"المجلة" تحاور كتابا شبابا عن رواياتهم الأولى... رحلات التجريب والنجاح والقلق

لماذا وكيف ومتى وما أبرز التحديات

AlMajalla
AlMajalla

"المجلة" تحاور كتابا شبابا عن رواياتهم الأولى... رحلات التجريب والنجاح والقلق

تستدعي الرواية الأولى عملية إبداعية متأنية لخلق عالم تخييلي متماسك وجذاب. وبعد اكتمال الكتابة، يبدأ التشكيل الخارجي للتجربة من خلال اختيار دار النشر، والحصول على القبول، وقد يضطر الكاتب إلى إرسال مخطوطته إلى دور عدة. تلي ذلك مرحلة التصميم، والطباعة، والتسويق، والتوزيع، والمبيعات، وتفاعل القراء. كما يلعب النقاد وأصحاب السلطة الثقافية دورا كبيرا في تعزيز سمعة الروائي الصاعد أو قدحها، وقد لا تحصد الرواية وصاحبها أي صدى في الاعلام.

في المنطقة العربية، يواجه الروائيون الجدد تحديات إضافية، أبرزها غياب التقييم العلمي لصناعة الرواية، كما تهيمن أخبار الجوائز الأدبية والأسماء المكرسة على تناول المسارات المتعرجة واستخلاص الدروس. في الآونة الأخيرة، يمكن استنباط مؤشر الى التوجهات الأدبية من انطباعات الناشرين في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وكذلك في معرض الكتاب في الجزائر، حيث لوحظ إقبال القراء على نوع الفانتازيا.

في ضوء ما لم يكشف عن أولى تجارب الروائيين، تتحدث "المجلة" إلى الروائيتين منى العلي، وعزة طويل، والكتاب أحمد السلامي، وأحمد عاشور، وباسم سارة، الذين دخلوا أخيرا ميدان الرواية العربية. يشاركون تجاربهم وآراءهم حول النجاح والتحديات والأفق.

أحمد السلامي (اليمن): ممتن لدار النشر

في رواية "أجواء مباحة" للكاتب والشاعر اليمني أحمد السلامي، الصادرة في 2024 عن "دار الآداب" في بيروت، تشكل سماء اليمن مجالا للحروب الدامية، حيث تترافق الانتهاكات المستمرة لأجواء البلاد مع أسئلة حول العنف والفقد والبحث عن الذات.

انطلق الروائي اليمني في عمله الأول من الجانب المظلم من الحرب على الإرهاب التي استخدمت فيها الطائرات المسيرة للقتل العشوائي وإسقاط ضحايا أبرياء.

يقول: "اخترت موضوعا مسكوتا عنه وهو توظيف طائرات الدرونز العمياء في الحروب الغبية التي تعتبر البشر خسائر جانبية، وشعرت بمسؤولية لاستكمال الرواية، فقد كنت أعرف أنني أكتب عن ضحايا حقيقيين، واستغرقت مني الكتابة أكثر من ثلاث سنوات".

يستعيد تفاصيل حافلة بالترقب والمفاجآت في مرحلة إرسال المخطوطة: "اخترت ’دار الآداب’ لأنها احترافية ولها تاريخ عريق. في البداية، أرسلت المخطوطة إلى البريد الإلكتروني الخاطئ، وانتظرت الرد 8 أشهر. وبعد أن أعدت الإرسال إلى العنوان الصحيح، وصلت المخطوطة إلى لجنة القراءة التي أشادت بالرواية فكانت تلك جائزة تعبي، وتكفلت الدار النشر دون أن تحملني أية أعباء، فقد كنت منقطعا عن الطباعة لموقف شخصي منذ 2006 لأنني أقسمت أن لا أدفع مقابل طباعة أي كتاب، الدواوين الشعرية التي صدرت لي سابقا كانت عن اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة. لقد تعاملت الدار معي بأخلاقيات عالية، وأنا ممتن لها على هذه الفرصة، وأعتبر نشر روايتي الأولى معهم بمثابة ولادة جديدة لي في عالم الكتابة".

اخترت موضوعا مسكوتا عنه وهو توظيف طائرات الدرونز العمياء في الحروب الغبية التي تعتبر البشر خسائر جانبية

تجسد هذه الولادة تعريفا جديدا للسلامي في عالم الكتابة، فقد دخله أولا صحافيا، ثم شاعرا، مما يطرح السؤال حول صعوبات تواجهه في إجلاء وترسيخ هويته الروائية. يجيب "بين الشعر والصحافة والرواية من الطبيعي أن التصنيف الحقيقي للكاتب يأتي مع تراكم المنجز، وهذا متروك للزمن وليس للحظة الراهنة، وليس بعد إصدار كتاب واحد أو كتابين، وأرى نفسي كاتبا أتجول بين الأشكال بمساحة من الحرية، وأعرف أن ما يرسخ هويتي هو إنجاز المزيد دون أي استعجال لأن الجودة في البطء. فأنا لا أهتم بالراهنية أو بذائقة الجماهير، بل بدوافع أساسها الشغف بالموضوعات التي تفرض نفسها علي وتشعرني بحاجة للكتابة عنها".

أحمد السلامي

يعتقد بأن الرواية في حد ذاتها تمتلك الكلمة الفاصلة في تقييم جودتها وصناعة سمعة الكاتب، فـ"التكتلات الأدبية موجودة، لكن تأثيرها محدود سواء أرادت إشهار وتلميع نص هزيل أو تقليل النص الذي يفرض نفسه وجمالياته. وقد تسهل العلاقات ظهور البعض في البدايات، لكن العمل الجيد هو الذي يبقى وليس العلاقات".

من هذا المنطلق، يذكر أحمد السلامي بضرورة التشدد في المعايير: "أنا بطبعي قاس على نفسي ولا أنشر عملا إلا بعد التأكد من جودته. ونصيحتي لمن يريد نشر روايته الأولى هي: كن الناقد الأول لعملك، ولا تتساهل مع نفسك ولا تيأس، وفكر في جودة الكتابة قبل أي شيء".

عزة طويل (لبنان): النجاح المبكر لا يغتفر

تقدم الروائية اللبنانية عزة طويل في باكورتها "لا شيء أسود بالكامل"، الصادرة في 2024 عن دار "نوفل"، تجربة أولى على صعد عدة. فقد اتفقت آراء على أن العمل يطرح تصورا مغايرا لفكرة الموت، وأن تقنية الروائية مجددة في تحقيق تلاحم المواضيع وتعددية السياق في آن واحد. كما ينتمي العمل إلى نوع "النوفيلا" الذي سوقت له دار النشر بأسلوب خاص.

يمكّنها باعها في مجال النشر من تقييم منهجي لعملها الأول. تقول عزة: "عادة ما يقاس نجاح الكتاب بالاستناد إلى عوامل محددة نوعا ما، وهي: آراء النقاد، آراء القراء، المبيعات، الجوائز، والترجمات. هذا طبعا بشكل عام. أما بشكل خاص، فأقيس نجاح روايتي عبر تفاعل القراء والنقاد، وعبر التطور الشخصي الذي حققته أثناء العمل عليها. تهمني المبيعات أيضا، لأنني أعرف بحكم عملي في النشر أن الكتاب يواجه الموت السريري إن لم ينوجد في المكتبات ومعارض الكتب. فالمكتبات لا تعرض كتبا لا سوق لها، لأسباب كثيرة يتعلق معظمها بالمردود المادي، كما أن الدور التي تشارك في المعارض العربية تتوقف عن إرسال الكتب التي لا يسهل بيعها لأنها تفضل استخدام مساحات العرض المحدودة بشكل يؤمن الاستمرارية. وعليه، إن حققت الرواية مبيعات جيدة، وهذا ما حدث مع 'لا شيء أسود بالكامل'، فهذا يضمن أن تعرض وتشارك في التظاهرات الثقافية الكبرى."

من يتسترون خلف الأدب لأهداف لا يعنينا هنا التطرق إليها، فيهمهم الكاتب أكثر من نصه، ويمدون للأخير سكينا لا ورودا حتى إن مدحوه

تقف اليوم روايتها الأولى أمام خطوة الترجمة، وتوليها اهتماما خاصا لأسباب عدة: "الترجمات حلم أعمل عليه بطريقتي وأتمنى أن أحققه لا سيما في ظل اعتقادي الراسخ بأن ترجمة الأدب ضرورة حضارية بشكل عام، وضرورة لي على المستوى الشخصي في ظل وجودي حاليا في كندا. أعتبر أن كتاب 'لا شيء أسود بالكامل' نجح حين يصل إلى أكبر عدد من القراء، وحين يزداد الطلب عليه مع الوقت."

تستكمل الكاتبة مشروعها من خلال العمل على رواية ثانية، وقد أنجزتها وهي حاليا في فترة التمهل واتخاذ المسافة. وتعتقد أن الفارق الأكبر بين الروايتين الأولى والثانية، عدا الحجم، هو اعتماد الحبكة التقليدية بشكل مختلف.

عزة طويل

وفي سؤال حول التكتلات المنحازة في المجتمع الأدبي، وتأثيرها على سمعة الروائي، تردف: "لا أنتمي إلى أي تكتلات، لا في حياتي الشخصية ولا المهنية ولا الأدبية. دوري في تلقي الوسط الأدبي لروايتي لم يتعد إرسال نسخ بالبريد إلى أشخاص أهتم لآرائهم. وتبين لي أن الأشخاص الذين يحبون الأدب يغدقون عليه دون مقابل. هؤلاء أكدوا لي أن الأدب منفصل عن كاتبه/كاتبته، كائن حر يهيم في نفوس متلقيه. أما من يتسترون خلف الأدب لأهداف لا يعنينا هنا التطرق إليها، فيهمهم الكاتب أكثر من نصه، ويمدون للأخير سكينا لا ورودا حتى إن مدحوه."

تضيف: "سمعت من أشخاص متمرسين في المجال الثقافي إن روايتي الصغيرة كانت أنجح عمل أول في الإعلام الثقافي العربي، واستقبلت هذا الكلام برهبة وخفر. أكرر امتناني الشديد لكل من قرأ وكتب ومنح الرواية من وقته وتفكيره. أما امتناني إلى الأبد، فلمن كتبوا بصدق، وهؤلاء لن أنسى جميلهم يوما، وهو ترسيخ إيماني بأن الشللية ليست الطريق الأوحد. ومع ذلك، أبقى حذرة، كما نبهني صديق في المجال قائلا إن النجاح المبكر في العالم العربي لشاب أو شابة لا يغتفر عادة."

تختم عزة طويل بثلاث نصائح: "لا تنشروا ما لستم مقتنعين به. اطلبوا من قراء عاديين، ومن متخصصين، قراءة مخطوطتكم قبل إرسالها الى دور النشر. وابحثوا عن الدعم الذي ينقصكم حتى تجدوه.".

منى العلي (الإمارات):  وجدت صوتي

شكلت رواية "معزوفة صماء" بداية واعدة للروائية والفنانة التشكيلية الإماراتية منى العلي، فقد حصدت جائزة أفضل كتاب إماراتي في فئة الرواية ضمن جوائز معرض الشارقة الدولي للكتاب لعام 2023. تعتبر الروائية أن هذا الاعتراف المبكر يلزمها التفوق على نفسها، وهذا ما تحرص على تحقيقه في روايتها الثانية.

مثلت أمامي تحديات في التجهيزات ما قبل الكتابة، وربما الخوف من أن يخرج العمل بشكل لا يرضيني أولا ولا يشبهني

تتحدث منى العلي عن عملها الأول قائلة "جاءت كتابة رواية 'معزوفة صماء' بعد رغبة قوية مني، فقد لازمتني الفكرة أكثر من خمس سنوات، حتى خرجت إلى النور. ولم يكن الانتقال من كتابة القصص القصيرة إلى الرواية سهلا في البداية، لأنهما نوعان مختلفان، خاصة أن لدي مجموعتين قصصيتين منشورتين سابقا، وهما "المرآة" و"من النافذة"، فكانت لدي بعض الخبرة في كتابة القصص، ورسمت أسلوبي الخاص. وبالمثل، كانت كتابة الرواية تتطلب مني الاحتفاظ ببصمتي وأسلوبي. لذلك مثلت أمامي تحديات في التجهيزات ما قبل الكتابة، وربما الخوف من أن يخرج العمل بشكل لا يرضيني أنا أولا ولا يشبهني. ولكن فور البدء في الكتابة، خرجت القصة بسلاسة، وجسدت الكثير من أسلوبي ولكن بشكل يتناسب مع الرواية".

منى العلي

تضيف: "إن إيجاد الكاتب أسلوبه هو من أصعب التحديات، وصوته الخاص في عالم مليء بالكتاب هو أهم العناصر التي يجب عليه تطويرها. أما بالنسبة للنشر، فقد وفقت كثيرا في التعامل مع 'الدار العربية للعلوم ناشرون' و'دار ثقافة للنشر والتوزيع'، فهما تتمتعان بسمعة طيبة في نشر كتب ذات قيمة أدبية، وتعملان حقا لصالح الكاتب والكتاب".

رافق منى العلي قلق مختلف في مشروعها الجديد: "حين بدأت كتابة الرواية الثانية، لم أكن أرغب في الانتظار خمس سنوات أخرى بالتأكيد. لا أعتقد بأنني كنت قلقة من كتابة الرواية بحد ذاتها، بل حول كيفية تطوري في كتابتها واستخدام أدوات متقدمة في السرد. أتفق كثيرا مع فكرة أنه لا ينبغي للكاتب أن يكتب عندما لا يملك شيئا مبتكرا. لذلك، أحب أن أتعلم من القراءات التي تساهم في صقل كتابتي".

تؤمن الكاتبة أن استقرار البلدان وازدهارها الثقافي أو غيابهما له تأثير كبير على انطلاق الروائيين: "كوني ابنة الإمارات، فأنا فخورة بمدى التزام الدولة اللغة العربية والثقافة، وكذلك الاهتمام الذي توليه للكاتب والكتاب العربي بشكل عام، والإماراتي بشكل خاص، من خلال توفير معارض الكتب والندوات والبرامج التي تدمج وتطور الكاتب وتوفر منصات مختلفة لحضوره في الفضاء الأدبي. من جهة ثانية، فإن الحروب والأزمات الأمنية والاقتصادية في بعض البلدان العربية تشكل عائقا أمام الروائيين في انتشار أعمالهم، لكنها أيضا فرصة للكاتب لترجمة مشاعره وأفكاره من خلال رصده هذه الأزمات".

تختم بنصائح عن التعلم والمثابرة: "نصيحتي لكل كاتب أن يركز على القراءات الأدبية النوعية، وألا يتوقف عن القراءة إطلاقا. لا تبدأوا بالكتابة إلا عندما تجدون أنكم تتمتعون بشيء مميز يضيف إلى الساحة الأدبية بعناصره وجمالياته كافة. لذلك ينبغي لكل مشروع روائي أن يكون أسلوبا خاصا، وعليه تقبل النقد البناء وتطوير أدواته الكتابية وعدم الانقطاع عن الكتابة، لأننا نكتب لنتنفس".

أحمد عاشور (مصر): التشويق في التسويق

بعد شهرين على صدور روايته الأولى "الوحدة 93"، عن "دار سما للنشر والتوزيع"، يقيس الروائي والكاتب الصحافي المصري نجاحا مبدئيا للعمل بـ"احتفاء زملائي الصحافيين والمواقع الالكترونية بالرواية، وقد ساعدني عملي الصحافي بالفعل في الانتشار لدى القراء".

أتعامل بدقة مع كيفية تسويق الرواية، فأنا دخلت حديثا هذا المجال، وأستعين دوما بأصدقاء يوجهونني الى الصواب

يعتبر أن الرواية تمتلك نقطة قوة بارزة في انتمائها الى أدب الجريمة، فقد بدأ كتابتها بعدما لمس اهتمام الجمهور العربي بهذا النمط: "لقد انحسرت الاصدارات في هذا النوع الأدبي بعد ظهور اتجاهات أخرى للكتاب مثل روايات الفانتازيا والرعب. وفي نهاية 2024، أي قبيل انطلاق معرض القاهرة الدولي للكتاب، بدأ الكثير من الجماهير ينجذبون إلى مشاهدة مسلسلات الجريمة، ففكرت في اتخاذ الجريمة موضوعا لروايتي الأولى، متأثرا بأغاثا كريستي وكونان دويل وكذلك الدكتور نبيل فاروق".

أحمد عاشور

يشير عاشور إلى تشابك روايته بقضايا جنائية كثيرة عايشها خلال توليه ملف الحوادث في الصحف المصرية. لكن الحبكة لم تتخذ طابعا بوليسيا تقليديا، إذ تمتزج بالخيال والغموض، وحرص على الوفاء بمستلزمات الفن الروائي في تركيب نفسيات الشخوص وتطورها.

يعبر الكاتب عن رضاه عن الأصداء التي حققتها باكورته: "أشاد متخصصون في أدب الجريمة بالرواية، وهذا ما طمأنني الى مستوى العمل.".

يلخص أحمد عاشور التحديات التي يواجهها في جانبين: "عزوف الناس عموما عن القراءة أو استبدالهم الكتاب الورقي بالقراءة الإلكترونية. كما أتعامل بدقة مع كيفية التسويق للرواية، فأنا دخلت حديثا هذا المجال، وأستعين دوما بأصدقاء يوجهونني الى الصواب".

يلجأ الروائي إلى التسويق الالكتروني، مثل معظم الكتاب الذين أصبحوا يعتمدون على الترويج الذاتي لأعمالهم على مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات القراءة والمراجعة الالكترونية.

يتدارك في هذا الصدد "لكن طريقة التسويق تزيد قيمة العمل أو تقللها، والسر في التشويق".  

باسم سارة (سوريا): الكتابة عمل يشبهني

عادة ما يطل الروائيون من مجالات الشعر والصحافة والترجمة وغيرها من مشارب الكتابة. أما باسم سارة، وهو صيدلاني ينتمي إلى مجتمع مهني محدود في عالم الآداب، فخاض غمار التجربة الروائية في أواخر 2023 مع باكورته "الأب يغرق وحيدا"، الصادرة عن "دار المطبوعات للنشر والتوزيع". الرواية محملة أبعادا فلسفية، اذ يتناول الكاتب موضوع القدر وأسئلته المتجسدة في صراع الثنائيات. تحاول شخصيات الرواية أن تجد مكانها في معادلات القدر، كأن "القدر كان دائما شريكا لها، هو احتاج إلى أن يلعب معها، وهي احتاجت إلى أن تصدقه".

المعيار الأساسي للنجاح هو أن تصل الرواية إلى القارئ، بمضمونها الفني المعرفي، أي أن تترك أثرا فيه

حمل سارة مفتاحا واحدا إلى عالمه المرغوب: مخطوطة روايته. يقول في هذا السياق: "يمكن الكاتب الاكتفاء برواية واحدة ليصبح روائيا. الأمر ليس صناعة، بل هو أقرب إلى البحث عن اللآلئ. عمل شاق، ليس دائما ما يرغب فيه المرء أو يوفق في الوصول إليه. والكتابة نداء داخلي أكثر من كونها تلقينا خارجيا. ومن المؤكد أن الكاتب يحتاج للكثير من الدراسة والمعرفة، خاصة في مجال الرواية حين يكون موضوع العمل الفني هو الوجود برمته. الجيد في الأمر أن المعرفة أصبحت متاحة بشكل كبير، وكوني من خلفية عملية أخرى، فإن ذلك قد أغنى مخزوني المعرفي ومنحني هامشا أكبر من الحرية في العمل".

يكشف سارة أنه في طور كتابة روايته الثانية، والغاية ليست في العدد، ففي رأيه "رواية واحدة جيدة كافية لصناعة سمعة في وسط أدبي مثالي. هنا ينبثق سؤال آخر: هل يوجد وسط أدبي مثالي؟ سأترك الجواب معلقا.".

باسم سارة

يميز سارة بين الكتابة والنشر في تحقيق النجاح "بالنسبة إلي، الكتابة عمل فردي، أما النشر فهو عمل جماعي. لذلك عندما يخوض الكاتب تجربة النشر، أعتقد بأن المعيار الأساس للنجاح هو أن تصل الرواية إلى القارئ، بمضمونها الفني المعرفي، أي أن تترك أثرا فيه. هذا معياري في النجاح، وأنا راض حتى الآن عما حدث".

لم تعترض مشروعه الأول عقبات ذات بال، فهو لم يضطر إلى إرسال المخطوطة الى جهات عدة، ونفذت دار النشر الاتفاق على أكمل وجه، وكان ضمن الشروط المتعارف عليها لدى غالبية الدور، بحسب الكاتب.

في المقابل، يقر بأن اليسر ليس سمة شائعة للبدايات: "سمعت كثيرا عن صعوبات يواجهها الكتاب الصاعدون في العالم العربي. لذلك أعتقد أن أفضل دعم لهم يكون من خلال الدعم الحكومي والشعبي لدور النشر التي تمتاز بالكفاءة والنزاهة المطلوبتين لاختيار العمل الجيد، وتبني الكاتب ذي الموهبة، بغض النظر عن اعتبارات أخرى".

ختاما، يشير باسم سارة إلى تحول في دوافع الكتابة: "تعلمت الكثير أثناء كتابة الرواية وبعدها. قبل الرواية كنت أحب أن أصبح كاتبا. اليوم لم يعد يهمني الأمر كثيرا. أنا اليوم أحب الكتابة. هذا العمل يشبهني. أن أقرأ وأفكر وأكتب، هو جل ما أريده على الصعيد الشخصي".

font change