ينال كتاب الفرنسية ميلاني ماتاريز "كيف خسرت فرنسا مجددا الجزائر" الصادر أخيرا عن دار نشر "لا بريس دو لاسيتي"، استحسان المنابر الإعلامية الكبيرة في فرنسا، بما فيها المحسوبة على اليمين الفرنسي، حيث يحاول الكتاب تقديم قراءة للعلاقات الجزائرية-الفرنسية، ليس من منظور الحنين الاستعماري، كما قد يبدو للوهلة الأولى من عنوانه، بل من زاوية نقدية تتناول فشل فرنسا في التعامل مع الجزائر كدولة مستقلة ذات سيادة، فالكاتبة تنطلق من فرضية أن فرنسا لم تدرك بعد أن الجزائر لم تعد ساحة نفوذ طبيعي لها، مما يفسر إخفاق محاولاتها الدبلوماسية تجاه مستعمرتها السابقة.
خسارة أم تحوّل طبيعي؟
غير أن أطروحة ماتاريز، رغم أهميتها، تحتاج إلى تحليل دقيق يتجاوز عنوان الكتاب الذي يبدو أنه السبب الرئيس في اهتمام الإعلام اليميني به، وهذا عبر محاولة العثور على السبب الذي يجعل العلاقات الجزائرية-الفرنسية قابلة للانفجار في أي لحظة. فالكتاب يحمل عنوانا قد يوحي للوهلة الأولى بأنه استمرار للسردية الاستعمارية التي ترى في استقلال الجزائر خسارة لفرنسا، لكن القراءة المتعمقة تكشف أن الكاتبة لا تعبّر بالضرورة عن حنين استعماري، فهي تنتقد بوضوح فشل الدبلوماسيين الفرنسيين في قراءة التحولات الجزائرية، حيث يغادرون الجزائر، أو يطردون منها أحيانا، "محبطين" بسبب فقدان النفوذ، دون أن يتساءلوا عن الأسباب العميقة لهذا التحول.