بعد فترة طويلة من التباطؤ في بناء مفاعلات جديدة، بدأت الولايات المتحدة تشهد انتعاشا تدريجيًا للطاقة النووية، حيث باتت جزءا أساسيا من مزيج الطاقة النظيفة. حاليا، توفر المحطات النووية نحو 20% من الكهرباء في الولايات المتحدة الأميركية، مما يجعلها أكبر مصدر للطاقة الخالية من الكربون هناك. وقد انعكس هذا التوجه بوضوح في ولاية جورجيا، التي شهدت تشغيل أول مفاعلين نوويين جديدين في الولايات المتحدة منذ أكثر من ثلاثة عقود، مع إضافة الوحدتين 3 و4 في محطة "فوغتل" النووية خلال عامي 2023 و2024.
بالتوازي مع بناء محطات جديدة، بدأت بعض الولايات تتجه نحو إعادة تشغيل مفاعلات كانت قد أُغلقت في السابق. على سبيل المثل، تعمل ولاية ميتشيغان على إعادة تشغيل مفاعل "باليسادز" المتوقف، بينما تدرس ولاية بنسلفانيا إعادة تشغيل الوحدة الأولى من مفاعل جزيرة ثري مايل. ويعود هذا الاهتمام المتجدد بالطاقة النووية إلى الحاجة المتزايدة لمصدر طاقة موثوق به ومستدام ومنخفض الكربون، خصوصا مع تنامي الطلب على الكهرباء لدعم مراكز البيانات الضخمة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وبما أن المفاعلات النووية قادرة على توفير طاقة أساسية مستقرة دون انبعاثات كربونية أثناء التشغيل، فإنها تبدو خيارا مثاليا لتحقيق أهداف الحد من تغير المناخ. ومع ذلك، فإن هذا التوسع في الطاقة النووية يعيد إلى الواجهة تحديا بيئيا وتقنيا معقدا لطالما كان محل جدال: كيف يمكن التعامل مع النفايات النووية المشعة التي تنتجها هذه المفاعلات؟
تحول متسارع
تعتبر الطاقة النووية مصدرا نظيفا للكهرباء من حيث الانبعاثات الكربونية، حيث إن عملية الانشطار النووي لا تطلق غازات دفيئة تُذكر خلال توليد الطاقة، ولذلك تعتمد عليها العديد من الدول كوسيلة رئيسة لتحقيق أهداف خفض الكربون.
على الصعيد العالمي، تساهم المفاعلات النووية بنحو 9% من إنتاج الكهرباء، مما يجعلها مصدرا أساسيا للكهرباء المنخفضة الكربون، حيث توفر ما يقرب من ربع إجمالي الإنتاج العالمي في هذا المجال. ومع تنامي الحاجة إلى مصادر طاقة مستدامة، تتزايد الجهود نحو بناء مفاعلات جديدة أو تمديد عمر المفاعلات القائمة، وهو ما يعكس تحولا عالميا متسارعا لتنويع مصادر الطاقة، خاصة مع تبني الدول سياسات تركز على تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.