سارة شمة فنانة سورية جعلت من الإنسان وأحواله النفسية والجسدية هاجسها الوحيد. انتقلت من تجسيد ذاتها في اللوحات إلى تصوير إنسان التراجيديا السورية وصولا إلى الإنسان بالمعنى الشامل. اليوم تعود الفنانة هي ولوحاتها إلى دمشق بعد طول غياب تخللته زيارات متقطعة.
افتتحت وزارة الثقافة في المتحف الوطني بدمشق في بداية نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 معرضا استعاديا للفنانة السورية سارة شمة تحت عنوان "أصداء 12 عاما"، شكل سيرة بصرية حاولت الفنانة من خلالها اختصار 12 عاما من نتاج فني عملت على تحقيقه خلال غيابها المتقطع عن سوريا. وضم المعرض 27 عملا كبيرا، اختيرت من مشاريعها السابقة وحملت عناوين من ضمنها "الطابور" و"الغباء الجماعي" و"العبودية الحديثة" و"الحرب والأطفال والشتات". وتزامن هذا المعرض مع بداية عهد جديد في سوريا لم تتشكل ملامحه تماما بعد ولكنه منح السوريين الأمل بحدوث تغيرات إيجابية حلموا بها طويلا.
معرض استعادي لفنانة يافعة
جرت العادة أن تتناول المعارض الاستعادية، خاصة تلك التي تنظم في المتاحف، فنانين مخضرمين بلغت تجربتهم الفنية ما لا يقل عن 40 عاما، أو روادا فارقوا الحياة. أما ما احتضنه المتحف الوطني في دمشق طوال أشهر ثلاثة، فأعمال لفنانة من مواليد 1975 وصلت إلى العالمية لخصوصية عملها الفني وبراعتها في تحويل الأفكار الشائكة والمشاعر العميقة إلى نصوص بصرية صادمة ومؤثرة. مُشاهد الأعمال في تنوعها سيرى كيف أن هذه الاستعادة تبدو ممتدة لأكثر من أربعين سنة من العمل الفني، إذ شكلت من ناحية انعكاسا لتسارع التجارب الشخصية والوجودية التي اختبرتها الفنانة، ومن ناحية أخرى صدى للأزمات والحروب والتحولات السياسية والجغرافية التي طاولت البلاد المجاورة بشكل عام ووطن الفنانة بشكل خاص.