في اليوم العالمي للسل... المرض يزحف في شرق المتوسط

العالم ما زال يخوض كفاحه ضد هذا المرض منذ أكثر من 4000 سنة

في اليوم العالمي للسل... المرض يزحف في شرق المتوسط

في إقليم شرق المتوسط، يُشخص فردٌ واحد بمرض السل كل 34 ثانية، بينما يفقد شخص آخر حياته كل ست دقائق بسبب هذا المرض.

ويتحمل الإقليم 8 في المئة من عبء السل في العالم، وهي نسبة آخذة في الزيادة جراء النزاعات، وعدم تشخيص الحالات، وانتشار السلالات المقاومة للأدوية.

وقد تسببت النزاعات في عام 2024 في تضرر أكثر من نصف بلدان إقليم شرق المتوسط وأراضيه البالغ عددها 22 بلدا وأرضا، حيث عانت جميعها تقريبا من تفشي المرض.

وينتشر السل بسرعة في مخيمات النزوح والأحياء الفقيرة وبين الأشخاص الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة.

وفي حين تستأثر باكستان بمعظم الحالات في إقليمنا، فإن بلدانا مثل أفغانستان والسودان والصومال والمغرب تواجه أيضا تحديات خطيرة.

ومن عجيب المفارقات أن العالم ما زال يخوض كفاحه ضد هذا المرض الموجود منذ أكثر من 4000 سنة. فقد أصبح السل المقاوِم للأدوية أكثر شيوعا مما مضى، وهو ما يجعل تشخيص المرض وعلاجه أشد صعوبة. كما أن السل المقاوم للأدوية المتعددة يستلزم توفير رعاية معقدة وطويلة الأجل، وكثير من العاملين الصحيين غير مدربين على تدبيره علاجيا.

وما زالت هناك- في شتى أنحاء الإقليم- ثلاث حالات من كل عشر بلا تشخيص أو علاج، وهو ما يسهم في زيادة انتشار المرض.

علاوة على ذلك، فإن اختبارات التشخيص الجزيئية السريعة والضرورية للكشف عن مقاومة الأدوية غير متاحة على نطاق واسع، بل إن استخدامها لا يرقى للمستوى الأمثل بسبب المشكلات المالية ومشكلات أخرى تتعلق بسلسلة الإمداد. ولا تزال معظم البلدان تستعيض عنها بأساليب أقدم وأقل دقة.

ومن شأن التخفيضات الأخيرة للمساعدات الخارجية، لا سيما من الولايات المتحدة، أن تزيد الوضع سوءا. لذا، يجب على الحكومات أن تزيد استثماراتها في مكافحة السل لتجنب اتساع رقعة الوباء

وبالرغم من الأهمية الحاسمة لتوفير العلاج الوقائي للأشخاص المعرضين للخطر، فإن 6 في المئة وحسب من الأشخاص المعرضين للسل نتيجة مخالطة شخص آخر مصاب يتلقون علاجا وقائيا، مقارنة بنسبة 21 في المئة على الصعيد العالمي.

ويُضاف إلى ما تقدم أن العبء المالي للسل مرتفع للغاية. حيث تؤدي فترات العلاج الطويلة، والفحوص الباهظة الثمن، والأدوية، لا سيما لمرض السل المقاوِم للأدوية، إلى إرهاق كاهل الأُسر في مواجهة المرض.

وما فتئ السل يشكل أكثر الأمراض المعدية فتكا في العالم. وحتى خلال جائحة "كوفيد-19"، كانت الوفيات الناجمة عن السل أكبر من الوفيات الناجمة عن الجائحة، إذ يحصد المرض أرواح أكثر من 1.2 مليون شخص سنويا. وإذا استمر السل في الزحف دون الكشف عنه، وازدادت السلالات المقاوِمة للأدوية، فقد نشهد ارتفاعا غير مسبوق في الوفيات ومعدل انتشار المرض.

وبالرغم من إحراز تقدم كبير في مكافحة السل على الصعيد العالمي، فقد كان التقدم المُحرز في إقليم شرق المتوسط أكثر تباطؤا. وسيتطلب القضاء على السل التزاما سياسيا قويا، وزيادة الاستثمار العام في الرعاية الصحية، وتحسين فرص الحصول على وسائل التشخيص، والتصدي للعوامل الاجتماعية التي تسهم في هذا المرض.

ومن شأن التخفيضات الأخيرة للمساعدات الخارجية، لا سيما من الولايات المتحدة، أن تزيد الوضع سوءا. لذا، يجب على الحكومات أن تزيد استثماراتها في مكافحة السل لتجنب اتساع رقعة الوباء. ورغم امتلاكنا للأدوات اللازمة للقضاء على السل، فمن دون توفير مزيد من الإرادة السياسية والتمويل، سيظل هذا الهدف بعيد المنال.

font change