في 25 مارس/آذار الحالي، خرج عشرات الغزيين في بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، في مظاهرات شعبية تطالب بوقف الحرب وإنهاء الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل وجيشها بحقهم منذ عام ونصف العام. وخلال المظاهرة التي قادها عدد من مخاتير العائلات والوجهاء، صدحت أصوات تطالب حركة "حماس" بتسليم الحكومة والخروج من المشهد السياسي الحاكم ووقف إدارتها للقطاع بعد سيطرتها على الحكم عقب اشتباكات مسلحة دارت بين عناصرها والأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في عام 2007، أدت لسيطرتها العسكرية ثم السيطرة على حكم غزة.
وعقب المظاهرات، انتشرت مقاطع فيديو قصيرة من الاحتجاجات الشعبية، حيث صرخ المشاركون "بدنا نعيش وما بدنا نموت"، "برا برا برا... حماس تطلع برا"، إلى جانب رفع يافطات كُتب عليها "كفى للحرب"، "كفى للإبادة والقتل" وغيرها من المطالبات. كما انتشرت دعوات عبر منصات التواصل الاجتماعي للخروج في مسيرات أوسع، شارك فيها المئات لليوم التالي، ما أدى إلى نزول المواطنين بمشاركة أكثف من اليوم الأول في عدة أحياء ومدن داخل القطاع، وتحمل نفس المطالبات لـ"حماس".
وتزامنت المظاهرات والمطالبات الشعبية مع استمرار الحكومة الإسرائيلية وجيشها في العمليات العسكرية عقب استئنافها الحرب على قطاع غزة في 18 مارس، والذي تزامن مع قرار الحكومة بإغلاق المعابر التجارية ومنع دخول الشاحنات التي تحمل المواد الإغاثية والغذائية، والمماطلة في الانتقال لتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى منذ بداية الشهر الحالي، والذي أدى إلى إصابة وفد حركة "حماس" المفاوض بالشلل وعدم القدرة على اتخاذ أي قرار من شأنه أن يؤدي إلى وقف حرب الإبادة الجماعية، خاصة أن الولايات المتحدة- وهي أحد الوسطاء الثلاثة الضامنين لتنفيذ الاتفاق إلى جانب مصر وقطر- صرحت على لسان إدارتها ورئيسها دونالد ترمب، بأنهم يقفون إلى جانب إسرائيل في دعمها بالدفاع عن نفسها والقضاء على "حماس" وقدرتها العسكرية في غزة.
كل ذلك أدى إلى ممارسة ضغوط غير مسبوقة على أكثر من مليونين و300 ألف فلسطيني في قطاع غزة، اضطروا إلى العيش تحت الإبادة وفقدان أبنائهم وأقاربهم وجيرانهم، وتدمير منازلهم وأعمالهم وأملاكهم، وفقد حياتهم بالأكمل طيلة عام ونصف العام من استمرار الحرب دون الوصول إلى نتيجة تؤدي إلى وقفها واستعادة أمنهم وحياتهم من خلال عملية إعادة الإعمار التي من المفترض أن تعقب انتهاء الحرب، كما روجت "حماس" والدول الوسيطة للاتفاق.