يحمل عدد من المسلسلات المصرية خلال الموسم الرمضاني الحالي طموحات واسعة من حيث تعدد مواضيعه وخياراته الفنية والإخراجية وبناؤه الدرامي. فيستعرض مسلسل "إخواتي" عوالم النساء وصراعاتهن للحصول على حد أدنى من الأحلام، ويحاور "قلبي ومفتاحه" تاريخ السينما العربية برومانسية عصرية، ويغوص "ولاد الشمس" في عالم اليتم و"صداقة الغلابة"، ويفتح "الشرنقة" عوالم المرض النفسي في طغيان الرأسمالية، ويستلهم "النص" مرحلة أساسية من تاريخ مصر المعاصر والنضال ضد الاستعمار البريطاني.
"إخواتي"... كوميديا سوداء
يقدم المخرج محمد شاكر خضير عملا يطرح تعقيدات قصوى منذ حلقته الأولى، التي غالبا ما توظّف لتقديم الإطار العام للعمل والتمهيد له. حلم غريب تراه نجلاء (جيهان الشماشرجي) حول مقتل زوجها بشكل معين، ترويه علنا وتطلب من شيخ يظهر على إحدى القنوات التلفزيونية تفسيره، قبل أن يتحقق على أرض الواقع وتظهر جثة الزوج ربيع (أحمد حاتم) كما رأتها في الحلم حرفيا على باب الشقة.
انطلاق الأحداث من جثة يجب إخفاؤها، يضع البنية العامة مباشرة في مواجهة حدود قصوى تتعلق بكيفية إدارة الحياة في ظل وجود جثة في البيت يجب التخلص منها والاستمرار في ممارسة الحياة بشكل اعتيادي وكأنها غير موجودة. في تلك اللحظة، يشرع المسلسل في عرض عالم العلاقات الدافئة بين الأخوات الأربع سهى (نيللي كريم) وأحلام (روبي)، وناهد (كندة علوش)، ونجلاء (جيهان الشماشرجي).
تحمل كل واحدة من الأخوات قصة، وتمتلك حلما مكسورا يحرص المسلسل على عرضه، وكأن الجميع عالق في قصة كبرى تشكل كل قصة خاصة فيها خطا فرعيا داخل سردية أوسع تمثلها الأعراف الاجتماعية والظروف الاقتصادية والانتماءات الطبقية. معركة الخروج من أسر هذا الواقع، تستجلب الحدود القصوى وردود الأفعال الحادة التي يتبين أنها دفاعية فحسب. فالعنف الذي يصدر عن أولئك النساء، لا يستبطن رغبة في إيقاع الأذى بالآخرين بقدر ما يشير إلى هشاشة حادة تبحث عن ترميم.