يكاد المسرح يكون الغريب الشاذ في زمن يطالب بالسرعة والكفاءة والإلهاء. فليس في وسع المسرح المنافسة على الإعجاب من خلال مقطع ساخر أو شاب يؤدي مشهدا على "تيك توك"، ولا أن يجاري عشر ثوان من مأساة تبتلعها الخوارزميات. لطالما نجا هذا الفن من الرقابة، من السجن، من المنفى، ومن الوباء. في يوم المسرح العالمي، يشارك عدد من صانعي المسرح العرب "المجلة" رؤاهم وانحيازهم إلى هذا الفن الجميل الهش والخطير في زمن الحروب والانهيارات الاقتصادية وهيمنة الشاشات، فهم يحبون المسرح ليس لأنه سهل، ولا لأنه مربح طبعا، بل لأن شيئا في داخلهم يرفض أن يتركه يموت.
ليلى سليمان: ما لا يمكن أن يفعله فن آخر
حين سألنا المخرجة المصرية ليلى سليمان: ماذا لو اختفى المسرح بين ليلة وضحاها؟ من سينتبه لغياب الخشبة سوى المسرحيين أنفسهم؟ استحضرت أزمة كوفيد19، قائلة: "حينها انتشر المسرح المعتمد على الواقع الافتراضي، لكنه لم يكن بديلا ولا مساويا في تكثيف اللحظة الحية المعيشة التي تخلقها الخشبة الفعلية". وتشير إلى "جنوب العالم"، حيث "لا يزال جمهور المسرح يفضل الشكل التقليدي منه"، وإلى "أماكن كثيرة لا يزال الذهاب إلى المسرح فيها فعلا مهما".
أما الأشكال الأخرى المرتبطة بفعل المشاهدة اليوم، فهي في رأيها "أدائية، لكنها ليست بديلا من المسرح، فهو الشكل الحي الوحيد الذي لم يستطع أي وسيط حتى الآن أن يحل محله بشكل كامل. هذه القدرة على المشاركة المباشرة بين المتلقي والمؤدي، أو التفاعلية أحيانا بين الجمهور والعرض، لا تزال مستحيلة الاستبدال. فالمسرح يدمج بين المباشرة والواقعية والشعرية في آن واحد، ولا بديل يمكنه مضاهاة قدرة المسرح على مخاطبة العقل والقلب والحواس والمشاعر بالدرجة والطريقة نفسها".