للاستفسار عمّا إذا كانوا يعترضون على نشر الرسائل كاملة. وفي رسائل إلكترونية وُجهت إلى وكالة الاستخبارات المركزية، ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية، ومجلس الأمن القومي، ووزارة الدفاع، والبيت الأبيض، كتبنا ما يلي: "نظرا للتصريحات الصادرة اليوم عن عدد من مسؤولي الإدارة، بما في ذلك أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، والتي تفيد بأن المعلومات الواردة في سلسلة رسائل (سيغنال) حول الضربة ضد الحوثيين ليست سرية، ولا تحتوي على (خطط حرب)، فإن مجلة (ذي أتلانتيك) تدرس نشر السلسلة كاملة".

وقد أرسلنا طلبنا الأول للتعليق وتقديم الملاحظات إلى المسؤولين المعنيين بالأمن القومي بعد الظهر بقليل، ثم تابعنا التواصل في المساء بعد أن امتنع معظمهم عن الرد.

وفي وقت متأخر من مساء أمس، أرسلت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، ردا عبر البريد الإلكتروني جاء فيه: "كما أشرنا مرارا، لم تُنقل أي معلومات سرية ضمن محادثة المجموعة. ومع ذلك، وكما عبّر كل من مدير وكالة الاستخبارات المركزية ومستشار الأمن القومي اليوم، فإن ذلك لا يعني أننا نؤيد نشر المحادثة. كانت هذه المداولات داخلية وخاصة بين كبار الموظفين رفيعي المستوى، وقد جرى التطرق إلى معلومات حساسة خلالها. لذلك، نعم، نحن نعارض النشر".

(لم يُوضح بيان ليفيت ما هي العناصر التي يعتبرها البيت الأبيض حساسة، أو كيف يمكن نشرها- بعد أكثر من أسبوع على الغارات الجوية- أن يؤثر على الأمن القومي.)

كما طلب متحدث باسم وكالة الاستخبارات المركزية منا عدم الكشف عن اسم رئيس موظفي جون راتكليف، الذي أشار إليه راتكليف ضمن محادثة "سيغنال"، نظرا لأن ضباط الاستخبارات في الوكالة لا يُفصح عن هوياتهم علنا عادة. وكان راتكليف قد أدلى بشهادته في وقت سابق أمس بأن هذا الضابط لا يعمل متخفيا، واعتبر أن مشاركة اسمه في المحادثة كان أمرا "عاديا جدا". وسنواصل حجب اسم الضابط، أما بقية الرسائل، فهي غير منقّحة.

كما أشرنا يوم الاثنين، فإن معظم ما دار في محادثة "مجموعة حوثي المصغرة" انصبّ على توقيت الهجمات على الحوثيين ومبرراتها، وتضمّن تعليقات من مسؤولي إدارة ترمب حول ما وصفوه بنقاط الضعف لدى الحلفاء الأوروبيين للولايات المتحدة. إلا أن النقاش اتخذ طابعا عمليا في يوم تنفيذ الهجوم، السبت 15 مارس/آذار.

ففي الساعة 11:44 صباحا بالتوقيت الشرقي، نشر هيغسيث رسالة في المحادثة مستخدما الأحرف الكبيرة بالكامل، قال فيها: "تحديث للفريق":

"1345: ‘Trigger Based’ F-18 1st Strike Window Starts (Target Terrorist is @ his Known Location so SHOULD BE ON TIME – also, Strike Drones Launch (MQ-9s)"

بدأت الرسالة التي تلت ذلك بالقول: "الوقت الآن (11:44 صباحا بالتوقيت الشرقي): الطقس مناسب. جرى التأكيد للتو مع القيادة المركزية أننا جاهزون لإطلاق المهمة". والقيادة المركزية هي القيادة المقاتلة العسكرية الأميركية المسؤولة عن منطقة الشرق الأوسط.

وتابع هيغسيث في رسالته:

"12:15 ظهرا بالتوقيت الشرقي: إقلاع مقاتلات (إف-18) (الحزمة الهجومية الأولى)"

"13:45 نافذة الهجوم الأول لمقاتلات (F-18) يبدأ عند حدوث إشارة (الإرهابي المستهدف في موقعه المعروف، لذا يُفترض أن تجري الضربة في الوقت المحدد– كما ستُطلق الطائرات المسيّرة الهجومية إم كيو-9".

الوقت الآن (11:44 صباحا بالتوقيت الشرقي): الطقس مناسب. جرى التأكيد للتو مع القيادة المركزية أننا جاهزون لإطلاق المهمة


دعونا نتوقف هنا لحظة لتسليط الضوء على نقطة مهمة. تُظهر هذه الرسالة عبر تطبيق "سيغنال" أن وزير الدفاع الأميركي أرسل، في الساعة 11:44 صباحا، رسالة إلى مجموعة تضم رقما لم يكن يعرف صاحبه، وهو رقم هاتف غولدبرغ. وقد جاء ذلك قبل 31 دقيقة من انطلاق أولى الطائرات الحربية الأميركية، وساعتين ودقيقة واحدة قبل بدء الفترة التي كان من المتوقع خلالها استهداف "الإرهابي المطلوب" الحوثي وقتله بواسطة الطائرات الأميركية. ولو وصلت هذه الرسالة إلى جهة معادية للمصالح الأميركية، أو حتى إلى شخص غير حذر يمتلك إمكانية النشر على وسائل التواصل الاجتماعي، لكان لدى الحوثيين الوقت الكافي للاستعداد لما كان من المفترض أن يكون هجوما مفاجئا على مواقعهم. وكان من الممكن أن تكون العواقب على الطيارين الأميركيين كارثية.

 "1415: Strike Drones on Target (THIS IS WHEN THE FIRST BOMBS WILL DEFINITELY DROP, pending earlier 'Trigger Based' targets)."

وتابعت رسالة هيغسيث على النحو التالي:

"14:10 انطلاق المزيد من مقاتلات (إف-18) (الحزمة الهجومية الثانية)"

"14:15 الطائرات المسيّرة وصلت الهدف (هذا هو التوقيت الذي ستُلقى فيه أولى القنابل بالتأكيد، ما لم يجر تنفيذ الضربات المشروطة السابقة)"

"15:36 بدء الضربة الثانية لمقاتلات (إف-18)، وكذلك إطلاق أول صواريخ توماهوك من البحر".

"هناك المزيد (وفقا للجدول الزمني)".

"حاليا لا توجد أي خروقات من ناحية أمن العمليات".

"حفظ الله جنودنا".

بعد ذلك بوقت قصير، كتب نائب الرئيس، جيه دي فانس، في المجموعة: "سأدعو من أجل النصر".

وفي الساعة 1:48 بعد الظهر، أرسل والتز الرسالة التالية، التي احتوت على معلومات استخباراتية آنية عن الوضع في موقع هجوم، يُعتقد أنه في صنعاء: "نائب الرئيس. المبنى انهار. جرى التأكد من عدة هويات. بيت، كوريلّا، والمجتمع الاستخباراتي، كان ذلك عملا رائعا". وكان والتز يشير هنا إلى هيغسيث، والجنرال مايكل إي. كوريلّا، قائد القيادة المركزية، والمجتمع الاستخباراتي. وتشير عبارة "جرى التأكد من عدة هويات" إلى أن الاستخبارات الأميركية تحققت من هوية الهدف أو الأهداف الحوثية، باستخدام مصادر بشرية أو تقنيات فنية.

لا يزال من غير الواضح حتى الآن كيف أُضيف صحافي إلى مجموعة المحادثة

وبعد ست دقائق، كتب نائب الرئيس، الذي يبدو أنه لم يفهم الرسالة: "ماذا؟".

وفي تمام الساعة الثانية بعد الظهر، أجاب والتز: "كنت أكتب بسرعة. الهدف الأول، قائدهم الأعلى في مجال الصواريخ، جرى التأكد من هويته أثناء دخوله مبنى حبيبته، وقد انهار المبنى الآن".

رد فانس بعد دقيقة واحدة قائلا: "ممتاز." وبعد خمس وثلاثين دقيقة، كتب راتكليف، مدير وكالة الاستخبارات المركزية: "بداية جيدة"، تبعها والتز برسالة تحتوي على رموز تعبيرية: قبضة يد، علم أميركي، ولهب نار.

وكانت وزارة الصحة اليمنية التابعة للحوثيين قد أعلنت أن عدد القتلى جراء الغارات بلغ 53 شخصا على الأقل، وهو رقم لم يجر التحقق منه بشكل مستقل.

في وقت لاحق من بعد الظهر، كتب هيغسيث: "القيادة المركزية كانت/ما زالت دقيقة تماما". وأشار في رسالته إلى أن الضربات ستستمر، قائلا: "عمل ممتاز من الجميع. ستستمر الغارات لساعات هذه الليلة، وسأقدّم تقريرا أوليا كاملا غدا. لكن حتى الآن، كل شيء كان في الوقت المحدد، على الهدف، والتقارير الأولية جيدة".

ولا يزال من غير الواضح حتى الآن كيف أُضيف صحافي إلى مجموعة المحادثة. وكان والتز، الذي وجّه الدعوة لغولدبرغ للانضمام إلى محادثة "سيغنال"، قد قال أمس إنه يحقق في "كيف بحق الجحيم دخل هذا الشخص إلى هذه الغرفة".

font change