يسلط كتاب "سورية في أوراق تشرشل 1940-1945"، للمؤرخ السوري سامي مروان مبيض، الصادر عن "شركة رياض الريس للكتب والنشر"، في بيروت (2024)، الضوء على علاقة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل بالدولة السورية في أثناء رئاسته الأولى، في مرحلة مفصلية من تاريخ سوريا، تمثلت بدوامة الانقلابات العسكرية. كما يتطرق إلى علاقات تشرشل بالمنطقة العربية، وموقفه من فلسطين، ويسرد جزءا من الصراع الأوروبي- الأوروبي على الساحة السورية.
متكبر، متعجرف، عنصري
دُعي ونستون تشرشل (1874-1965)، لزيارة سوريا ثلاث مرات، مرتين إلى العاصمة دمشق، ومرة إلى السفارة السورية في لندن. إلا أنه لم يكلف نفسه حتى الرد على الدعوة.
يعود الكتاب إلى تاريخ تشرشل، من خلال ربطه بالتحولات التي شهدتها المنطقة العربية في بدايات القرن العشرين، وكانت بعض الأوساط السياسية والشعبية في بريطانيا قدمت صورة رئيس وزرائها خلال الحرب العالمية الثانية كأفضل زعيم بريطاني في التاريخ، وتعمقت في المخيال الشعبي، بوصفه القائد الذي أنقذ بريطانيا والعالم من النازية والفاشية. في المقابل، يرى كثيرون أنه كان سياسيا متعصبا وعرقيا، ومتعطشا للدماء، وفيه الكثير من العيوب: العناد، وفساد الرأي، ولم يتوان عن إرسال الجنود البريطانيين إلى ساحات الحروب، وداعما للإمبريالية وجرائم الحرب التي ارتكبها. من خلال منصبه كوزير حرب، وفي الصورة الجديدة التي يرسمها الكتاب، فإن تاريخ تشرشل عالميا كان دمويا، إذ خصص جهدا كبيرا لقمع ثورة شعبية ضد الإنكليز في العراق سنة 1920 -عرفت يومها بثورة العشرين- واستخدم غاز الخردل وقتل ما لا يقل عن عشرة آلاف مواطن عراقي، مقابل 450 جنديا بريطانيا سقطوا في المواجهات.