ارتبطت الأم منذ القدم، في الوعي الجمعي العميق، بالخصوبة ومنح الحياة، وخصتها الديانات والموروث الثقافي لدى كل الشعوب بمكانة عليا. وتعود الاحتفالات بالأم إلى اليونان القديمة من خلال احتفالات الربيع تكريما لـ"سيبيل"، والدة الآلهة. وفي القرن الخامس عشر، احتفل الإنكليز بأحد الأمومة، أولا في بداية الصوم الكبير ثم في الأحد الرابع من الصوم الكبير. وفي عام 1908، طورت الولايات المتحدة عيد الأم الحديث كما يحتفل به اليوم، من خلال إنشاء عيد لها، تخليدا لذكرى والدة المعلمة آنا جارفيس، التي التزمت بإنشائه بعد وفاة والدتها، آن ماريا ريفز جارفيس، في 8 مايو/ أيار 1905. واعتمدت المملكة المتحدة هذا العيد في عام 1914، ثم جعلته ألمانيا رسميا في عام 1923. تبعتها دول أخرى مثل بلجيكا والدانمارك وفنلندا وإيطاليا وتركيا وأوستراليا. وفي فرنسا، خصص يوم الأحد الثاني من شهر مايو/أيار للاحتفال بجان دارك في ذكرى تحرير أورليان عام 1429 تحت قيادتها. وفقا لقانون وقعه رئيس الجمهورية فنسان أوريول في 24 مايو 1950، فإن التاريخ المختار لتكريم الأمهات الفرنسيات هو يوم الأحد الأخير من شهر مايو.
أما الشعوب العربية فتحتفل بعيد الأم في الحادي والعشرين من مارس/ آذار، ففي عام 1957 قرر مجلس الجامعة العربية اعتماد يوم 21 مارس/آذار للاحتفال بعيد الأم في كل الدول العربية، وكانت سوريا احتفلت بعيد الأم للمرة الأولى في العام 1955 يوم 12 مايو، ومصر عام 1956. أما في المغرب وتونس والجزائر فيُحتفل به يوم الأحد الأخير من مايو.
هذه المكانة التي منحت للأم، تغلغلت في الثقافة الشعبية وفي الوجدان والوعي العام، فصارت الأم أحد مواضيع المنجز الإبداعي الإنساني، شعرا وقصة ورواية وسينما، إلخ.
غوركي وكامو ودوراس
ألهم هذا الموضوع العديد من المؤلفين وأثار مشاعر مختلفة، من العاطفة والندم والغضب وحتى الكراهية في مفارقات لافتة. وبقدر ما هي شخصية الأم مركزية في الحياة، هي أيضا أساسية في الأدب. الأمهات المحبات أو ذوات الشخصيات المركبة، وجودهن يرفد الأعمال الإبداعية، خاصة الروائية.